في جانب من رواية «الطاعون»، يقارب «ألبير كامو» الوضع البشري من منظور طبقي، معيدًا روح عصره بشكل لا يخرج عن تشبع وجودية القرن العشرين من مشارب المادية الجدلية.
هكذا يَعبر الكاتب الفرنسي بقصته بين متناقضات تتأرجح أبطالها وسط رعبَيْن: واحد خاص هو الخلاص بالنفس، وآخر عام هو الخلاص بالأمة. تَعبر حبكته بين الطبقات المكونة للأمة، مبينًا أن النظر إلى الآفة الكبرى يجري على أساس الانتماء الطبقي، لا خارجه. منطلقًا في ذلك من واقعه المادي، لحظة الاجتياح النازي لفرنسا، ليُعبر عنه في شكل طاعون اجتاح مدينة وهران باختلاف سكانها، ليبين تفاعل كل طرف مع الحدث.
وإن كان طاعون كامو متخيَّلًا، فإنه يأخذ واقعيته التاريخية في متون تراثنا العربي، وداخل حيِّزنا الإسلامي الذي وسمت تاريخه موجات متتالية من الأوبئة. لم نكن وحدنا آنذاك، ولم نكن في ذلك استثناء من بقية العالم، غير أن الفرادة في حالنا «كيفية»، حدث بها تأويل الحادث الواقعي في صيغة مثالية، أو كما قلنا: شكل تعبير الواقع في أفكاره.
من هذا المنطلق، تبرز لنا كتابات اهتمت بحادث الطاعون وغيره من الأوبئة، على امتداد تاريخنا العربي الإسلامي، تؤول حدوثه وتستخلص منه الحكم والأحكام. وجب علينا الرجوع إلى ذات ذلك التراث بحثًا عن أدوات التفسير في عقلنا العربي، وماهية العلاقات التي كان يبنيها مع واقعه، مستعرضين كمية من أقوال السابقين في موضوعات الأوبئة والطواعين.
لاهوت الأوبئة
مما نقرأ في السُّنة عن غرض الأوبئة والطواعين، وكما هو وارد عند ابن حجر العسقلاني في «بذل الماعون»، قول النبي محمد: «فناء أمتي بالطعن والطاعون، قيل: فما الطاعون يا رسول الله؟ قال: «وخز من الجن». وفي حديث آخر يدعو: «اللهم اجعل فناء أمتي قتلًا في سبيلك بالطعن والطاعون». وفي موضع مختلف يقول: «إن هذا الطاعون رجز، وبقية عذاب عذب به ناس مَن قبلكم».
من خلال هذه النصوص المؤسِّسة للاعتقاد الإسلامي، نستخرج فهمًا معينًا لما يحدث، تدور ركائزه في فلك اللاهوت، تتمحور حول التأصيل الغيبي، عماد العقيدة. أي إنه يفسر الواقع على مبدأ الحكمة الإلهية: حكمة تُحسن لكل محسن، وتَلعن كل مسيئ. وكانت لطبيعة تلك النوائب الكبيرة والشاملة دور في نسبها (بشكل مباشر وبسيط) إلى إرادة كبيرة وشاملة بنفس الكيفية، إلى الله بقول آخر، أو إلى كائنات أخرى خفية.
يتكون تصوُّر الطاعون في عقلنا الديني قَدَرًا إلهيًّا محتمًّا.
ليست هذه النظرة حكرًا على الإسلام وحده. هكذا نرى لها وجودًا في اللاهوت اليهودي والمسيحي بنفس الشكل، بوصفه لاهوتًا مكوِّنًأ للثقافة العربية. وهكذا ينبئنا سفر صموئيل الثاني من العهد القديم، عن تخيير الرب لداوود الملك والنبي قائلًا: «أن تأتي عليك سبع سني جوع في أرضك، أم تهرب ثلاثة أشهر أمام أعدائك وهم يتبعونك، أم يكون ثلاثة أيام وبأ في أرضك؟»، فاختار داوود الوباء، «وجعل الرب وبأ في إسرائيل من الصباح إلى الميعاد، فمات من الشعب من دان إلى بئر سبع سبعون ألف رجل» (24:15).
