«لطالما تمنيت أن أفعل شيئًا أفضل من الكوميكس، ولكن يبدو أنه لم يكن هناك شيء كهذا» - ستان لي.
في علاقتي بالكتب الغرافيكية الأمريكية، أنا مشجع متعصب لـ«DC Comics». عرفت أول ما عرفت عن فن الكوميكس معجزات، مثل «The Dark Knight Returns» و«Watchmen» و«Sandman». عالم سوداوي معقد عبقري غني بالتفاصيل، بينما كل محاولاتي مع «Marvel Comics» باءت بالفشل.
رغم الألوان الزاهية التي تميز كتب «مارفل»، فإن قصصهم كان فيها دومًا شيء من السذاجة لم أستطع ابتلاعها. أُغلق الكتاب عندما يقول الأشرار عن أنفسهم: «نحن الأشرار». هذا لا يحدث في «دي سي».
رغم هذا، لم أستطع ألا أحب «ستان لي»، العجوز ذا الكاريزما الساحقة. لم أستطع أن أراه في فيديو وأوقفه. لم أستطع أن أراه في مشهد «كاميو» في أفلام مارفل إلا وأصفق في قاعة السينما محييًا الرجل بحرارة وكأني رأيت أبي على الشاشة.
ستان لي كان أيقونة عالم الخيال، يعرفها ويعشقها كل «Geek» في العالم. لذلك كان رحيله في 12 نوفمبر 2018 صدمة مؤلمة لجميع متابعيه.
أمر محزن أن ندرك أننا لن نراه مرة أخرى، ربما، باستثناء بضعة مشاهد كاميو صورها بالفعل، سترى النور مع خروج أفلامها القادمة. وإن كنت أشك أن هذا آخر ما سنراه منه. كان الرجل يحب الظهور لأقصى درجة، أظن أي جلسة تحضير أرواح تناديه بشيء من الحماس، سيأتي مهرولًا.
لكن، ماذا نعرف عن ستان لي؟ بالبحث في الأمر تجد أن كثيرين منا لا يعرف عن الرجل سوى معلومات غامضة حول أنه كاتب مهم في مارفل ومؤسسها، رغم أن أحدنا لم يقرأ أو يشاهد شيئًا كتبه ستان لي: من أين كانت شهرة العجوز؟ ومتى؟ ولماذا؟
تايملي كوميكس، التي ستصير «مارفل»
كان نجاح «كابتن أمريكا» ساحقًا. النسخ تختفي من على رفوف الباعة. كانت شخصية مناسبة للمناخ القومي العام وقتها.
في نهاية ثلاثينيات القرن العشرين، وصناعة الكوميكس مزدهرة في أمريكا، كانت «DC Comics» دار النشر الأكثر شهرة وانتشارًا، بأبطال خارقين أشهرهم سوبرمان (1938) وباتمان (1939) بالطبع.
كانت مجلات الكوميكس وقتها بسيطة وموجهة لجمهور من الأطفال. كثير من الأكشن والكوميديا فقط دون تعقيد كبير في تفاصيل الحكاية.
ظهر عدد من دور النشر التي تحاول منافسة «DC» في هذا المجال الوليد، منها «تايملي كوميكس» التي أنشأها الناشر الشاب «مارتن غودمان» عام 1939، وصدر العدد الأول من سلسلتها الأولى «Marvel Comics» في الأول من أكتوبر من نفس العام. قدمت «تايملي» أبطالًا خارقين، مثل «Submariner» و«Human Torch»، حازوا على نجاح لا بأس به أسهم في نجاح الدار واستمرارها في المنافسة مزيدًا من الوقت.
عندما اندلعت الحرب العالمية الثانية في أوروبا، لم تكن أمريكا قد تورطت بعد، لكن أبطالها الخارقين فعلوا. صار الأعداء الدائمون للأبطال الخارقين نازيين أوغادًا أو يابانيين مجانين. على رأس هؤلاء جاء «الكابتن».
في مارس 1941، قدم الكاتب «جو سيمون» والرسام «جاك كيربي» الشخصية الأهم في «تايملي كوميكس» هذا الوقت: «كابتن أمريكا». قصة تحكي عن جندي أمريكي تطوَّع لتجربة أجراها عالِم أمريكي قبل اغتياله، جعلته جنديًّا خارقًا، ذهب ليحارب النازيين ويحطمهم.
نجاح «كابتن أمريكا» كان ساحقًا. النسخ تختفي باستمرار من على رفوف الباعة. كانت الشخصية مناسبة للمناخ القومي العام وقتها.
