أنصت، أنصت أكثر: كيف يساعد الآباء بناتهم؟

الصورة: Getty/Sam Tarling

دينا ظافر
نشر في 2018/01/18

ما الذي تنتظره الفتيات من الأبوين حين يتخبطن في حياتهن الاجتماعية ويواجهن مشكلات تستعصي على الحل من وجهة نظرهن؟ هل يحتجن إلى أم صديقة أم أب آمر ناهٍ؟ هل ينبغي استجوابهن متى ظهرت عليهن علامات الانزعاج، أم أن على الآباء التريث قبل السؤال؟

هذه هي التساؤلات التي دفعت «كيتي هيلاري»، وهي كاتبة وطبيبة نفسية متخصصة في علاج الأطفال والمراهقين، إلى أن تطلب من 20 فتاة في سن المدرسة أن يكتبن الدور الذي يرغبن في أن يؤديه الآباء لمساعدتهن في تجاوز المواقف الاجتماعية الصعبة.

لم تجد الفتيات أي صعوبة في الإجابة، وتكررت بعض الإجابات التي عَبّرت عن رغبتهن في أن يصغي الآباء إليهن، وأن يتوقفوا عن إعطاء الأوامر. انتهت الجلسة بالتوصل إلى قائمة من التوصيات للآباء، وهذا ما يستعرضه مقال منشور على موقع الواشنطن بوست.

الفتيات يواجهن ضغوطًا

الصورة: epicantus

يحتاج البنات إلى قضاء بعض الوقت مع الآباء، تلك الأوقات قد تعكس شعورًا بالامتنان لوجود الابنة في حياة الأسرة، مهما كانت العلاقة متوترة.

تواجه الفتيات ضغوطًا بسبب متطلبات أكاديمية ورياضية واجتماعية، ويشعرن بالقلق خوفًا من المستقبل أو من مشكلات تمر بها الأسرة، أو ربما من صورتهن على وسائل التواصل الاجتماعي. وسط كل هذه الضغوطات تحتاج الفتيات إلى من يدلهن على الطريق ويرشدهن إلى الصواب، وليس أقرب من الأبوين.

هذا العالم يزداد صعوبةً وتزداد متطلباته تعقدًا، وبسبب هذا يجد عديد من المراهقين، خصوصًا الفتيات، ارتباكًا حقيقيًّا في التعامل مع معطياته. وكثير منهم لا يجد دعمًا كافيًا يساعده على تخطي التغيرات التي يمرون بها، خصوصًا في الفترات الانتقالية من الحياة، مثل إنهاء مرحلة دراسية وبدء أخرى جديدة، أو حتى التعامل في حياة اجتماعية قاسية.

اقرأ أيضًا: العاقبة والعقاب: عندما ننتقم من أطفالنا دون أن ندري

أمضوا وقتًا معًا

منح الفتيات مساحة يعزز قدرتهن على التعامل مع مشاعرهن ومشاكلهن.

تدعو كاتبة المقال الآباء إلى التقاط الأنفاس والاستمتاع بالأوقات القليلة التي تجمعهم ببناتهم، وتشير إلى كتاب «Queen Bees and Wannabees»، الذي تشجع مؤلفته الآباء على قضاء بعض الوقت مع البنات في نهاية اليوم، وتعتبر أن تلك الأوقات قد تعكس شعورًا بالامتنان لوجود الابنة في حياة الأسرة، مهما كانت العلاقة متوترة بينها وبين الأبوين.

في الوقت نفسه، تدعو مؤلفة الكتاب إلى إعطاء الفتيات مساحة، فمثلًا لو بدا الضِّيق على الابنة عند عودتها من المدرسة، فلا ينبغي استجوابها مباشرةً، لأن الأمر الذي أزعجها سيكون على الأرجح لا يزال حاضرًا في رأسها،  بل يجب التريث لدقائق قبل سؤالها عما يضايقها.

طبيعي أن يرغب الأب أو الأم في اقتحام المشكلة، لكن أغلب الفتيات يحتجن إلى بعض الوقت للتفكير في ما حدث، ويحتجن إلى مساحة عاطفية ليجتزن ما حدث قبل مناقشته، فمنح الفتيات مساحة يعزز قدرتهن على التعامل مع مشاعرهن ومشاكلهن، وفق الكاتبة.

أصغوا وأظهروا التعاطف

الصورة: kisss

الاعتراف بالخطأ يفتح الباب لتواصل أفضل، فاعتراف الآباء بالأخطاء يضعهم في مرتبة البشر الخطائين حيث يجب أن يكونوا، مما يجعل أبناءهم أكثر تصالحًا.

