«عندما تسقط الثلوج وتهب الريح البيضاء، ينفق الذئب الوحيد بينما ينجو القطيع».
- «سانزا ستارك» في الإعلان الثاني للموسم السابع، اقتباسًا عن «ند ستارك» في الكتاب الأول.
في السنوات الأولى لعرض مسلسل «Game of Thrones»، لم يكن احتمال لحاق المسلسل بأحداث روايات «أغنية الجليد والنار»، المأخوذ عنها، قائمًا لهذه الدرجة. كان المؤلف «جورج آر. آر. مارتن» قد أصدر الكتاب الخامس من سلسلته الملحمية بعد أسابيع قليلة من بداية عرض المسلسل، وشارك في إنتاجه وكتابة مجموعة من أهم حلقاته، وسرعان ما بدأ يحقق نجاحًا مطردًا على المستوى النقدي وأعداد الجوائز، أو معدلات المشاهدة والقاعدة الجماهيرية العالمية التي تقدر الآن بعشرات الملايين.
صحيح أن السلسلة الروائية كانت ناجحة بالفعل، وتصدرت قوائم الكتب الأعلى مبيعًا طويلًا، وحصلت على عدد من الجوائز الأدبية، إلا أن الحقيقة التي لا شك فيها أن عرض المسلسل ضاعف هذا النجاح مرارًا. ولمَّا كان أكبر مسلسلات شبكة «HBO» وأشهرها منذ «The Sopranos»، فقد أدى إلى انتشار عالمي غير مسبوق للروايات وترجمتها إلى لغات لم تعرفها من قبل، بل ودفع كثيرين ممَّن لم يفتحوا كتابًا في حياتهم تقريبًا أو لا يحبون أدب الفانتازيا إلى قراءتها.
لكن مع اقتراب نهاية موسم المسلسل الرابع، بدأ كثيرون يتخوَّفون من أن المسلسل سيُفسد أحداث الروايات، فمارتن لم ينتهِ حتى الآن من الكتاب السادس، بل وانسحب من كتابة أي حلقات تليفزيونية جديدة ليركز على روايته، وهو ما يعني أن اعتماد «دي بي وايس» و«ديفيد بنيوف»، مؤلفي المسلسل ومنتجيه التنفيذيين، سيكون مقصورًا على المادة الواردة في الروايتين الرابعة والخامسة، «وليمة للغِربان» و«رقصة مع التنانين»، والاكتفاء بالخطوط العريضة التي رسمها لهما مارتن لحين فروغه من الكتاب القادم: «رياح الشتاء».
افتقاد السحر القديم
تجاهل الموسم الخامس السواد الأعظم من الرواية الرابعة، وقدرًا لا بأس به من الخامسة، مختصرًا ما يربو على ألفي صفحة من الأحداث في ما لا يزيد عن 10 حلقات تليفزيونية، وهي النقطة التي بدأ كثيرون، منهم المشاهدون التقليديون ومَن قرؤوا الكتب، يلاحظون عندها أن مستوى المسلسل تدنى بشكل ملحوظ عمَّا كان وقت مشاركة مارتن في كتابته، وأخذ طابع «هوليوودي» كان غيابه سابقًا هو ما جذبهم إلى المشاهدة بالأساس. نعم، لا يزال المسلسل رائعًا شائقًا في الغالب، لكن شيئًا ليس بالقليل من السحر القديم مفقود الآن.
كان لدى عدد ضخم من قراء الروايات أمل في أن يُصدر مارتن الكتاب قبل عرض الموسم السادس، لكن ذلك أيضًا لم يحدث، وأصبح محتومًا أن تحرق الحلقات بعض الأحداث القادمة من الروايتين المتبقيتين، غير أن في تلك المرحلة كان المسلسل قد أصبح كيانًا مستقلًّا عن الكتب إلى حد كبير، خصوصًا مع دخوله في خطوط درامية مختلفة، وخروج شخصيات كثيرة من المسلسل إلى مسارات جديدة، ناهيك بمن ماتوا على الشاشة وما زالوا أحياء على الصفحات.
بضع الأحداث الأساسية التي ألمَّ بها قراء روايات «غيم أوف ثرونز» في الكتاب الأول ستظهر على الشاشة أخيرًا.
فجاء مارتن ووايس وبنيوف ليؤكدوا أن عديدًا من الأحداث التي شهدناها في الموسمين الخامس والسادس سترِد بشكل مختلف في الكتب أو لن ترِد على الإطلاق.
رغم هذا ظل لكتابة جورج مارتن حضور واضح في أحداث هذين الموسمين، بل وعاد المسلسل إلى أحداث في الرواية الخامسة وقدمها في موسمه السادس، فكانت المرة الأولى في التاريخ التي يسبق فيها عمل مقتبَس العمل الأصلي المأخوذ عنه.
