هذا الموضوع ضمن هاجس «إلى أي وطن ننتمي؟». اقرأ موضوعات أخرى ضمن الهاجس من هنا، وشارك في الكتابة من هنا.
اهتز العالم مؤخرًا على وقع صدمتين متتاليتين: إعلان إقليم كردستان العراق إقامة استفتاء حول تحديد مصير علاقته مع الدولة المركزية في بغداد، وبعدها بأيام قليلة استفتاء استقلال آخر في كتالونيا بإسبانيا، التي ستحذو حذو أربيل في الإصرار على تقرير مصيرها. وفي الحالتين، انقسم الناس بين مؤيد بشدة ومعارض بشدة، بل وهددت دول مجاورة لكردستان العراق بالتدخل بالقوة لوقف الانفصال، فيما استخدمت السلطات الإسبانية العنف لمحاولة منع إقامة الاستفتاء.
الحدثان يدفعان إلى التفكير في قضية «حق تقرير المصير» مرة أخرى، بعد أن صدق العالم نبوءات نهاية الدولة القومية، ورأى بعض الناس في العولمة إجهازًا أخيرًا على الفكر القومي الذي هيمن على العالم لما يزيد عن قرنين، كزُبدة ما أنتجه العقل الحداثي السياسي.
هنا التساؤل الأكثر إثارةً للطرح هو: على أي أساس تقوم النزعة القومية، باعتبارها المحرك الأساسي لحق تقرير المصير؟
تستعصي إجابة تساؤل كهذا بشكل مباشر، لا سيما أن مسألة القومية ليست نزعة سطحية، بل قضية إشكالية نظرية، مركبة، غير ثابتة، تشهد تغيرًا مستمرًّا، وكذلك تستوجب معالجتها التطرق إلى أبعادها التاريخية والسياسية.
حق تقرير المصير: الذات والإرادة
تتأطَّر أي ممارسة سياسية بسؤال تراثي هو: من «نحن» وماذا نريد؟ وعندما يتعلق الأمر بقضية حق تقرير المصير يكون الأصح أن نسأل: أيُّ «نحن» تمنح شرعيتها لإرادة حق تقرير المصير، ما دام جواب الـ«ما نريد» معلومًا مسبقًا، وهو الاستقلال؟
هنا بالأساس تغدو فكرة حق الانفصال أو الاندماج في كيان وطني ما مسألة بحث في مشروعية الفكرة، مشروعية تقوم على أساسات مختلفة تمنحها الذات المطالِبة به انطلاقًا من خصوصيتها، مبرزةً قدرة القضية على التعبير عن مجموعٍ من الخصوصيات المختلفة والمتعددة، ما يجعلها نظريًّا ليست فكرة ثابتة، بل توجب دراسة تغيراتها في النقطتين التاليتين:
1. من نحن؟
يسائل الفيلسوف «جون لوك» الهوية المصغرة، أي هوية الفرد، وينطلق من قول الفيلسوف وعالم الرياضيات «ريني ديكارت» بأن الوعي العقلي محدِّد وحيد للهوية، ويؤسس لطرحه الخاص على أساسين: الإقرار بثبات الهوية الشخصية، وتحديدها في الوعي العقلي، إضافةً إلى امتداد في الزمن، أي الذاكرة.
إذا انتقلنا أفقيًّا من الفرد الى الجماعة، يتأكد المفهوم وتختلف حيثياته في نفس الوقت، فيتحول الوعي الفردي إلى وعي جماعي، وتتحول الذاكرة إلى وعي تاريخي، يربط ماضي الجماعة بحاضرها، ويقدم لها ما تقدمه الهوية للفرد من تمييز عن غيره.
