لا شك أن فيلم «Avengers: Infinity War» كان حدثًا تاريخيًّا، ليس بسبب أرقامه في شباك التذاكر فحسب، بل لِمَا أنجزه أيضًا.
في السابق كان هذا النوع من الأفلام مجرد حلم، مع الوقت أصبح طموحًا، ثم انتهى به الأمر إلى واقع. إنها ملحمة استثنائية تتخيل تحولها للسينما في طفولتك فقط. وجود هذا العدد الهائل من الأبطال الخارقين في فيلم واحد كان حتى عدة سنوات سابقة ضربًا من الجنون، لكن يبدو الآن أكثر من أي وقت مضى، أن استوديوهات «مارفل» اكتشفت الحل السحري لهذه المعضلة، وتحويل الأحلام إلى واقع.
نجاح الاستوديو الباهر مع هذا الفيلم جاء نتيجة تجارب سابقة، وبسبب تدرجهم في إصدار الأفلام وتضخيم الأحداث تدريجيًّا. جميع المتابعين كان يعرف موعد صدور «Infinity War» منذ سنوات، والأنظار كانت تتجه إلى هذا الموعد، لذلك لم يكن من المصادفة تحول هذا الفيلم إلى حدث واسع الانتشار، واستقباله بشكل حسن من النقاد قبل الجماهير.
لماذا مارفل ناجحة إلى هذا الحد؟ هناك إجابات عدة عن هذا السؤال. وعلى أغلب الظن قد تعرفونها مسبقًا، من الحديث عن تخطيطها السليم، والتأني في تنفيذ مشروعاتها، أو جعل هذا الكون السينمائي مترابطًا. كل هذه النقاط صحيحة، فالتخطيط السليم يعني اختيار المشروعات المستقبلية بعناية، وتسليمها للأشخاص المناسبين، والتأني في تنفيذها بطريقة لا تتسبب في نتائج عكسية كما يحصل في «دي سي»، وربط هذا الكون بأكمله يعني تكوين قاعدة جماهيرية وفية وضخمة تستمر في حضور الأفلام واحدًا تلو الآخر.
لكن أعتقد أن هناك أكثر من ذلك. في طيات هذا الكون الضخم الذي يتضمن 19 فيلمًا حتى الآن، يوجد عدد من الدروس، والأخطاء، والقرارات الجريئة الناجحة والفاشلة على حد سواء، وبالطبع توجد الرغبة الدائمة في التعلم والتحسن.
1. تصحيح الأخطاء
كانت شخصية «كابتن أمريكا» ثنائية الأبعاد، ومع الوقت أصبح نجم الأكشن الأول، فمع فيلم «The Winter Soldier» رأى المشاهدون جانب آخر لشخصيته.
في كونها السينمائي المستمر في الاتساع، لا تخلو أفلام مارفل من العيوب. بل لا يخلو هذا الكون من أفلام فشلت في الوصول إلى المأمول منها، وتركت الجمهور يشك في قدرة الاستوديو على مواصلة الرحلة بنفس النسق والاستمرارية، لكن مع كل عقبة أو فشل جديد، كانت مرحلة التصحيح والتدارك سريعة البدء.
أحد أكبر الانتقادات التي كانت تتلقاها أفلام مارفل هي أنه باستثناء «لوكي»، خصم الأفنجرز في أول أفلامهم، لم يستطع الاستوديو تقديم خِصم جديد يلفت الأنظار، ويسرق الأضواء. وكانت جثث الخصوم تتراكم فوق بعضها كدليل قاطع على فشل الاستوديو في تقديم خِصم المرحلة القادمة.
استمرت الانتقادات لتطال أفلامًا بعينها. فشل «آيرون مان» في فيلميه الثاني والثالث، شخصية «ثور» لم تكن جذابة للمتابعين في الأساس، وفشل فيلمه الثاني لم يساعد على الإطلاق. ولكن أكبر فشل واجهته مارفل كان في فيلم «Avengers: Age of Ultron». ولأن قاعدة مارفل الجماهيرية متقدة الحماس، وتمتلك ولاءً منقطع النظير لشخصياتها المحبوبة، فقد كان انتقاد الجماهير أكثر شناعة من النقاد الذين بدورهم لم يُظهِروا أي تعاطف تجاه الفيلم.
