لماذا يشاهد الرجال البورن؟ الأسباب أكثر ممَّا نتوقع
تحتل المواقع الجنسية نسبةً كبيرةً من إجمالي مشاهدات الإنترنت سنويًّا في العالم، ويزداد عدد هذه المواقع باطراد، لكن عكس أغلب الظن أن مرتادي مواقع البورن هدفهم المتعة الجنسية فقط، فإن هناك أسبابًا أخرى نفسية، وهذه الأسباب تترتب عليها مشكلات ضخمة قد تفسد العلاقات العاطفية أو الجنسية أو حتى تسبب التدهور في العمل، مثلما يذكر مقال على موقع «سايكولوجي توداي».
أشاهد البورن منذ كان عمري 14 عامًا
يتحدث كاتب المقال «روبرت ويس»، المتخصص في علوم الارتباط والحب والعلاقات الجنسية، عن حواره مع طالب جامعي يُدعى «روبرتو» عمره 23 عامًا، ولديه مشكلة حقيقية في ممارسة الجنس مع حبيبته.
يقول روبرتو إن حبيبته جذابة وهو يحبها، لكن لديه مشكلة في الوصول إلى الإثارة المطلوبة لممارسة الجنس معها، لذا يختلق الأعذار ويتهرب، رغم أنه لا يواجه أي مشكلة عندما يشاهد الأفلام الإباحية، لكن «أمام صديقتي لا أنجح في الانتصاب، وعندما أنجح لا أستمر لفترة طويلة، وهذا مهين ومحبِط، لهذا أفكر جديًّا في الانفصال عنها حتى لا أعاني هذه المشاعر».
اقرأ أيضًا: لماذا يصعب على جيل الألفية العثور على شريك الحياة؟
يشير كاتب المقال إلى أن روبرتو يشاهد المواقع الإباحية لمدة ساعتين أو ثلاث يوميًّا بعد انتهاء يومه الدراسي، ويعلل ذلك بحاجته إلى التخلص من ضغط اليوم وضغوط أخرى، مثل علاقته المتوترة مع حبيبته.
بدأت علاقته الشاب بمواقع البورن وعمره 14 عامًا عندما خرج والده من السجن، إذ عاد إلى المنزل غاضبًا وصار سكِّيرًا وافتعل شجارات طَوَال الوقت مع أم روبرتو، ولهذا يرى كاتب المقال أن اتجاه الفتى إلى مشاهدة الإباحيات سببه الاحتياج العاطفي وليس اللذة الجنسية.
13% من مستخدمي الإنترنت يبحثون عن المحتوى المثير جنسيًّا.
مشاهدة البورن، كما يؤكد الكاتب، هي السبب الأبرز في مشكلات روبرتو الجنسية مع صديقته. بالتأكيد هناك أسباب أخرى أهمها صدمته في والده خلال طفولته، لكن انغماسه في مواقع الأفلام الجنسية هو ما يجب علاجه أولًا.
قد يهمك أيضًا: وداعًا للبورن: «التانترا» الهندية ستغير مفهومنا عن الجنس
البورن يمتعني.. الجنس يصيبني بإحباط
أصبح تردد الشباب في سن روبرتو على العيادات للعلاج من المشكلات الجنسية أمرًا معتادًا، رغم أنهم لا يعانون أي مشاكل جسمانية، والسبب الأرجح وراء مشكلاتهم هو متابعة المواقع الجنسية، وفقًا لبحث حديث يورد الكاتب نتائجه.
أُجري البحث على 434 شابًّا فرنسيًّا في عمر 18 عامًا وأكثر، بهدف مراقبة سلوكهم ودوافعهم لاستخدام المواقع الإباحية وتأثيرها عليهم، وكانت النتيجة هي:
- أقرَّت نسبة 99% من المشاركين أن أبرز استخداماتهم للإنترنت في ما يتعلق بالجنس هي دخول المواقع الإباحية، وهذه النتيجة ليست مفاجئة بالطبع، نظرًا لأن 13% من مستخدمي الإنترنت يبحثون عن المحتوى المثير جنسيًّا.
- الرجال الذين يزورون المواقع الجنسية للهروب من تجربة عاطفية هم الأكثر عُرضة لمواجهة نتائج سلبية، ويرى الكاتب أن هذه النتيجة قد تبدو أقل إثارةً للاهتمام بين النتائج الأخرى، لكنها الأكثر أهمية من وجهة نظر علاجية.
