هذا الموضوع ضمن ملف «الثورة والثوار». لقراءة موضوعات أخرى في الملف اضغط هنا.
هل فاتتك الحلقة الخامسة بعد المئة من المسلسل التركي الشهير؟ هل علقت في المواصلات خلال مباراة فريقك المفضل؟ لا تحزن؛ فهاتفك الذكي المتصل بالإنترنت سينقذ الموقف.
هكذا عرِفنا الإنترنت بنكًا للتسلية والترفيه والتواصل مع الأصدقاء، وللتحدث في ما يفيد وما لا يفيد، مع أننا باستخدامنا هذا لم نُصِب إلا غطاء كنز ثمين، نحمله معنا معظم يومنا، ولا ننتبه لحجم التحوُّل الذي يمكنه إحداثه في حياتنا. موقع «HighExistence» يقدِّم في تقرير له خمسة مجالات تدلُّنا على القيمة الحقيقية للإنترنت اليوم.
1. يوتيوب طريقك للشهرة
قديمًا كانت متطلبات الشهرة معروفة، فإما أن تكون صاحب موهبة فذة أو عقل عبقري أو ثروة طائلة، وإما أن يأخذ أحد معارفك بيدك إلى سُلَّم المجد، وإما أن تسلك طريقًا ملتويًا لتحقيق الشهرة المنشودة. الآن غيَّر الإنترنت كل شيء، ويمكن عن طريقه أن يصير الفقير المُعدَم الذي لا يهتمُّ لشأنه أحد شخصيةً مشهورة يعرفها الجميع.
أرسى الإنترنت مبدأ تساوي الفرص أمام مُختلف المواهب في بحثها عن الشُّهرة. كل من يملك موهبة حقيقية سيجد جمهورًا عريضًا دون تكلفة تذكر، عليه فقط أن يسجل مقطعًا مصورًا يُغني فيه أو يُمثِّل أو يُخاطب الجمهور، وستكون موهبته حَكَمًا وحيدًا في دعوى استحقاقه للشُّهرة.
يعتبر الإعلامي الساخر باسم يوسف خير دليل على ذلك، فقد بدأ بتسجيل مقاطع فيديو من «غرفة الغسيل» في منزله، والآن تجاوزت شهرته مصر والعالم العربي وأصبح له جمهور عالمي.
يمكن الإشارة كذلك إلى المغربي أمين رغيب؛ مؤسس «مدونة المحترف»، الذي أنشأ قناته على يوتيوب عام 2011 ووصل عدد متابعيها اليوم إلى أكثر من 700 ألف مشترك. نال رغيب «جائزة يوتيوب الفضية» عام 2014، كما فاز بجائزة رواد التواصل الاجتماعي من حاكم إمارة دبي، محمد بن راشد آل مكتوم، عام 2015.
2. الاهتمامات على أشكالها تقع
قد تفصل الحدود السياسية والإدارية واختلافات الثقافات والأديان بين أصحاب الاهتمام المشترك، لكن هذا الانفصال بدأ يتلاشى مع ظهور الإنترنت؛ إذ وجد المشتركون في الهدف الواحد طريقهم لتوحيد أفكارهم والاستفادة من خبراتهم المجتمعة.
تتنوع هذه الأهداف بين المشروعات الصغيرة والأفكار الربحية المبتكرة، وحتى الثورات ضد الأنظمة السياسية وتغيير رؤوس الحكم.
لنا في الثورتين التونسية والمصرية دليل واضح، إذ وجد الشباب الغاضب في الإنترنت متنفسًا في البداية بعيدًا عن الشوارع والملاحقات الأمنية، ثم تحوَّل الأمر بالتدريج إلى مظاهرات عارمة اجتاحت البلاد وأسقطت النظام.
قد يعجبك أيضًا: نضال القراصنة: بين الصراع من أجل الخير والعدالة أو الفوضى التامة
3. أنت أسرع من الصحافي
Tonight we have no house, it's bombed & I got in rubble. I saw deaths and I almost died. - Bana #Aleppo pic.twitter.com/arGYZaZqjg
— Bana Alabed (@AlabedBana) November 27, 2016
أنهى الإنترنت عصر الرقابة الحكومية على تداول المعلومات.
