هل يعُم السلام لو حكمت النساء العالم؟ التاريخ يجيب

آية علي
نشر في 2017/07/01

الملك فرناندو الثاني والملكة إيزابيللا الأولى - الصورة: GEO Epoche

ربما نعتقد أن احتمالات دعم النساء لحرب فيتنام أو الخليج أو غزو أمريكا لأفغانستان أو العراق أقل عمومًا من دعم الرجال، ونسبة ارتكابهن جرائم القتل أقل بكثير كذلك، إضافةً إلى ضعف تأييدهن للهجمات الإرهابية مقارنةً بالرجال، وفقًا لما يورده مقال منشور على موقع جريدة «الإيكونومست».

بالنسبة لباحثين مثل عالم النفس «ستيفن بينكر» وأستاذ العلوم السياسية «فرانسيس فوكوياما»، تُعد مثل هذه الأسباب أساسًا للاعتقاد بأن العالم الذي تديره النساء سيكون أكثر سلامًا.

لكن التاريخ يشير إلى خلاف ذلك، وتاريخ أوروبا خصوصًا، بحسب بحث أجراه عالما السياسة «أويندريلا دوبي» و«إس بي هاريش» وأوردت «الإيكونومست» نتائجه.

درس العالمان عدد المرات التي خاض فيها حكام أوروبا حروبًا في الفترة بين عامي 1480 و1913، التي تخللتها نحو 193 فترة حكم، فوجدا أن احتمالية خوض الدول التي تحكمها الملكات للحروب كانت أكثر بنسبة 27% من تلك التي يحكمها الملوك.

النساء مظلومات

قصة الملكة «ماري تيودور»، الأكثر بطشًا في العالم

لم يكن هذا خطأ الملكات، فقد كان الرجال يميلون إلى مهاجمتهن لأنهم يرونهن أهدافًا سهلة، فمثلًا بعد أن أصبحت «ماري تيودور» ملكة إنجلترا عام 1553، أعلن المصلح البروتستانتي «جون نوكس» (John Knox) أن «أنظمة النساء الرهيبة» ليست مناسِبةً للحكم، «أن النساء «يتصفن بالضعف وسهولة الانقياد وقلة الصبر والوهن والحماقة»، حسب ما يورد المقال.

بعد ذلك، كرر «فريدريش العظيم» ملك بروسيا هذا التصريح قائلًا: «لا يجوز السماح للنساء بحكم أي شيء»، وفي غضون أشهر من وصوله إلى العرش عام 1740، هاجم «ماريا تيريزا»، أرشيدوقة النمسا المتوجة بالحكم حديثًا، واستولى على أغنى مقاطعة في إمبراطوريتها، وهي مقاطعة سيسيليا، ولم تستطع تيريزا استعادتها رغم سنوات من الحرب.

كانت الملكات المتزوجات أكثر عدائية من الملكات غير المتزوجات، ومن الملوك.

بحسب المقال، تعرضت الملكات غير المتزوجات للهجوم أكثر من أي حكام آخرين، لكن ضعف الملكات الذي يجعلهن فريسة سهلة للملوك لا يحكي الحكاية كلها، إذ وجد الباحثون أن الملكات كُنَّ أكثر احتمالًا لاكتساب أراض جديدة، فبعد أن أطاحت «كاثرين العظمى» بزوجها، وسَّعت إمبراطوريتها بنحو 518 ألف كيلومتر مربع، وكانت أول حاكم روسي، وإن لم يكن الأخير، يستولي على شبه جزيرة القرم.

الملكات المتزوجات أسوأهن

5 حقائق عن حياة الملكة «إيزابيلا» الأولى

أتاح تقسيم المهام مع الأزواج وقتًا للملكات المتزوجات كي يتَّبعن سياسات عدائية أكثر.

كانت الملكات المتزوجات أكثر عدائيةً من الملكات غير المتزوجات بحسب المقال، وكُنَّ كذلك أكثر عدائيةً من الملوك، سواء متزوجين أم لا، ويقترح الباحثان عدة أسباب لذلك.

قد تكون الملكات المتزوجات قادرات على تكوين مزيد من التحالفات العسكرية، وتشجيعها على الدخول في معارك. وفي حين كانت القيادة العسكرية للإناث محرمة، انخرط أزواجهن الذكور في الخدمة العسكرية قبل الزواج، ممَّا جعلهم في وضع مناسب لتدعيم العلاقات العسكرية بين أوطانهم وبلدان زوجاتهم.

إضافةً إلى ذلك، كانت الملكات يمنحن أزواجهن كثيرًا من الصلاحيات غالبًا، فيجعلونهم مسؤولين عن السياسة الخارجية أو الاقتصاد، وذلك عكس ما كان الملوك يفعلونه مع زوجاتهم.

من الأمثلة التي يوردها المقال طرد «فرناندو الثاني»، الذي حكم أراغون وقشتالة في إسبانيا مع «إيزابيللا الأولى» من 1479 إلى 1504، للسكان الموريين من غرناطة، وكذلك إصلاح «فرانسيس الأول»، زوج ماريا تيريزا، الاقتصاد النمساوي وجمع الأموال للقوات المسلحة، وكان الأمير «ألبرت» أكثر مستشاري الملكة «فيكتوريا» قربًا، فشكل سياستها الخارجية حتى وفاته عام 1861.

يشير الباحثان إلى أن تقسيم المهام هذا أتاح الوقت للملكات كي يتَّبعن سياسيات عدائية أكثر.

رئيسة وزراء بريطانيا السابقة «مارجريت تاتشر» - الصورة: Sophia Piellusch

خاضت القيادات النسائية نصيبها من الحروب في العصر الحديث كذلك بحسب المقال، الذي يذكر مثلًا دور رئيس الوزراء الهندية «أنديرا غاندي» في الحرب ضد باكستان، ورئيسة وزراء إسرائيل السابقة «غولدا مائير» في حرب أكتوبر، ودور «مارغريت تاتشر» في حرب الفوكلاند بين بريطانيا والأرجنتين.

في الوقت الحالي، ازداد عدد البلدان التي تقودها النساء بأكثر من الضعف منذ عام 2000، لكن هذا يظل أقل من 10% من المجموع. ورغم أن تعزيز المكانة السياسية للمرأة قد يقودنا إلى عالم أكثر مساواة، فإن التاريخ يعلمنا أنه لن يكون بالضرورة أكثر سلامًا.

آية علي