داخل غرفة صغيرة بأحد الفنادق متوسطة المستوى، يجلس رجل يملؤه الفخر بذاته، بينما تتجرد تلك الفتاة الفاتنة من ملابسها أمامه. تقترب منه، فتتسارع دقات قلبه: كيف أوقعتُ هذه الفتاة في حبي بهذه السرعة؟ يتساءل في داخله متعجبًا من جاذبيته الخارقة. لكن أي تفكير أخرق هذا الذي يشوش عليه هذه اللحظات الرائعة التي يعيشها؟ فليكن ما يكون. فماذا ستحتاج مني هذه الفتاة غير الحب؟ ماذا أملك غيره؟
تراوده تلك الأفكار في ثوانٍ لتفصل بينه وبينها. ثوانٍ ظن أنه بعدها سيحصل على المتعة التي انتظرها، لكنه لم يدرك حينها أن تلك الثواني هي التي تفصله عن الانزلاق في مصيدة لا مفر منها. ثوانٍ كانت تفصله عن كارثة ستعصف بحياته لتتركه حطامًا. فهذه الفاتنة التي اعتقدها عشيقةً، تحمل جانبًا آخر في الظل لا يعلم عنه شيئًا، جانبًا تحمل فيه اسمًا غير اسمها الذي يعرفه، وعملًا غير عملها الذي أخبرته به. جانبًا أُطلِق عليها فيه لقب «Swallow» (السنونو). أما مهمتها، فكانت الحصول على معلومة مقابل جسدها.
الفن الرفيع للإيقاع بالعدو عبر الجنس
يكون التجسس بالجنس بإغراء الشخص المستهدَف، وإقامة علاقة معه للحصول على معلومات منه أو تجنيده أو ابتزازه.
«في الولايات المتحدة في الغرب، أحيانًا تطلبون من رجالكم أن يقفوا إلى جانب بلدهم. هناك فارق بسيط جدًّا، ففي روسيا نطلب فقط من فتياتنا أن ينمن». كان هذا هو رد الجنرال بالمخابرات السوفييتية السابق «أوليغ كالوجين»، على سؤال وُجِّه إليه حول استخدام عدد من العملاء الروس الجنس بهدف الحصول على معلومات.
لكن هذا التكنيك، الذي ربما احترفه الاتحاد السوفييتي أكثر من أي دولة أخرى، لم يقتصر على الروس. فقد أوضح نائب مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي السابق «ويليام سوليفان»، في شهادة له أمام لجنة الكنيسة بمجلس الشيوخ الأمريكي عام 1975: «استخدام الجنس أمر معتاد بين أجهزة المخابرات في جميع أنحاء العالم. إنه مجال عمل صعب وقذر. لقد استخدمنا هذا الأسلوب ضد السوفييت، وهم استخدموه ضدنا».
ما يتحدث عليه هنا كلٌّ من كالوجين وسوليفان، هو ما أطلق عليه الكاتب البريطاني «ديفيد لويس» عام 1976، مصطلح «Sexpionage» (التجسس بالجنس)، الذي عرَّفه بأنه «استخدام الحب والجنس عوامل لتحويل موظف عام مخلص إلى خائن». في هذا المصطلح العام يوجد مصطلحات أخرى، ربما يجب التعرف إلى معانيها لفهم تفاصيله. أولها تلك التي تُطلق على العملاء المستخدَمين للإيقاع بالفريسة، إذ يطلق على النساء لقب «Swallow» (السنونو)، فيما يطلق على الرجال لقب «Ravens» (الغربان).
أما مهمتهم، فهي إغراء الشخص المستهدَف، رجلًا كان أم امرأة، وإقامة علاقة معه غير مثلية أو مثلية، للحصول على معلومات منه أو تجنيده أو ابتزازه. ويستخدم في ذلك طرق مختلفة، أشهرها ما تُعرَف بـ«Honey trap» (مصيدة العسل)، وهي ما عرَّفها مقال بعنوان «Spying Techniques: Tradecraft Explained»، نُشِر في صحيفة «تيليغراف» البريطانية، بأنها: «الفن الرفيع للإيقاع بالعدو عبر الجنس، باستخدام قوة الإغراء لاستخلاص المعلومات وإدخاله في حالة ضعف».