في العدد الثالث من سلسلة «كابتن أمريكا»، كانوا بحاجة إلى قصة سريعة تُكتب لملء فراغ من صفحتين في المجلة قبل نشرها. كلفوا بها مراهقًا متحمسًا يعمل في «تايملي كوميكس» مساعدًا للفنانين: اسمه «ستانلي ليبر».
ستانلي مارتن ليبر
ولد ستانلي ليبر في ديسمبر 1922 لأسرة من المهاجرين الرومانيين الفقراء في نيويورك. نشأ في فترة الكساد، فكان والده عاطلًا عن العمل معظم الوقت. قضى طفولته بين صفحات الكتب، حتى إن أمه قالت إنه عندما لا يجد ما يقرأه، فإنه يقرأ المكتوب على عُلب الطعام.
كان مقتنعًا بأنه ذات يوم سيكون كاتبًا عظيمًا، لذا كان يشعر بشيء من الخجل عندما عمل متدربًا في «تايملي كوميكس» عام 1939. وظيفة بسيطة استطاع الحصول عليها لأن أمه واحدة من أقارب مارتن غودمان صاحب الدار.
عندما كتب ذلك النص الصغير في العدد الثالث من «كابتن أمريكا»، شعر بالخجل من أن يوقع باسمه الكامل: ستانلي ليبر.
قال في سيرته الذاتية «Amazing Fantastic Incredible: A Marvelous Memoir»: «أدركت أن الناس لا يملكون أدنى احترام لكتب الكوميكس على الإطلاق. غالبية الأباء لم يحبوا أن يقرأ أبناؤهم الكوميكس، وكنت أشعر بالإحراج من أن يرتبط اسمي بهذه الأشياء. ظننت أنني ذات يوم سأكتب رواية أمريكية عظيمة، وإن وقعت باسمي هنا سأكون قد خسرت فرصي قبل أن أبدأ. من هنا قررت أن أوقع باسم ستان لي».
كانت هذه المرة الأولى التي يظهر فيها اسم «ستان لي» إلى النور.
لاحقًا، سيحدث شجار بين «جو سيمون» و«مارتن غودمان» على حقوق ملكية الشخصيات. يغادر سيمون تايملي كوميكس، ويحل مكانه الفتى ستان لي محررًا مؤقتًا، وهو منصب سيظل يشغله في العقود الثلاثة التالية. يقول ستان لي إن غودمان كان كثير المشاغل، وغالبًا نسي أن يأتي بمحرر آخر بدلًا مني.
عندما تتدخل أمريكا في الحرب، يُستدعى ستان لي إلى التجنيد. هناك يشغل منصب «كاتب مسرحيات»، ذاك الذي لم يشغله في ذلك الوقت سوى تسعة من العسكريين في الجيش الأمريكي. كان ستان لي يكتب منشورات ويصمم ملصقات لتوعية الجنود.
الكوميكس بعد الحرب
بدأ «فريدريك ويرثام» في الخمسينيات حملة ضد الكوميكس بادعاء كونها خطر كبير على المجتمع، ومسؤولة عن تحول الأطفال إلى مجرمين.
خلال الحرب، فاقت شعبية الأبطال الخارقين في أمريكا كل ما قبلها. وصلت المبيعات إلى حد لم تشهده من قبل، صارت المجلات تُشحَن للجنود عبر البحار مع الشوكولاتة والسجائر. كانت هذه قمة ما اصطلح على تسميته «العصر الذهبي للكوميكس». لكن هذا سينتهي بانتهاء الحرب.
في الخمسينيات، انقلبت أمريكا على أبطالها الخارقين، انحدرت المبيعات من 25 مليون نسخة شهريًّا في 1943 إلى مليون فقط في 1953.
الحملة ضد الكوميكس بدأها «فريدريك ويرثام»، سايكولوجي أمريكي آمن بأن كتب الكوميكس خطر كبير على المجتمع، وهي المسؤولة عن تحول الأطفال إلى مجرمين فاسدين، وخطرها يفوق هتلر ذاته، وعلى الأمة أن تتوحد لمواجهتها. كان لنداءاته صدى في مجتمع ما بعد الحرب، واقتنع بها كثيرون، وبناءً عليها مرَّر الكونغرس الأمريكي تشريعات تفرض الرقابة على كتب الكوميكس وحكايات الأبطال الخارقين. كانت ضربة شبه قاضية على تلك الصناعة.
حينها، قضى ستان لي وقته في كتابة الحكايات الرائجة (رومانسية، ويسترن، كوميديا) مع «أطلس كوميكس» (الاسم الجديد لتايملي كوميكس)، بعيدًا عن قصص الأبطال الخارقين التي لم تعد رائجة.
