الترصُّد: لا تنظر خلفك، إنه في الغالب هناك، يراقب

الصورة: Getty/PeopleImages

محمد جمال
نشر في 2017/11/13

هذا الموضوع ضمن هاجس شهر نوفمبر «من نراقب؟ من يراقبنا؟». اقرأ موضوعات أخرى ضمن الهاجس من هنا، وشارك في الكتابة من هنا.

الموضوع متوفر صوتيًّا كذلك، يمكنك الاستماع إليه هنا.


قالت:

«كنت في التاسعة عشرة..

كنت أصعد سلالم الكلية مع بعضٍ من زملائي، متعجلةً لأن المحاضرة بدأت بالفعل، لأجد فجأةً تلك القبضة الصلبة تأتي من العدم لتمسك بساعدي وتشدني بعنف جانبًا حتى كدت أقع.

قال في حدة:

- لماذا لا تردين على رسائلي؟ لماذا تتعمدين تجاهلي؟

الرعب لم يأتِ فورًا، ما غمرني في البداية هو الاندهاش، الذهول. تجمدت في مكاني ناظرةً إلى وجهه في محاولة لم تُجدِ لتذكر من هو وكيف أعرفه، وكيف يعرفني. ربما جمودي هذا هو ما منع زملائي من التدخل منذ اللحظة الأولى واكتفائهم بالمراقبة.

- أجيبيني الآن، لماذا لا تردين عليَّ؟ أبَعدَ كل ما صار بيننا تتجاهليني هكذا؟ بعد كل ما صار مني إليك يا ناكرة الجميل؟

لم أعرفه، لم أعرفه أبدًا، لكن نظرة عينيه تقول غير ذلك، ملامحه الثائرة تقول إننا نعرف بعضنا منذ عقود ربما، فهل فقدت الذاكرة مثلًا؟ حاولت تحرير يدي من قبضته برفق، نطقت أخيرًا:

- آسفة، لكن.. أنا لا أعرفك، ربما تقصد شخصًا آخر؟

أذكر أصواتًا مشوشة وأجسادًا تحول بيني وبينه، وصرخات تهدده أن يمضي وإلا نال ما لا يعجبه، وصرخات تهددني بأني إن لم أنصَعْ سأنال ما لا يعجبني.

باستثناء صوت تنفسه العالي وكأنه يجري في سباق، وباستثناء ضحكة مكتومة انطلقت في خلفية المشهد لم أستطع تحديد مصدرها، عمَّ الصمت الكلية كلها، عرفتُ أن حياة الجميع توقفت مؤقتًا ليشاهدوني، صرت أنا مَحطَّ أنظار العالم في هذه اللحظة. صرخ:

- كيف لا تعرفينني؟ يا ناكرة الجميل يا عديمة الذوق، لماذا تفعلين هذا بي؟ أنا لا أصدق، لا أصدق أبدًا.

كنت أرتجف بشدة، لم أبكِ حتى، البكاء سيأتي كثيرًا لاحقًا، ولكن ليس وقتها، وقتها كنت كورقة في مهب الريح، أهتز مع حركات يده العصبية التي تقبض على ساعدي، أصابعه كانت رفيعة لكنها أكثر صلابةً من الفولاذ، أو أنا مَن كنت أضعف من ذبابة، ربما. كان على وشك أن يسحبني خارج الكلية عندما تدخل الزملاء أخيرًا، بعدما أفاقوا من صدمتهم، كما قالوا لاحقًا، وتأكدوا أني فعلًا لا أعرفه.

أذكر أصواتًا مشوشة وأجسادًا تحول بيني وبينه، أجساد أليفة لحسن الحظ، صرخات تهدده أن يمضي الآن وإلا نال ما لا يعجبه، صرخات تهددني بأني إن لم أنصَعْ سأنال ما لا يعجبني، أمن الكلية تدخل أخيرًا وحملوه وألقوه خارجًا.

يومها لم أخرج من الكلية قبل السادسة مساءً، كان الرعب يسيطر عليَّ تمامًا، أشعر أني سأجده في كل خطوة أخطوها خارج جدار المبنى، ولولا قدوم أبي ليأخذني بنفسه إلى البيت ربما كنت لأتحصن داخل الكلية إلى الأبد.

ظللت حبيسة البيت لشهور، أخاف حتى أن أنظر من النافذة، وعندما بدأت أخرج لم أكن أخرج إلا مع مجموعات كبيرة، أختبئ وسطهم وأتلفت حولي طوال الوقت، متيقنةً أني سأراه في أي لحظة، بعينيه الجاحظتين وأصابعه المعدنية، يلومني على تجاهلي إياه».