لكن سياسة تصحيح الأخطاء والتعلم منها كدروس مستقبلية أثبتت نجاحها مع الوقت. أخطاء الأفلام السابقة لم تعد موجودة، ثور بعد أن كان شخصية مملة، ولا يتواصل معه الجمهور، أصبح أحد أهم شخصيات السلسلة في الوقت الحالي، بل وسرق الأضواء في الفيلم الجديد وسط إعجاب الجماهير ودهشتهم.
«كابتن أمريكا» كان من دون أي صراعات. كان شخصية ثنائية الأبعاد نوعًا ما، ومع الوقت أصبح نجم الأكشن الأول في عالم مارفل. مع فيلم «The Winter Soldier» رأى المشاهدون الجانب الآخر لشخصيته، وشاهدوا معاناة التأقلم التي يواجهها رجل من أربعينيات القرن العشرين في وقتنا الحالي، شاهدوا كيف أن «ستيف روجرز» لا يثق في أي شيء سوى عمله، وبحثه الدائم عن المهمة القادمة لأن هذا كل ما يملكه من ماضيه.
قد يهمك أيضًا: لا يا «دي سي»، النجاح لا يكون بملاحقة «مارفل»
2. اختيار المخرجين
لم تصبح أفلام ثور وآيرون مان خطوات إجبارية للوصول إلى فيلم أفنجرز القادم، بل أفلامًا مستقلة قائمة على نجاحها الخاص، وقصصها الخاصة.
الأفلام ذات الميزانية الضخمة ومَشاهد الأكشن الدقيقة تحتاج إلى مخرج متمرس في هذا المجال، أليس كذلك؟ حسنًا، هذا الأمر ليس صحيحًا تمامًا، على الأقل ليس صحيحًا في حالة مارفل. أثبتت مارفل مع الوقت أن رهانها على مخرجيها ينجح غالبًا، فركزت بصورة أساسية، في حالة اختيار المخرج، على تعامله مع الشخصيات، أو فهمه لها، إذ رأينا «جوس ويدن» الذي يملك مسيرة تلفزيونية حافلة، تُوكَل إليه مهمة إخراج فيلم أفنجرز الأول وكتابته، لينجح نجاحًا كاسحًا. وبمجرد فشله في فيلم أفنجرز الثاني ذهب مشروع الفيلم القادم إلى صناع أفلام مختلفين.
رأينا كيف حوَّل الأخوان «روسو» كابتن أمريكا من شخصية لا ترى سوى الأبيض والأسود في هذا العالم، إلى بطل أمريكي يعيش في المنطقة الرمادية، في حالة صراع وجودي دائم، وأزمة ثقة شديدة.
يثق منتجو مارفل في إمكانيات الاستوديو لجعل أفلامهم جذابة بصريًّا. يثقون في قدرة الاستوديو على تصوير أفضل المعارك وأضخمها، لكنهم يعلمون تمامًا أن ما سيتذكره المشاهدون في نهاية اليوم هو اللحظات متناهية الصغر التي تتخلل الفيلم، وتُظهِر ترابط الشخصيات أو تضادها.
يتذكرون كيف تفاعلت شخصياتهم المفضلة في الطفولة، وتستطيع ملاحظة تلاشي طريقة السرد الكلاسيكية المملة في هذه الأفلام. تضاعف العطش لصناعة أفلام فريدة أكثر، لم تصبح أفلام ثور وآيرون مان وغيرها مجرد خطوات إجبارية تتخذها السلسلة للوصول إلى فيلم أفنجرز القادم، بل أصبحت أفلامًا مستقلة بحد ذاتها، قائمة على نجاحها الخاص، على قصصها الخاصة، والجو الخاص بها.
3. المخاطرة واستغلال الفرص
إن النقطة السابقة التي تتعلق باختيار المخرجين متصلة بشكل مباشر مع سياسة مارفل المتعلقة بالمخاطرة واتخاذ خطوات جريئة تناسب طموح الاستوديو الضخم. فالتوجه إلى مخرجين قضوا سنوات طويلة في التلفزيون تتطلب جرأة لا مثيل لها. ولعل أكبر هذه المخاطرات كانت الثقة بالأخوين روسو وتسليمهما مشروع شخصية كابتن أمريكا، أو تسليم شخصية ثور إلى المخرج الكوميدي الرائع «تايكا وايتيتي». ولا ننسى إعطاء الشاب «توم هولاند» دور «سبايدرمان» في خبر صدم الجميع.
