كانت تلعب الـ«خميسة» مع بعض أطفال القرية في حماس شديد، قطعه صراخ وعويل جذب انتباه الصغيرة، التي لم يتعدّ عمرها خمس سنوات. ميزت صوت أمها تندب، واقفةً أمام الدار الطينية تنعى زوجها الذي فارق الحياة للتو. ظلت عينا الصغيرة معلقة بأمها للحظات، وما لبثت أن أدارت ظهرها لتكمل لعب «الخميسة».
لم تدرك الصغيرة ابنة قرية «الرياينة المعلق»، التابعة لمحافظة سوهاج في صعيد مصر، أنها منذ تلك اللحظة سيحاول الجنوب إخضاعها قهرًا لعادات وتقاليد توارثتها أجيال.
الناظر من بعيد يعتقد أن تلك الصغيرة، التي سنشير إليها باسم مستعار هو «فاطمة»، ستخضع لعادات الصعيد، ستخضع للفقر، وستخضع لليُتم كذلك. ذلك الخضوع لا تتبناه بشكل مطلق، فرغم أنه مطلوب من الفتاة الصعيدية في تلك الظروف أن تحافظ على تلك التركيبة التي تشكل أساس المجتمع وتدعم ضَعفها، فإن الحفاظ على ذلك النمط يتطلب منها قوة هائلة وسيطرة.
ذلك التناقض الذي تحمله داخلها لإرضاء المجتمع من جانب، وقدرتها على ترسيخه لتصبح هي حامية تلك العادات والتقاليد، يجعلها في كثير من الأحيان تتمرد عليه.
المرأة في الصعيد: مقهورة لخدمة الدراما
عادةً ما تُصدِّر الدراما والتلفزيون صورة نمطية منذ عشرات السنين عن المرأة الصعيدية، الضعيفة، المقهورة، الخانعة، التابعة دائمًا وأبدًا لسطوة الرجل، ويبدو أن ذلك «التصور» يفتقر إلى متابعة التغيرات التي طرأت على الصعيد بوجه عام، وعلى المرأة هناك بصورة خاصة، إذ لا يزال التلفزيون والسينما ينقلان الصورة القديمة لذلك المجتمع الغامض شديد الخصوصية في كل تفاصيله.
ربما كانت السينما والتلفزيون معذوران في تصدير تلك الصورة القاصرة عن مجتمع منغلق يعيش على الهامش، ما خفي عنه أكثر بكثير مما أعلن، بحسب الدكتورة سميحة نصر، أستاذة علم النفس ورئيسة شعبة بحوث الجريمة والسياسة الجنائية في المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية.
وربما تعمدت الدراما تقديم تلك الصورة عن المرأة، معتمدةً على جهل أبناء المدن بالجنوب وعاداته، فتصديرها بتلك الصورة السطحية، التي عادةً ما تكون شيقة وجذابة أكثر من الصورة المعقدة، يمنحها قابلية رواج وانتشار، وبالتالي مزيدًا من الشهرة والمال لأصحاب العمل الفني.
تنقل الدراما كيف تُساق الأرملة الصعيدية إلى بيت شقيق الزوج المتوفى لتصبح إحدى نسائه، ويخضع أبناؤها لإمْرَته، لكن والدة فاطمة، في مشهد صلد لم تعهده القرية من قبل، أعلنت رفضها الزواج بعد الزوج المتوفى، وتمسكت بحقها في تربية صغارها الثلاثة، فقاطعها نصف أبناء العائلة.
قد يهمك أيضًا: لماذا نعتبر تمرد المرأة مرضًا نفسيًّا؟
لم تكن لتقوى على الرفض إلا لأنها «أم الولد»، تستعير جزءًا من ذكوريته ومقامه الاجتماعي، فهو الذكر، مصدر الدخل، السلطة، القوة، التعليم، به تصبح المرأة أعلى مقامًا من نظيرتها «أم البنات»، وبالقطع أعلى مقامًا من المرأة العاقر، بحسب سلمى أنور، الكاتبة والباحثة المصرية.
