هذا الموضوع ضمن هاجس شهر أكتوبر «إلى أي وطن ننتمي؟». اقرأ موضوعات أخرى ضمن الهاجس من هنا، وشارك في الكتابة من هنا.
لم يكد ينتهي مسلسل اهتزاز العلاقات المغربية الجزائرية، ولم تكد تلك العلاقات تجد استقرارًا لها حتى انقلبت مجددًا لأزمة قوضت أي حلم مغاربي لوحدة في القريب. تعليقات وزير الخارجية الجزائري حول المغرب دفعت الأخير إلى استدعاء سفيره من الجزائر العاصمة، خالقًا بذلك عاصفة من ردود الفعل المتباينة في كل أرجاء المغرب الكبير.
وبينما أجمعت الفعاليات السياسية المغربية على وصفها بالإهانة وقلة الاحترام في حق وطنهم وفي حق دول المنطقة، سعى رجالات «قصر المرادية» الرئاسي إلى نفي صفة الرسمية عن تصريحات الوزير. بينما وقفت الشعوب على جانبي الحدود، وفي مختلف أقطار المنطقة المغاربية، موقف الدهشة مما يحصل، واليقين أن ما يجري بين قمتي هرم السلطة في البلدين من حسابات سياسية لا يكاد يعنيهم، هم الذين يعيشون هموم الواقع في كل شبر من الأرض.
لطالما كان للشعوب المعمرة لهذه الأرض، الرابطة من بردية شرقًا إلى الدار البيضاء غربًا ومن طنجة شمالًا إلى روصو جنوبًا، حلم هو وحدة الكيانات السياسية التي تحكم المنطقة، وأن تختفي كل الفوارق والحدود، التي يصبح وجودها خانقًا عند شعب أَلَف عبر تاريخه الموغل في القدم التنقل بين حواضر المغرب العربي دون حاجة إلى جواز سفر أو عسكري يدقق في هويته. شعب كهذا الذي يعيش اليقين أن القوة في التكتل، لا في التفرقة، ويوقن أكثر أن ما يجمعه داخل هذا الامتداد أقوى سياسات تصاغ داخل المكاتب المكيفة، تصوغها يد بيروقراطية باردة.
من عادة الأمل عند شعوبنا أن يبقى متذبذبًا في ما يخص تحقيق وحدتهم، ينتفي حينًا في سخط عارم كلما طفت أزمة بين قيادات البلدان، ويتجلى أكثر كلما شاهد يد زعيم مغاربي تصافح يد شقيق من بلد مجاور. تبقى الصورة المأخوذة بعد توقيع اتفاقية تأسيس اتحاد المغرب العربي، الصورة التي جمعت في مشهد يوتوبي أيدي زعماء المغرب الكبير متشابكةً في وئام، أكثر اللحظات في تاريخ المنطقة تعبيرًا عن إرادة شعوبها.
غير أن اللحظة لم تدم طويلًا، لتخلف بعدها كثيرًا من الإحباط والآمال الضائعة، رغم أن التكتل الآن بات أحد الضروريات لتخطي تحديات العصر والأخطار المحيطة بالمنطقة من كل جانب. خلَّفت اللحظة كذلك تساؤلات تزيد تصاعدًا كلما طفت أزمة، كالتي نعيشها، وتدفعنا في كل مرة إلى استدعاء تاريخ الاتحاد، مقوماته، العراقيل التي يعرفها، للتأمل والتدبر، عسى أن نكوِّن صورة أوضح حول ما آل إليه من انتكاسة، ونتبين مواطن الحلول المطروحة لتخطى الوضع المتأزم.
شعب واحد، ضد مستعمر واحد
تعود الدعوات الأولى لاتحاد يجمع قادة الأمم شمال إفريقيا، المغرب والجزائر وتونس حينها، إلى بداية القرن العشرين، وكان أول إعلان لها على لسان علي باش حانبة، الصحفي التونسي ذو الأصول التركية، حين أعلن ضرورة توحيد القوى المغاربية ضد الاستعمار في مؤتمر برلين سنة 1915، وحدة قائمة على أسس تمتد جذورها عميقًا في بنية المجتمعات المغاربية، هي وحدة الدين، والعقيدة ، واللغة، والإرث الثقافي والوجداني لشعوب المنطقة.
