حينما تستيقظ كل يوم وأنت تعلم أنك ستخوض حربًا نفسية جديدة مع شريك حياتك، فعليك أن تراجع نفسك في ما إذا كانت هذه العلاقة تستحق الاستمرار، فقد يظل الكثير من الأشخاص متورطين في علاقات يظنون أنها ليست فاشلة لمجرد أنها لا تتضمَّن عنفًا جسديًّا، ويتنازلون عن كرامتهم كثيرًا وهم لا يدرون أنهم بالفعل ضحايا للإيذاء العاطفي.
يقع النساء والرجال على حد سواء ضحايا للإيذاء العاطفي، غير أن لكلٍّ منهما أسلوبه الخاص الذي يتَّبعه، فيستغل الرجل خوف النساء من الأذى أو العزلة أو الحرمان، بينما تلعب المرأة على استغلال خوف الرجال من الفشل في توفير الحب والرعاية والمال لأُسرهم، وذلك حسب «ستيفن ستوسني»، المتخصص في علم نفس العلاقات العاطفية.
من المهم أن نعرف المراحل التي تمر بها مثل هذه العلاقات الفاشلة، والعلامات التي تحذرنا من الوقوع فريسةً لشخص يؤذينا عاطفيًّا، وهذا ما تقودنا خلاله «سيرينا سيداوي» في مقالها على موقع مؤسسة «One Love».
بداية عاطفية مثالية
تبدأ العلاقات من هذا النوع رومانسيةً بجدارة بحيث تبدو مثالية، وسيفعل الطرف الآخر كل ما في وسعه لإرضائك، وسيكون من الصعب عليك أن تقاوم كل هذا الحب الجارف، وسرعان ما تقع فريسةً سهلة له، غير أن ذلك الحب السخي يهدف أساسًا إلى تشتيت انتباهك عمَّا سيحدث في مراحل لاحقة من العلاقة.
قد يدَّعي الطرف الآخر أن رغبته في تملُّكك تحدث نتيجةً لخبرات سيئة في الماضي.
وفقًا لسيداوي، تتطور العلاقات من هذا النوع سريعًا، وما يلبث الطرف الذي يؤذيك عاطفيًّا أن يطالبك بالمزيد من الاهتمام، ويعبِّر عن رغبته في أن يكون هو وحده محور حياتك واهتمامك.
وبينما يجتاح هو حياتك، ستسلِّم له معتبرًا ذلك الاختراق تعبيرًا عن حب غامر، فتكونان على اتصال مستمر، وتتحدثان على الهاتف طَوَال الوقت أو تتبادلان الرسائل، وقد يفاجئك ذلك الشخص بزياراته في أوقات لا تتوقعها على الإطلاق، غير أنك لا ترى ذلك سوى تعبيرًا آخر عن الانشغال بك.
اقرأ أيضًا: ما لا يستطيع العلم كشفه عن مشاعرنا
حب يخترق مساحاتك الشخصية
ربما يبدو الاهتمام الزائد لطيفًا في البداية، إلا أنه يصبح خانقًا فيما بعد، حينما تتحول الغيرة المحبَّبة إلى رغبة تامة في السيطرة على مجريات حياتك، ومعرفة أدق تفاصيل مكالماتك وتحركاتك، بل وقد يبدأ ذلك الشخص الذي يؤذيك عاطفيًّا في إطلاق الأحكام على رفاقك أو أفراد عائلتك، ويكون مبرره دائمًا أنه يخشى على سلامتك، وحينها تضطر إلى تضييق دائرة معارفك، فتصبح العلاقة أكثر استهلاكًا لطاقتك.
قد يعجبك أيضًا: لماذا يصعب على جيل الألفية العثور على شريك الحياة؟
الحب عند هذا الشخص وسيلة لاستغلالك والسيطرة عليك.
تزداد غيرة ذلك الشخص ويبدأ في اتهامك بقلة الاهتمام وربما الخيانة، ممَّا يضطرك إلى عزل نفسك على نحو أكبر، وقد يدَّعي أن رغبته في تملُّكك تحدث نتيجةً لخبرات سيئة في الماضي، أو لطبيعة نشأته، أو لخلافات مع أشخاص تعرفهم، ولكن السبب الحقيقي هو غيرته الزائدة. وشيئًا فشيئًا يضيق الخناق عليك، ولا تجد حولك الكثير من الأشخاص، وربما لا تجد سواه، فتصبح أكثر اعتمادًا عليه.