لإن انحصر الشاهد عند النص الثاني في الديانة المحمدية (السنة) وغاب في الأول (القرآن)، فقد كان له في النص الإلهي المقدس اليهودي والمسيحي وجود لا يُختلف عليه بين الديانات الثلاث، بل ويثبته الإسلام معنى ومبنى، فيحقق الرواية التوراتية في حديث علي بن أبي طالب: إن نبيًّا من الأنبياء عصاه قومه، فقيل له: ثقله بالجوع، قال: لا. وقيل له: فسلط عليهم عدوًّا من غيرهم. قال: لا، ولكن موت رفيق، فسلط الله عليهم الطاعون. ويقف عند معناه أن الوباء حكمة إلاهية محكومة بمبدأ الثواب والعقاب.
من منطلق كهذا، سيكون فقه خاص للأوبئة. تبرز لنا الكتابات فيه تزامنًا مع نزول هذه الكوارث على رؤوس فقهائه. ومنه نذكر على سبيل المثال، متن ابن حجر العسقلاني «بذل الماعون في فضل الطاعون»، الذي كتب بالتزامن مع موجة الطواعين التي ضربت مصر في العصر المملوكي (القرن 14 ميلادية)، ورسالة محمد ابن عبد السلام البناني في أحكام الطاعون، خلال اجتياحه المغرب سنة 1744.
على هذا الأساس، يتكون تصوُّر الطاعون في عقلنا الديني قَدَرًا إلهيًّا محتمًّا، محكومًا من حيث المبدأ بسببية أخلاقية (الذنب والجزاء)، ومن حيث الطبيعة بهيراركية تنفيذية: أمر من الله يسلط به الجن ليطعن الإنس. مصداقًا للحديث النبوي السالف ذكره، و كذا ما أورد لنا ابن حجر في متنه قائلًا: «شوهد (بالشام وقت الطاعون) الجن عيانًا على خيل كالجراد تطعن المارة بالرماح في بعض أزقة الصالحين».
فقه الأوبئة: الطاعون في سجال العقل والنقل
يعود أول طاعون عرفته الدولة الإسلامية إلى فترة حكم الخليفة عمر بن الخطاب، أو ما يُعرف في التراث بطاعون «عمواس» سنة 18 هجرية (640 ميلادية).
يقول الطبري في «تاريخ الأمم والملوك»: «دخلتْ سنة ثماني عشرة. ففيها كان طاعون عمواس، فتفانى فيها الناس، فتوفي أبو عبيدة بن الجراح؛ وهو أمير الناس (قائد الجند)، ومعاذ بن جبل، ويزيد بن أبي سفيان، والحارث بن هشام، وسهيل بن عمرو، وعتبة بن سهيل، وأشراف الناس».
عمواس قرية بفلسطين تزامن وقوع الطاعون فيها مع حملة المسلمين إلى بلاد الشام في بدايات الفتح، فسقط إثر ذلك الناس مرضى، يضيف الطبري: «لما اشتعل الوجع قام أبو عبيدة في الناس خطيبًا، فقال: أيها الناس، إن هذا الوجع رحمة بكم ودعوة نبيكم محمد، وموت الصالحين قبلكم، وإن أبا عبيدة يسأل الله أن يقسم له من حظه. فطُعِن فمات (أصيب بالوباء)، واستخلف على الناس معاذ بن جبل».
يقول ابن كثير في «البداية والنهاية»: «فلما اشتعل الوجع وبلغ ذلك عمر (ابن الخطاب) كتب إلى أبي عبيدة ليستخرجه منه: أن سلام عليك، أما بعد، فإنه قد عرضت لي إليك حاجة، أريد أن أشافهك بها، فعزمت عليك إذا نظرت في كتاب هذا أن لا تضعه من يدك حتى تقبل إلي. قال: فعرف أبو عبيدة أنه إنما أراد أن يستخرجه من الوباء.