كل هذه الأمور يكون عبثًا إنكار تمييزها للجماعات البشرية عن بعضها، غير أن الهوية الجماعية، في اختلافها عن هوية الشخص، تدفعنا إلى التساؤل عن مدى تعبيرها عن التجانس داخلها. فالفرد وحدة مستقلة متسقة مع ذاتها، أما الجماعة فهي مجموع وحدات مفككة، لكلٍّ منها ذاتٌ تتميز بكل ما يميزها وتنفرد داخل عالمها الداخلي الذاتي، وهنا تغدو الهوية الجماعية سُلطة اجتماعية لا يمكن أن تعبِّر عن كل مكوِّن من الجماعة.
قد يهمك أيضًا: كيف تعني «الوطنية» كُره الآخَر؟
2. الإرادة الحرة و الواقع السياسي
حق تقرير المصير أكثر تعقيدًا من مجرد إرادة شعبية حرة، ومحاولة تحقيقه مرتبطة دائمًا بحسابات سياسية وتاريخية.
يميز «عِلم القانون» بين الشرعية والمشروعية، وفي مجمل ما تطرق إليه فقهاء هذا العلم نفهم أن الشرعية تكون لِغالب، والمشروعية لِحالم. أي أن الشرعية تُنتزع بالتسيد بسلطة الحديد والنار، أما المشروعية فحكم بقدرة القهر كذلك لكن بإجماع الأغلبية ورضاهم، فتكون مستمدة في جزء منها من الشعب.
إذا وضعنا الـ«نحن» الموحدة المرتبكة بين المفهومين السابقين، ننتهي إلى أن حق تقرير المصير مرتبط بالواقع السياسي، وأن شرعيته ومشروعيته رهينة الظروف المطروحة لمن يريد تقرير مصيره.
أخذًا بالاعتبارات السابقة، يكون حق تقرير المصير أكثر تعقيدًا من مجرد اعتباره إرادة شعبية حرة، ليكون رهنًا لمنطق المصلحة وهو منطق الواقع، وتكون محاولة تحقيقه مرتبطة دائمًا بحسابات سياسية وتاريخية، حين ترى «الجماعة» أن الظروف أصبحت مناسبة لإعلان «وطنها القومي» الخاص.
مسألة القومية في منظار التاريخ
الحقيقة أن القومية، وبالتالي فكرة حق تقرير المصير، لم تبرز في عصر ما قبل الدول الحديثة بتلك القوة والإلحاح في تحقيق ذاتها.
يعود ذلك بالأساس إلى التشكيل الأساسي للدولة القومية في أوروبا على أنقاض النظام الفيودالي الروماني، بعد الحروب الدامية التي عرفتها القارة العجوز، التي كانت ذات ظاهر ديني بين الكاثوليكية الحاكمة والبروتستانتية الثائرة، لكن الباطن مصلحي محض بين طبقة النبلاء المستغِلة وطبقة «الأقنان»، التي تكافح للاستحواذ على نصيبها من وسائل الإنتاج. وصولًا إلى اتفاق ويستفاليا عام 1648، الذي أعلن نهاية الحروب وإقرار تقسيم جديد لأوروبا على أساس المصالح القومية للدول، وبهذا التقسيم ستتحول الممالك المقدسة باسم الله إلى دول قومية تحارب باسم الوطن.
أمام هذا الوضع العالمي، الذي وَسَم أواخر القرن التاسع عشر وجعل بداية القرن العشرين بتلك الدموية المفجعة، علت أصوات القوميين والشوفينيين أكثر، تارةً لحشد الجماهير للدفاع عن سيادتها الوطنية، وتارةً أخرى كسلاح سياسي هجومي بين الدول المتناحرة، وأقصد هنا حشد القوميين الصرب ضد النمسا مثلًا، والكل يعرف أن شرارة الحرب العالمية الأولى اندلعت مع اغتيال ولي عهد النمسا على يد طالب صربي.
دعم لينين حق تقرير المصير الوطني كجزء من «النضال ضد الإمبريالية العالمية».
بينما كانت الحروب القومية مناسبة للقومين، وضعت الحرب العالمية الأولى اليسار الأممي، أي اليسار الطامح إلى تشكيل كيان سياسي عالمي، أمام محك الحرب الدامية، وأمام حرب أخرى داخلية أكثر دمويةً عنوانها الأبرز «مسألة القومية».