كانت لجنة المغرب العربي منصة العمل الدبلوماسي الموحد بين شعوب المغرب، وتوازيها وحدة ميدانية تؤدي عمليات عسكرية ضد المستعمر.
وحدة الاستعمار لعبت دورًا أساسيًّا في جمع تلك الدول على كلمة واحدة، حول سلاح واحد في وجه العدو. زادت تلك الدعوات صخبًا على لسان قادة حزب نجم شمال إفريقيا في باريس عام 1926، دعوات أخدت سمتًا يساريًّا، وحلمت بوحدة عمالية في شمال إفريقيا تناضل ضد جور الإمبريالية الفرنسية في عموم أقطار المغرب الكبير.
رغم تثمين المجتمع الدولي العربي خطوة التوحيد، ودعمه غير المشروط لها حسب ما توفر من إمكانيات، فقد كان من المتعذر على الجامعة العربية بوسائلها المادية الضعيفة تقديم مساعدات عسكرية لقوى التحرر في المغرب العربي، غير أنها لم تبخل بتقديم يد العون السياسي والدبلوماسي.
فعلى هامش أعمالها، وُلدت لجنة تحرير المغرب العربي في القاهرة عام 1948، تحت رئاسة سيدي محند بن عبد الكريم الخطابي، وضمت قوى سياسية من دول المغرب الثلاثة، هي حزب الاستقلال المغربي، وحزب الدستور التونسي، وحزب الشعب من الجزائر.
جاء نص البند الأول لميثاق تأسيس اللجنة بأن «المغرب العربي بالإسلام كان، وللإسلام عاش، وعلى الإسلام سيسير في حياته المستقبلية»، ومؤكدًا للركائز الوحدوية الثلاثة التي أطَّرت نضالات الشعوب المغاربية: الإسلام، والعروبة، والاستقلال.
الميثاق ذاته أفرز تصورًا واضحًا لخريطة الطريق النضالية التي حملها على عاتقه، والتي تلخصت في النقاط الأساسية التالية:
- المغرب العربي جزء لا يتجزأ من الوطن العربي.
- اللجنة مرجع لأي مفاوضات يخوضها أحد الأطراف مع المستعمر.
- استقلال أي قطر لا يُسقط عنه مسؤوليته في السعي لاكتمال استقلال كل الأقطار.
كانت لجنة المغرب العربي منصة العمل السياسي والدبلوماسي الموحد بين شعوب المغرب، والموازية لوحدة ميدانية تنفذ عمليات عسكرية ضد قوات المستعمر.
بسبب كل هذا، وجدت فرنسا نفسها في مأزق ميداني كبير، يحارب جيشها في قُطر واحد على ثلاث جبهات واسعة ومتفرقة، وللخروج من مصيدة الفئران تلك عمدت فرنسا مرغمةً إلى سحب جنودها من تونس والمغرب، مركزةً كل جهدها للمحافظة على الجزائر.
وقتها، أعلن السياسي الفرنسي «بيير منديس فرانس»، أن «السبيل والحل الوحيد لإنقاذ وضع فرنسا المتردي في الجزائر، هو الانسحاب من تونس والمغرب، مقابل الاحتفاظ بالمصالح الاقتصادية والقواعد العسكرية بهذين القطرين، لأن عملية إيقاف الحرب في المغرب وتونس ستتيح لفرنسا الوقت لتجميع كل قواها الاقتصادية والعسكرية في الجزائر، وتضمن لها الانتصار والفوز على الثورة الجزائرية، أو على الأقل تعيد زمام المبادرة إلى قواتها».
قد يعجبك أيضًا: من يحفظ تاريخ المغرب المسكوت عنه؟
هكذا نال المغرب وتونس الاستقلال عام 1956. غير أن استقلال هذين القطرين لم يكن نهاية التعاون المغاربي، بل ظل شرق المغرب وغرب تونس قواعد عسكرية أساسية للجزائريين، وكان خطاب الحبيب بورقيبة، الرئيس التونسي، مؤكدًا لضرورة قيام اتحاد مغاربي فعلي.