فقال: يغفر الله لأمير المؤمنين، ثم كتب إليه يا أمير المؤمنين إني قد عرفت حاجتك إليَّ، وإني في جند من المسلمين لا أجد بنفسي رغبة عنهم، فلست أريد فراقهم حتى يقضي الله فيَّ وفيهم أمره وقضاءه، فخلني من عزمتك يا أمير المؤمنين، ودعني في جندي».
تستوقف واقعة عمواس جمهور الفقهاء للتعليق عليها. فيقف جميعهم عند القول بما اقتضته السنة من أقوال تجمع بين اعتبار الطاعون قَدَرًا والموت به شهادة. يقول ابن حجر العسقلاني في متنه: «من مات بالطاعون يشارك شهيد المعارك في ثواب الشهادة، وفي بعض الصفات الأخروية»، ويضيف : «تسمية الطاعون عذابًا ورحمة، لا تنافي بينهما، لحمل الوصفين على اعتبار الآخر. ولا مانع أن يأذن الله تعالى لمؤمني الجن في عقوبة من شاء من الإنس بذلك، وإن كان فيهم غير مذنب».
وكذا تحريم الدخول أو الخروج من أرض بها وباء كما أمر الحديث النبوي: «ليس من أحدٍ يقعُ الطاعونُ فيمكث في بلده صابرًا محتسبًا، يعلم أنه لا يصيبه إلا ما كتب الله له إلا كان له مثل أجر شهيد»، (رواه البخاري)، وقوله أيضًا: «إذا سمعتم به (الطاعون) بأرض، فلا تقدموا عليه، وإذا وقع بأرض وأنتم بها، فلا تخرجوا فرارًا منه».
هذه النظرة اختلفت كثيرًا عن ما نعرفه من الطاعون في عصرنا الحالي، أي كونه عدوى وبائية. مع غياب التقنية، أو بقائها على هامش الحياة، كان المعتقد أداة رتق الهوة بين عالم المادة (الواقع المعيش) وعالم المثل (الوعي بالواقع).
عبر هذا المنهج تهافتت الأحكام في زمن الكوارث، وأقر الفقهاء حرمة الهروب من الوباء، كما جاء في فتوى محمد ابن أحمد الحضيكي إبان طاعون 1747 في المغرب: «وأما الفرار من الوباء على ما هو المفعول به في هذه البلاد من التفرق في الشعاب وتضييع المأمورات في المرضى والأموات، فحرام بالإجماع»، وقول الصوفي المغربي أحمد بن عجيبة في الطاعون نفسه: «الموت والحياة بيد الله، ولا تأثير لشيء من الأسباب في الموت، (...) فالواجب على العبد أن يسكن تحت مجاري الأقدار وينظر ما يفعله الواحد القهار».
بينما يرد أحمد بن مبارك الملطي على واحد من العامة، سأله عن حكم التجارة مع من وقع بأرضهم الوباء: «جوابه في ما سبق من كلام إمامنا مالك من جوازه، وذلك اعتمادًا على نفي العدوى والطيرة».
غير أن هذا الرأي لم يكن وحده المهيمن على فقه الطواعين، بل برزت، في تعارض معه ودون الخروج عن الإطار الفقهي المشترك، أقوال مرنة في التعامل مع النقل وتغليب العقل في خصوصيته التاريخية.
هكذا يكتب الفقيه محمد ابن أبي القاسم الفلالي رده قائلًا: «اعلم أن الخارج من بلد الطاعون يشبه من كان في موضع سمع صوت لص أو شم رائحة سبع، فخرج من ذلك الموضع هربًا (...) فكما لا يعد هذا معارضًا للقدر ولا دافعًا لقضاء الله الذي لا مرد له، كذلك لا يكون الخارج من أرض الطاعون معارضًا للقدر»، مستندًا في ذلك إلى أحاديث مثل «فِرَّ من المجذوم فرارك من الأسد». ومنه يود الفقيه، لا نفي ما كان النص منه واضحًا، كبطلان العدوى، بل تأويله، ليكون المرض غير مضر إلا بإرادة إلهية سابقة، لكن وجوب الأخذ بالأسباب ثابت.
