قد لا نجد عذرًا لشخص مقرَّب اختار أن يرسل رسالة نصية للتهنئة بالعيد بدلًا من أن يخصص دقيقة من وقته للتحدث إلينا على الهاتف، وكثيرًا ما تأتي الرسائل النصية المُقولبة، أو حتى تلك التي اجتهد الشخص في كتابتها، باردةً ومنزوعة المشاعر.
يستعرض مقال منشور على موقع «سايكولوجي توداي» مساوئ الاعتماد على الرسائل النصية لتسيير أمور حياتنا، على حساب التحدث أو اللقاء وجهًا لوجه.
لماذا نرسل رسائل نصية؟
التواصل عن طريق الرسائل النصية سريع، فهو يوصل فكرة، أو شعورًا، أو سؤالًا أو معلومة بطريقة فورية. يمكنك إرسال رسالة سريعة خلال اجتماع، ويمكنك تبادل الرسائل مع زوجتك مثلًا بخصوص طلبات المنزل، ويجد الجميع في الرسائل النصية وسيلة مريحة وسريعة.
يعيق التواصل عن طريق الرسائل تعزيز العلاقات الإنسانية بسبب غياب الحضور البشري.
مع أن إرسال أو استقبال الرسائل وسيلة سهلة، فإننا قد نعتمد عليها بصورة مبالَغٌ فيها كأننا نختبئ وراء سطور رسائلنا خائفين من المكاشفة، حسب كاتب المقال.
المكاشفة هي التواصل الذي يتقاسم فيه شخصان أي معلومات، مثل الأفكار والمشاعر والأهداف والإخفاقات. ومن أجل مشاركة الآخرين تلك المعلومات، يجب «نزع طبقات فوق طبقات» من على ذات الإنسان، فكلما أزلت طبقة كشفْتَ المزيد عن نفسك، مما يعزز العلاقات الإنسانية.
ليست للمكاشفة نهاية، فتظل هناك حاجة إلى الوصول لعمق الذات، ويعيق التواصل عن طريق الرسائل النصية عملية نزع القشور تلك، بسبب غياب الحضور البشري، سواء كان صوتيًّا على الهاتف أو شخصيًّا في لقاء.
اقرأ أيضًا: كيف تحولت العلاقات في عصر «الشات»؟
تتحمل الرسالة النصية عبء توصيل كثير من المعاني، لكنها تعجز عن إيصالها بصورة تامة في غياب طبقات الصوت ونغمته، وتعبيرات الوجه، والتقارب الجسماني، وعدد لا حصر له من وسائل التعبير غير الصوتية التي لا تكون سوى في اللقاءات الشخصية. فمحاولة إدارة علاقة أو تعزيزها عن طريق الرسائل، واتخاذها وسيلةً للتعبير عن الفرحة أو الضيق أو لحل مشكلة، سيحُول دون تطور العلاقة.
يقول كاتب المقال إن كثيرًا من الأبحاث تشير إلى أن استخدام الرسائل النصية للإبقاء على العلاقات تكون له نتائج عكسية، فاستسهال إرسال رسالة نصية بدلًا من إجراء مكالمة أو مقابلة يمنح شعورًا وهميًّا بالقُرب، بينما هو في الواقع يهدد استقرار العلاقة ويقلل الشعور بالرضا.
الرسائل النصية وسيلة تكميلية
ينبغي الاعتراف بأنه لا يمكن التخلص من عادة إرسال الرسائل النصية بصورة نهائية، فاستخدام الرسائل بصورة متفرقة خلال اليوم يجلب شعورًا بالراحة والاطمئنان بين الزوجين مثلًا إذا تعذر الاتصال.
تشير أبحاث استخدام الهواتف المحمولة إلى أن استخدام الرسائل النصية يقوي العلاقات بين أفراد العائلة والأصدقاء، إذا كان هذا الاستخدام في صورة مُكَمِّلة للتواصل وجهًا لوجه، لكن المشكلة تحدث عندما يكون التواصل وجهًا لوجه هو المُكَمِّل للرسائل، التي تصير هي الأساس.
قد يهمك أيضًا: هل حان الوقت لهجر التكنولوجيا؟
يعطي التواصل عبر الرسائل النصية شعورًا زائفًا بالحميمية، إذ يمنح الناس فرصة سهلة للحد من المكاشفة، فأقصى ما يمكن للرسائل توصيله للآخرين كلمات جوفاء وبعض الرموز التعبيرية «إيموجي»، مما يعيق التواصل البشري الطبيعي.
استخدام الرسائل النصية لتفادي عناء المواجهة يعتبر استسهالًا مدمرًا للعلاقات المهمة، مثل الزواج والصداقات والعائلة.
العلاقات بين الزوجين مثلًا قوامها الحب والثقة والأمل، وهي جميعها أشياء تعززها التفاعلات اليومية، ويقول الكاتب إن ما يتبادله في رسائل مع زوجته يعكس تلك المشاعر والأفكار والأشواق التي يبثُّها كلٌّ منهما للآخر وهما معًا أو على الهاتف.
على العكس، عندما يكون هناك خلاف أو سوء تفاهم، فإن عدم استخدام الرسائل للتواصل في تلك الظروف يحول دون تفاقم المشكلة، فالتحدث وجهًا لوجه يسمح بقراءة إيماءات الطرف الآخر وسماع نبرة صوته، وهي أمور لم تكن لتنكشف في رسالة نصية.
الرسائل قد تدمر علاقاتنا
يعتبر استخدام الرسائل النصية لتفادي عناء المواجهة استسهالًا مدمرًا للعلاقات المهمة، مثل الزواج والصداقات والعلاقات العائلية.
يلجأ كثيرون إلى الرسائل النصية عِوضًا عن التحدث على الهاتف أو المواجهة، لكن ينبغي التنبه إلى ما يُحدثه ذلك من تفسخ للعلاقات، وفق الكاتب، فالعقل يتدرب على الأسلوب الذي تعوَّد استخدامه، والاستمرار في كتابة الرسائل والاعتماد عليها بصورة كبيرة سيعمق الهوة بينك وبين المقربين إليك.
اقرأ أيضًا: خبير سابق في غوغل يرصد كواليس هوسنا بوسائل التواصل الاجتماعي
يعود المعدل المتزايد لتفسخ العلاقات إلى اختيار الرسائل النصية للاحتفال أو التعبير عن الفرح أو الضيق أو حتى التنازع، بديلًا عن التحدث أو الزيارة، حسب الكاتب. الرسائل النصية أفقر بكثير من أن توصِّل ثراء ما نحمله من مشاعر وأفكار، فلا ينبغي أن نلجأ إليها سوى مضطرين.