لم تتوقف الجهود السياسية الوحدوية بين البلدان، فأقيم مؤتمر طنجة عام 1958 بين القوى السياسية الأساسية في تلك الدول، أحزاب الاستقلال والدستور في المغرب وتونس، وجبهة التحرير الشعبية في الجزائر، وعملت فعاليات المؤتمر على:
- تشكيل مجلس استشاري للمغرب العربي، ينبثق من المجالس الوطنية المحلية في الأقطار الثلاثة، مهمته دراسة القضايا ذات الاهتمام المشترك وتقديم توصيات بخصوصها إلى السلطات التنفيذية المحلية.
- بحث قيام اتحاد فيدرالي بين البلدان المشاركة في المؤتمر.
- استئناف الاتصالات، بصفة دورية، بين المسؤولين المحليين في البلدان الثلاثة.
- تأسيس أمانة دائمة من ستة أعضاء لضمان تنفيذ مقررات المؤتمر.
الوحدة المغاربية في ظل الاستقلال
استمرت النية الصادقة على وحدة دول المغرب الثلاثة بعد الاستقلال، مدفوعةً بالحس الوطني الذي كان يطبع تلك المرحلة بعمق، وأفضت النقاشات بين قادة القوى السياسية المغاربية إلى توقيع اتفاقية الرباط عام 1963، تنص على توحيد المواقف السياسية بين دول المغرب العربي تجاه السوق الأوروبية المشتركة، وتنسيق المخططات التنموية بين البلدان.
قد يهمك أيضًَا: الحدود المغربية الجزائرية: «زوج بغال» يفرِّق الأهل
كانت الوحدة المغاربية قبل الاستقلال أساسًا شعبيًّا وعفويًّا للمناهضة والنضال ضد الاستعمار أكثر منها وحدة سياسية.
لكن لم تسلم تلك السنة من تشنج العلاقات بين المغرب والجزائر، على إثر المناوشات العسكرية بين البلدين حول قضية الحدود، في ما سُمي «حرب الرمال» آنذاك. غير أن الأمور عادت إلى مجراها الطبيعي، وأفرزت لقاءً ثانيًا في طنجة عام 1964، ومجموعة لقاءات أخرى في أوقات متتالية، ضمت جميع دول المغرب بعد التحاق ليبيا وموريتانيا بالركب.
في تلك اللقاءات، وُقعت مجموعة من الاتفاقيات المهمة تتعلق بالتجارة البينية بين البلدان، وأفضلية التزويد المغاربي، والتنسيق في ما يخص المعاملات الجمركية وسياسات التصدير، وتوحيد السياسات في قطاعات المناجم والطاقة والنقل والمواصلات، وتشكيل لجنة استشارية مغاربية للاستثمار، ومركز مغاربي للدراسات الصناعية.
غير أن التفاؤل السياسي والشعبي لتحقيق المتفق عليه ارتطم بعدة عراقيل حالت دون تحقيق المأمول، عراقيل أسهمت فيها اختلافات أيديولوجية كانت تطبع سياسات الدول، التي تأثرت بواقع الحرب القطبية التي كانت تغزو العالم حينها.
تقوى سعد، التونسية الباحثة في القانون الدولي، تؤكد لـ«منشور» أنه قبل الاستقلال كانت الوحدة المغاربية أساسًا شعبيًّا وعفويًّا للمناهضة والنضال ضد الاستعمار أكثر منها وحدة سياسية.
عرفت الأمور مدًّا وجزرًا، وطبعتها تناقضات عدة واختلافات تجاه قضايا إقليمية مثل قضية الصحراء المغربية، وانحشرت دول داخل نزاعاتها الداخلية كالمغرب وتونس، وتغيرت الأنظمة في بلدان مثل ليبيا مع انقلاب معمر القذافي.
عام 1980، اجتمعت الأطراف من جديد بنية تحقيق خطوات في الطموح المغاربي، بإنشاء لجنة للإشراف والتوجيه الاقتصادي مكونة من وزراء اقتصاد الدول المغاربية، ونحو 20 لجنة اقتصادية أخرى متخصصة في إعداد البرامج واقتراح الإجراءات التنفيذية المطلوب اتخاذها من طرف الأجهزة الإدارية للدول.