تاريخ التجسس بالجنس
يعيد المؤرخ الأمريكي «نيجيل ويست»، المختص في علوم الاستخبارات، في كتابه «The A to Z of Sexpionage»، استخدام تكنيك «التجسس بالجنس» إلى العصور القديمة. وتعد أول قصة موثَّقة لجاسوسة استخدمت الجنس للحصول على معلومات، قصة «دليلة وشمشون». يقول الكاتب «جوزيف غولدين»، في كتابه «The Dictionary of Espionage: Spyspeak into English»: «واستمرت الأسرة في الاهتزاز من حينها باسم المصلحة الوطنية».
ربما تكون دليلة أول امرأة استخدمت الجنس للحصول على معلومات. إلا أن أشهر من فعلت ذلك أتت بعدها بآلاف السنوات، وحملت اسم «ماتا هاري».
تطرق ويست لقصة دليلة وشمشون، إذ روى: «بحسب سفر القضاة في العهد القديم، استخدمت دليلة قواها الحسية الكبيرة نحو عام 1161 قبل الميلاد، لاستخراج معلومات من أعضاء فلسطينيين، ولإغراء قاضٍ حكيم من بني إسرائيل هو شمشون، الذي امتلك قوة غير طبيعية. وبعد أن وُعدت بالحصول على ألفٍ ومئة قطعة من الفضة، سعت دليلة الجميلة إلى اكتشاف مصدر قوة عشيقها. في نهاية المطاف، اعترف لها بأنه يستمد قوته من شعره، مثل أي عضو في طائفة الناصريين الذين لا يقصون شعرهم».
يضيف ويست: «انتظرت دليلة حتى بات عشيقها نائمًا مخمورًا، واستخدمت مقصًّا قبل أن تطلق عليه الفلسطينيين للإمساك به».
ربما تكون دليلة أول امرأة استخدمت الجنس للحصول على معلومات. إلا أن أشهر من فعلت ذلك أتت بعدها بآلاف السنوات، وحملت اسم «ماتا هاري». تروي صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية قصتها قائلة: «في 1903، كانت الهولندية تلهب العاصمة الفرنسية باريس. لم تكن راقصة جيدة ولا مغنية، لكن صوتها كان أجشَّ وبجودة عالية. كانت غريبة وغامضة، ومتاحة أيضًا. من بين ضحاياها وزير حرب فرنسي ودوق وولي عهد ألمانيا، وفي الحرب العالمية الأولى كانت الجاسوسة الأشهر والأعظم».
لعبت الراقصة دورًا شهيرًا بعدما جندها البارون «فرانز فون ويل»، وهو دبلوماسي نصف هولندي ونصف ألماني للعمل لصالح الألمان، إذ استخدمت جسدها وعلاقاتها لجمع المعلومات عن الفرنسيين، وبعدما اكتشف الفرنسيون خدعتها أخيرًا، عرضت عليهم أن تعمل معهم، إلا أنها في الحقيقة واصلت خدمة الألمان، بحسب المقال المنشور بتاريخ 23 فبراير 1964، لتواجه حكم الإعدام فجر 15 أكتوبر 1917.
قد يهمك أيضًا: ثورة دون ثوار: كيف غير الجنس العالم؟
الحرب الباردة والتفوق السوفييتي
تعد فترة الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي، والتي امتدت من نهاية الحرب العالمية الثانية إلى انهيار حائط برلين وتفكك الدول السوفييتية، الفترة الأكثر نشاطًا لأسلوب التجسس بالجنس، إذ كانت المخابرات السوفييتية (KGB) أشهر مستخدميه، حتى انتشرت مقولة «Reds Under the Beds»، أو أن المخابرات السوفييتية تقبع تحت كل الأسرَّة في بلادهم.
مع اتساع دائرة ضحايا عميلات السوفييت الأمريكيات، وعقب القبض على أربعة من رجال المارينز بتهمة التجسس لصالح السوفييت، نشرت صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية الشهيرة مقال بعنوان «التجسس بالجنس. لماذا لا نستطيع مقاومة فاتنات الـKGB»، جاء فيه: «قائمة الضحايا المعروفين لمصائد KGB منذ الحرب العالمية الثانية طويلة ومتنوعة بشكل مبهر: رجال ونساء، عزاب وأزواج، صغار وكبار، مثليين وغير مثليين، عسكريين وصحفيين وحراسًا شخصيين وسفراء. لا مجال من المقيميين الغربيين في موسكو، كما يبدو، كان حصينًا ضد سحر العميلات والعملاء السوفييت».