المرأة الصعيدية هي «ست الدار»، لها كلمة نافذة على زوجها، هي الإدارة حتى إذا ادّعى غير ذلك.
شبّت فاطمة وحان موسم قطفها، ولأنها ابنة عادات قاحلة، كان ممنوعًا عليها الزواج من خارج قريتها الصغيرة. تزوجت رجلًا يكبرها بـ15 عامًا، لأن والدتها وشقيقها الوحيد وافقا على ذلك، بعد أن «نفض» أعمامها أيديهم عن تلك الأسرة جراء الفعل «الجنوني» السابق للأم.
همست الأم في أذن فاطمة قبل الزفاف، كما همست في أذن ابنتها الكبرى من قبلها، وصّتها كيف تدير حياتها، كيف تعامل زوجها.
في الصعيد، تربي الأم رجالها ليكونوا أشداء على نسائهم، يُخضعوهن لإرادتهم، يسوقون مصائرهن كيفما يشاؤون، تربيهم ليقهروا نساءهم ويضربوهن، وفي المقابل، تربي بناتها على أن لا يُقهَرن أو يخضعن لأزواجهن، تربيهن على الذكاء والحيلة، بل المكر أحيانًا، على إظهار ضعفهن لرجالهن، حتى يستطعن تملُّك أمرهم وقيادتهم بحنكة وذكاء، حتى يتمكنّ من إعلاء كلماتهن وإن بدا للكل غير ذلك.
المرأة الصعيدية هي «ست الدار»، لها كلمة نافذة على زوجها، هي الإدارة حتى إذا ادّعى الرجل غير ذلك. ليست معدومة الحيلة بحسب سلمى أنور، وتتفق معها أحلام القاضي، رئيسة جمعية «بنت الريف» في قنا.
تقول القاضي لـ«منشور»: «في معظم مناطق الصعيد، المرأة صاحبة الكلمة الأولى والأخيرة، تتعامل مع الرجل بذكاء فطري وضعف في آنٍ واحد، هي الحاكمة لكن في الخفاء بينها وبين زوجها، أما في الجلسات العامة فيَظهر الرجل كأنه صاحب الكلمة العليا بينما هو يُعيد ما تمليه عليه زوجته سرًّا».
الرجل في الصعيد يملك ولا يحكم، في حين أن المرأة، في كثير من الأحيان، هي المعنية والمسؤولة عن كل تفاصيل الحياة اليومية. يرجع الرجل إلى زوجته في كل كبيرة وصغيرة، هي المدبرة والحكيمة في تسيير الأمور، ولا يمنعها ذلك من إعطاء الرجل وضعه ومكانته بينها وبينه بالحيلة والذكاء، وفقًا لعبد الحكيم الأسواني، الكاتب الصحفي الجنوبي.
في بادئ الأمر، رفضت فاطمة الزواج من «البَو» الذي يكبرها بخمسة عشر عامًا. ورغم أن والدتها، كأي امرأة صعيدية، تلقِّن بناتها أن يخضعن لأزواجهن بنسبة بسيطة ووفقًا لما تقتضيه الظروف وليس على امتداد الخط، فإنها لم تمنع «ذكرها» من تعنيف شقيقته جسديًّا، حتى وافقت في نهاية الأمر وتم الزواج.
ترى الدكتورة سميحة نصر أن المرأة الجنوبية تريد لأبنائها السيطرة والتحكم في زمام الأمور، لكن الأفضلية دائمًا تبقى لابنها الذكر: «تثق دائمًا أنها وبناتها لا يساوين شيئًا دون الذكر، فتسمح له بمساحة من الحرية ولو على حساب ابنتها».
لا ضَير أن تتخطى تلك المساحة حدود الشرع والحقوق، فقرية «الرياينة» ليست معزولة عن باقي قرى محافظات الصعيد البالغ عددها 11 محافظة، التي تُحرم المرأة، في معظمها، من الميراث.
تقول فاطمة: «ليّا وِرث ثلاثة قراريط وأختي مثلي، لكن أخويا وأمي أعطوا كل واحدة مننا 25 ألف جنيهًا، أي ما يوازي ثمن قيراط وثلث، عشان مينفعش نورِث أرض أو بيت».