استمر الوضع كذلك دون تحسن، حتى إن ستان لي كان يشعر بالملل والحنق على وظيفته، وفكر جديًّا في الاستقالة والبحث عن عمل جديد، كما حكى في سيرته الذاتية.
حتى فعلتها «DC» في بداية الستينيات، وأعادت إحياء صناعة الأبطال الخارقين بتقديمها فرقة «العدالة» (Justice League).
حتى تلك اللحظة، كانت «DC» متربعة على قمة مبيعات عالم الكوميكس، وظل أبطالها الخارقون مستمرين حتى في ظل انحدار شعبية الفكرة، وإن كانت كل الحكايات تخضع للرقابة الحكومية التي تتأكد أنها لا تحتوي على ما يسيء أو يسهم في تحويل الأطفال إلى «مجرمين». وعندما جمعت «DC» أبطالها في فرقة «العدالة»، عادت شعبية الأبطال الخارقين شيئًا فشيئًا، وارتفعت أرقام المبيعات مرة أخرى.
قد يعجبك أيضًا: لا يا «دي سي»، النجاح لا يكون بملاحقة «مارفل»
كوميكس ستان لي: «ما يبيع الآن»
جاء بريد المعجبين من المراهقين وطلبة الجامعات، ففكر ستان لي في صنع بطلًا خارقًا مراهقًا يعضه عنكبوت مُشع، وصار «بيتر باركر» أكبر نجاح تحققه مارفل.
في عام 1961، عاد غودمان من مباراة غولف بعدما سمع أرقام مبيعات فرقة العدالة، وقال لستان لي الذي كان يقترب من عامه الأربعين: «ستان، أريدك أن تخترع فرقة من الأبطال الخارقين. يبدو أن هذا ما يبيع الآن».
ستان الذي كان يفكر في الاستقالة، وجدها فرصة أن يجرب حظه في قصة يحب أن يحكيها، بدلًا من حكايات رخيصة لإرضاء الناشر مثلما كان يفعل دائمًا. ومع الرسام «جاك كيربي»، ابتكر ستان فريقه الأول من الأبطال الخارقين: «فانتاستيك 4».
نجاح السلسلة الجديدة كان مباغتًا. المبيعات تضاعفت، بدأ بريد المعجبين ينهال على «أطلس» التي صارت «مارفل». صار من الواضح أنهم وضعوا أيديهم بالفعل على ما يبيع. لماذا لا تخترع لنا مزيدًا من الشخصيات يا ستان؟ إليكم «هالك» و«ثور» و«آيرون مان».
بريد المعجبين صار يأتي من المراهقين وطلبة الجامعات، وليس من الأطفال فقط؟ دعنا نصنع بطلًا خارقًا مراهقًا. هل أنت جاد يا ستان؟ الأبطال عادة من الناضجين، المراهقون والأطفال ربما يصلحوا مساعدين، ليسوا أبطالًا. ثق بي سيد غودمان، دعني أخبرك عن مراهق حياته تعيسة، يعضه عنكبوت مشع ويصير «سبايدر مان»، وعندما يحصل على قدرات خارقة تصير حياته أكثر تعاسة، يواجه مشكلات في مدرسته وبيته وعمله، مشكلات طبيعية عادية، مثل تلك التي يواجهها كل مراهق. هكذا صار «بيتر باركر» أكبر نجاح تحققه مارفل كوميكس.
توالت شخصيات ستان لي الجديدة ونجاحاته المتتالية، حتى وصلت المبيعات إلى 55 مليون مجلة في السنة، ما يساوي ما كانت تحققه دي سي أو يزيد. صارت مارفل على القمة.
قد يهمك أيضًا: مارفل: كل التفاصيل مترابطة، لكن كيف؟
لماذا نجحت شخصيات مارفل؟
كانت شخصيات دي سي في ذلك الوقت أبوية، ناضجة، تتعامل مع الواقع من منظور الآباء، تقدم النصائح للأطفال قارئي الكوميكس بين لكمات الأبطال وطيرانهم. لكن مارفل قدمت شخصيات حقيقية ثلاثية الأبعاد لأول مرة.
