الاكتئاب كحقيبة يد: تجربة شخصية في التعايش
الكتابة الشخصية ليست أمرًا سهلًا، وبخاصة عندما أحاول استعادة لحظات قديمة من الذاكرة، اختلطت بذكريات ليست سعيدة جدًّا.
منذ ما يقرب من 20 عامًا مضت، لم أكن أعرف ما هو الاكتئاب ولا أسبابه ولا أعراضه، أو آثاره في الإنسان. كل ما في الأمر أنني كنت أشعر تدريجيًّا بانسحاب الحياة من داخلي، والرغبة المستمرة في الوحدة، وعدم القدرة أو الرغبة في الإنجاز. باختصار: ستارة سوداء سميكة تنسدل على عيون فتاة مراهقة، لتحجب الحياة تمامًا. تمامًا.
كانت نوبة اكتئاب طويلة وعميقة، اكتئاب عدمي يحرض على الانسحاب من الحياة، يغمرني في بحر عميق من اللاجدوى، وانعدام اليقين في الوجود، وفي أسباب استمرار الحياة، لأن الموت سيأتي في النهاية لينهي كل شيء، ويقطع كل الأحلام والأمنيات.
حين أتذكر كل تلك اللحظات شديدة الألم، أعرف الآن أنه من الصعب جدًّا تحديد اللحظة التي بدأ عندها كل شيء. اللحظة التي يتحول فيها تقلُّب المزاج العادي المحتمَل إلى اكتئاب، اكتئاب أعمق وأكثر تجذرًا وثباتًا. قدرته على الدق بعنف أعظم وأكبر، مسحة الحزن الذي يتركها على الوجه والروح لا يمكن إخفاؤها.
قَلِقٌ كأن الريح تحتي
سنوات طويلة من العذاب والتعاسة الراسخة في القلب، سنوات من الهواجس المَرضية مع كل موقف مهما يكن صغيرًا. ليالٍ طويلة من استعادة الأحداث اليومية وتأنيب النفس على سوء التصرف، وعدم القدرة على تجاوز الهفوات الإنسانية الصغيرة.
سنوات من البحث عن أسباب الحزن واختلاقها في أكثر لحظات السعادة. البُعد عن الأقارب والأصدقاء وانعدام التواصل دون أي أسباب. تقلُّب المزاج المفاجئ الذي يشبه البسترة، كأن يقذفني أحدهم دون رغبة مني في قلب النار، ثم يضعني بعدها مباشرة في قلب المبرد.
سنوات من الوحدة الاختيارية والإجبارية في الوقت نفسه. وحدة لم يفرضها أحد، لكنني كنت أفرضها على نفسي، لرغبة راسخة في البُعد عن التجمعات العائلية والاجتماعية، وعدم القدرة على الانخراط في أي نشاط جماعي، واختيار الأنشطة الفردية: القراءة والكتابة والرسم. كنت أفضل كل ما يمكنني أن أفعله وحدي، وما زلت.
المرة الأولى التي فكرت فيها في الذهاب إلى طبيب نفسي، كانت في العشرين من عمري. كنت أشعر بأن الحزن يلتهمني دون أي أسباب، يلتهم كل المشاعر الجيدة والأفكار الإيجابية، يشبه سرطانًا خبيثًا يتشعب بداخلي، يجرفني من الحياة تمامًا، ويضعني على حافة العدم. العدم الذي ينهي كل شيء: الآمال والأحلام والصداقات، ويُحيِّد المشاعر ويُسطِّح الحياة.
لم أكن أعلم أنه الاكتئاب تحديدًا. لكن كنت أشعر بأن روحي تتألم ألمًا ملموسًا وماديًّا يمكنني القبض عليه بين أصابعي ومضغه بين أسناني، أشعر به في حلقي. أشعر بحياتي تتلاشى أمامي تمامًا. هنا قررت أن الذهاب إلى الطبيب النفسي لا مفر منه بعد سنوات من الخوف والرهبة والقلق من الأمر.
الخوف من الوصم بالجنون كان أول وأهم الأسباب التي منعتني لسنوات من الذهاب إلى طبيب نفسي.
