يصعب التقاط الأنفاس في هذا العالم الذي نعيش فيه. نحن مشغولون على الدوام بين اجتماعات العمل والأسرة والأصدقاء والدراسة، والمكالمات الهاتفية التي لا تنتهي، والبريد الإلكتروني الممتلئ عن آخره بالرسائل التي تنتظر الرد. التأخير ليس اختيارًا. في هذا العالم، يصبح الانشغال في حد ذاته غاية بعض الناس وهدفهم، ولا يمكن أن يكون هناك شيء أكثر خطورة من ذلك.
النتيجة الأساسية المترتبة على هذا أن يصبح التفكير واحدًا من الأعباء الثقيلة علينا. فالتفكير بمعناه التقليدي هو الضحية الأولى للحركة المستمرة المحمومة. لا يمكن للواحد أن يفكر بينما ينتقل من مهمة إلى أخرى.
مدير تنفيذي لإحدى الشركات قال إن أغلب الناس لا يفكرون، بل يأخذون أول فكرة تخطر على بالهم ويعتمدون عليها، ببساطة. وما يقصده أن الناس فقدوا القدرة على التفكير في أثناء حدوث المشكلات، واعتمادهم على الأفكار اللحظية التي تخطر على بالهم دون النظر والتمعن فيها.
لكن ما الذي يتوجب علينا فعله لنتمكن من الحفاظ على وقت للتفكير، والوصول إلى فكرة أصيلة بشكل حقيقي وفعال؟ هذه مجموعة من النصائح يقدمها موقع «Neuro Nation»، المهتم بالعلوم العصبية وطرق التفكير.
1. خَصِّص وقتًا للتفكير
ربما تبدو هذه الفكرة سخيفة للوهلة الأولى، وربما بديهية.
قد يرى بعض الناس أن التفكير لمدة تزيد عن بضعة دقائق مضيعة للوقت، لكنه قد يكون أمرًا فارقًا إذا استخدمته بشكل جيد. يمكنك أن تفكر لدقائق في مكتبك أو في المقهى بينما تتناول مشروبك المفضل. فكر في أشياء تعرفها بالفعل، أو بالأحرى في الأشياء التي تظن أنك تعرفها. تخصيص وقت للتفكير يعطي نتائج رائعة، ليس من أجلك فقط، بل لمن حولك أيضًا.
الذريعة التي يستخدمها كثيرون أنه لا يوجد وقت للتفكير. يشرح التقرير أن كثيرًا من علماء النفس السلوكي يرون أن الفكرة الأولى التي يفكر فيها المرء ليست هي الأفضل عادة. الفكرة الأولى هي المعتادة، هي التي سمعتها من شخص آخر. فقط بالتركيز، والتمسك بالتساؤل، والصبر، وترك كل أجزاء العقل تؤدي أدوارها، يمكن للمرء أن يصل إلى فكرة أصيلة. قد تكون الفكرة الناتجة في بعض الأحيان ليست جيدة جدًّا، عندها يحتاج المرء إلى وقت للتفكير فيها، ويجب علينا أن نسمح لأنفسنا أحيانًا بالوقوع في الأخطاء ومعرفتها.
2. أعد تقييم وجهات نظرك
أعظم العقول البشرية على مر الزمن اعتادت أن تعيد تقييم أفكارها ووجهات نظرها تجاه الأمور. ونحن عندما نتحدث عن العقول اللامعة ذات الأفكار الأصيلة والمهمة، دائمًا ما نفكر في العلماء، لأنهم يتكيفون مع الاكتشافات الجديدة التي تظهر باستمرار وتؤثر في حياتهم العملية. ودليل أهمية إعادة تقييم الأفكار ووجهات النظر الخاصة بنا هو قول ألبرت آينشتاين الشهير: «لا يمكننا حل مشكلاتنا بنفس الطريقة التي استخدمناها حين أوقعنا أنفسنا فيها».
لهذا عليك أن تدرب عقلك على التكيف مع الأوضاع والمعلومات الجديدة بشكل دائم، حينها فقط ستصل إلى أفكار أكثر ذكاءً.
