الزواج أم العزوبية: أيهما طريقنا للسعادة؟
غالبًا ما يرى كل شخص أعزب نفسه واقفًا في مكان بعيد عمَّن عرفوا الحياة وخبروا تفاصيلها الدقيقة، أي تزوجوا، ويشعر كثير من العزَّاب بأنهم أقل سعادةً ممَّن تزوجوا، لكن هذا ربما لا يكون صحيحًا.
إذا فصلنا المتزوجين إلى مجموعتين على أساس الراحة التي يشعرون بها في زواجهم، سنجد الأشخاص في مجموعة التقييم الجيد أكثر سعادةً، بينما أولئك في مجموعة التقييم السيئ يعيشون حياة بائسة وأقل سعادةً من غير المتزوجين، أي أن العزَّاب حالهم أفضل من بعض المتزوجين، وربما كثير منهم، وهو ما يناقشه مقال على موقع «كوارتز».
العزوبية أفضل من الارتباط
ربما ينبغي أن ينظر العزاب غير الراضين عن حياتهم إلى أنفسهم باعتبارهم في موقف محايد مفعم بالأمل، مقارنةً بما كان يمكن أن يكون عليه وضعهم في أي سيناريو آخر، بحسب كاتب المقال.
الشخص الأعزب فرصته في خوض علاقة سعيدة أفضل من بعض المتزوجين، فهو على بُعد خطوة واحدة منها، ويأتي على قمة أولوياته: البحث عن علاقة رائعة، أما الذين يعيشون علاقات غير سعيدة، فهم على بُعد ثلاث خطوات:
- المعاناة من انفصال يُثقل كاهل الروح.
- الاستشفاء العاطفي.
- البحث عن علاقة رائعة.
اقرأ أيضًا: ودَّع هواك وانساه: العالم يتجه إلى العزوبية
الأمر لا يبدو بذلك السوء عندما تنظر إليه بهذه الطريقة، أليس كذلك؟
سعادتك في اختيار الشريك المناسب
كيف يختار كثير من العقلانيين الأذكياء علاقات تجعلهم غير راضين ولا سعداء؟
بطبيعة الحال، تبدو الأبحاث التي أُجريت حول كيفية اختلاف السعادة بين الزيجات السعيدة والتعيسة منطقيةً تمامًا، فأنت تختار «شريك حياتك».
لاختيار شريك الحياة المناسب أهمية كبيرة، فهو مثل ضخامة الكون أو رهبة الموت. لكن على عكس الموت وحجم الكون، فإن اختيار شريك الحياة قرارك أنت، لذلك من المهم أن تكون واضحًا تمامًا بشأن أهمية هذا القرار، وأن تحلل بشكل شامل أهم عوامل صنعه.
بالتأكيد هناك حالات طلاق، لكنك تعتقد أنك لن تفعل ذلك. تبيِّن دراسة حديثة أن 86٪ من الشباب يفترضون أن زواجهم الحالي أو المستقبلي سيدوم إلى الأبد، لكن كاتب المقال يشك أن كبار السن يختلفون مع هذا الافتراض.
عند اختيار شريك الحياة، أنت تختار الكثير من الأشياء، مثل العنصر الذي سيؤثر بعمق في أطفالك، ويشاركك الجلوس إلى مائدة واحدة في نحو 20 ألف وجبة، ويرافقك في السفر خلال مئة إجازة، ويكون صديقك في وقت الفراغ وعند التقاعد، وطبيبك الخاص، إنه شخص ستسمع صوته نحو 18 ألف مرة يوميًّا.
إذا اعتبرنا أن اختيار شريك الحياة أهم عامل يحدد سعادتك، فكيف يختار كثير من الأذكياء والعقلانيين علاقات تجعلهم غير راضين ولا يشعرون بالسعادة؟
لماذا نخطئ في اختيار شريك حياتنا؟
يبدو أن هناك مجموعة من العوامل ضدنا، فمثلًا، يميل الأشخاص إلى التصرف على نحو سيئ عندما يدركون ما يريدونه حقًّا من العلاقة، كما أظهرت دراسات عدة، ووجدت دراسات أخرى أن من يدخلون علاقات سريعة ويشعرون بالشك في تفضيلات علاقتهم يجدون أنفسهم مخطئين في ما يفضلونه في العلاقة الحقيقة، وهذا أمر طبيعي.
