في هذه السلسلة يكتب لنا كُتَّاب «منشور» وأصدقاؤه رهاناتهم الشخصية في كأس العالم، كلٌّ حسب تفضيلاته. ليست رهانات أو تحليلات فنية، بل تفضيلات وأهواء شخصية منطلِقة من موقعهم كمتفرجين ومشجعين لا أكثر.
نعم، أنا أضع الآن على المحك كل محاولاتي أن أصبح شخصًا يمكن الاستماع إليه باهتمام حين يتحدث معك عن كرة القدم، وأهدد خططي الخيالية للعمل في جهاز «يورغن كلوب» الفني.
هذا صحيح. أشجع ليفربول معدوم الدفاع، وأحب كرة كلوب الهجومية المفتوحة، وأراهن هنا على «هيكتور كوبر».
متى بدأ الرهان؟
بعد المباراة الودية التي لعبها منتخب مصر مع البرتغال، وخسرها في الدقائق الأخيرة بهدفي «كريستيانو رونالدو». قبل هذه المباراة كنت أكره كوبر بشدة، وأرى أن الرجل مستمر في نتائجه الإيجابية القبيحة فقط، وعند أبسط سقوط سيُطرَد من منصبه. لكنني في ودية البرتغال بدأت ألاحظ محاولات منتخب مصر للعب بدفاع متقدم، وتشكيل ضغط عالٍ حتى نهاية الثلث الثاني من الملعب، بعد أن دأب على إيقاف لاعبيه في الثلث الأول أمام مرمى عصام الحضري طوال كأس الأمم الإفريقية 2017، حينها حاول مرة وحيدة اللعب بشكل أكثر انفتاحًا، كان ذلك في نهائي البطولة الذي خسره كعادته.
رأيت في ودية البرتغال ما جعلني أؤمن بأن ما حدث ليس من باب المصادفة، وأن كوبر سيتقدم بخطوطه أكثر في كأس العالم، ما جعلني أراهن زملائي في «منشور» على وصول مصر لدور الثمانية، وظللت مصممًا على رهاني حتى بعد سلسلة الوديات السيئة التي لعبها المنتخب من وقتها حتى بداية كأس العالم، مع دفاعي المستمر عن كوبر الذي لديه مساحة زمنية ضيقة لتجريب خططٍ ولاعبين، كنت أرى كل مباراة مجرد مساحة لإجراء تجارب مختلفة بشكلٍ مركز، وانتظرت الفرج حتى أتى.
لم أرَ مصر في كأس العالم، وشهدت فشل أجيال في الوصول إلى المونديال بسبب كوارث دفاعية لم يتبق منها سوى عدم التعامل الجيد مع الكرات العرضية.
في مباراة الأوروغواي، شاهدنا المنتخب يقدم أداءً قويًّا أمام فريق يقوده سواريز وكافاني. صمد المنتخب أمام اندفاع أوروغواي، وظهر بشكل هجومي أفضل من نسخته في كأس أمم 2017. صارعت مصر الأوروغواي حتى الثلث الأخير من الملعب، إذ كان الفشل حليفهم الدائم دون وجود مسيحنا المخلص (صلاح) الذي جلس يتابع المباراة من مقاعد البدلاء، بينما نلعن «سيرجيو راموس» كل دقيقة، ومعه خجل لاعبي المنتخب من محاولة التسديد على مرمى أوروغواي رافضين كل الفرص المتاحة للتسديد.
مروان محسن هو المهاجم المثالي لخطة كوبر، يتراجع إلى منتصف الملعب، ويشارك في صنع الهجمة، ويفشل على الأغلب، ولا بديل له لأن لا مهاجمين في هذه المدينة. لذا لم تُرزَق المدينة سوى بهدفٍ واحد في خمسة مباريات منذ غياب صلاح، ولن نتحدث عن استبعاد كوكا الذي لم يستطع التأقلم مع خطة كوبر الدفاعية، ولم نرَ منه شيئًا في عهد الأرجنتيني.
ببساطة، يعتمد رهاني على وصول مصر لدور الثمانية على محمد صلاح بالضرورة، ومحاولات بقية الخطوط الأمامية للتسديد، وأثق في قدرة كوبر على تأمين الدفاع، وزادت ثقتي في وجود الشناوي.
سأتم الخامسة والعشرين قريبًا، لم أرَ مصر في كأس العالم، وشهدت فشل أجيال متواصلة في الوصول إلى المونديال بسبب الكوارث الدفاعية التي لم يتبق منها سوى عدم التعامل الجيد مع الكرات العرضية.
أعتقد أن أفضل فريق مَثَّل مصر كان منتخب شحاتة 2009، لكنني أذكر أيضًا أنني كنت أشاهد ذلك العام مباراة إيطاليا في كأس القارات على مقهى، وبعد انتهاء المباراة أخبرت من كانوا معي بأن أداءنا كان سيئًا، دفاعيًّا وهجوميًّا، وكل شيء، ولولا العرض العظيم الذي قدمه الحضري لكانت المباراة قد انتهت بهزيمة ثقيلة. تدخَّل رجلٌ يكبرني بنحو أربعين عامًا ليخبرني: «انبسط وانت ساكت، مش هتشوف ده إلا بعد 20 سنة كمان». قبل هذه المباراة استقبلنا أربعة أهداف من البرازيل، وبعدها ثلاثة من أمريكا.
مع كوبر كان باستطاعة منتخب شحاتة القوي أن يصل إلى نصف نهائي كأس العالم، وأكتب هذا الرهان لا على كوبر في كأس العالم 2018، وإنما على كوبر في كأس العالم 2022، عندما يكتمل ما أظن أنه مشروع منتخب قوي، متكامل الخطوط، يتميز بانضباط فني ولياقة بدنية وهجوم مميز، أو كل ما هو عكس ما شهدته من منتخبات مصرية.