أمام هذا الواقع المستجد، وقفت أقوال الشيوعيين في ثلاثة مواقف متعارضة:
- موقف داعم لاشتراك العمال في الحروب بجانب أوطانهم، وقد أُعلن على لسان «فريدريش إيبرت» و«فيليب شايدمان» من الحزب الاشتراكي الديمقراطي الألماني، الذي سيسمى من بعدها «تيار الاشتراكية الوطنية».
- موقف معارض قطعًا لانغماس عموم البروليتاريا في حروب لا تعنيها، مرتكزين إلى أن الصراع الوحيد والأساسي هو صراع ضد البرجوازية لانتزاع السلطة والملكية من يدها، وهو الموقف الذي وقفته «روزا لوكسمبورغ» ورفاقها.
- موقف توفيقي إلى حد ما، إذ دعم لينين، قائد الثورة الروسية 1917، حق تقرير المصير الوطني كجزء من «النضال ضد الإمبريالية العالمية»، وكتب أن التثقيف الأممي لعمال الدول المضطهِدة يجب أن يركز على الدفاع عن حرية الأمم المضطهَدة في الانفصال والنضال، استنادًا في ذلك إلى تأييد كارل ماركس لاستقلال أيرلندا عن بريطانيا، الذي رأى فيه حلًّا للانقسام الذي كانت تعرفه الطبقة العاملة هناك.
ذلك الاهتمام بحق تقرير المصير كأداة أساسية للنضال العمالي هو الذي سيعبِّر عنه «ليون تروتسكي»، وهو قائد بارز كذلك للثورة الروسية، خلال مناقشات المؤتمر الثاني للأممية الثالثة، إذ وضَّح أن «ما يميز البلشفية حول المسألة القومية هو أنها في موقفها تجاه الأمم المضطهدة، حتى أكثرها تخلفًا، ترى أنهم ليسوا فقط موضوعًا، ولكن فاعل في السياسة».
حركات التحرير الوطني
بعد الإرهاق الذي أصاب الدول الاستعمارية الكبرى من الويلات التي جرَّتها عليها الحربان العالميتان، استعرَت الحرب عليها من داخل مستعمراتها بقيادة حركات التحرير الوطني في كل قُطر من الأقطار المحتلة، وانتقلت هذه الحركات من مطالبة بالإصلاح إلى المطالبة بتصفية الاستعمار.
وفي عام 1955، انعقد مؤتمر باندونغ في إندونيسيا للدول الأفروآسيوية، وخلص بيانه الختامي إلى التأييد الكامل لحق الشعوب في تقرير مصيرها، ومعاداة الاستعمار ومناهضة التمييز العنصري.
غير أن الدول الاستعمارية لم تستجب طواعيةً لتلك المطالبات، بل فُرضت عليها فرضًا، فمن ناحية كان الاحتفاظ بالمستعمرات قد أصبح عبئًا اقتصاديًّا، ما تأكد عندما طالبت بعض الشعوب المستعمَرة بجنسية المستعمِر كاملةً عوضًا عن الاستقلال، فمُنحت استقلالها التام بدل الاستجابة لطلبها كما في حالة السنغال.
من ناحية أخرى، لم تعد أوروبا، بعد الحرب العالمية الثانية، القطب المتحكم في السياسة العالمية، في حين أن نفس الحرب أسهمت في صعود نجم أمريكا والاتحاد السوفييتي كقطبين يتقاسمان العالم، دافعين الأوروبيين إلى التخلي عن مواقعهم لصالح حكام العالم الجدد.
في الحرب العالمية الأولى، استغلت بريطانيا الغضب القومي العربي ودعمت ثورة الشريف الحسين لكسر شوكة العثمانيين، الذين تحالفوا مع الألمان.