كان ما يرويه المقال حقيقةً بالفعل. إذ وقع في شِباك جميلات السوفييت مسؤولون كبار في سفارات الدول الغربية بموسكو. ربما أشهرهم السفير الفرنسي «موريس دوغان»، فقد وقع ضحية «مصيدة العسل» السوفييتية في موسكو، حيث قضى ثماني سنوات في منصبه. وهناك، وتحديدًا عام 1958، وقع السفير الذي كان قياديًّا شهيرًا في حركة «فرنسا الحرة»، إلى جانب الجنرال تشارل ديغول، في أثناء الحرب العالمية الثانية، في المحظور.
تروي «واشنطن بوست» كيف وجد الرجل نفسه واقعًا في فخ لا مفر منه، قائلة: «حسب كلام عميل كان مشاركًا في العملية وهرب لاحقًا إلى الغرب، يوري كروتكوف، أن المخابرات السوفييتية لعبت على نقطة ضعف دوغان وسُمعته كعاشق للنساء. إذ فتح الطريق أمام الرجل، كما بدا له، إلى عدد من المسؤولين الرفيعين في الاتحاد السوفييتي، وكذلك رموز ثقافية، وكان معظمهم تقريبًا يعمل لصالح KGB. وبالمصادفة، أو هكذا بدت له، قدموه إلى الممثلة الشهيرة «لاريسا كرونبيرغ».
لم يمر كثير من الوقت حتى كان المسؤول الفرنسي الرفيع في سرير الممثلة الشهيرة. أما اللعبة السوفييتية، فكانت في دخول رجل عليهما ليعتدي على السفير مدعيًا أنه زوجها، ويهدده بفضح أمره. فكيف يتجنب دوغان الفضيحة؟ الحل كان لدى مسؤول سوفييتي كبير، هو في حقيقته عميل آخر للمخابرات، كان قد تقرَّب من المسؤول الفرنسي سابقًا بشكل ودي، ليطرح عليه: «التكتم على الفضيحة في مقابل بعض الخدمات».
لحسن حظ فرنسا، لم يُفعَّل دوغان كعميل للسوفييت قط، بحسب الصحيفة الأمريكية، إذ جاء هروب يوري كروتكوف ليربك جميع حسابات المعسكر الأحمر. فقد كشف عن عملية تجنيد السفير الفرنسي، ليُستدعى بشكل فوري إلى بلاده، وهناك التقى به ديغول للمرة الأخيرة. لكنه لم يقل له سوى جملة وحيدة انتهت بعدها خدمة دوغان نهائيًّا: «حسنًا دوغان، لقد كنت تنام هنا وهناك».
لم يكن دوغان السفير الوحيد الذي يقع في شباك السوفييت، فقد تبعه السفير البريطاني السير «جيوفري هاريسون»، عام 1965، والذي أقام علاقة مع إحدى الخادمات بالسفارة البريطانية، وتدعى «غالينا»، في أثناء وجود زوجته في بريطانيا للعلاج، الأمر الذي وصفه بنفسه بـ«الجنون»، موضحًا في أحاديث صحفية عقب اكتشاف القصة عام 1981: «لم أسألها إذا كانت تعمل لدى KGB. لكن المعتقَد السائد كان أن جميع الروس العاملين بالسفارة عملاء للمخابرات السوفييتية».
اعترف السفير السابق لاحقًا بخطيئته، لكنه أيضًا كان محظوظًا. فلم يتسع الوقت أمام السوفييت لاستخدامه، بعد استدعائه إلى بلاده عقب اجتياح الاتحاد السوفييتي تشيكوسلوفاكيا أغسطس 1968. في روسيا كان ضحايا «السنونوات» و«الغربان» كثيرين، بعضهم أبلغ قياداته بوقوعه في الفخ، كالملحق العسكري الأمريكي «توماس سبينسر»، ومساعده «جيمس هولبروك»، بعدما نجحت المخابرات السوفييتية في خداعهما وتصويرهما في أوضاع مخلة، إلا أنهما كشفا ما حدث لرؤسائهما، ما أسرع من إعادتهما مباشرة إلى واشنطن، بل ونالا الترقية.