الطريق الآمن والمعتاد ليس بالضرورة الطريق الصحيح. قرارات مارفل الشجاعة سبب رئيسي في إحداث نقلة نوعية تصعق الجمهور متى ما بدأت الضجة حول أفلامهم تهدأ، وجزء كبير من هذه القرارات يأتي بعد نفاد الحلول والوصول إلى طريق مسدود، وغالبًا يكون هذا ما تحتاجه الأفلام تحديدًا. أقرب هذه الأمثلة هو ما فعله «تايكا وايتيتي» بشخصية ثور في فيلم «Thor: Ragnorak»، والتغير الاستثنائي الذي حصل في نبرة الفيلم.
لطالما كانت شخصية ثور بعيدة عن الجماهير، وغير متصلة معهم على كثير من الأصعدة، وباستثناء مشكلات ثور العائلية مع أخيه لوكي، لم يتبق عدد من الأمور التي يمكن العمل معها، وجعل ثور يرتبط مع الجماهير. ثور، أحد آلهة الرعد الإغريقية، ويكفيه هذا الأمر ليصبح محط الأنظار وشخصية مثيرة للاهتمام، تحول في نهاية الأمر إلى شخصية مملة جدًّا، تفوقت عليها شخصيات ثانوية لا تحظى بأفلامها الخاصة أساسًا.
ضرب وايتيتي بكل ما يعرفه الجمهور عن ثور عرض الحائط، وأخذ الفيلم والشخصية إلى منحنى مختلف تمامًا. فيلم «ثور راغنوراك» كوميدي قبل أن يكون أي شيء آخر. هذا الاختيار الصادم نجح نجاحًا باهرًا، واستقبله المشاهدون بشكل رائع. لم يكن الفيلم يأخذ نفسه على محمل الجدية في عدد من الأوقات، بل كان يستمر في الاستهزاء من مفاهيم أفلام «السوبرهيروز» وجديتها المفرطة. لم يكتفِ المخرج بذلك، بل «أنسن» الشخصية. هل تذكرون الآلهة الإغريقية صاحبة اللسان الشكسبيري؟ حسنًا إنه الآن أحمق كعدد من الناس.
4. ليست أفلام «سوبرهيروز» فحسب
يعتبر فيلم «The Winter Soldier» فيلمًا جاسوسيًّا بحبكة متقَنة ودراسة استثنائية لشخصية ستيف روجرز.
في بداية عالمها السينمائي كان أكثر ما يجذب الجماهير لمتابعة الأفلام هي المحصلة النهائية. فيلم «الأفنجرز» القادم، ربما بسبب هذا الانجذاب كثرت الأخطاء والتكاسل في الأفلام الفردية المؤدية إلى أي فيلم للأفنجرز. عدة أفلام لعدة شخصيات تلقت مراجعات سلبية.
هذه الأفلام وقعت في فخ السرد الكلاسيكي. كل فيلم يستقل بقصة خاصة جديدة كليًّا، بخِصم جديد وتحدٍّ مختلف لبطل القصة، وخط سير أحداث تقليدي (بداية ومنتصف ونهاية)، دون أي تحدٍّ حقيقي على المستوى النفسي لشخصية البطل، ودون أي تطورات في الشخصية. وخلال كل ذلك تضاف بعض التفاصيل للفيلم التي تمهد لفيلم أفنجرز الجديد.
كل ذلك تعارض مع فكرة مارفل بجعل «كل شيء متصل». لا يمكنك خلق عالم سينمائي ضخم بقصص مستقلة بشكل شبه كامل، تحتاج للتعمق داخل أبطال السلسلة والعلاقات التي تربطهم، وقبل كل ذلك تحتاج لتحويل أفلامهم إلى أفلام ضخمة بحد ذاتها، تحويلها إلى وجبة كاملة للجمهور، وليس مجرد «سناك» يشبعهم مؤقتًا قبل أن يعودوا طلبًا للمزيد.
ما الذي حصل بعد ذلك؟ أصبحت أفلام مارفل ليست «كوميكس» فقط، بل أصبحت تندرج تحت تصنيفات جديدة، وأول هذه الأفلام كان «Captain America: The Winter Soldier».
