أحوال عمال الخليج: كيف سعى الفنانون إلى تعطيل نهضة أبوظبي الثقافية؟
في أكتوبر 2005 سافر «توماس كرِنز» (Thomas Krens)، مدير متحف «سولومون ر.غوغنهايم» (Solomon R. Guggenheim) بنيويورك، إلى العاصمة الإماراتية أبوظبي، وفي اللوبي الذهبي بفندق «قصر الإمارات»، شرح ولي العهد محمد بن زايد آل نهيان تصوُّره لجزيرة السعديات، التي لا تبعد كثيرًا عن قلب المدينة، وتبلغ تكلفة إعمارها 27 مليار دولار.
كان المُخطَّط أن تضم الجزيرة فنادق فخمة، وفللًا على طراز تلك التي تزيِّن شواطئ مدينة ماربيا الإسبانية، بالإضافة إلى قطاعٍ للتسوُّق، لكن الأهمَّ من كل هذا أن تُقام منطقة ثقافية فسيحة. يأمل بن زايد أن تتَّخذ أبوظبي مكانتها كراعيةٍ للنهضة العربية الحديثة، وقد رأى أن يكون متحف غوغنهايم الجديد الذي سيُشيَّد هناك، أحد الأعمدة الرئيسية التي تقوم عليها هذه النهضة.
ضمَّ مخطَّط المنطقة الثقافية مركزًا للفنون الاستعراضية والموسيقية ومتحفًا للأحياء المائية ومتحف زايد الوطني، بخلاف متحف اللوفر أبوظبي.
بهذا بدأت نيغار عظيمي موضوعها المنشور في مجلة (The Newyorker) الأمريكية بشأن خفايا المشهد الفني في الخليج وكواليس أحد أهم هذه المشاريع الثقافية خلال الأعوام الأخيرة، مُلقيةً الضوء على الظروف التي تعرَّض لها العمال الذين قام على أكتافهم هذا المشروع، أولئك الذين هاجروا من بلادهم إلى الخليج لتحسين ظروفهم المعيشية.
ما الذي يجري في جزيرة السعديات؟
تقول الكاتبة إن جزيرة السعديات كانت فرصة لا تقاوم بالنسبة لـ«كرِنز»، وتذكر أنه وابن زايد توصَّلا عقب لقائهما بفترةٍ قصيرة إلى اتفاق، بحيث تكون الإمارات مسؤولة عن بناء متحف غوغنهايم على الجزيرة، كجزءٍ من صفقة ستدرُّ على المتحف في النهاية 114 مليون دولار، وإن كان المتحف نفسه يرفض التعليق على الجزء المالي من الاتفاق.
كُلِّف المعماري فرانك غيري (Frank Gehry) بتصميم متحف غوغنهايم الجديد، فتخيَّل مزيجًا ضخمًا من الأشكال الإسمنتية، ترتفع فيه صالات العرض عاليًا، وتُطوِّقها أشكال مخروطية عملاقة مفتوحة من أعلى كملاقف الرياح التي وُجدت في هذه الأنحاء من قبل.
ضمَّ مخطَّط المنطقة الثقافية أيضًا مركزًا للفنون الاستعراضية والموسيقية ذا تصميمٍ أفعواني، للمعمارية العراقية الراحلة زها حديد، ومتحفًا للأحياء المائية للياباني «تادو إندو» (Tadao Ando)، ومتحف زايد الوطني من تصميم البريطاني «نورمان فوستر» (Norman Foster)، بخلاف متحف اللوفر أبوظبي الذي تُتوِّجه قبة بيضاء مزخرفة يتجاوز قُطرها المئة وثمانين مترًا، ويصممه الفرنسي «جين نوفل» (Jean Nouvel).
قد يعجبك أيضًا: انقراض الأدب العربي: هل يغني فيسبوك وتويتر عن قراءة المتنبي ونجيب محفوظ؟
بخلاف كل هذا، شمل الاتفاق إقامة حرم لجامعة نيويورك على الجزيرة من تصميم الأوروجوايي «رافاييل فينولي» (Rafael Viñoly).
ردَّد «كرِنز» كثيرًا أن متحف غوغنهايم أبوظبي وسيلة لفتح سُبل الحوار بين الشرق الأوسط والغرب بعد 11 سبتمبر وغزو العراق. هكذا بدأ المتحف يجمع أعمال الفنانين العالميين البارزين، مثل الألماني «آنسلم كيفر» (Anselm Kiefer) والصيني «آي وَي وَي» (Ai Weiwei)، وكذلك فناني المنطقة مثل الإماراتي حسن شريف، والإيرانية منیر شاهرودی فرمانفرمائیان.