من يحبون الروايات فقط مستمتعون بها وفي شوق إلى التالية، وكذا من يحبون المسلسل فقط، أما محبو الاثنين فأخذوا أفضل ما في العالميْن، وفي كل الحالات تُبدي لنا الإعلانات الرسمية لموسم المسلسل السابع أن الروايات سيظل لها وجود محسوس فيه، مع أننا تجاوزناها منذ زمن، وأن بضع أحداث أساسية ألمَّ بها القارئ في الكتاب الأول ستظهر على الشاشة أخيرًا.
ماذا سيحدث في الموسم الجديد؟ وكيف ستتحرك مصائر شخصياته المفضلة عند الناس؟
قد يعجبك أيضًا: هل مسلسل «أوركيديا» مقتبس حقًّا من «لعبة العروش»؟
حقل النيران من جديد
بعد ستة مواسم، وقريبًا في الكتب كما نأمل، تُبحر «داني» إلى وطنها الذي لم تره منذ ميلادها، ومعها قطيع ضخم من الدوثراكي سادة الخيول، وجيش من المطهَّرين الذين يُعدُّون من أفضل المحاربين على الإطلاق، بالإضافة إلى حلفاء من مُدن «دورن» و«هايغاردن» و«جُزر الحديد»، علاوةً على التنانين الثلاثة الوحيدة في العالم.
من السذاجة أن نتصور أن معركة «دنيرس» ستمضي دون معوقات، فهناك اعتقاد قوي بأنها ستعاني خسائر فادحة، وقد تفقد أحد تنانينها أيضًا.
ليست هذه المرة الأولى التي تغزو فيها عائلة «تارغاريان» الممالك السبع، فقبل 300 عام أعلن «إغون تارغاريان» نفسه ملكًا على «وستروس» كلها، وبدأ حملة غزو الممالك واحدةً تلو الأخرى بجيش بدأ صغيرًا ثم بدأ ينمو كلما أخضع واحدًا من النبلاء.
انهزمَ جيش «إغون» في بعض المعارك، منها معركة بحرية يبدو أننا سنشهد مثيلةً لها هذا الموسم، لكن في النهاية كانت التنانين الثلاثة التي يمتطيها مع أختيه «ريينس» و«فيزينيا» دائمًا العامل الحاسم في جلب النصر. حدث هذا في «هارنهال» و«العُش» والشمال، سواء بخوض المعركة أو بمجرد الترويع بمنظر التنانين وقدرتها المدمِّرة، إلا أن هناك معركة واحدة فاصلة هي التي رسَّخت قوة «إغون» الهائلة أمام كل من تحداه من سادة «وستروس»، المعركة المعروفة في تاريخ هذا العالم بـ«حقل النيران».
ترينا الإعلانات الرسمية للموسم السابع أن معركة مشابهة ستدور بين جيشي «دنيرس» و«سرسي لانستر»، مع فارق أن الثانية دون حلفاء تقريبًا، خصوصًا بعد أن فجرت المعبد الرئيسي، المعادل الوستروسي للفاتيكان، بينما يتحالف مع الأولى أحفاد من واجهوا جدها، خصوصًا «عائلة مارتل» الدورنيون، وهم الوحيدون الذين نجحوا في مقاومة «إغون» أعوامًا طويلة، بل وقتلوا أخته الملكة «ريينس» وتنينها «ميراكسس»، ولم ينضموا إلى مملكته إلا بالمصاهرة والاتفاق.
صحيح أن «داني» تبدو كأنها لا تقهر الآن، وأن غزوها «وستروس» سيكون أسهل من جدها بكثير، إذ معها جيوش أكبر وحلفاء أكثر، والبلاد ما زالت في حالة من الفوضى بعد نهاية حرب الملوك الخمس، لكن من السذاجة أن نتصور أن كل شيء سيمضي كما تريد دون معوقات، وثَمَّة اعتقاد قوي بأنها ستعاني عدة خسائر في المعارك التي ستخوضها، بل وقد تفقد أحد تنانينها أيضًا.
البطل الأخير الآخَر
هل يقتل المسلسل عددًا كبيرًا من الشخصيات في ضربة واحدة قد تكون أقسى من الزفاف الأحمر؟
يأخذنا الكتاب الأول من حكاية نارية إلى أخرى دارت أحداثها وسط الجليد، ومن لسان المربية «العجوز نان» نسمع القليل عن تاريخ الليل الطويل الذي أحاق بالعالم قبل ما يقرب من ثمانية آلاف عام، وعلى وشك أن يتكرر الآن مع حلول شتاء جديد يتوقع الجميع أن يكون في غاية السوء.