قبل أن يكون فيلم كوميكس، كان فيلمًا جاسوسيًّا بدرجة أولى، بحبكة متقَنة ودراسة استثنائية لشخصية ستيف روجرز. من هنا تحول ستيف روجرز من الشخصية المملة والمتكررة للسوبرهيرو، الشخصية التي تعرف بالضبط ما هو الخيار الصحيح، وتقف دائمًا عند مبادئها، إلى الشخصية التي تفكر مرتين قبل أن تتخذ أي قرار، الشخصية التي تعيد النظر في جميع مبادئها، أعيد ابتكار ستيف روجرز من خلال هذا الفيلم، عاجلًا أو آجلًا ستكون أسطوانة صراعه للعيش في وقتنا الحالي مشروخة لأنه في نهاية الأمر سوف يتأقلم، لذلك كان تفكير الأخوين روسو مثاليًّا، كابتن أمريكا لا يثق بعد عودته للحياة سوى بعمله، لمَ لا نجعله يخسر ثقته في ذلك أيضًا؟ لمَ لا نرميه في وجه تحديات جديدة كليًّا، وهو لا يثق سوى بلكماته و درعه؟
إن أهمية هذا الفيلم تندرج في كونه ينسلخ، جزئيًا فقط، من كونه فيلم كوميكس، فهو يختلف جذريًّا من الناحية النفسية عن قصة السوبرهيرو المعتادة، بالطبع ستيف روجرز جندي خارق يستطيع تحطيم الأبواب في أثناء جريه، بالطبع سيسقط من عدة طوابق دون أن يصاب إصابةً بليغة. لكن كيف يستطيع الثقة بأي شخص آخر بعد انقلاب عالمه رأسًا على عقب؟ كيف سيمتلك القدرة على الوقوف بجانب مبادئه إذا لم يكن متأكدًا من مبادئه أساسًا؟
وهذا ما أعنيه بأن دراسة الشخصية كانت استثنائية، استغلال نقطة ضعف ستيف بأنه شخص صادق وغريب عن هذه الحقبة الزمنية والحياة الجاسوسية، وتحويلها إلى نقطة انطلاق الفيلم، بل نقطة انطلاق لتحويل كابتن أمريكا إلى إحدى أفضل الشخصيات في السلسلة.
5. لماذا «Guardians of The Galaxy» أهم أفلام مارفل؟
المشهد الافتتاحي في «Guardians of The Galaxy» يضبط إيقاع الفيلم حتى النهاية، ويجذب انتباه المشاهدين مباشرةً نحو الرحلة الغامضة والمثيرة للاهتمام التي هم على وشك خوضها. يبدأ المشهد برجل غامض يصل إلى كوكب مجهول ومظلم وكئيب المظهر، يتضح أن هذا الرجل يبحث عن شيء فائق الأهمية على هذا الكوكب، ويدخل الجمهور في حالة من الترقب والاستعداد، وتبدأ التساؤلات تتكون في أذهانهم.
منهم من يستعد لمشهد أكشن افتتاحي ممتع، ومنهم من يتشبث بمقعده استعدادًا للقطة مفزعة تصدم الجمهور. لكن كل ذلك يتلاشى حينما يضع بطل الفيل «بيتر كويل» السماعات حول أذنيه ويضغط زر التشغيل على مشغِّل «سوني». في تلك اللحظة لم تنجذب الجماهير نحو الشاشة في ذهول كامل فحسب، بل صُنِعَت شخصية فريدة للفيلم. وبدل أن يواجه بطلنا في تلك اللحظة تحديات صعبة تهدد حياته، يقضي وقته راقصًا على ألحان أغنيته متجاهلًا جميع الأخطار المحيطة به.
لماذا هو أهم أفلام مارفل؟ لأنه يجمع في طياته جميع النقاط التي سبق ذكرها: اختيار المخرج كان مثاليًّا، شخصيات الفيلم لم تكن مشهورة على الإطلاق قبل الفيلم، واختيار قصتها لتحويلها إلى فيلم ينضم إلى عالم مارفل كان الخليط المثالي بين الطموح الشاهق والجنون الصحي المصاحب له. وفوق كل ذلك، ليس فيلم كوميكس معتادًا، بل رحلة ممتعة مليئة بالمغامرات تأخذ الجماهير بعيدًا عن كوكب الأرض، رحلة مليئة بالكوميديا الجديدة على السلسلة التي أستطيع أن أتجرأ وأقول إنها غيَّرت سياسة الاستوديو للأبد.
لم تكن التوقعات مبشرة للفيلم، وحتى التريلر لم يكن مشجعًا على الإطلاق. لم يتوقع أحد أن تكتسب شخصيات الفيلم هذه الشعبية الصارخة، وتنافس شخصيات الأفنجرز بشكل مباشر. وأعتقد أن جزءًا كبيرًا من هذا الفضل يعود للمخرج «جيمس غون» الذي لم يكتف بتحويل قصة هذه الشخصيات إلى حدث سينمائي ضخم وناجح، بل استطاع أن يُكسِبَ أفلامه نوعًا من علامة الجودة. ماذا أعني بعلامة الجودة؟ أعني وقوف الجماهير وتصفيقهم في حماس مفرط عند بدء أغنية «Rubberband Man» في فيلم «Infinity War» لأن جميع الجماهير كانت تعلم تمامًا ماذا يعني ظهور أغنية كهذه في هذا الوقت من الفيلم، إنه وقت ظهور حراس مجرتهم المحبوبين.