في المقابل، لم يستطع آخرون إلا السير في طريق التنازلات المتتالية. مثل كاتب البحرية البريطاني «جون فاسيل»، الذي سقط في المصيدة بممارسته علاقة مثلية مع «غراب» سوفييتي، إذ وصف ما حدث له قائلًا: «كان الأمر أشبه بخيوط العنكبوت. لقد حدث بشكل ذكي جدًّا، ولم يكن لدي أي وقت للهرب، وظللت أتورط أكثر وأكثر».
يوضح الكاتب «جون بارون»، الذي أصدر عددًا من الأعمال عن المخابرات السوفييتية: «ما يعجز الناس عن إدراكه أن مثل هذه العمليات تنطوي على أكثر بكثير من مجرد علاقة رجل بامراة. إنها ليست حالة يواجه فيها الشخص الغربي الوحيد المغامِر امراةً وحيدة مغرية. في الواقع، إنه فرد واحد منعزل ضد مجموعة هائلة، لتتحكم KGB في جميع الظروف، بهدف مناورة الضحية وصولًا إلى النهاية المرغوبة. الإغراء الجنسي ليس سوى الخطوة الأولى لعبور عتبة الباب. لكن بمجرد اتخاذها، يمكن أن يكون التراجع صعبًا جدًّا».
اقرأ أيضًا: وداعًا للبورن: «التانترا» الهندية ستغير مفهومنا عن الجنس
«عملية روميو»
تبقى إحدى أغرب قصص «Sexpionage» (التجسس بالجنس) في القرن العشرين، تلك التي كانت خلفها المخابرات الألمانية الشرقية، وحملت اسم «شبكة روميو». أما هدفها، فكان إقامة علاقات عاطفية طويلة الأمد مع سكرتيرات يعملن في أماكن حساسة في ألمانيا الغربية.
وضِعن فرائس «شبكة روميو» تحت التحليل السيكولوجي لفترة طويلة، لإعطاء الفرصة لروميو لمعرفة خطوته الأولى. كان الأمر كله مُعَدًّا مثل مسرحية.
يروى الفيلم الوثائقي «Sexpionage» قصة شبكة روميو، موضحًا أن الخطوة الأولى في العملية كانت صناعة رجل لا يمكن مقاومة جاذبيته، ووضعت مواصفات هذا الرجل بعد دراسة، على أن يكون سنه من 25 إلى 35، ويبدو وسيمًا ومتعلمًا وذا أخلاق حميدة. أما الأهم، فكان ولاؤه السياسي.
كذلك كان هناك مواصفات محددة للفرائس. فالهدف كان إغواء سكرتيرات يتمتعن بشخصيات هشة، ويعانين من الوحدة، ويشعرن بأن الحياة ترفضهن، ويجب ألا يكنَّ من الجميلات، ولا من القبيحات جدًّا أيضًا، بل ممن يرين أنفسن أقل من متوسط الجمال بقليل.
وُضِع عدد من الفرائس تحت التحليل السيكولوجي لفترة طويلة من الزمن: كيف يعشن، ويقضين وقت فراغهن. «تحليل سيكولوجية النساء كان يجري بدقة. والبحث كان مفصلًا عن كيفية قضائهن أوقات فراغهن، من أجل إعطاء الفرصة لروميو الذي سيعمل عليها لمعرفة كيف يخطو خطوته الأولى. كان الأمر كله مُعَدًّا سلفًا، كانت مسرحية».
كان الغريب في هذه العملية هو طول فترة ارتباط روميو بالضحية، إذ استمر بعضهم على علاقة عاطفية بالضحية 12 عامًا كاملة. في هذه الحالة كانت الضحية هي «غابرييل كلييم»، السكرتيرة بالسفارة الأمريكية، والتي أقنعها روميو، أو من عرفته هي باسم «فرانك ديدسيل»، بعد أشهر كثيرة، بسرقة الملفات من السفارة وتصويرها، ثم إعادتها بعد أن تحتفظ بالفيلم لتسليمه إلى عشيقها، فقد سيطر عليها جنسيًّا بشكل كامل: «كان جذابًا جدًّا من الناحية الجنسية، ويمثل لي كل شيء. لم أفكر قط في النظر إلى أي رجل آخر. كان الأمر مرهِقًا لي ألا أشاركه السرير طوال المدة التي كان يغيب فيها»، تروي كلييم.