عربيًّا، لم تخرج مسألة القومية عن السياق العالمي الأوسع للقضية، فقد بدأت المطالبة بالاستقلال العربي إما تحت وطأة الاحتلال الأجنبي مثل مصر، أو بتأثير الصعود القوي للحركات القومية التركية داخل الدولة العثمانية، وانتشارها داخل أجهزة الحكم العثمانية وفي أوساط الجيش، وهو الصعود الذي تأكد تمامًا بتمكن القوميين الأتراك من القيام بثورة تركيا الفتاة، التي قوَّضت مفهوم الإمبراطورية الإسلامية، وهمشت موقع السلطان/الخليفة في الحكم، وأعلنت دستورًا بظاهر فيدرالي، لكن باطنه يُقزم مشاركة القوميات غير التركية في شأن الدولة.
تصاعدت نبرة القومية وسط العرب ردًّا على الواقع الجديد الذي فرضته عليهم السياسات المتحاملة على القوميات المغايرة للأتراك داخل السلطنة العثمانية، وزادت الصحافة الناشئة في ظل الدستور الجديد من درجة احتدام قوميتهم.
في الحرب العالمية الأولى، واستغلالًا لهذا الغضب القومي العربي، دعمت بريطانيا ثورة الشريف الحسين لكسر شوكة العثمانيين الذين تحالفوا مع الألمان خلال الحرب، في ما سمي «الثورة العربية الكبرى»، التي نتج عنها تحديد الدول المشرقية العربية بحدودها المعروفة إلى الآن، تبعًا لاتفاقيات مثل «سايكس-بيكو» و«إيكسليبان»، والاتفاق الودي بين فرنسا وبريطانيا.
تصلح الثورة العربية الكبرى كمثال لقضية حق تقرير المصير، فهي من جهة نتاج لرغبة الشعوب العربية في تقرير مصيرها بحرية، والاختيار الطوعي لأي كيان سياسي يمثلها، ومن جهة أخرى هي نتاج لتوازنات سياسية ودولية مرتبطة بأحداث معينة، هي الحرب العالمية الأولى.
اقرأ أيضًا: دراسة تهدم أصول العنصرية على أساس العِرق
حق تقرير المصير: بين القانون الدولي والتطبيق
بعد الحرب العالمية الأولى، برز «حق تقرير المصير» كأحد المبادئ التأسيسية لعُصبة الأمم، ودعا إليها الرئيس الأمريكي «وودرو ويلسون»، كآلية لمعالجة أوضاع الشعوب والأراضي التي كانت خاضعة لسلطة دول المركز.
غير أن هذا الحق افتقد المحتوى القانوني باعتباره نظرية سياسية وأخلاقية لا يوجد تعريف دقيق لها، كما يوضح المختص في القانون الدولي «إيان براونلي» في كتابه «Principles of Public International Law». ومنذ عام 1945، أدت التطورات التي شهدتها الأمم المتحدة إلى تغيير هذه الرؤية، فأصبح الفقهاء يعترفون بشكل عام بأن تقرير المصير مبدأ قانوني، وأن الجانب العام والسياسي للمبدأ لا يُفقده المحتوى القانوني.
جُمعت القرارات الداعمة لحق الشعوب في تقرير مصيرها في قرار أممي واحد، تضمن حق الشعوب في تقرير مصيرها السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي.
هكذا صار حق تقرير المصير أحد الحقوق الأساسية التي يكفلها القانون الدولي، وتقره المادة 55 من ميثاق الأمم المتحدة، «رغبةً في تهيئة دواعي الاستقرار والرفاهية الضروريين لقيام علاقات سليمة ودية بين الأمم، مؤسسة على احترام المبدأ الذي يقضي بالتسوية في الحقوق بين الشعوب، وبأن يكون لكلٍّ منها تقرير مصيرها».
منذ بداية خمسينيات القرن الماضي، تحركت المنظومة الأممية في اتجاه إقرار هذا الحق، بدءًا من القرار الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في 16 ديسمبر 1952، الذي يوصي بأنه «على كل الدول الأعضاء في الأمم المتحدة وجوب الالتزام بحق تقرير المصير لكل الشعوب والأمم».