صارت عبارة «العالم قرية صغيرة» مُستهلَكة بشدة ولا تعبر عن الواقع بصورة دقيقة. في الوقت الحالي، يمكننا تشبيه عالمنا بـ«منزل صغير»، يتناقل سكانه الأخبار في كل مكان بسرعة تفوق سرعة أصحاب مهنة نقل الأخبار أنفسهم، أي الصحافيين ووكالات الأنباء.
يمكن الآن لتغريدة واحدة يكتبها أحد سكان حلب في سوريا على موقع تويتر عن انفجار شهده، أن تحقِّق سبقًا صحافيًّا يتفوق به على أشهر وكالات الأنباء العالمية، بل وتُضطر المواقع الصحافية الكبيرة إلى نقل الخبر عنه.
أنهى الإنترنت عصر الرقابة الحكومية على تداول المعلومات، فبعد أن كانت الحكومة تُملِي على مواطنيها واجباتهم عبر قنواتها الرسمية، صعَّب الإنترنت مهمة الرقابة على المحتوى الإلكتروني، إلا في عدد محدود جدًّا من دول العالم؛ مثل الصين، التي تسعى حكومتها لفرض الوصاية على الإنترنت بأكمله.
اقرأ أيضًا: الوصفة الصينية لترويج القمع
4. لستَ وحدك
إن كنت عاشقًا للفنون المسرحية من سكان الرياض ويكاد اليأس يغلبك لقلَّة من يشاركونك اهتمامك، فالإنترنت يخبرك أنك لست وحدك.
تستطيع ببحث صغير على فيسبوك أو تويتر أن تجد مُحِبِّي الهواية التي تفضِّلها في مُختلِف مدن العالَم، أو حتى في مدينتك، لتُفاجأ بأنك تعيش وسط عدد لا بأس به من الأصدقاء المُحتمَلين.
لم يعد الإنترنت وسيلة ترفيه وتواصل اجتماعي فحسب؛ بل أصبح حياة كاملة تُوازي حياتنا الطبيعية.
ليس هذا الشعور الرائع فقط هو ما تحصل عليه بوجودك وسط من يشاركونك اهتماماتك، بل يتيح تواصلك مع هؤلاء اكتساب خبرات جديدة، ورفع مستواك في مجال اهتمامك أيًّا كان، حتى تصل إلى مستوًى احترافي ربما لا توفره المؤسسات التعليمية في محيط إقامتك، وكل هذا بتكلفة زهيدة لا تتعدى قيمة اشتراكك في خدمة الإنترنت، وجزءًا من وقت فراغك.
5. مكتبك في جيبك
كانت الوظيفة الحرة في بداية الألفينات تعني إمكانية العمل من المنزل، لكن تطوُّر وسائل الاتصال بالإنترنت أدى إلى دمج مكان عملك في جهاز صغير تحمله في جيبك إلى أي مكان، والآن يوجد عديد من الوظائف التي تستطيع ممارستها في أثناء سفرك، دون أن تتأثر بذلك جودةُ العمل.
أصبح الإنترنت أرضًا خَصبَة لإقامة مشروعات مُربِحة، فلا يتكلف إنشاء موقع إلكتروني أكثر من 100 دولار، لكنك تستطيع أن تجني من خلاله آلاف الدولارات شهريًّا إذا كنت موهوبًا ومُجتهدًا بما يكفي. ويشرح كتاب «اعمَل أربع ساعات فقط في الأسبوع» كيف يمكن أن تبدأ موقعًا إلكترونيًّا وتُصبح «مُديرًا لنفسك»، وكل هذا مع أقل نسبة للمخاطرة وأقل رأسمال مُمكِن.
لم يعُد الإنترنت وسيلة ترفيه وتواصل اجتماعي فحسب؛ بل أصبح حياة كاملة تُوازي حياتنا الطبيعية. وكما لا يمكن لحياتنا اليومية أن تكون للتسلية والمرح فقط، يجب أن تكون كذلك حياتنا الافتراضية على الإنترنت. لا مانع من بعض الترفيه بالطبع، لكننا نظلم الإنترنت ونظلم أنفسنا معه إذا حصرناه في هذا الدور دون غيره.