...

«ولم تعرفي هويته حتى الآن؟»

...

«عرفت، بعد فترة طويلة جدًّا من الحادث.

عرفته عبر صندوق بريد Others على فيسبوك، صدقني، أنت لا ترغب أن ترى صندوق رسائل الـOthers لدى أي فتاة على فيسبوك، لا أحد يرغب أن يفعل، أنا لا أفعل عادةً، لكني اضطررت يومًا للبحث عن رسالة مهمة من زميل عمل ليس صديقًا عندي، كنت أتحرك بين الرسائل المنحرفة ويدي تسد فتحة أنفي في محاولة يائسة لتفادي العفونة، حتى قابلت صورته بجوار رسالة تجاوز عدَّادها المئة بقليل، وعرفته فورًا لأني لن أنسى هذه الملامح ما حييت.

فتحت رسائله، كانت مستمرة في الوصول بشكل أسبوعي وأحيانًا يومي، استمرت كذلك حتى بعد الواقعة إياها لفترة طويلة. بعد رسائل غاضبة طويلة قال إنه سامحني ولا ينتظر مني اعتذارًا حتى، فقط ينتظر سماع صوتي ورؤيتي.

قلَّبت في الرسائل الأقدم، كان يتحدث عن أحلامه وأفكاره ومشاعره، عن خطط المستقبل لكلينا، كيف سيبدو بيتنا وماذا سنسمي أبناءنا، ماذا سيكون لون الستائر، ترك لي خيار أن أكون امرأة عاملة أو ربة منزل، كان كريمًا جدًّا في هذه النقطة. قبل أن أضغط زر الحظر النهائي، وصلت إلى بداية الرسائل لأرى كيف نشأ كل شيء، وعندها تذكرت من هو حقًّا».

...

أغلب الأفعال التي تقع تحت بند الترصد تكون بريئة بسيطة غير مؤذية، مكالمات هاتفية بغرض الاطمئنان، رسائل لطيفة، هدايا جميلة.

توقفتْ، بَدَتْ غير راغبة في متابعة الحديث، لم أحثها أن تفعل، نظرَتْ حولها في توتر، خمنتُ أنها تتوقع ظهوره فجأة، هنا والآن. عادت تلتقط أنفاسها وأكملت:

«كان ذلك في معرض كتاب محدود نُظِّم داخل أسوار الكلية، أعجبني كتاب لكن ثمنه كان غاليًا، فسألت البائع عن محتواه لأتأكد من رغبتي في شرائه. كان متحدثًا لبقًا، حَكى لي موجزًا سريعًا عن أفكار الكتاب، سمعته باهتمام لأن موضوع الكتاب يبدو شيقًا، تحدث أكثر عن مؤلفه وتاريخه ورحلته الفكرية، أعربتُ عن اهتمامي بالكتاب وقررت شراءه، منحني تخفيضًا سخيًّا تقبلته بابتسامة شاكرة، ابتسامة شاكرة ليس أكثر.

نادتني صديقة باسمي لتحثني على الإسراع، سمعها.

- اسمك جميل، لكنه يبدو صعبًا في الكتابة، كيف تتهجينه؟

لم أُرِد أن أبدو سخيفة أو ناكرةً للجميل، أمليته حروف اسمي بسرعة، اسمي الأول فقط».

ضحكت ضحكة عصبية مبتورة.

...

«ربما كانت هذه النقطة التي كان يجب أتوقف عندها، ربما لو لم يعرف اسمي أو كيف يتهجأه في مربع البحث، ما كان سيحدث أيٌّ من ذلك».

...

الحكاية السابقة حقيقية تمامًا بكل تفاصيلها، لكننا أخفينا اسم صاحبتها بناءً على رغبتها.

تَرَصُّد

الصورة: Patrik Nygren

يعرَّف الترصد (Stalking) بأنه: أي مضايقة، أو اهتمام، أو تواصل غير مرغوب فيه، أو أي تصرف تجاه شخص معين بشكل يسبب له الخوف، ويتكرر باستمرار.

أغلب الأفعال التي تقع تحت بند الترصد في حد ذاتها أفعال بريئة بسيطة غير مؤذية، مكالمات هاتفية بغرض الاطمئنان، رسائل لطيفة، هدايا جميلة، ظهور المترصد بشكل يبدو مصادفة في أماكن وجود الضحية. لكن كل هذه الأفعال البريئة في ظاهرها قد تحمل من التهديد الضمني ما يفوق بمراحل ما تحمله كلمات التهديد المباشرة.