تلى ذلك تبني المنظمة الدولية إعلانًا خاصًّا بمنح الاستقلال للدول والشعوب المستعمَرة سنة 1960، أقر بأن «مبدأ تقرير المصير جزء من الالتزامات النابعة من الميثاق، وأنه ليس توصية، وأنه بمثابة تفسير حقيقي للميثاق»، وبموجبه أُنشئت لجنة خاصة لتصفية الاستعمار.
لم تقف الأمم المتحدة والمنتظم الدولي عند هذا الحد، بل توالت القرارات الداعمة لحق الشعوب في تقرير مصيرها من داخل كل هياكل المنظمة الأممية، انتهاءً بجمعها في قرار واحد برقم 2625، اتخذته بالإجماع في دورتها رقم 25 في 24 نوفمبر 1970.
تضمن القرار «حق جميع الشعوب من دون تمييز في تقرير مصيرها السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي، على أن تتخذ خطوات مرتبة لمنح الشعوب غير المستقلة استقلالها التام، ولا يتخذ أي سبب مهما كان ذريعة لتأخير ذلك، لأن إخضاع الشعوب لاستعباد الأجنبي إنما هو إنكار لحقوق الإنسان الأساسية، ويناقض ميثاق الأمم المتحدة ويعيق السلم والتعاون الدوليين».
يشهد العالم الآن قضايا عديدة لحق تقرير المصير، بعضها طال أَمَدُها بين ردهات مبنى الأمم المتحدة دون تقدم في ملفها، وأبرزها ما استجد مؤخرًا مع الاستفتاء حول الاستقلال في إقليمي كردستان العراق وكتالونيا.
اقرأ أيضًا: استفتاء كتالونيا: مطالب مشروعة أم خطوة غير محسوبة العواقب؟
يُبرز لنا مسلسل الأحداث الذي لحق استفتاء كردستان مجموعة من النقاط تحدد ممارسة حق تقرير المصير، فالإرادة الشعبية وحدها غير كافية لتطبيقه مهما كانت نسب تأييد خيار الاستقلال مرتفعة، وتنزيل القرار على أرض الواقع يستحيل في ظل رفض الدول المجاورة، وأقصد هنا العراق وتركيا وإيران، الرافضين بالقطع لهذا القرار لما يتصورونه من ضرر على سيادتهم على أراضيهم، وهم المتحكمين في كثير من أولويات الحياة في الإقليم القابع تحت رحمتهم.
الأمر ليس مقتصرًا على دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بل حتى عند دول أوروبية لها في الديموقراطية أشواط مقطوعة من التقدم، مثل إسبانيا، إذ شاهدنا القمع الذي تعرض له المشاركون في استفتاء الاستقلال الكتالوني، وكيف هشمت هراوات العساكر جِباه العجائز والكهول الذي خرجوا للمشاركة في الاستفتاء.
بهذا، يكون حق تقرير المصير، رغم كفالته من قبل القانون الدولي والجهود الدولية لإقراره، رهينًا بالواقع السياسي لكل منطقة، ما يجعل منه ممارسة سياسية محضة تنضبط لمبدأ الممكن والضروري، وربما لا يخرج إلى الوجود سوى حين تكون هناك إمكانية فعلية لتحقيقه، وهو ما وفرته، في حالة كردستان العراق، ظروف الحرب على داعش، وتمكُّن الأكراد من السيطرة على مساحات واسعة وتطوير استعداداتهم العسكرية بمساعدة الغرب للتصدي للتنظيم، وإن لم تكتمل هذه الإمكانية تمامًا بسبب الرفض القاطع للدولة المجاورة والحكومة العراقية. لكن دون ظروف الحرب هذه، لم يكن ليفكر الأكراد أصلًا في تفعيل هذه الخطوة، وهم الذين انتظروا طويلًا قبل ذلك.