بدأ بعد ذلك التخطيط لعدة مشروعات أخرى لكنها لم تخرج إلى أرض الواقع، من ضمنها مشروع القطار المغاربي، ومشروع بناء وإصلاح السفن، ومشروع التكامل الكهربائي، ومشروع توطين الصناعات، ومشروع إقامة مؤسسات صناعية تحويلية وتربية المواشي، إلخ.
عرفت تلك الفترة من تاريخ المغرب العربي عراقيل كبرى حالت دون تحقيق المشروعات التي خُطط لها، مثل أزمات المديونية والعجز الاقتصادي الذي كانت تعرفه بعض الدول، وكذا سياسة التضييق التي مارستها القوى الخارجية، ومنها إعلان الاتحاد الأوروبي إيقاف استيراد المنتجات الفلاحية المغاربية، كما يخبرنا الباحث المغربي في القانون بجامعة الرباط، عيسات بوسلهام، في بحثه «اتحاد المغرب اﻟﻌﺮﺑﻲ ﺑﻴﻦ واﻗﻊ اﻟﺠﻤﻮد وﺟﻬﻮد اﻟﺘﻜﺎﻣﻞ».
ميلاد اتحاد المغرب العربي
أمام هذه الرهانات والعراقيل، كان من الضروري للدول المغاربية أن تجتمع مجددًا لتحديد خطواتها القادمة، وحدث ذلك عام 1988 في قمة زرالدة الجزائرية، التي خرج منها المغاربيون بلجنة عليا لتحقيق مشروع «اتحاد المغرب العربي»، الذي أُسّس بعد أشهر قليلة خلال قمة مراكش 1989.
بعد إعلان قيام «اتحاد المغرب العربي»، وتلك الصورة الشهيرة التي تؤرخ له بأيدي قادة الدول المغاربية متكاتفة في ما بينها، اجتاحت الشعوب حماسة سياسية عارمة لتحقيق أهداف الاتحاد، أهداف تحمل كل خير للأمة، وتجسد بوضوح روح الوحدة داخلها.
من هذه الأهداف:
- تمتين أواصر الأُخوة بين الدول الأعضاء وشعوبها.
- إلغاء كل الحدود بين الدول الأعضاء، والسماح بالتنقل الكامل للأفراد والسلع ورؤوس الأموال.
- الدفاع المشترك عن سيادة البلدان الأعضاء، والتنسيق الأمني والعسكري بينها.
- صيانة استقلال كل دولة من الدول الأعضاء.
- تحقيق الوفاق بين الدول الأعضاء، وتمتين العلاقات الدبلوماسية بينها، وإقامة توجه مشترك في السياسات الاقتصادية التنموية والاجتماعية والثقافية.
وضع الاتحاد هياكل عديدة لتحقيق أهدافه، منها مجلس الرئاسة الذي يتألف من قادة الدول الأعضاء وتكون رئاسته بالتناوب، ومجلس وزراء الخارجية، ولجنة المتابعة، وأيضًا لجان وزارية متخصصة تعمل على توحيد سياسات الدول في قطاعات بعينها.
خرجت من الاتحاد عدة مؤسسات إدارية، منها الأمانة العامة للاتحاد، ومجلسه للشورى، ومجلسه القضائي، والأكاديمية المغاربية للعلوم، والجامعة المغاربية، والمصرف المغاربي للاستثمار والتجارة الخارجية.
لكن، ورغم كل التحضيرات والتنسيقات المشتركة بين الدول الأعضاء، ظل أداء الاتحاد تنقصه الفعالية اللازمة بسبب التباعدات السياسية بين إرادات أنظمة الدولة واختلاف سياساتها ورهاناتها الداخلية والخارجية.
ظلت الأزمات تتوالى بين دول الاتحاد، وكان عنوانها الأبرز «تاريخ الصدامات بين المغرب والجزائر»، حول عدة قضايا تعتبرها البلدان مصيرية دون مجهود حقيقي حاسم لحلها وخلق تقارب حقيقي.
الرهان الأصعب للوحدة المغاربية
تتمتع الأقطار المغاربية بموقع جغرافي ذي أهمية بالغة، له أربعة أبعاد جيوستراتيجية مختلفة.