اقرأ أيضًا: كيف نشأ «الموت الأسود»؟ قصة وباء فتك بثلث البشر
طب الأوبئة: مقاربات وضعية لأقدار إلهية
يقول ابن سينا في متنه «دفع المَضَار الكلية عن الأبدان الإنسانية»: «أما الوباء، فهو عفونة، وذلك إذا خالط أبخرة رديئة أو طيبة، لكنها بقيت ولم تفارقها الريح حتى تعذب».
أما ابن النفيس، فيشرح في «دفع النقمة في الصلاة على نبي الرحمة»، معللًا ظهور الوباء (بتعريفه فسادًا للهواء) بحاجتين: أرضي، كركود الماء وتعفن الجيف والجثث، وسماوي: «كثرة الشهب والرجوم في آخر الصيف (...)، وإذا كثرت علامات المطر في الشتاء ولم تمطر».
هنا تثار ملاحظة دقيقة، أنه رغم المحاولات المعرفية المجتهدة لتأويل الوباء على أساس وضعي ومادي محض، فإن هذه النظرة لم تخل من جانب غيبي مستتر داخل العلاقة بين مسبِّب الوباء ونتيجته، أي وقوع الطاعون، يكمن في عجز علم تلك الفترة عن إدراك كيفية انتقال العدوى كما نعيه في عصرنا الحالي. هذا ما يَبرز أكثر في ربط الأوبئة بمواقع النجوم، مثل ما يذكره المؤرخ ابن إياس: «فلما انتقلت الشمس إلى برج الحمل، ظهر الطاعون [في مصر عام 1513 من الميلاد]».
يستجد ابن هيدور قانونًا لظهور الوباء، رابطًا إياه بعلل اجتماعية واقتصادية: «الغلاء» الذي يعقبه «مجاعة»، فتفضي بدورها إلى «الوباء».
أما في زمن متأخر عما سبق، نستحضر من قلب المتن القديمة رسالة علي ابن هيدور الفاسي «ماهية الأمراض الوبائية»، التي يحدد فيها تعريف الوباء بأنه «المرض الشامل»، في اختلافه عن الأمراض الأخرى على كثرتها.
يعارض ابن هيدور في تعليله أساطين من سبقه إلى طب الإنسان، قائلًا: «أما الأطباء، فيزعمون أن فساد الهواء يكون من تغير الفصول. ويكون فساده من الأبخرة المتعفنة الصاعدة من الأرض (...) والأوهام والتربة الراكدة (كذا) أقدار الناس وفضلاتهم والقتلى في الملاحم (...) فيتغير الهواء عنها ويتعفن ويحدث عنه الوباء». في حين يقدم تعليلًا «مبهرًا»: «يحدث هذا المرض من تعفن الأغذية المستعمَلة في زمن المجاعات وغلاء الأسعار، فيضطر الإنسان إلى تناول غذاء غير مألوف قد فسد وتعفن (...) فيفسد المزاج من هذه الأغذية وتحدث الأمراض القاتلة».
هنا يرتسم اختلاف قيِّم في القضية، وعلمي محض، حين يحدد انتقال العدوى عبر المسلك الفموي (الغذاء) عوض التنفسي (الهواء)، وهذا ينطبق أكثر على طبيعة الكوليرا. وبذات الشكل يستجد ابن هيدور قانونًا لظهور الوباء، رابطًا إياه بعلل اجتماعية واقتصادية: «الغلاء» الذي يعقبه «مجاعة»، فتفضي بدورها إلى «الوباء».
يضيف الباحث المغربي: «الغلاء لحدوثه سببان، إما احتباس المطر في البلاد المحتاجة إليه، وإما لظهور الفتن والحروب (...) فإذا دامت الفتنة وقع الفساد في الحواضر والبوادي وفسدت حبوبها المختزنة وانقطعت الطرق وعدمت المرافق لأجل ذلك». مستنتجًا أن «هذا الوباء لازِم من لوازم الغلا، والغلا لازِم من لوازم الفتنة الدائمة».