عَنّف الأخ شقيقتيه تلك المرة حين طالبتا بميراثهما من الأب، كانت الأم تشاهد وتنحاز إلى الذكر، بل وتشاركه تعنيفهما، وحين أصرت فاطمة، رغم الكدمات التي خلّفها ذلك الطلب، أعطوها هي وشقيقتها «رضوة» (ترضية)، مبلغًا بسيطًا لا يساوي قيمة ميراثهما الأصلي.
وثّقت دراسة بحثية أعدتها الدكتورة سلوى محمد المهدي، مدرسة علم الاجتماع في كلية الآداب بجامعة قنا، ما يعانيه معظم النساء في محافظات الصعيد، خصوصًا محافظتي سوهاج وقنا، وأكدت الدراسة أن نسبة تقترب من 95% من النساء في المحافظتين محرومات من الميراث، بسبب الثقافة السائدة بأن الميراث سينتقل إلى أشخاص أغراب عن العائلة لو مُنحت النساء حقوقهن في الميراث.
تقول فاطمة لـ«منشور»: «ليّا وِرث ثلاثة قراريط وأختي مثلي، وعندنا بيتين، لكن أخويا وأمي أعطوا كل واحدة مننا 25 ألف جنيهًا، أي ما يوازي ثمن قيراط وثلث، عشان مينفعش نورِث أرض أو بيت».
الصعيدية: حارسة المعبد
اقرأ أيضًا: شرمين عبيد جنائي: مخرجة باكستانية تحارب جرائم الشرف
على هامش حوار صحفي أجريته منذ أعوام مع رئيس قطاع الطب الشرعي حينها، السباعي أحمد السباعي، حكى عن حادث وقع في إحدى قرى صعيد مصر لفتاة لم تبلغ العشرين من عمرها، كانت تهوى شابًّا من أبناء قريتها، لكن عائلتها لم تقبل به عندما تقدم لخطبتها بسبب ظروفه المادية، فسافر إلى الخليج لمدة عام على أمل أن يجني مالًا ويعاود طلبها للزواج، لكنه حين عاد وجدها قد ماتت.
ما حدث أنه بعد مغادرة الشاب بأشهر قليلة، وجدت الأم أن بطن ابنتها قد «ارتفعت»، فسارعت إلى شقيقها ووالدها تخبرهما بأنها جلبت لهم العار ويجب محوه، فاشتركا في قتلها، ودفناها. وعندما عاد الحبيب اتهمهما بقتلها، وبمعاينة الجثة بعد استخراجها من القبر وُجد أن الفتاة بالفعل قد قُتلت، والمفارقة الحزينة أنها كانت «عذراء»، وتعاني فقط من ورم داخل بطنها.
عاشت فاطمة في «الخُلطَة» (بيت العائلة) مع حماتها، عانت من تحكمها وليس تحكم الزوج، انتقلت من سلطة أمها التي ساندت بطش شقيقها إلى سلطة حماتها، التي حرضت الزوج كثيرًا على إيذائها، ومع العوز وضيق ذات اليد، انتقلت الشابة مع حماتها وابنها الوحيد إلى القاهرة بحثًا عن سُبل جديدة للرزق.
كانت تبغض زوجها، حملت بعضًا من جينات أمها المتمردة لكنها كانت تقوِّمها، أنجبت منه طفلين بأمر حماتها، وكلما مرت الأيام قاسيةً زادت قسوته عليها، حتى فتحت للمارد داخلها القمقم على مصراعيه، استمدت من ذَكَريها طاقة وقوة، أو كما يقول المثل القديم: «حطِّت عِجلَها ومدِّت رِجلها»، في إشارة إلى إنجاب الذكر، فما بالك بذكرين وبعض المال من ميراث الأب المتوفى؟
كانت اللحظة الفارقة حين سبها في إحدى المرات، فردت الإهانة بمثلها. أَوعَزت له الأم بإيذاءها جسديًّا، فردت له الصفعة بمثلها، وتكرر الأمر مرات ومرات، وفي نهاية المطاف قررت الانفصال.