لم تكتشف السكرتيرة الأمريكية المصيدة التي وقعت فيها إلا بعد سقوط الاتحاد السوفييتي، وانكشاف ملفات جهاز مخابرات ألمانية الشرقية، ليتم محاكمتها والحكم عليها بالحبس سنتين مع إيقاف التنفيذ، إذ نقلت، خلال فترة علاقتها بالعميل، أكثر من 1500 وثيقة سرية».
أما هي فلم تهتم بكل هذا بعد معرفتها الحقيقة، فلم تكن تعرف أبدًا أنه عميل مخابراتي، كانت مقتنعة حتى تلك اللحظة أنه أحبها، رجل وجد فيها شريك حياة ملك قلبه، «لم أهتم نهائيًا بهذا الهراء، كل ما كنت أقوله هل تعرفونه، كيف هو، هل أحبني؟ دائمًا أردت أن أعرف إذا كان لديه مشاعر تجاهي أم كان الأمر برمته كذبة. أريد أن أعرف. إذا حدث شيء مثل هذا لك، فإنك تبدأ في توجيه الأسئلة إلى نفسك، أيٌّ من ما حدث كان حقيقيًّا؟ وأيٌّ منه كان تمثيلًا؟ وأيٌّ كان كذبًا؟ وأي أي، ويصيبك الجنون».
الأكثر صدمة كانت ضحية أخرى لشبكة روميو، سكرتيرة رئيس ألمانيا الغربية نفسه: «مارغريت هيكا» التي دخلت في علاقة مع طالب اعتقدت أنها قابلته صدفة أمام كابينة تليفون في الشارع، لتقضي معه 17 عامًا كاملة، قضى خلالها ثلاث سنوات في صمت تام، وعامين من الحديث العادي عن عملها وتفاصيله، قبل أن يطلب منها نقل ملفات له، معللًا ذلك بعمله مع منظمة يمينية، بعد خمس سنوات كاملة من ارتباطهما، وبعد 12 عامًا أخرى أثار الرجل الشكوك، لأنه لم يظهر بوجهه قط في أي صور مع من ظنت أنها حبيبته. وبالبحث خلفه اكتشفت حقيقته، ليهرب ويُلقى القبض على هيكا، وتُوجَّه إليها تهمة التجسس، ويُحكَم عليها بالسجن سبع سنوات.
«Sexpionage» في السينما
ظهرت فكرة «Sexpionage» (التجسس بالجنس) في عدد من الأفلام. ربما أشهرها فيلم «Red Sparrow» بطولة «جينيفر لورانس»، والذي يحكي عن مدرسة سوفييتية لإعداد النساء والرجال للعمل «سنونوات» و«غربان». يتعلمون فيها فن الإغواء والجنس وكيفية السيطرة على الفريسة والتلاعب بها.
كذلك أنتجت السينما الأمريكية عدة أفلام عن الجاسوسة الشهيرة ماتا هاري، وحملوا اسمها، ففي 1931، كان الفيلم من بطولة «غريتا غاربو»، وعام 1985، بطولة «سيلفيا كريستيل». إضافة إلى الإشارة إلى التكنيك نفسه في عدد من الأفلام الأخرى، وربما أشهرها سلسلة أفلام «جيمس بوند»، وتحديدًا ما يُطلَق عليهن «فتيات بوند»، إذ إنهن مثال لتكنيك التجسس بالجنس، كما يشرح الصحفي والكاتب الأمريكي «هوارد بلم».
في مقال بعنوان «Sexpionage in History and Film»، نشره بلم على موقعه الإلكتروني، يوضح صعوبة مواجهة هذا التكنيك في التجسس: «لنواجه الأمر، الوعد بالجنس والرومانسية أمر مُغرٍ وجذاب لكل إنسان تقريبًا، وإذا لم نحتفظ في المستقبل بكل أسرارنا العسكرية في حواسيب باردة ليس لديها مشاعر، سيظل احتمال التجسس بالجنس يقودنا إلى ملاءات مطوية وأسرار مُسرَّبة».