مرور الزمن يقتل الدهشة، وموت الدهشة يخلق البَلادة، لذا نندهش. كان هذا منذ 73 عامًا، حين تحققت هذه الإمكانية لأول مرة، ربما، منذ بدء الخليقة، بإمكان أحد أفراد الجنس البشري أن يقتل عشرات الآلاف بشكل لحظي، بضغطة زر واحدة، هذا يغير كل شيء، هذا غيَّر كل شيء.
تتحدث القصة القديمة عن شمشمون وهو يدمر المعبد فوقه وفوق أعدائه. الآن، ومنذ 73 عامًا، نعرف أن بإمكان أحدهم أن يدمر العالم فوق الجميع فعلًا، دون مبالغة ولا تهويل، أصبح تدمير العالم أحد الخيارات المتاحة، هذا بالضبط ما أتاحته القنابل النووية.
أنهت القنابل النووية واحدة من أكثر الحروب دموية وتدميرًا في تاريخ الإنسانية، إن لم تكن أكثرها دموية وتدميرًا بالفعل، لكنها في الوقت نفسه كانت اختصارًا مثاليًّا لهذه الدموية نفسها. وبصفتها تلك، لم يعد العالم كما كان بعدها، تغيرت الدول والمعسكرات، وتغير طريقة النظر للعالم، أصبح هشًّا وقابلًا للتدمير، انتصر الإنسان على محدوديته تجاه الطبيعة بامتلاكه إمكانية تدميرها، لكن في الوقت الذي يدمر فيه نفسه بشكل نهائي.
ربما بغياب الدهشة، تصير الآن ذكرى قصف أمريكا هيروشيما وناغازاكي نوويًّا حدثًا تاريخيًّا، يخص أجيالًا أخرى وبلدانًا أخرى، وقد مر، وبإمكاننا القراءة عنه من باب الفضول التاريخي.
نحاول في هذا الملف، «المولد النووي: 73 عامًا على بداية عصر القنبلة الذرية»، إعادة خلق الدهشة الضرورية، أنَّ هذا الحدث كبير ومؤثر ومؤسس ولا يمكن نسيانه، لأن إسهامه في تشكيل العالم كما نعرفه الآن لا يمكن تفويته، نحن الذين لا نملك عالمًا آخر.