وردة جميلة على باب المنزل مع كارت لطيف عليه كلمات تتمنى دوام الحب والسعادة، قد يعني أنه عرف أخيرًا أين تسكنين.

لا تتوفر إحصائيات رسمية عن عدد حالات الترصد في العالم، لكن يمكن أن نرى أن الولايات المتحدة الأمريكية مثلًا تشهد تقريبًا 7.5 مليون حالة سنويًّا، وبريطانيا نحو 700 ألف حالة. غياب الإحصائيات في مجتمعاتنا لا يعني أننا المجتمع المثالي، كلنا نعرف حالة واحدة على الأقل، إن لم يكن أكثر، تعرضت للتعقب أو... كنا نحن المُتعقبين؟

الغالبية العظمى بالطبع لمترصدين ذكور وضحايا إناث، لكن هناك نسبة ملحوظة للعكس، وأيضًا حالات كثيرة لـرجال يراقبون رجالًا، ونساء يراقبن نساء.

اقرأ أيضًا: المقاهي وأماكن التجمعات كمنصات لمراقبة الآخرين

آخر شخص تتوقعه..

الصورة: Pxhere

يُفصح المُترصِّد عن طبيعته في مرحلة الاستحواذ: مكالمات مستمرة، تتبع شبه دائم للضحية، ظهور مفاجئ في أماكن العمل والدراسة، أسئلة هيستيرية، عبارات تهديد.

لن تخمن الضحيةُ أبدًا حقيقة المترصد خلال العلاقة، سيبدو الأكثر سحرًا، وعطفًا، وطيبةً، ورفقًا. ربما ستبدأ في التوتر قليلًا عندما تصلها رسالة تحذيرية على البريد الإلكتروني أن شخصًا ما حاول إدخال كلمة سر غير صحيحة لعدد كبير من المرات، لكنها ستتجاوز الأمر بسهولة طالما كانت الحكاية في...

  1. المرحلة الأولى من عجلة الحب المهووس: الانجذاب، وخلالها يكون هناك إعجاب شعوري أو جسدي متبادل، تغض معه البصر بسهولة عن الاختلافات الشخصية.
  2. تبدأ العلامات في الظهور في المرحلة التالية، مرحلة التوتر، فتبدأ الأفكار الغريبة في الظهور تدريجيًّا دون أساس صحي: اتهامات بالخيانة، شك في أن الطرف الآخر سيهجره في أي لحظة، يغمر التوتر العلاقة في هذه المرحلة، وفجأة تصير العلاقة إلى المرحلة التالية...
  3. الاستحواذ، عندما يُفصح المُترصِّد عن طبيعته: مكالمات مستمرة وتتبع شبه دائم للضحية، ظهور مفاجئ في أماكن العمل أو الدراسة، أسئلة هيستيرية، عبارات تهديد، ثم...
  4. المرحلة الأخيرة تدميرية، وعادةً ما يحدث هذا نتيجةً لمحاولة الضحية أن تُنهي العلاقة، بالانفصال أو الهجر، فيصير المهووس إلى الاكتئاب، لا سيما إن كان يتعاطى مواد مخدرة أو كحوليات، فيتضاعف استهلاكه لهذه المواد بشكل مَرَضي، والأفكار المؤذية تصبح منطقية إلى أقصى حد. هنا تصبح كل التهديدات ممكنة الحدوث، وقد ينتهي الحال بالمُتَرصِّد منتحرًا أو مرتكبًا أسوأ الجرائم، ما لم يحدث تدخل خارجي لإيقاف الأمر قبل فوات الآوان.

أنواع المُتَرصِّدين، ومحاولات العلاج

المترصد الباحث عن الحميمية يؤمن أن شخصًا غريبًا هو حبه الحقيقي، ويبدأ في التصرف على أساس أنه في علاقة حقيقية مع من يمكن تسميتها «ضحية» الآن.

لا يُشترط أن يكون ضحية المترصد جزءًا من علاقة ارتباط حالية أو سابقة، قد تكون العلاقة بينهما لا تتجاوز معرفة لم تدم أكثر من ثلاث دقائق، وقد لا تكون هناك علاقة أصلًا بينهما. الدكتور «بول مولين»، خبير المتعقبين الأسترالي، درس عددًا من المتعقبين وحلل تصرفاتهم، ليَخرج بخمسة تصنيفات فرعية لأنواع المترصدين، هي أهم التصنيفات التي حللت هذا النوع من التصرفات:

1. المترصد المرفوض:

شخص نال رفضًا في علاقة، ويأخذ هذا الرفض كإهانة شخصية، خصوصًا إذا حاول المصالحة وإعادة التواصل فنال الرفض مجددًا، فيزداد غضبه ويسعى إلى الانتقام.