حب مشروط.. لوم مستمر
ستجد ذلك الطرف المسيء يوجه لك النقد كثيرًا.
إذا لم تتصرف بالتوافق مع إرادته، سيتحول ذلك المحب الغيور إلى شخص عدواني، فحبه مشروط بالطاعة، وإذا لم يجدها سيتحول إلى شخص بارد ومنعزل أو غاضب وحاد، فالحب عند هذا الشخص وسيلة لاستغلالك والسيطرة عليك. وهنا تجد أنه ينبغي عليه أن تتصرف بكل حرص كي لا يغضب ، فأنت فعليًّا «تمشي على قشر بيض» من شدة الحذر في التعامل.
ستجد نفسك دائمًا الطرف المُلام عند كل مشكلة تعصف بالعلاقة، فالشخص الذي يسيء إليك عاطفيًّا لا يرى نفسه مخطئًا أبدًا، بل يصب جام غضبه عليك وعلى من حوله عند كل عثرة. المشكلة الحقيقية أنك قد تستسلم في النهاية لذلك اللوم، وترى نفسك مسؤولًا بالفعل عن أخطاء لم تتسبب فيها، بل وقد تؤمن بأن نوبات غضبه الشديدة تلك ما هي إلا انعكاس لحرصه على إنجاح العلاقة.
في علاقة كهذه، ستجد ذلك الطرف المسيء يوجه لك النقد كثيرًا، فهو لا يعجبه «إسرافك» على الملبس، ولا تعجبه اختياراتك لِمَا تأكل وتشرب، وحين ترد الاتهامات عن نفسك، ستجده ينعتك بالجنون، أو قد ينكر الواقعة محل الخلاف، أو يتهمك بالمبالغة في رد الفعل.
اقرأ أيضًا: كيف تعرف أنك مصاب بعقدة الإهمال؟
كثيرًا ما يردد الأشخاص من هذا النوع عبارات مثل «أنا أحبكَ، لكنكَ تفعل كذا وكذا...»، و«أنتِ لا تعرفين شيئًا عن تربية الأطفال»، و«لا تنفقي الكثير من المال على الملابس، فهي لا تبدو جميلةً عليكِ على أي حال».
ابتزاز وتهديد أم حب؟
يكون مثل هذا الشخص ممثلًا بارعًا، فهو لطيف وودود أمام الناس، لكنه يتحول إلى شخص آخر خلف الأبواب المغلقة، وربما يصعب أن يصدق أحد أنه يسيء معاملتك في المنزل، بينما في واقع الأمر أنت تعاني الأمرَّيْن كي ترضيه.
العلاقات السوية تقوم على الدعم المتبادل.
لكي تظل تحت رحمة علاقته غير السوية بك، سيبتزُّك ذلك الشخص ويهددك، وربما يهدد بالإقدام على الانتحار أو إيذاء شخص تحبه، وسيفعل أي شيء لتبقى معه. عند هذه النقطة ستكون ثقتك في نفسك عند أدنى مستوياتها، ولا تشعر أن بإمكانك بدء علاقة حب جديدة، لكن فكرة الوحدة تبدو لك مخيفة، وقد تتصور أن المشاحنات ليست سببًا وجيهًا لإنهاء العلاقة، والأكثر من ذلك أنك قد تعتقد أنه يمكنك أن تساعد ذلك الشخص وتنقذ حياته باستمرارك معه، خصوصًا حينما تلوح أمامك أيام الحب الوردي الأولى.
قد يهمك أيضًا: الرومانسية الحالمة قد تفسد صحتك
ابحث عن علاقة عاطفية صحيَّة
يشمل الإيذاء العاطفي كل قول أو سلوك يهدف إلى إهانتك وجرح كرامتك، ويتضمن ذلك السخرية، والإيماءات السخيفة، والشتائم، والصراخ، والعَزل، وصولًا إلى التهديد، بشرط أن يتحول هذا الأسلوب في التعامل إلى نمط مستمر، فلا يكون مشاجرة عابرة أو خطأ غير مقصود.
قد يعجبك أيضًا: لماذا نقع في الحب: لماذا تكون خيبة الأمل ضرورية للشعور بالارتياح؟
إن العلاقات السوية تقوم على الدعم المتبادل والتعبير عن الإعجاب والتعاطف والشعور بالمسؤولية، لذا عليك ألا تقبل الاستمرار في علاقة اعتاد الطرف الآخر فيها أن يهددك بأنك «ستستيقظ ذات يوم فلا تجده إلى جوارك».