«الشيء» (The Thing)، أحد أعضاء فرقة «فانتاستيك 4»، كان يكره أنه بطل قبيح الشكل، إضافة إلى عدم تصالحه مع «الشعلة الآدمية»، زميله في الفريق. العملاق «The Hulk» أو الرجل الأخضر يعاني من عدم قدرته على التحكم في الغضب، وغضبه يحوله إلى عملاق هائج يحطم كل شيء. «Iron Man» مدمن كحول، و«Spider-man» مراهق عديم الحيلة. حتى «Captain America»، البطل المنسي منذ الحرب العالمية، والذي يعود إلى الحياة في عام 1964، يشعر بأنه غريب في العصر الحديث وغير قادر على التكيف معه.
كل هذه تفاصيل لم يعرفها عالم الكوميكس قبل موجة مارفل الجديدة. لذلك كان من المنطقي أن تنمو بشكل مطرد أمام منافستها دي سي، وتتفوق عليها.
هذا النوع من التفاصيل في كتب مارفل كان سبب نشأة أجيال مهووسة بكتب الكوميكس، لا تتوقف عن المتابعة حتى بعد النضج، وليس كما كان الحال قبلها.
في عام 1972، توقف ستان لي عن الكتابة بشكل شهري ثابت بعد أن صار رئيسًا للتحرير وناشرًا ومتحدثًا رسميًّا باسم مارفل. بعد «الستينيات المجيدة»، صار ستان رمزًا لمارفل ولصناعة الكوميكس في العالم. كثيرون يعرفون اسمه ويحبونه.
مع بداية الثمانينيات، وقد تجاوز الستين من عمره، أصبح ستان لي رئيسًا شرفيًّا لمارفل، وتوقف عن العمل في الكوميكس. العجوز ستان صار تميمة حظ شرفية، يظهر في المؤتمرات واللقاءات الإعلامية، وفي مشاهد «كاميوز» في الأعمال السينمائية من إنتاج مارفل. الناس يحبون «العم ستان» بكاريزمته الطاغية، ويعرفون أنه ما زال لديه كثير من القصص ليحكيها مثلما يؤكد مرارًا وتكرارًا، أليس كذلك؟
ستان لي، أو: كيف تكتب الكوميكس؟
«لا يمكنني تقسيم أول من عرف كيف نكتب الكوميكس، وكيف كان شكل أول النصوص. فنانو الكارتون كتبوا أعمالهم ورسموها بأنفسهم غالبًا، لدرجة أني أشك أنه كان هناك أي طريقة متعارف عليها لكتابة النص (...) لم تكن هناك كتب تشرح لنا ماذا نفعل، أو قوالب مسبقة توضح للناس كيف نفعلها. تعلمنا كيف نفعلها خلال العمل» - ستان لي في كتاب «Stan Lee's How to Write Comics».
في ذلك الكتاب، يفرق ستان لي بين طريقتين لكتابة الكوميكس:
- طريقة النص الكامل (Full Script)
- طريقة الحبكة أولًا/مارفل ستايل (Plot First\Marvel Style)
طريقة النص الكامل
يكتب الكاتب تصوره الكامل لكل شيء: كم مربع حواري (Panel) سيكون في الصفحة، ما يحتويه كل مربع من عناصر وشخصيات وأفعال، وبالطبع الحوار، كم عدد الصفحات الذي سيستغرقه كل مشهد، إلخ.
تبدو هذه الطريقة منطقية تمامًا، وربما قابلة للنقاش والتعديل مع الفنان لاحقًا طبقًا لرؤيته البصرية، التي هي حتمًا أفضل من رؤية كاتب نص فقط، لكنها بالتأكيد الأفضل إن تحدثنا عن حكاية طويلة ومحكمة وذكية.
ستان لي كان له رأي آخر.
طريقة الحبكة أولًا/مارفل ستايل
يحكي ستان في كتابه عن الستينيات، وبينما كان يكتب غالبية إصدارات مارفل التي تتكاثر يومًا بعد يوم، لم يكن عنده وقت. كان يتصل بالفنان، يخبره أشياء مثل «بضعة رجال يقتحمون بنكًا، يسرقون الأموال ويفرون»، وهاك ما يحدث في المنتصف، وتنتهي الحكاية بأن يحدث كذا. يأخذ الفنان حبكة ستان المختصرة، وعليها يرسم 20 صفحة بما يتراءى له مناسبًا، ثم يعود إلى ستان ليملأ الفراغات بكتابة النصوص والحوارات بما يناسب المرسوم.
زعم ستان أن كثير من الفنانين المتعاونين معه أحبوا هذه الطريقة، إذ قدمت لهم كثيرًا من الحرية في تقديم القصة مثلما يرغبون، بينما سببت كثيرًا من التوتر لآخرين تدربوا طوال أعمارهم على طريقة النص الكامل.