لا يُشترط أن يكون الرفض ناتجًا عن علاقة عاطفية، يمكن أن يكون مع الأهل، صديق، زميل في العمل، أي شخص من المعارف في العموم.

العلاج في هذه الحالة يكون بالتركيز على شعور الشخص بخسارة الحب أو العلاقة، يساعده المختص في تجاوز الغضب المسيطر عليه إلى الحزن الطبيعي المصاحِب لتقبل هذه الخسارة.

2. المترصد الباحث عن الحميمية:

من يؤمن أن شخصًا ما، يكون عادةً شخصًا غريبًا تمامًا، هو حبه الحقيقي الذي وجده أخيرًا، ويبدأ في التصرف على أساس أنه في علاقة حقيقية مع من يمكن تسميتها «ضحية» الآن، ويسيطر عليه وهْم أن الطرف الثاني يبادله نفس الشعور دون شك.

هذا النوع يعتبر مريضًا عقليًّا، وفي علاجه لا بد من التركيز على علاج الاختلال العقلي، ومحاولة تصحيح المفاهيم الاجتماعية الخاطئة لديه.

3. المترصد العاجز:

يشبه «الباحث عن الحميمية» في تصرفاته، وفي تورطه في علاقة حب عميقة مع شخص غريب تمامًا، لكن الفارق الرئيسي أنه واعٍ تمامًا لحقيقة أن الطرف الآخر لا يبادله الحب، هو فقط يعتقد أن تصرفاته قد تؤدي إلى نَيله هذه الجائزة.

هذا مريض «اجتماعي» إن كان يمكن تسميته كذلك، علاجه يكون بالتركيز على تغيير مفاهيمه للعلاقات الاجتماعية، وسُبُل التقرب المقبولة اجتماعيًّا من شخص يشعر بالإعجاب تجاهه، والأهم: أن يعلم متى عليه أن يتوقف.

4. المترصد المستاء:

يؤمن أنه الضحية، ضحية إهانة وظلم بغير استحقاق، وغالبًا ما يكون شعوره ناتجًا عن سيناريوهات وهمية حاكها في خياله فقط، تجاه معارف أو حتى أغراب.

دافعه الرئيسي هو الرغبة في الانتقام من أولئك الذين آذوه وظلموه، وتسبُّبه في خوف دائم لهم يكون الجائزة التي تُعينه على المضي قدمًا في مسعاه الانتقامي لرد الظلم على الظالمين.

بتتبع ماضي هذه الحالات، يكون هناك غالبًا أب متحكم وتربية صارمة، مثلما كان الحال مع قاتل مغني الروك «جون لينون»، الذي وصل معه المحللون النفسيون إلى أن أقر أن أباه لم يقل له أبدًا إنه يحبه.

التركيز على خبرات الماضي المؤلمة في العلاج يمكن أن يساعد إلى حد ما، وأحيانًا تساعد الأدوية النفسية بعض المترصدين، لكن ليس دائمًا للأسف.

5. المترصد المفترس:

لا يهتم بأي علاقة بضحاياه، ويجد متعته فقط في الشعور بالقوة والتحكم في الضحايا عن طريق جمع المعلومات عنهم وكشف أسرارهم، ويستمتع بتخيل نفسه يؤذيهم جسديًّا وجنسيًّا غالبًا.

مساعدة المترصد على بدء علاقات اجتماعية تعينه على تجاوز مشكلة التتبع، وتقلل خطر عودته إلى التعقب مرة أخرى.

رغبات المترصد المفترس هي، مثل كل الرغبات الجنسية الشاذة (Paraphilia)، يتم التعامل معها في برامج خاصة لمرتكبي الجرائم الجنسية.

لا يفضَّل أبدًا معالجة المترصدين في مجموعات مثلما هو الحال في بعض أنواع الإدمان الأخرى، يميل المترصدون في تجمعاتهم إلى عقلنة مواقفهم ورغباتهم، وإيجاد شتى أنوع الأعذار لأنفسهم وللآخرين مثلهم،  بل وأحيانًا، مثلما هو الحال مع مرتكبي الجرائم الجنسية الأخرى، يميلون إلى تكوين شبكات دعم وتبادل للمعلومات التي يحتاجونها لتغذية ميولهم.

بدلًا من ذلك، لا بد من التركيز على كل فرد وحده، لترسيخ فهم حقيقي وواقعي لعواقب تصرفاتهم على ضحاياهم، ومحاولة تنمية مهارات التواصل الاجتماعي، التي غالبًا ما تكون مغلوطة وربما غير موجودة أصلًا لديهم.