أستعيد الآن أسباب قلقي وخوفي من الذهاب إلى الطبيب النفسي منذ بداية شعوري بالمرض. في عُمر السادسة عشرة أو السابعة عشرة، لم يفكر أحد في أن تلك الأعراض بسبب الاكتئاب، بل اعتقد غالبية المحيطين في أنها انفعالات عاطفية، أو حالة تقلُّب مزاجي ترتبط بفترة المراهقة، أو ربما حكاية حب لم تكتمل كعادة كل علاقات المراهقة. ذهبت جارة لنا إلى أبعد من ذلك، واقترحت على أمي أن تأخذني لأحد الشيوخ أو القساوسة، لأنه ربما هناك من سحر لي.
كل هذه الأفكار والاقتراحات من غالبية مَن حولي، لم تفكر في احتمالية أن تصاب فتاة مراهقة بالاكتئاب. ليس لتقصير منهم، لكن لم تكن ثقافة المرض النفسي منتشرة. وكان أي مريض نفسي يوصم مباشرة بالجنون. ذلك الجنون المرضي الذي يعد منذ الأزل سر الأسرار والمصيبة الأكبر والمرض الأكثر فضائحية في المجتمعات عمومًا.
الخوف من الوصم بالجنون كان أول وأهم الأسباب التي منعتني لسنوات من الذهاب إلى طبيب نفسي. الخوف على أمي (التي يترسخ داخلها ارتباط المرض النفسي بالجنون) من مثل هذا الاقتراح. سبب آخر كان يمنعني من الذهاب إلى الطبيب النفسي، وهو ارتفاع أسعار الكشف على مراهقة صغيرة قررت أن تذهب إلى الطبيب النفسي سرًّا.
في النهاية، تعاظم الألم داخلي ليغطي على كل تلك المحاذير والمخاوف. واتجهت على مضض إلى عيادة الطبيب وأنا أحسب خطواتي، أحسبها بالعدد، وأتذكر «صمويل بيكيت» في بداية قصته وهو يعد سلالم الدرج، وأقول لنفسي ربما أشبه بيكيت في عدميته وكآبته، وأنا أتساءل: هل سينجح الطبيب في جز ذلك الحزن والألم من داخلي؟ لم أكن على يقين تام من الإجابة، لكنني كنت أتشبث بالأمل.
داخل العيادة الهادئة ذات الأضواء الصفراء الخافتة، كنت أنظر إلى الوجوه حولي وأبكي، استمر البكاء دون توقف حتى جاء دوري، كنت أخطو داخل حجرة الكشف كمن يخطو إلى قبره بإرادته. ساعة كاملة من الدردشة والبكاء المتواصل، بعدها قال الطبيب ببساطة: «اكتئاب يا بنتي، إنتي عندك اكتئاب». ووصف لي واحدًا من مضادات الاكتئاب.
الأمور ليست بهذه البساطة
كنت أظن أن العلاج النفسي والدوائي سيحملني من كفة الحزن إلى كفة السعادة مباشرة، وأن البكاء بغير سبب سيتوقف، وأنني سأتحول إلى إنسان يمكنه الاستمتاع الأقصى بالحياة.
استمرت الزيارات لثلاثة أشهر، والاكتئاب لا ينتهي. فقط أمكنني السيطرة على مشاعر الحزن والعدم بشكل ما. أصبحت نوبات البكاء أقل، وأمكنني التفاعل مع الناس بشكل أفضل قليلًا مما سبق.
بعد وقت طويل أيقنت أن الاكتئاب الخاص بي مزمن ولن يزول أبدًا. ربما يتراجع في أوقات، يتوحش في أوقات أخرى، وبدأت في محاولات التأقلم معه. لا أقول إن كل أنواع الاكتئاب لا تُشفى تمامًا، هناك اكتئاب خفيف، وهناك ما يسمى نوبات الكآبة، أو نوبات الحزن، وهناك ما يطلق عليه الأطباء «الشخصية الاكتئابية»، وهو توصيف لا يزال قيد البحث حتى الآن.