أنت لا تجيد شيئًا بشكل حقيقي حتى تفعله مرارًا وتكرارًا، وللأسف، لا يحظى كثير من الناس بفرصة أن يكونوا في علاقات جادة قبل اتخاذ قرارهم الحاسم، فليس هناك ما يكفي من الوقت لفعل ذلك. وبالنظر إلى أن طبيعة الشراكة واحتياجات العلاقة غالبًا ما تكون مختلفة عند الشخص الأعزب، فإنه من الصعب كشخص أعزب أن تعرف ما تريده أو تحتاجه من أي علاقة حقًّا.
المجتمع بدوره يسيء فهم كل شيء، ويقدم لنا نصائح سيئة، بل ويشجعنا على البقاء في حالة من الجهل، ويسمح بأن تصبح الرومانسية دليلنا الوحيد.
اقرأ أيضًا: حب إيه؟ الرومانسية الحالمة قد تفسد صحتك
إذا كانت وظيفتك في إدارة الأعمال، هناك حكمة تقليدية تقول إنه من الممكن أن تصبح رجل أعمال أكثر فعالية إذا درست إدارة الأعمال في المدرسة، ووضعت خطط عمل مدروسة بعناية، وحللت أداءك بمثابرة. هذا أمر منطقي، لأنه السبيل الوحيد الذي تسلكه عندما تريد أن تفعل شيئًا جيدًا وتقلل من الأخطاء.
لكن لو ذهب شخص إلى المدرسة لمعرفة المزيد عن كيفية اختيار شريك حياة والمشاركة في علاقة صحية، وإذا رسم خطة عمل تفصيلية للعثور على علاقة جيدة، وحافظ على تقدمه بانتظام صارم في جدول بيانات، فإن المجتمع يتهمه بأنه روبوت مفرط في العقلانية، وقلق للغاية بشأن اختيار شريك الحياة، وربما غريب الأطوار كذلك.
عندما يتعلق الأمر بالارتباط، يرفض المجتمع التفكير كثيرًا بشأن هذا الأمر، ويختار بدلًا من ذلك الاعتماد على المصير، والانجراف وراء المشاعر والعواطف، والأمل في العثور على شيء أفضل.
مواعدة؟ ياللعار!
يختار الناس شريك حياتهم من بين المتاح، بغض النظر عن مدى توافقهم مع هؤلاء «المرشحين».
إذا أخذتْ صاحبة العمل، على سبيل المثال، بنصيحة المجتمع في المواعدة، فإنها سوف تفشل، وإذا نجحت سيكون نجاحها جزئيًّا يرجع إلى الحظ، وهذه هي الطريقة التي يريدنا المجتمع أن نتناول بها فكرة المواعدة.
ما العوامل التي تحكم خياراتنا في المواعدة؟ هل هي تفضيلاتنا أم الفرص الحالية التي نمتلكها؟ أثبتت دراسة حول أكثر ما يحكم خيارات المواعدة أنها تكون استجابةً لـ«ظروف السوق» بنسبة 98٪، و2٪ فقط بناءً على رغبات غير قابلة للتغيير.
بعبارة أخرى، يختار الناس من مجموعة الخيارات المتاحة أمامهم، بغض النظر عن مدى توافقهم مع هؤلاء المرشحين. والنتيجة الواضحة التي نستخلصها هنا هو أنه خارج العلاقات الاجتماعية، ينبغي على كل شخص يبحث عن حبيب أن يدخل على مواقع المواعدة السريعة عبر الإنترنت، وغيرها من النُّظُم التي أُنشئت لتوسيع نطاق المرشحين بطريقة ذكية.
قد يعجبك أيضًا: لماذا يصعب على جيل الألفية العثور على شريك الحياة؟
لكن المجتمع يرفض ذلك، ويشعر الناس غالبًا بالخجل من التصريح بأنهم التقوا بأزواجهم عبر موقع مواعدة، فالطريقة المحترمة للقاء شريك الحياة لا بد أن تكون عن طريق الحظ، نتيجة الاصطدام به بشكل عشوائي أو التعرف إليه عبر الأصدقاء.
لحسن الحظ، فإن هذه الوصمة المجتمعية آخذة في التناقص مع مرور الوقت، لكن وجودها انعكاس لعدم منطقية القواعد المقبولة اجتماعيًّا بشأن بالمواعدة.