هكذا يصنع ابن هيدور سببية فريدة لأصل الوباء، غير أنها تسقط كسابقاتها. وكما ذكرنا الافتراض نفسه (وجود عنصر ميتافيزيقي ثالث في القضية)، وبذلك يكون العلاج رجوعًا إليه بالأذكار والابتهالات، إضافة إلى علاج طبي بالتطيب والطهارة.
نجد هذه السببية كذلك عند المقريزي في أخباره عن زمن الشدائد في مصر، ففي متنه «إغاثة الأمة بكشف الغمة»، يربط الطواعين والمجاعات بسوء تدبير الملوك، بتقديمهم مصلحتهم الذاتية على شؤون العباد.
لم تنجُ هذه الرؤى من نقادها، ولم ينجُ أصحابها من طعن في صحة أقوالهم. يورد جلال الدين السيوطي في «رسالة في مرض الطاعون» بابًا في «الفصل في بطلان قول الأطباء»، يستهله بقول ابن القيم الجوزية: «لو كان من فساد الهواء، لعمَّ جميع البدن بمبدأ الاستنشاق (...) ولدام في الأرض، لأن الهواء تارة يفسد ويصح تارة، والطاعون يأتي على غير قياس ولا تجربة».
أدب الأوبئة: الطاعون موضعًا للشِّعر
من هول الوباء، صار الناس يحسبون سنينهم على إثره. هكذا يثبت عندنا التأريخ ابتداء من أعوام الطاعون، وهذا ما يقره الجاحظ في «البيان والتبيين» قائلًا: «وقد كانت الطواعين تقع كثيرًا، فتصير تواريخ، كطاعون عمواس وطاعون العذارى وطاعون الأشراف وغيرها. ولما مَلَك بنو العباس رفع الله ببركتهم الطواعين والموتان (مرض يقع في الماشية) الجارف عن بني آدم، فإنها كانت تحصد فيهم حصدًا».
في كتابه «الأغاني»، ينقل أبو الفرج الأصفهاني أبيات شاعر يرثي موت أبنائه في طاعون البصرة.
«قد أذهب الله رماح الجنِّ
وأذهبَ التعليق والتجني»
وينظم السيوطي في رسالته أبياتًا مبينًا حيرة الملأ من هذا الوباء:
«أظن الناسَ بالآثامِ باؤوا
فكان جزاؤهم هذا الوباءُ
أآجال الورا متقارباتٌ
بهذا الفصل أم فسد الهواءُ
أم الأفلاك أوجبتِ اتصالًا
به في الناس قد عاث الفناءُ
أم استعدادُ أمزجةٍ جفاها
جميلُ الطبع واختلف الغذاءُ»
كذلك يأخذ بما هو موت موضوع الرثاء، كما يورد أبو الفرج الأصفهاني في «الأغاني»، عن شاعر يرثي موت أبنائه في طاعون البصرة قائلًا:
«وكنتُ أبا سِتةٍ كالبدورِ
قد فقأوا أعينَ الحاسدينا
فَمرُّوا على حادثات الزمانِ
كَمرِّ الدراهمِ بالناقدينا
وحَسبُكَ من حادثٍ بامرئٍ
يرى حاسديهِ لهُ راحمينا»
نقرأ في «العقد الفريد» لابن عبد ربه الأندلسي أبيات شبل بن معبد البجلي:
«متى العهد بالأهلِ الذين تركتُهم
لهم في فؤادي بالعراقِ نصيبُ
فما تركَ الطاعونُ من ذي قرابة
إليه إذا حانَ الإيابُ نؤوبُ
فقد أصبحوا لا دارُهُم منك غربة
بعيدٌ، ولا هم في الحياةِ قريبُ»
قد يهمك أيضًا: كيف تتحرك اللغة بين الجماعات الثقافية؟
هكذا تكلم العرب في شعرهم عن الطواعين، وكان ذلك أكثر تعبيرًا عن روح الشعب. ارتباطه بأنه موضوع للطبيعة وجزء منها قادر على التفاعل: إنتاج اللغة والفكر. ذلك يضفي على الطاعون صفة وظيفية في الواقع، ويأخد موقعه في الإبداع كمحرك له.