أكثر شكاوى الفتيات شيوعًا هي تركيز الآباء على إيجاد حل للمشكلة التي تواجهها الابنة، إلى درجة تجعلهم لا يستمعون ولا يفهمون ما تقوله أصلًا، وفقًا للمقال.

يجب الإصغاء جيدًا للفتيات، ويجب توجيه أسئلة تدل على حسن الاستماع والمتابعة وتعين على استخلاص التفاصيل، ويجب كذلك على الآباء إعادة ما تقوله الفتاة طلبًا للتوضيح. وتحث كاتبة المقال الآباء على إعطاء إجابات تعكس تفهمًا لحجم المشكلة، مثل «هذا يبدو مزعجًا ومعقدًا فعلًا»، أو «أفهم لماذا تشعرين أن المشكلة كبيرة».

اعترفوا بأخطائكم

إعطاء مساحة للفتيات أمر صعب على الآباء، الذين يريدون الاطمئنان على بناتهم، لكنه ضروري.

الآباء ليسوا دائمًا على صواب، بل إنهم كثيرًا ما يتعاملون مع مشكلة ما بصورة يتبين لاحقًا أنها كانت خاطئة. ينبغي على الآباء أن لا يتعالوا على المحاسبة، لأن الاعتراف بالخطأ والتسامح معه يفتح الباب أمام الأبناء للتواصل معهم بصورة أفضل، فاعترافهم بالأخطاء يضعهم في مرتبة البشر الخطائين حيث يجب أن يكونوا، وهذا بدوره يجعل أبناءهم أكثر تصالحًا مع أخطائهم هم.

قد لا يستريح بعضنا لفكرة الاعتراف بالخطأ أمام الأبناء، لكن هذا السلوك يُظهر أن الخطأ البشري طبيعي، ويعطي الفرصة لتوطيد العلاقات وتشجيع التواصل الصادق.

اقرأ أيضًا: كيف يستفيد الأطفال من تسامح آبائهم مع الفشل؟

لا تستجوبوهن فور العودة إلى المنزل

تعرف الفتيات متي يكُنّ تحت ضغط، ويعرفن ما ينبغي عليهن فعله حينئذ، وينصح المقال بتجنب طرح كثير من الأسئلة على البنات فور عودتهن إلى المنزل في تلك الحالات.

لا تزيدوا من توترهن عن طريق استقبالهن بوابل من الأسئلة، مثل: «هل تحدثتِ مع المدرِّسة الفلانية؟»، «كيف كان الاختبار؟»، «مع من جلستِ وقت الغداء؟». تحتاج الفتاة إلى التخلص من أعباء اليوم وتوتره ولو لدقائق قبل أن تستقبل أسئلة الأبوين، وتوجيه كل هذه الأسئلة إليهن يرهقهن ويفسد مزاجهن، لهذا يهربن إلى عالم الهاتف الذكي الأكثر أمنًا. إعطاء مساحة للفتيات أمر يبدو صعبًا بالنسبة إلى الآباء، الذين يريدون الاطمئنان على بناتهم، لكنه ضروري.

لا تضعوا حدودًا مائعة

قد يبدو أن أفضل صورة للعلاقة بين الآباء والبنات هي الصداقة، لكن هذا الشكل من العلاقة قد يعقد الأمور عندما يستدعي الظرف قول كلمة «لا». تتطلب العلاقة الصحية بين الآباء والبنات منح الحب والدعم غير المشروط، وتقديم كثير من الإرشاد، لكنها تتطلب أيضًا وضع حدود واضحة.  تتطلع الابنة إلى أبويها لإرشادها، وللشعور بالأمان في طريقها إلى المراهقة والبلوغ.

لا تستتفهوا مشاعرهن

تتلقى الفتيات رسائل من الجميع مفادها أن تأزُّم العلاقات الاجتماعية جزء أساسي وطبيعي من حياة أي فتاة، ويتلقين كذلك نصائح مستمرة بأن «يتوقفن عن القلق» المبالَغ فيه، وفق الكاتبة. تحتاج الفتيات إلى الدعم النفسي، فإذا كان الآباء لا يرون الخلاف بين الابنة وصديقاتها حدثًا جللًا، فإن وجهة نظره الفتاة قد تختلف كثيرًا.

عندما تتلقى الفتاة إشارة بأن التعبير عن مشاعرها أمر صحي، فإنها تتعلم كيف تتعامل مع المشكلات التي تعترض طريقها، فينبغي تشجيعهن على التعبير عن أنفسهن، وأن نحسن الإصغاء إليهن.

الفتيات لا يطلبن الكثير: بعض من الوقت، أذن مصغية، عقل منفتح لا يتكبر على الأخطاء. إذا كان هذا هو الطريق إلى قلوب البنات، فعلى الأبوين أن يمشياه حتى لو تخبطا في البداية واستصعبا المشوار.

مواضيع مشابهة