لكن مجموعة من الأعراض المشابهة في عدد من الحالات تكون الإحساس الدائم بالتشاؤم واللامبالاة تجاه الحياة والعلاقات بشكل عام، وشعور الذنب الدائم، لا تتوقف عن لوم الذات ولا عن الوساوس المرضية بكل أنواعها.
سنوات طويلة أخرى بعد توقفي عن الذهاب إلى الطبيب، كنت أتراوح فيها بين السعادة والتعاسة، بين القرب في العلاقات والانغلاق التام.
مشاعري كانت شديدة التطرف، في أي اتجاه، سواء الحب أو الكره، الفرح أو الحزن. لكني في نهاية الأمر اعتدت التعايش مع الاكتئاب كرفيق ثقيل لا يتركني أبدًا بشكل نهائي، بل ويتعاظم في أوقات معينة، أوقات لها اكتئابها الخاص، مثل أوقات الحمل والولادة، وباعتباري أمًّا لثلاث فتيات، وصاحبة شخصية اكتئابية، كما وصفني الطبيب، فإنني كنت أشعر وكأنني أحمل الاكتئاب دائمًا مثل حقيبة يد لا تفارقني.
كان اكتئاب الحمل والولادة لديَّ من أصعب ما يكون. نفس الهوة السحيقة التي تبتلعني، لكنها أصعب من الحمل والولادة. لماذ أصعب؟ لأن العقل الجمعي الحقير لا يتوقف عن اللوم، ولا تقديم النصائح الساذجة للتخلص من الاكتئاب، كأنه سرب من القمل يسري في رأسي، وأنا سأضع له الكيروسين ليختفي.
تجربتي مع الاكتئاب ليست هكذا. إنه يدمرني تمامًا ويكبر بداخلي. في تلك الأوقات بالتحديد، لا تنفع معه نصائح مثل التواصل مع الناس، أو محاولات تحسين المزاج عن طريق الراحة والنوم الجيد، وممارسة اليوغا، والاستماع إلى الموسيقى، والقراءة.
هذا كله ليس أكثر من هراء، لم تكن له أي نتائج في حالتي. كأن الولادات المتكررة والحمل المتكرر عمَّقوا الألم بداخلي.
في ولادتي الأخيرة عدت من المستشفى صباحًا لأجد حرارة طفلتي الصغيرة في ارتفاع مستمر، وهي لا تريد غيري. رضيعة لا تريد سوى صدري، والألم في مكان الجرح لا يتوقف.
في تلك اللحظة شعرت بنفسي أغرق في بحر من الاكتئاب العظيم. ليس ثمة أمل في أي شيء، لن ينقذني شيء من الآلام القائمة والآلام المحتمَلة. كنت أنظر إلى بناتي كأشباح تلتهمني، تمتص وقتي وحياتي ووجودي. لم أستطع أن أمنع نفسي عن التفكير في جدوى الأمومة، عطاء لا ينتهي أبدًا. بناتي الثلاثة مثل قلوب اختارت أن تهجر جسدي لتهيم في الحياة التي أخشى أن تدهسهن، وقلبي الرابع يرتجف داخلي من الخوف عليهم.
حاولت في أوقات كثيرة أن أعدد النعم كما يقولون لي، أن أؤطرها بترديدها على نفسي، لكن تعداد النعم والمزايا وتأطيرها لا يزيل الاكتئاب، تحديدًا اكتئاب الأمومة المرتبط في العمق بالعلاقة بين الأم وأبنائها، وتوقعاتها من الحياة، والإحباطات التي لا تكف عن الهطول عليَّ كالأمطار.
كلما صرحت بأنني في حاجة إلى طبيب، أجد الرد جاهزًا: «انظري إلى نعم الله». نظرت: فوق، تحت، شمال، يمين، ها؟ لم يحدث شيء.
كدت أتوقف تمامًا عن الحياة لأصبح أُمًّا: لا قراءة ولا كتابة ولا رسم.
ليالٍ طويلة من الإرضاع، وتغيير الحفاضات، والمذاكرة للطفلة الأكبر، واللعب مع الأوسط، وكأن «سارة» نفسها تتلاشى تمامًا.