تزوج.. قبل أن يفوتك القطار
يجب أن تكون القاعدة: «مهما فعلت، لا تتزوج الشخص الخطأ»، لكن المجتمع لا يتقبل وجود شخص يبلغ من العمر 37 عامًا ولا يزال أعزب، بينما يتقبل وجود شخص يبلغ من العمر 37 عامًا ومتزوج ولديه طفلان، ويعيش حياة غير سعيدة.
هذا غير منطقي على الإطلاق، فالأول على بُعد خطوة واحدة من الزواج السعيد، بينما على الأخير أن يتعايش مع تعاسته الدائمة أو يتحمل فوضى الطلاق.
تقف طبيعتنا البيولوجية ضدنا، ورغم أن علم الأحياء تطور منذ وقت طويل، فإنه لا يوضح مفهوم وجود اتصال عميق مع شريك الحياة لمدة 50 عامًا.
عندما نرى شخصًا ونشعر بنوع من السعادة، فإن طبيعتنا البيولوجية تقول لنا: «حسنًا، لنفعل ذلك»، وتجعلنا نشعر بالرغبة في هذا الشخص، ومن ثَمَّ نقع في الحب ثم نلتزم بارتباط طويل المدى.
عادةً ما تتجاوز أدمغتنا هذه العملية عندما لا نهتم كثيرًا بشخص ما، لكن في جميع تلك الحالات المتوسطة حين يكون التحرك الصحيح هو المضي قُدمًا والبحث عن شيء أفضل، فنحن نستسلم لرغباتنا ويحدث ارتباط في النهاية.
أما بالنسبة إلى الرجل، فيوضح كاتب المقال أن تبني أطفال بصحبة زوجة مناسبة أفضل بكثير من إنجاب أطفال من زوجة غير مناسبة.
عندما تأخذ مجموعة من الأشخاص الذين لا يعرفون ما يريدونه من العلاقة وتضعهم في مجتمع يوجب عليهم إيجاد شريك حياة سريعًا، وتمزج ذلك مع طبيعة الإنسان البيولوجية التي تسيطر علينا وتخبرنا بأننا سنفشل في الإنجاب خلال وقت محدد، ماذا نفهم من هذا؟
نفهم أننا سنتخذ مجموعة من القرارات الحاسمة لأسباب غير منطقية، وسنفشل في اتخاذ أهم قرار في حياتنا.
الحب وحده لا يكفي
بمجرد أن يعتقد الشخص الرومانسي أنه وجد نصفه الآخر، يتوقف عن مساءلة جميع الأشياء حوله.
يلقي المقال نظرة على بعض الأشياء التي تجعل الناس يقعون ضحيةً لهذا التفكير، وينتهي بهم الحال في علاقات غير سعيدة.
1. الإفراط في الرومانسية
يعتقد المفرطون في الرومانسية أن الحب سبب كافٍ للزواج، والحقيقة أن الرومانسية يمكن أن تكون جزءًا كبيرًا من العلاقة وعنصرًا رئيسيًّا في الزواج السعيد، لكن من دون وجود عناصر مهمة أخرى، فهذا الحب لا يكفي لإقامة علاقة سعيدة وناجحة.
يتجاهل الشخص ذو الرومانسية المفرطة الصوت الذي يحاول تحذيره عندما تزداد الخلافات بينه وبين حبيبته، أو عندما يشعر بالسوء تجاه نفسه أكثر ممَّا كان يشعر قبل بدء العلاقة، عن طريق أفكار مثل «كل شيء يحدث لسبب ما، والطريقة التي التقينا بها لا يمكن أن تكون مجرد صدفة»، و«أنا أحبها، وهذا كل ما يهم»، وبمجرد أن يعتقد هذا الشخص أنه وجد نصفه الآخر، يتوقف عن مساءلة جميع الأشياء من حوله، ويظل متمسكًا بهذا الاعتقاد طَوَال 50 عامًا من الزواج التعيس.
اقرأ أيضًا: كيف تعرف أنك متورط في علاقة تؤذيك عاطفيًّا؟
2. الخوف
الخوف أحد أسوأ الأمور التي تتدخل في عملية صناعة القرار عندما يتعلق الأمر باختيار الزوج أو الزوجة المناسبة. وللأسف، يصيب الخوف جميع الأفراد غير العقلانيين، وأحيانًا يحدث ذلك في منتصف العشرينيات من أعمارهم.