اقرأ أيضًا: شبح «كلام الناس» يطارد النساء في العالم العربي
ارتفعت حالات الطلاق في الصعيد في السنوات الأخيرة، بسبب التعليم ودراية المرأة بحقوقها.
تؤكد سلمى أنور أن المال أحد مقومات القوة بالنسبة إلى المرأة الصعيدية، فالمرأة الغنية هناك تسمى شيخة عرب، فالمال يجعل لها كلمة نافذة، لأنها به تستطيع خلق بؤرة قوة، تعطي الفقير، تفتح دارها لإطعام اللاجئين والحَلَب (الغجر)، فتستطيع تجميعهم حولها، وتصير مكانتها أكبر من المرأة الفقيرة، ويمكنها أن تواجه زوجها لأن «ضهرها مسنود»: «رأيت بعينيّ امرأة صعيدية غنية تشد زوجها من ملابسه».
بعد خلافات طويلة مع الأم وضرب مبرح من الشقيق، حصلت فاطمة على الطلاق في القاهرة، وأخفت عنهما الأمر لشهور. قاطعها نصف أبناء العائلة حين عرفوا، لكنها رفضت أن تعود إلى الصعيد، إنها أم لذكرين، كان قرارها من رأسها وفرضته على الجميع، أقامت في العاصمة وعملت لتنفق على رَجُليها.
تشير أحلام القاضي إلى أن حالات الطلاق ارتفعت في الصعي بشكل عام خلال السنوات الأخيرة، فالتعليم ودراية المرأة بحقوقها جعلاها تطالب بها «في الحضر وليس في القرى، ففي القرى الأمر أكثر صعوبة، وإذا تطلقت امرأة تعاني كثيرًا، ولا تستطيع الزواج مرةً أخرى في أغلب الأماكن الصعيدية».
قد يعجبك أيضًا: النساء.. آلهة استُعبِدن باسم الزواج
تتابع القاضي حديثها لـ«منشور»: «الحالة الصارخة التي أتذكرها كانت لامرأة من مدينة قنا، رفض زوجها الطلاق فخلعته، وحينها قاطعتها العائلة كلها، وحتى بناتها لم يزرنها، واتهمنها بأنها جلبت لهن العار، حتى توفيت».
في نقلة دراماتيكية للأحداث، أجبرت الأم، التي أصبحت الآن «جدة» لها من الأحفاد سبعة، ابنها وعددًا كبيرًا من ذكور العائلة على تقبل وضع فاطمة، التي رغم أنها حملت لقب «مطلقة»، فإنهم يجب أن يتذكروا أنها أم لذكرين، وانصاع الابن لرغبة والدته كما انصاع الجميع.
لا أحد يقول «لا» للجدة
الجدة في الصعيد لها مكانة عظيمة استمدتها من الثقافة المتوارثة هناك، التي تقضي باحترام الكبير ذكرًا كان أو أنثى. المرأة كبيرة السن ليست مطمعًا من الناحية الجنسية في الأساس، بحسب أنور، التي تضيف: «يعطيها السن حصانة واحترامًا من الجميع بحكم العادات، فيتعامل معها الجميع كإنسان وليس أنثى، تحتك بالرجال ولها كلمة مسموعة ونافذة بحكم سنها وعادات وتقاليد المجتمع الصعيدي».
لا تبقى المرأة الصعيدية حكيمة طوال الزمان، بل تحمل أيضًا قدرًا لا يُستهان به من الرعونة، فقد تكون المحرضة الأولى على الأخذ بالثأر.
يُروى أنه في بدايات القرن الماضي وقفت قبيلتان تنتميان إلى إحدى قرى صعيد مصر متحفزتين للتناحر، معتزمتين إسالة بحور من الدماء، بعد أن صفع أحد أبناء قبيلة منهما ابنًا للقبيلة الأخرى صفعة مهينة على وجهه.