يقول ستان في كتابه: «الأفضل في هذه اللعبة كان جاك كيربي. كنا نأخذ جولة بالسيارة حول لونغ آيلاند، نناقش خلالها حبكة العدد التالي. لم أكن حتى بحاجة إلى كتابة الأشياء على ورق له، كان يتذكر كل شيء ويذهب مباشرة ليرسم. أحيانًا كنت أقول له بضعة جمل عبر الهاتف، وهو يذهب لعمل الباقي».
«صار جيدًا جدًّا في ما يفعله، حتى أصبحت أقول له شيئًا مثل: في العدد التالي، اجعل دكتور دوم يختطف سو (من فنتاستيك 4)، والثلاثة الباقيين يذهبون لاستعادتها. كان هذا كافيًا ليرسم قصة كاملة».
تخيل مخرج سينمائي يقول لممثليه هذه الجملة: «بضعة رجال يقتحمون بنكًا، يسرقون الأموال ويفرون»، وعليها يبدأ التصوير. تخيل أعمالًا مثل «Watchmen» بهذه الطريقة، ماذا كان المخرج «آلان مور» سيقول؟
«رجل تتراقص على قناعه بقع سوداء، يحقق في مقتل كوميديان سقط من النافذة. الشرطة تشتبه في أنه انتحر، لكن الرجل صاحب القناع يؤمن بأنها جريمة قتل».
مارفل: بين ستان لي وجاك كيربي
عبر الزمن، مرت على مارفل إدارات متعاقبة، نجحت وفشلت، قاربت على الإفلاس، اشترتها ديزني، باعت حقوق شخصياتها.
مرت الشركة بكثير من الأزمات، لكن ستان العجوز لم يتغير موقفه في شيء، ظل رئيسًا شرفيًّا للشركة براتب سنوي مليون دولار، إضافة إلى 10% من أرباح الشركة أيًّا يكن وضعها. قرر الرجل مقاضاة مارفل حين لم يحصل على أرباحه من فيلم «Spider-Man 2»، الذي لم يشارك فيه سوى بظهور في مشهد كاميو وحيد. انتهت القضية بالتسوية، ودفعت مارفل 10 ملايين دولار صاغرةً لرئيسها الشرفي/القديم.
اقرأ أيضًا: موت البطل الخارق: هل نشهد نهاية زمن أفلام الكوميكس قريبًا؟
لا يمكن تحديد قيمة ستان لي الحقيقية. لكن حجم إسهامه الحقيقي بُولغ في تقديمه كثيرًا.
يمكن إدراك موقف ستان لأن أهم شخصيات مارفل من تأليفه. لكن بالنظر إلى طريقته في الكتابة التي يتحدث عنها بمنتهى الفخر (الحبكة أولًا)، نجد أنه في أفضل الأحوال كان «يشارك» في كتابة الحكاية والشخصيات، بينما غالبية العمل ينفذه رسامو مارفل. إنهم الحكاؤون الحقيقيون، لكن أحدًا منهم لم ينل أي تقدير من أي نوع، خصوصًا جاك كيربي الذي يتحدث عنه فنانو الكوميكس باعتباره أسطورة، ويشهد ستان نفسه بذلك في كتابه.
كيربي كان يتسلم راتبه بالصفحة على الرسم فقط، ولم ينل أيًّا من حقوق الشخصيات التي أسهم في كتابتها ورسمها وحيدًا. مؤرخو الكوميكس يرون أن فضل كيربي على مارفل لا يقل عن ستان بأي حال، ولو كان قد توقف عن الرسم لسبب أو لآخر، قبل ثورة الأبطال الخارقين في الستينيات، ما كان ستان ولا مارفل حققا كل هذا النجاح.
في مقابلة إعلامية عام 1990، يصف كيربي ستان لي بأنه عامل مكتبي، رجل يسرق الأفكار من رجال الأفكار الحقيقية وينسبها لنفسه. كيربي لم يقاضِ مارفل قط، لكن ورثته فعلوا، وطالبوا بحقوق الشخصيات التي أبدعها الفنان الراحل، وانتهت القضية بالتسوية مع مارفل دون الإعلان عن تفاصيل الاتفاق.
لا يمكن بالضبط تحديد قيمة ستان لي الحقيقية. بالتأكيد كان له أثر لا يمكن إنكاره في تاريخ صناعة الكوميكس ومستقبلها في مرحلة ما، لكن حجم إسهامه الحقيقي بُولغ في تقديمه كثيرًا، وقُلِّل منه كثيرًا أيضًا في رد فعل على المبالغة.
القيمة الحقيقية لستان لي ضائعة في زحام الآراء المتناقضة.