3. اخلق حظك بنفسك
لكي تخرج بفكرة خلاقة وفريدة من نوعها يجب عليك بذل مجهود مضاعف. الفكرة لن تأتيك من تلقاء نفسها أو كصدفة وحظ جيد إلا في مرات نادرة جدًّا ربما. عليك أن تجتهد، وتقرأ، وتبحث، وتعمل جاهدًا على تحقيق هدفك من هذا المجهود: خلق فكرة جديدة.
عندما تركز كل فكرك على هذا ستصل حتمًا إلى فكرتك الخاصة. وهنا تكمن السعادة، حين تجد أنك خلقت حظك الجيد هذا بنفسك. وكما قال نيلسون مانديلا ذات مرة: «عدم سقوطنا ليس أفضل أمجاد الحياة، بل القيام بعد كل سقطة». لذلك لا تتوقف عن المحاولة أبدًا.
قد يهمك أيضًا: هل تعمل أدمغة المبدعين بشكل مختلف؟
4. رتب أولوياتك
هناك كثير من الأولويات التي يجب عليك ترتيبها، فقد تفكر في أنك إذا فعلت شيئًا مهمًّا ومفيدًا في المقام الثاني، ولكن له ضرر ما في المقام الأول، ستخرج بنوع من الخسائر.
مثلًا، دائمًا ما نخبر أطفالنا بأن التعليم مهم، رغم أنه ليس إلا إعدادًا لهم للخروج إلى الحياة الحقيقية. وفجأة عند تخرجهم يجدون أن عليهم العمل في دوام كامل، ويمر الوقت حتى يخبروا أطفالهم بما أخبرناهم به من قبل، وننسى أن نعلمهم أن الأولوية هي الحياة نفسها. الأولوية هي اللحظة التي نعيشها حالًا، ويجب أن نفكر بهذه الطريقة حتى لا نتحول إلى ترس صغير في دائرة كبيرة من الأفكار الجاهزة والسهلة.
5. كن محددًا
لا يهم إن كنت تفكر في أمر كبير أم صغير، المهم تحديد وجهة أفكارك.
اختر موضوعًا أو مشكلة واحدة لتفكر فيها على حدة، حاول أن تسأل نفسك: «من؟ ماذا؟ أين؟ كيف؟»، وإجابات تلك الأسئلة ستقدم لك أفضل الأفكار والحلول.
قد يهمك أيضًا: كيف تؤثر المجتمعات على طريقة عمل عقولنا؟
6. كن فضوليًّا
الوصول إلى فكرة جديدة وأصيلة ليس أمرًا يمكن لأيٍّ منا الحصول عليه من المرة الأولى، الرحلة ليست سهلة، لكنها تستحق المحاولة.
اتبع نصيحة الفيزيائي الراحل ستيفن هوكينغ القائلة «كن فضوليًّا»، فما يميز العلماء والمفكرين والفلاسفة هو الفضول ورغبة الاكتشاف والمعرفة التي جُبِل الإنسان عليها، لكن ربما تناساها أمام الحلول والأفكار المُعلبة والسهلة.
ابحث واقرأ وحلل كل ما تقع عليه عيناك. وهذا الفضول لا يجب أن يتوقف حتى يقودك إلى الصورة المتكاملة.
7. ابحث بعيدًا عما تعرفه
لتفكر في أشياء مختلفة ومبدعة عليك أداء أشياء مختلفة وجديدة، فالسحر لا يحدث في حدود راحتك المدعوة «Comfort Zone».
جَرِّب طرقًا جديدة للعمل، وتعرَّف إلى أشخاص جدد، واقرأ كتبًا كنت تراها مملة، اذهب إلى أماكن جديدة واستكشفها. التعرض للأساليب الحياتية المختلفة واحد من مفاتيح أبواب الأفكار الجديدة.
الوصول إلى فكرة جديدة وأصيلة ليس أمرًا يمكن لأيٍّ منا الحصول عليه من المرة الأولى، مثلما هي الأصالة دائمًا. الرحلة ليست سهلة، لكنها حتمًا تستحق التجربة والمحاولة، والنتيجة دائمًا ستكون في صالحك. الفكرة الأصيلة ليست شيئًا يأتي من تلقاء نفسه. التفكير عملية ديناميكية، ومثل أي عضلة في الجسم، يستجيب المخ للتمرين، ويطوِّر من نفسه.