أعتقد أن أفلام مارفل تغيرت للأبد بعد ما فعله «جيمس غون». الكون في حالة خطر دائم بالطبع، ويجب التصدي للشر أينما كان. لكن لا مانع من التوقف قليلًا للاستماع إلى أغانيك المفضلة، لا مانع من جعل رحلتك عبر الكون ممتعة، لا مانع من جعل الضحك أحد أهدافك الرئيسية حينما تبدأ الفيلم.
بداية النهاية «Avengers: Infinity War»
ثانوس هو الـ«فيلان» الذي استحقه أبطال مارفل منذ سنوات، الشر المحدق الذي لا يعترف بشره.
كانت الفكرة الأساسية لهذا الموضوع هو الحديث عن فيلم «Infinity War» فحسب. لكن أدركت أنه من الصعب الحديث عن هذا الفيلم دون الحديث عن تجربة مارفل الكاملة. من الصعب تقدير هذا الفيلم دون العودة إلى البداية، ومن الظلم انتقاد هذا الفيلم كعمل منفرد دون رؤية تأثيره في سلسلة مارفل بشكل خاص، وصناعة أفلام الكوميكس بشكل عام. «Infinity War» يبدو للمشاهد الذي لا يملك أدنى فكرة عن عالم مارفل، وعن سلسلة الأفلام السابقة، فيلمًا ضخمًا، لكن فوضوي. ملحمي، لكن دون تأثير حقيقي. ممتع، لكن أجوف. وبالنسبة إلينا، محبي أفلام الكوميكس، هو كل ما انتظرناه وأكثر.
اقرأ أيضًا: فيلم «Infinity War»: عالم «مارفل» السينمائي في ذروته
قد يكون أفضل وصف سمعته للفيلم هو أنه «الفصل الثالث والأخير من الفيلم الذي كنا وما زلنا نشاهده منذ 10 سنوات». فهو مليء بالحدث تلو الآخر، بالصدمة تلو الأخرى، لا يتوقف لالتقاط الأنفاس إلا نادرًا، لا يعطيك أي مجال للتفكير، فهو يفترض أنك تعرف الشخصيات، تعرف دوافعها وحوافزها، مبرراتها ومخاوفها، يفترض جاهزيتك لهذه الرحلة المجنونة وتحملك للعواقب، وله كل الحق في ذلك.
ولعل أفضل قرار اتخذه الفيلم هو استثمار الوقت الذي قد يقضيه عادةً في تعريفنا بالشخصيات، بتعريفنا بشخصية ثانوس. أدرك الأخوان روسو أن ظهور شخصية ثانوس بشكل سطحي وغير جاهز كان سيهدد الفيلم، فما جعل شخصية لوكي خصمًا أو (Villain) رائع هو معرفتنا المسبقة به، وما جعل شخصيات مثل «الترون» تفشل هو التحضير غير المكتمل لها. لكن في نفس الوقت أدركا أن قضاء بداية الفيلم في التعريف بشخصيته سيكون نقطة ضعف ومضيعة للوقت، فتحول الفيلم إلى رحلة يقضيها المشاهدون مع ثانوس في عدة عوالم، رحلة نشاهده ينفذ خطته فيها، ونتعرف إليه تدريجيًّا في نفس الوقت، بحيث لا يتوقف الفيلم عن تقديم المعركة النهائية، ولا يبدو المتسبب في هذه المعركة غريبًا على المشاهدين.
ثانوس كان استثنائيًّا فعلًا، إنه الـ«فيلان» الذي استحقه أبطال السلسلة منذ سنوات، الشر المحدق الذي لا يعترف بشره. في كل مرة يظهر يفرض حضوره بشكل طاغٍ، في كل مرة يخطف الأضواء، في كل مرة ننتظر ما سيقول بفارغ الصبر. لقد كان المزيج المثالي بين الخوف والجاذبية، الرعب والسحر.
هذا الموضوع اقترحه أحد قُراء «منشور» وعمل مع محرري الموقع على تطويره، وأنت كذلك يمكنك المشاركة بأفكارك معنا عبر هذه الصفحة.