كل هذا تخترقه أفكار في طرق غير مؤلمة للانتحار، للتخلص من تلك الأعباء، وفي المقابل أفكار في الصغيرات، وما سيفعلن من دوني. حتى الانتحار، تحُول الأمومة بيني وبينه.
أطفالنا فئران صغيرة، تنهش أرواحنا وحياتنا، لتنمو على أطلال أجسادنا التي ترهلت من الحمل والولادة والرضاعة، وأحلامنا التي تلاشت تحت وطأة الأمومة. أليست كل هذه الأسباب تعزز الاكتئاب؟ التضحيات التي يفرضها المجتمع على الأم حتى تحمل لافتة «الأم المثالية». وماذا إذا لم يعنني أن أكون أمًّا مثالية؟ ماذا عن ذلك الصراع بين رغباتي الشخصية كإنسانة ورغباتي الأخرى كأم؟
الصراع بين العقل الجمعي وفرديتي التي لم تتلاشَ، بالرغم من كل الإحباطات والآلام.
نعم نظرت: فوق، تحت، شمال، يمين، ها؟ لم يحدث شيء. ما زلت بحاجة إلى الطبيب، لأن اكتئاب الولادة والحمل غالبًا ما يكون نواة لنوبة اكتئاب جديدة. مع الأمومة تزداد الهواجس والخوف والقلق والشعور بالذنب. أصبحت أخشى الشوارع والظلام والسلالم والمدارس والتجمعات والمدرسين وأخطاء الأطباء والتحرش والسيارات والملاهي وتقويم الأسنان. أخشى المشاعر وانعدامها. أتوجس من الأقارب والغرباء والجيران والحضانات والحدائق. أخشى على بناتي من نفسي، وعلى نفسي منهن.
أخاف القرب الزائد والبُعد المحتمل. أخاف الاختيارات الخطأ. أخاف النوم واليقظة.
جوهر الأمومة بالنسبة إليَّ هو الخوف المستمر، الذي يعني ألمًا مستمرًّا وهواجس مستمرة. لم يكن هناك من حل سوى العودة إلى الطبيب من جديد.
قد يهمك أيضًا: أسرتي لا ترى عيادة الطبيب النفسي.. ولا تراني أيضًا
زيارة جديدة للطبيب النفسي
بعد 17 عامًا من الزيارة الأولى، جاءت الزيارة الثانية بعد فترة عصيبة مرضيًّا واجتماعيًّا. بعد لحظات مستمرة من الشعور الموحش بالوحدة، والخوف من فقدان الهوية. فقدان الهوية بمعنى فقدان الذات، فقدان المعنى والهدف من الحياة، فقدان الوجود، الغرق التام في بحر الهواجس والمخاوف المرضية والتخيلات القصوى لأسوأ الفروض في الحياة. لحظات سوداء من الألم والعجز والضعف انتهت بظهور مرض مناعي حقيقي، مرض جسدي وله آثار بدنية مؤلمة في جميع أجزاء الجسم.
كان الألم عميقًا ورهيبًا حتى إنه كان يجبرني على التأمل. أقف في منتصف الحياة وأتساءل: من أنا؟ ماذا أفعل؟ وما معنى الحياة أصلًا؟ أعاود من جديد الاحتماء بالملكوت بعد أن أصبحت أكثر مادية في وقت ما.
أنظر إلى جروحي كمستعمرات للألم الكامن، وإلى نفسي كدجاجة بلهاء لا تتوقف عن القفز داخل الحظيرة. أضع جروحي في لوحات وأعيد خياطتها من جديد، أحرك جرحًا إلى أعلى، وأُكَبِّر حجم آخر، أصنع من القطب الواصل بينهما خطوطًا تجريدية تساعدني على تحمل الألم.