من ضمن أنواع الخوف التي يسببها مجتمعنا (وآباؤنا، وأمهاتنا، وأصدقاؤنا): الخوف من العزوبية، والخوف من تقدم العمر، وأحيانًا الخوف من كلام الناس، وهذه المخاوف تؤدي بنا إلى تقبُّل زواج تعيس.
المفارقة أن الخوف المنطقي الوحيد الذي يجب أن نشعر به هو الخوف من أن نقضي حياتنا في تعاسة مع شخص غير مناسب.
3. التأثيرات الخارجية
تسمح التأثيرات الخارجية لأشخاص آخرين بلعب دور كبير في قرار اختيار شريك الحياة، بينما هو قرار شخصي عميق ومعقد للغاية، ويختلف عن أي قرار آخر، ويكاد يكون من المستحيل فهمه في إطاره الخارجي، بغض النظر عن مدى معرفتك الجيدة بهؤلاء الأشخاص.
ليست لآراء الآخرين وتفضيلاتهم أي أهمية هنا، وأتعس مثال على ذلك هو شخص انفصل عن حبيبته التي كان من الممكن أن تكون مناسبة، بسبب رفض خارجي أو عامل آخر لا يهتم به، لكنه يشعر أنه مضطر إلى الانصياع بسبب إصرار الأسرة أو توقعات الآخرين.
4. المشاعر السطحية
يهتم الشخص ذو المشاعر السطحية بالمظهر الخارجي لشريك حياته أكثر من الشخصية الداخلية، ويحتاج دومًا إلى التأكد من وجود مجموعة من الأشياء قبل الإقدام على الزواج، مثل طول القامة، والثقافة، والوظيفة، ومستوى الثراء، والإنجازات، أو ربما موهبة معينة.
كل شخص لديه صفات يريدها أن تكون موجودة في شريك حياته، لكن مَن تدفعه الأنا يعطي الأولوية للمظهر الخارجي والأمور التي سبق ذكرها، حتى أنه يفكر في نوعية التواصل مع حبيبته المحتملة عند التفكير في هذه الأمور.
5. الأنانية
تأتي الأنانية في ثلاثة أصناف متداخلة أحيانًا:
(أ) التعصب للرأي: هذه الشخصية لا يمكنها القيام بأي تضحية أو التوصل إلى حل وسط، فهي تعتقد أن احتياجاتها ورغباتها وآراءها هي ببساطة أكثر أهمية من شريكها، وأنه يجب تنفيذ آرائها في أي قرار حاسم.
هذه الشخصية لا تريد شراكة مشروعة، بل تريد أن تمضي حياتها مع شخص لمرافقتها فقط، وينتهي بها الحال مع شخص سهل الانقياد، أو شخص ضعيف يعاني مشكلات في احترام وتقدير الذات، وبالتالي تقلل من السعادة المحتملة لزواجها.
(ب) الشخصية الرئيسة في العلاقة: العيب الخطير في الشخصية القيادية هو الاستيعاب الذاتي، فهذا الشخص يريد حبيبة تعمل كمعالجة ومعجبة في الوقت نفسه، لكنه لا يهتم بالإعجاب بها في المقابل.
كل ليلة، يناقش هو وزوجته الأحداث اليومية، لكن 90٪ من مَحاور النقاش تدور حول ما جرى في يومه هو لا يومها، لأنه الشخصية الرئيسية في العلاقة. المسألة بالنسبة إليه أنه يكون غير قادر على الخروج من عالمه الشخصي، ومن ثَمَّ ينتهي به الحال مع حبيبة تعمل كصاحبة له وليست زوجة، ممَّا يجعله يعيش حياة مملة لمدة 50 عامًا.
(جـ) العلاقة القائمة على الاحتياجات: بعد عام من الزواج، وعندما يعتاد الشخص الذي تدفعه احتياجاته على تلبية تلك الاحتياجات ويشعر بأن العلاقة لم تعد مثيرة كما كانت، تظهر المشاكل، وربما من الأفضل أن تكون هناك أمور مشتركة في العلاقة من أجل الاستمرار.
السبب الرئيسي في أن معظم أنواع الشخصيات المذكورة ينتهي بها الحال في علاقات غير سعيدة أنهم يتركون أنفسهم فرائس لقوى دافعة، لا تأخذ بعين الاعتبار حقيقة العلاقة بين الطرفين والأسباب التي تؤدي إلى حياة زوجية سعيدة.
ترجمات