تحكي المربية أن «الآخَرون» (أو ما يعرف بالسائرون البيض - «White Walkers») جاؤوا للمرة الأولى في الظلام: «كانوا أشياء باردة، أشياء ميتة تمقت الحديد والنار ولمسة الشمس وكل مخلوق تجري الدماء الحارة في عروقه. اكتسحوا المعاقل والمدن والممالك، وأسقطوا الأبطال والجيوش بالآلاف وهم يمتطون خيولهم الميتة الشاحبة ويقودون حشودًا من الموتى الذين أسقطوهم. لم تستطِع كل سيوف البشر إيقاف تقدمهم، ولم تُثِر العذارى والرضع حتى ذرة شفقة فيهم. طاردوا الفتيات في الغابات المتجمدة، وأطعموا لحم أطفال البشر لخَدَمِهم الأموات».
وتكمل واصفة: «هكذا، وقد ملأَ البرد والموت العالم، قرر آخر الأبطال الاستعانة بأطفال الغابة، آملًا أن يُفلِح سحرهم القديم في استعادة ما فقدَته كل جيوش البشر، وخرج إلى أراضي الموت ومعه سيف وحصان وكلب ودستة من المقاتلين».
«لسنوات ظَل يبحث إلى أن يأس تمامًا من العثور على أطفال الغابة في مدنهم الخفية، وواحدًا تلو الأخر مات أصدقاؤه، ثم حصانه، وأخيرًا كلبه، وتجمد سيفه عن آخره لدرجة أن النصل انكسر عندما حاول استخدامه، واشتمَّ (الآخَرون) رائحة دمائه الحارة، واقتفوا أثره بصمت تام ومعهم جموع من العناكب البيضاء الشاحبة التي تناهز كلاب الصيد حجمًا».
أرتنا إعلانات الموسم السابع أن مجموعة من الأبطال ستذهب وراء الجدار لهدف ما، تضم «جون سنو» (الذي يُفترض حاليًّا أنه البطل الأخير أو الأمير الموعود أو «آزور آهاي»، أيًّا كان الاسم الذي تفضله) وثلاثة آخرين على الأقل من الشخصيات المعروفة، ويبدو أن مواجهة كبيرة ستدور بينهم وبين جيش الموتى الأحياء.
هذه المرة لا وجود لأطفال الغابة وسحرهم في المعادلة، والعمالقة انقرضوا بدورهم على حد علمنا، فهل يعني هذا أن التاريخ سيعيد نفسه لكن بشكل آخر؟ وهل من الممكن أن يقتل المسلسل عددًا كبيرًا من الشخصيات (بما فيهم الذئب الرهيب غوست لو أنه سيحل محل الكلب) في ضربة واحدة قد تكون أقسى من الزفاف الأحمر؟ وهل سنرى تلك العناكب البيضاء الشاحبة أخيرًا؟
السر الكامن في السراديب
بعد تنظير دام 20 عامًا، تأكد أخيرًا أن «جون سنو» ليس ابن «ند ستارك» غير الشرعي، بل ابن أخته «ليانا» من «ريغار تارغاريان». السؤال الآن: كيف سيعلم «جون» بهذه الحقيقة؟
الإجابة قد تكون موجودة في إحدى لقطات الإعلان الأول للموسم السابع، التي نرى فيها «جون» واقفًا أمام تمثال «ليانا» في سراديب «وينترفل»، وهو التمثال الذي لا يُفترض أن يكون له وجود في السراديب، التي اعتاد آل «ستارك» أن يدفنوا الموتى من سادتهم فقط فيها، وليس أي فرد من العائلة، لكن «ند» أصر على أن تُدفن أخته هناك، ربما لأن ثَمَّة سر يخص نَسَب «جون» في مقبرتها أو تمثالها.
ولنتذكر أن للسراديب حضورًا مستمرًا في أحلام «جون» في الكتاب الأول أيضًا: «ثم أجد نفسي أمام باب السرداب. الظلام أسود دامس في الداخل، ولا ألمح غير الدرجات المفضية إلى أسفل، وبشكل ما أعرف أني يجب أن أنزل، لكني خائف، خائف ممَّا قد أجده في انتظاري.
إن ملوك الشتاء القدامى هناك في الأسفل، جالسون على عروشهم والذئاب الحجرية عند أقدامهم وكلٌّ منهم يضع سيفه الحديدي في حِجره، لكن الغريب أني لا أشعر بالخوف منهم. أصرخ أني لست من آل ستارك، أن هذا ليس مكاني، لكن دون فائدة، وهكذا أنزل متحسسًا الجدران بدون مشعل ينير طريقي، ويزداد الظلام أكثر فأكثر إلى أن تسيطر عليَّ الرغبة في الصراخ».
وارد أيضًا أن يعرف «جون» السر عن طريق «سام» الذي يدرس في «القلعة»، أو «بران» الذي شهده بنفسه، لكن لا بد أن للسراديب دورًا تلعبه، وإلا لما كانت لها هذه الأهمية منذ البداية.