تنفتح الدول المغاربية على المجال المتوسطي، ولها ارتباط بأوروبا على الضفة الشمالية للبحر الأبيض، وتمتد جنوبًا إلى جذورها الإفريقية، وشرقًا تحتضن بعدها الشرق أوسطي العربي. وكذا تضم شريطًا ساحليًّا، بحريًّا ومحيطيًّا، يحدها شمالًا وغربًا، ولها موطئ قدم على المعبر البحري في مضيق جبل طارق.
كذلك، يبلغ تعداد سكان المنطقة نحو 95 مليون نسمة، 50% منهم سواعده مهيئة للعمل، تجمعها وحدة الدين والمذهب، وبينهم تنوع ثقافي وحضاري ذو روافد متعددة، أمازيغية وعربية، صحراوية وأندلسية.
اقرأ أيضًا: أمازيغ في منطقة صارت عربية: صراعات الهوية واللغة والدين
كل هذه المقومات تجعل المغرب الكبير، إذا حقق اتحاده وكثف جهوده، أحد أكثر التكتلات التنموية المزدهرة في العالم، رغم أنه يواجه رهانات عسيرة نحددها في أربع نقاط أساسية:
- رهانات استراتيجية: موقع المغرب الكبير له مضار كذلك، تجعله أكثر إغراءً للقوى الخارجية لتطويعه لمصالحها، وتجعله متأثرًا بالفوضى التي تميز إفريقيا جنوب الصحراء، وتجعله المسؤول أمام دول شمال البحر الأبيض المتوسط عن وقف الهجرات غير المقننة إليها.
- رهانات بشرية: الانفجار الديمغرافي الذي عرفته دول المنطقة، أمام عدم مسايرة مخططاتها التنموية لهذا الانفجار، يجعل البطالة تنخر جسد السكان بنشاط، وتتفشى الأمية بنسب تتراوح بين 18 و42%، فتتولد حالة عدم رضا بينهم، تتفجر في رغبتهم الجامحة في الهجرة نحو الشمال، أو الانتفاض على الحكام كما طبع المرحلة الممتدة من 2011 إلى الآن.
- رهانات اقتصادية: لا يوجد توازن في توزيع المشروعات الاقتصادية داخل القطر الواحد وفي مختلف أقطار المغرب الكبير، وتعتمد الجزائر وليبيا في اقتصادها على النفط، ما يجعل اقتصادها متقلبًا بتقلب أسعاره، وأيضًا ضعف المبادلات التجارية بين دول المنطقة وقلة تبادل الخبرات الحرفية والصناعية والفلاحية في ما بينها.
- رهانات أمنية: لبلدان المغرب العربي، خصوصًا ليبيا والجزائر، أشرطة حدودية صحراوية غير محكمة التأمين، مما يجعلها بيئة مواتية لتنامي الأنشطة الإجرامية، وكذا حالة الفوضى التي تعرفها ليبيا، تضع دول المغرب العربي في مواجهة مباشرة مع خطر إرهاب عالمي، يهدد استقرارها ومناخ الاستثمار فيها.
يبدو الرهان الأصعب، الذي يحيلنا إليه مصطفى الراجي مدير مركز «هايك» للدراسات الاقتصادية في العاصمة الجزائر، هو العلاقات بين المغرب والجزائر، لأن واقع ومستقبل الاتحاد متعلق بالعلاقة بين البلدين، وكل المنافع الاقتصادية والأمنية للتكامل المغاربي تعتمد على التكامل بين المغرب والجزائر.
يوضح الراجي لـ«منشور» أن «التجارة البينية مفيدة دومًا حتى لو كانت من جانب واحد، فما بالك لو كانت مفتوحة على الاتجاهين؟ فتح الحدود بين البلدين والسماح بحرية انتقال السلع والأشخاص وتطبيق اتحاد جمركي سيعود بالنفع العظيم على الشعبين».
الجزائريون يستفيدون اليوم من المهارات الحرفية للمغاربة، بحسب الباحث الجزائري، لأن المغاربة لديهم ميزة تنافسية ومهارات ومعرفة زراعية مفيدة، فما أدراك إذا فُتحت الحدود وسُمح لهم بالعمل القانوني داخل التراب الجزائري؟ سيسمح هذا بالتأكيد للحرفيين المغاربة برفع أجورهم، ويسمح للجزائريين بتخفيض تكاليف الخدمات.