يقول الفنان «فاسيلي كاندينسكي»: «كلما أصبح العالم أكثر رعبًا، أصبح الفن أكثر تجريدًا». الألم كذلك، كلما كان أكثر تشوهًا وعمقًا، استطعنا إعادة صياغته من جديد، وعجنه وإعادة تشكيله وبسطه على لوحة الجسد المنهك، بسكين مغموس بألوان تتراوح بين الأصفر والأحمر، سكين تنز منه مسكنات الألم وسائل البيتادين.
كدت أفقد نفسي تمامًا. كنت أنظر إلى السكاكين برغبة عميقة في تجربة التخلص من الحياة. أتلفت بين السكاكين ورغبتي في إنهاء حياتي من جانب، وبناتي، زهراتي الثلاثة، قلوبي الصغيرة التي تخطو بعيدًا عني، من جانب آخر. أكاد أجزم أن بناتي السبب الرئيسي في عودتي إلى الطبيب النفسي. خوفي من فقدهن إياي، وعدم قدرتي على متابعة مهمات الأمومة: عاطفيًّا ونفسيًّا وجسمانيًّا، خوفي من فقدان حياتي وتركهن وحيدات من دوني. تلك كانت اللحظات الحاسمة، لحظات «التنوير» كما أحب أن أسميها.
خطوات جديدة أخطوها داخل عيادة الطبيب، لكنها لم تكن خطوات خائفة من التجربة مثل المرة السابقة. كانت خطوات مرتجفة لشخص غريق يبحث عن طوق نجاة يتعلق به للبقاء على قيد الحياة والمواصلة. على الكرسي أمام الطبيب انهرت تمامًا. صرخت وبكيت وضحكت. لم يكن الأمر سهلًا، لكنني كنت أشبه بركانًا ينفجر وينفجر، عن كل ما بداخله. تحدثت دون ترتيب ولا توقف، حكايات ومواقف وذكريات ورغبات ومخاوف وهلاوس. والطبيب لا يفعل شيئًا سوى الاستماع.
لم يقل سوى كلمة واحدة: اكتئاب. ليس فقط اكتئابًا، بل شخصية اكتئابية، نفس التشخيص القديم. يبدو أن تلك الشخصية الاكتئابية تتوارى في أوقات وتنشط مع نوبات الاكتئاب، لأتحول إلى شخص مرتعب تمامًا من الوجود والحياة، لا أثق في أحد، ولا أنتظر أحدًا. كل الحياة تتحول إلى عدم. ومن جديد عادت مضادات الاكتئاب والمهدئات التي لا يمكن النوم دونها.
ربما كان للدواء أثر إيجابي في تخفيف الهواجس المرضية والأرق والقدرة المحدودة على التفاعل مع المحيطين، لكنه في نهاية الأمر لم يُنهِ الشعور بالعدم الذي يصاحبني غالبية الأوقات. لم يعد يسيطر عليَّ عدم الجدوى والقلق حتى من أبسط الأشياء، خصوصًا عندما تصاحب نوبة الاكتئاب أحداث حياتية كئيبة ومؤلمة تزيد من الألم النفسي. لكن الوعي الذاتي بالمشكلة، واستعمال كل الطرق الممكنة للمساعدة في الحل، والاعتراف بالحاجة إلى المساعدة، كانت أهم نقاط القوة التي أدركت أن لها الأولوية الكبرى في العلاج.
أرى نفسي محظوظة لعدة أسباب، أهمها علاقتي بالأنشطة الفردية، كالكتابة والرسم. كنت أكتب أسباب حزني وضيقي واكتئابي في أوراق وأمزقها وأنثرها في الهواء، أو أستجمع كل مشاعري الحزينة وأخلطها بالألوان وأضعها على لوحات. وأهم ما يمكن أن أقوله عن هذه التجربة إنها تصبح أنجح وأكثر فعالية عندما لا نهتم بالنتائج، سواء نتائج الكتابة أو الرسم، ونركز فقط على العملية الفنية بخطواتها وتدرجاتها، نركز على كل كلمة أو كل خط ولون.
كلها أشياء أقول لنفسي عبرها: لم ينتهِ الأمر بعد. هناك مزيد مني يرغب في المحاولة. هناك مزيد من الوقت، ومزيد من الحياة.
سارة عابدين