وبينما الرجال ذوو الشوارب حاملو السلاح يقفون على الجانبين متوترين كأوتار مشدودة على أقواس عفيّة، خرجت امرأة عجوز ضئيلة البنية من قلب أحد الحشدين، سارت في صمت إلى حيث يصطف الحشد المقابل، ثم مدت ذراعها بعزمه لتصفع أحد كبار الواقفين في مقدمة الصفوف: «خلاص، فضّينا. خبطتونا كف وخبطناكم كف، كل واحد يروح يشوف مصالحه عاد».
وانفض الجمعان.
وثّقت سلمى أنور حكاية تلك السيدة الكبيرة، «مزيونة» أو «مزونة» كما كانت تنادَى، في كتابها «الصعيد في بوح نسائه»، دلالةً على مكانة السن هناك، وعلى حكمة المرأة الصعيدية في نزع فتيل الأزمة وحفظ دماء أبناء قبيلتها والقبيلة المناوئة.
لا تبقى المرأة الصعيدية حكيمة طوال الزمان، بل تحمل أيضًا قدرًا لا يُستهان به من الرعونة، فلا تحقن الدماء طوال الوقت كما الجدة «مزيونة»، بل تكون كذلك المحرضة الأولى على الأخذ بالثأر، وتلعب ذلك الدور بكفاءة.
تحكي أنور أن لـ«منشور» أن مديرة مدرسة، أي «مربية أجيال»، كانت المحرك الأساسي للثأر، ولم يمر يوم إلا وتحرض على الأخذ بثأر شقيقها. كانت تستفز رجال العائلة بقولها إن «مفيش شنبات في العيلة، ولو محدش أخد تار أخويا هاخذه بنفسي»، مؤكدةً أنها خلال رحلتها في الصعيد سمعت عن نماذج من النساء ثأرن بأيديهن.
لا تنسى المرأة الصعيدية ثأرها بمرور الزمن، فهو يدعم وجودها ووضعها ومكانتها، يجعلها مسيطرة، تستمد من الثأر قوتها، لأنها تكون حامية التقاليد والعادات الصعيدية، بحسب نصر. مضيفة: «رغم أنها المضرورة الأولى من الثأر، الذي قد يأخذ ابنها أو زوجها أو شقيقها أو والدها، لكنها تجد في مطالبتها به ذاتها، فهي تطالب بعادة وعرف سائد، وحين يتراخى الذكور، تذكرهم بتلك العادات فيعترفون لها بأنها حارس تقاليد المجتمع»، وتؤكد أن تغيير ثقافة المرأة في الصعيد هو الذي سينهي عمليات الثأر، وليس ثقافة الرجل.
في جلسات المصالحة العرفية لقضايا الثأر (الجودة أو القودة كما يُطلَق عليها)، يقدم المتهم كفنه في حضور العائلة وكبار العائلات الأخرى وأفراد من مديرية الأمن في المحافظة، ينتهي الوضع عادةً بالمصالحة وقبول الكفن، وبذلك يسقط الحق في الأخذ بالثأر، كما يؤكد الأسواني، لكن لتأثير المرأة الصعيدية على الرجل مثل السحر، تحرضه بعد الرجوع إلى بيته وفض جلسة المصالحة على الأخذ بالثأر، و«تزِنّ» عليه ليل نهار حتى يسحب كلمته ووعده وينفذ كلمتها ويثأر.
أحبّت فاطمة، وتزوجت صعيديًّا مقيمًا في القاهرة. فرضت الأمر على الجميع، فهي أم لذكرين ولها كلمة مسموعة، تذهب لزيارة والدتها في القرية الجنوبية، يقابلها الشقيق بحفاوة، إنها تعمل وتجني المال، إنها أم لذكرين، إنها زوجة، تقضي لديهم أيامًا معدودات وترحل بولديها إلى العاصمة، تُقبِّل الزوج وتريح رأسها على كتفه، تستكين حين يعنفها ويضربها، تبرر «العاشقة» ذلك بغيرته عليها، تنصاع له كقطة أليفة، ومن حين لآخر تنتفض كامرأة صعيدية، تحمِّر عينيها، حين يقترب من ذكريها.