تنمية المهارات الاجتماعية ومساعدتهم على بدء صداقات وعلاقات اجتماعية صحية جديدة، لا يساعدهم فقط على تجاوز مشكلة التتبع الحالية، وإنما أيضًا يقلل خطر عودتهم إلى التعقب مرة أخرى، ذلك لأن التعقب عادةً ما يأخذ من الفرد أغلب وقته ليقضيه مُركزًا على ضحيته/ضحاياه، فعندما ينخرط في نشاطات اجتماعية مختلفة تقل احتمالات عودته إلى الأنشطة المريضة مرةً أخرى.

يركز بول مولين على أنه يجب التعامل مع المترصدين كمرضى ضعفاء، وضحايا أحيانًا لأوهام وأمراض عقلية، وليسوا بالضرورة مجرمين، والخطوة الأهم هي الإقرار بأنهم في حاجة إلى علاج ودعم نفسي.

متى يجب أن تقلق؟

مترصد يشرح هوسه بمراقبة ضحيته

  • فجأة، لا يتوقف هاتفك عن الرنين، سيل مكالمات مستمر لا ينقطع إلا لتحل محله نغمة الرسائل، كلها من نفس الشخص الذي قابلته فقط منذ يومين.
  • شخص لزج، متعلق، متحكم، يغضب بشدة عندما تقضي وقتك برفقة أصدقاء آخرين أو أفراد أسرتك.
  • تلاحظ من حديثك معه أنه يعرف عنك أكثر بكثير مما أخبرته به بنفسك، تدرك أن هناك أبحاثًا تدور عنك في الخفاء.
  • عندما تحاول وضع حدود من نوع «لا تحادثني بعد التاسعة مساءً، لا تحادثني وأنا أعمل»، يتجاهل مثل هذه القواعد والحدود باستمرار.
  • يظهر فجأةً دون إعلان في مكان عملك أو حيث تقضي أوقاتك برفقة آخرين، يفتعل المصادفات باستمرار ليكون هناك حيث لا يجب أن يكون.

إن لاحظت بعضًا من هذه العلامات أو غيرها، وشعرت أنك في خطر الترصد، عليك بالابتعاد، وليكن هذا فى هدوء، لا تفعل أي حركة مفاجئة، لأنه بالرفض المفاجئ هناك فرصة لرد فعل عنيف.

أخبِر كل من حولك بما يجري، أصدقاءك، أسرتك، حتى رئيسك في العمل. أخبر الشخص الآخر، بهدوء لكن بحسم، أنك قررت أن تتجاوز هذه العلاقة. لا تتركه يقودك إلى مناقشة الأسباب، أخبره مثلًا أن «هذا الوضع لم يعد مناسبًا لي»، أو «أنا لست مستعدًّا بعد»، لكن الأهم أن تقُل ذلك بهدوء وحذر.

غيِّر كلمات الدخول إلى حساباتك الرئيسية: بريدك الإلكتروني، حسابات البنوك وماكينات الصرف، مواقع التواصل الاجتماعي. هذا إجراء احترازي لن يضرك، لكنه قد ينفعك في حالة محاولة المترصد اختراق حساباتك.

إن شعرت بالخطر أو سمعت تهديدات، مهما بدت طفولية، عليك باتخاذ موقف قانوني، اتجه إلى السلطات وسجِّل التهديد في محضر مثلًا، أو أيًّا كان الإجراء القانوني في بلدك. لا تستخفَّ أبدًا بأي تهديد مهما بدا غبيًّا.

ملحوظة أخيرة: من أهداف الموضوع عمومًا، والفقرة الأخيرة بالذات، أن يحمي كلٌّ منا نفسه من خطر ليس ببعيد عن أيٍّ منا وهو الترصد، لكن لا تنسَ أن أغلب، أو ربما كل، أفعال الترصد قد تكون أفعالًا عادية تمامًا في سياق طبيعي أو مختلف عن سياق الترصد.

مثلما يمكن أن يكون أي شخص تحسبه سويًّا مترصدًا، يمكن أيضًا أن يختلط عليك الأمر وتعتبر شخصًا سويًّا أو ذا مشاكل طبيعية محدودة مترصدًا خطرًا. مثلما نحاول أن نحذرك من الخطر لتبتعد عنه قبل فوات الأوان، نحذرك أيضًا أن تصيب شخصًا بجهالة بناءً على تفكير متسرع أو تحليل غير دقيق، فتنهي علاقة ارتباط/صداقة/زمالة قد تكون صحية طيبة مفيدة لكليكما بغير أساس.

فَكِّر مرتين.

مواضيع مشابهة