- المشكلات الجنسية مع الشركاء الحقيقيين، مثل صعوبة الانتصاب، تكون نتيجة محتملة للممارسات الجنسية الافتراضية عبر الإنترنت، وهي نتيجة غير مفاجئة كذلك، على الأقل بالنسبة للمعالجين المعتادين على العمل مع زوار المواقع الإباحية، الذين يؤكدون قدرتهم على الشعور بالإثارة بسهولة خلال مشاهدة الأفلام، لكنهم لا يشعرون بالمِثل مع شركائهم على أرض الواقع.
قد يعجبك أيضًا: المواقع الإباحية هي التي تشاهدك
البورن يعزلني عن المجتمع
بالإضافة إلى النتائج السابقة، توصلت الدراسة إلى عدة ملاحظات أخرى، أهمها ما يتعلق بالدوافع وراء دخول مواقع البورن، مع الأخذ في الاعتبار أن مرتادي هذه المواقع يكون لهم عادةً أكثر من دافع في الوقت نفسه.
النسبة الأكبر بالطبع جاءت بسبب الدافع الجنسي: 94.4% يبحثون عن المتعة الجنسية، تلاها من يبحثون عن الإثارة بنسبة 87.2%، ثم من يبغون الوصول إلى لحظة الذروة الجنسية (Orgasm) بنسبة 86.5%.
بعد هؤلاء بنسبة كبيرة أتى أولئك الذين يدخلون مواقع البورن لدوافع عاطفية، فنسبة 73.8% قالوا إنهم يشاهدون الإباحيات للتخفف من الضغوط، و70.8% من أجل القضاء على الملل، و53% لنسيان مشكلاتهم اليومية.
يهتم المتخصصون بربط هذه البيانات بمعلومات أخرى، مثل الوقت الذي يقضيه الناس في زيارة المواقع الإباحية والأنشطة التي يؤدونها ومشكلاتهم الحياتية. قادهم هذا الربط إلى اكتشاف علاقة قوية بين من يلجؤون إلى المواقع الجنسية هربًا من الواقع، والنتائج السلبية التي تحدث لهم لاحقًا.
نموذج الشاب الذي يشاهد المواقع الإباحية هربًا من مشكلاته العاطفية، مثل روبرتو، أكثر عُرضةً للوقوع في نتائج سيئة من الذين يزورونها طلبًا للمتعة الجنسية، وهذا يقود إلى استنتاج مهم، أنه بدلًا من الشعور بالمتعة، يجعل البورن بعض مشاهديه غير قادرين على التكيُّف مع محيطهم.
تتوافق هذه النتيجة مع السلوكيات المعروف ارتباطها عادةً بالإدمان بأنواعه المختلفة، مثل المخدرات أو القمار، والنتيجة الأبرز للإدمان هي عدم الاستقرار العاطفي، مثل الشعور بالقلق والإحباط والخوف والملل.
هل من علاج؟
العلاج ليس بالأدوية فحسب، بل بالتركيز على السلوك وتطوير طُرُق التواصل مع الآخرين.
عندما يقرر أحد استخدام وسيلة للهروب من مشاعره السلبية أو مشكلاته، فغالبًا يلجأ إلى السجائر أو المخدرات أو الكحول أو حتى الأدوية، بالإضافة إلى وسائل غير مادية نستخدمها كذلك لتهدئة أنفسنا، لكن جميع هذه الأدوات مهدئات مؤقتة.
يقع الواحد منَّا في مشكلة أو يعود إلى البيت بعد يوم عمل متعب، فيجلس أمام التليفزيون يتجول بين القنوات دون هُدًى بحثًا عن أي شيء يخرجه من هذه الحالة، وربما يجلس أمام جهاز الكمبيوتر للبحث عن موقع يؤدي الغرض نفسه، وتحتوي قائمة المواقع التي يرتادها الناس لهذا الغرض على مواقع البورن.
يعني هذا في رأي كاتب المقال أن محاولات الوصول إلى إشباع عاطفي بطريقة خاطئة تؤدي في العادة إلى نتائج سيئة، مثل الإدمان أو مشكلات العلاقات العاطفية والعمل والصعوبات المادية، وحتى المشكلات الجسمانية أو النفسية مثل القلق والخجل.
تكشف الدراسة السابقة العلاقة بين محاولات تعديل المزاج وسوء النتائج في ما يتعلق بمتابعة المواقع الجنسية، وعلاج هذا لا يكون بالأدوية أو الوصفات الطبية فقط، بل بالتركيز على السلوك وتطوير طُرُق التواصل والتفاهم مع الآخرين.
ترجمات