لماذا لم يبدأ العمل؟
تشير الكاتبة إلى أن العمل على حرم جامعة نيويورك انتهى في 2014 وبدأت الدراسة فيها بالفعل، بينما تأخَّر إنجاز المشاريع الثقافية الأخرى على جزيرة السعديات طويلًا؛ لانهيار أسعار النفط، وعدم استقرار المنطقة بعد الربيع العربي، فتأجَّل افتتاح متحف اللوفر أبوظبي إلى 2017 بعد أن كان من المفترض إقامته في 2013، كما تخلف متحف زايد الوطني عن جدوله الأصلي عدة سنوات، ويبدو أن كلًّا من مبنى زها حديد و«إندو» مؤجَّلان لأجلٍ غير مسمى.
اقرأ أيضًا: بين العدمية وحروب الهاردكور.. هنا ترقد أجيال الربيع العربي
في عام 2005، منعت أبوظبي العمل في المناطق الخارجية خلال فترة منتصف النهار، التي تكون شديدة الحرارة صيفًا.
أما متحف غوغنهايم، الذي كان يُفترض أن ينتهي في 2013، فلم يبدأ العمل فيه أصلًا، ولا يحوي موقعه اليوم أكثر من كُتل الأسمنت المرتصَّة هنا وهناك. ومن الواضح حتى الآن أن متحف اللوفر هو الوحيد الذي شُيِّد ويستعد لاستقبال زواره في وقت لاحق من 2017.
كيف حال العمال؟
طبقًا لتقديرات الأمم المتحدة، ثمة نحو 25 مليون عامل مهاجر في الخليج، معظمهم عمال بناء من شبه القارة الهندية، جذبتهم الأجور التي تبلغ ثلاثة أضعاف ما يتلقونه في بلادهم، لكن معظم العاملين الأجانب منخفضي الأجر في الخليج مقيَّدون بموظِّفيهم عن طريق نظام العمل المعروف باسم «الكفالة».
في منتصف العقد السابق بدأ الصحافيون ومجموعات حقوق الإنسان توثيق قواعد السلامة غير المُحكمة وظروف المعيشة غير القياسية في المنطقة، فـمنذ ديسمبر 2010، حين فازت قطر بتنظيم كأس العالم 2022، مات أكثر من سبعمئة عامل هندي مهاجر هناك، طبقًا لتحقيقٍ نشرته جريدة (The Guardian) في 2014 وتستشهد به كاتبة المقال.
وفي أثناء مناقشات تطوير جزيرة السعديات، كانت أبوظبي قد بدأت تطبيق عدد من قوانين العمل الأكثر تقدُّمية في المنطقة بالفعل، ففي عام 2005 منعت العمل في المناطق الخارجية خلال فترة منتصف النهار التي تكون شديدة الحرارة صيفًا، وبعد سنواتٍ قليلة قدَّمت مشروعًا يُلزم أصحاب الأعمال بتوفير تأمين صحي لجميع العاملين ذوي المهارات المنخفضة.
ماذا يحدث في نيويورك؟
منتقدو مشروع أبوظبي يغفلون ذكر أن الإمارات تُنفق مبالغ هائلة لتوفير تعليم مجاني من الدرجة الأولى لكثير من المحتاجين.
رأى نشطاء حقوق الإنسان المشاريع البارزة في جزيرة السعديات فرصةً لتحسين معايير العمل في المنطقة على نطاق المشاريع الضخمة، وفي عام 2008، بينما كانت جامعة نيويورك تستعدُّ لبدء العمل على حرمها الجديد، بدأ «أندرو روس» (ِAndrew Ross)، البروفيسور بقسم التحليل الاجتماعي والثقافي بالجامعة، ينتقد توسُّع الجامعة على المستوى الدولي تحت قيادة «جون سكستون» (John Sexton)، الذي كان رئيسها في ذلك الحين.
كان «روس» معروفًا من قبل بصفته ناشطًا في الحركة المناهضة لوِرش العمل الشاق (Sweatshops)، كتلك التي تستخدمها الشركات الكبرى في جنوب آسيا وجنوب شرقها، حيث يُستغلُّ الأطفال والنساء بأجور زهيدة لإنتاج بضائع تباع بأثمان عالية. وفي مارس 2008 نظَّم اتحادًا للأساتذة والطلاب بجامعة نيويورك، للدفاع عن حقوق العمال الذين يُشيِّدون حرم الجامعة في أبوظبي.
على أن كاتبة المقال تذكر أن «بول بوغوسيان» (Paul Boghossian)، الفيلسوف بالجامعة نفسها، قال لها إن منتقدي مشروع أبوظبي يمتنعون عن ذكر حقيقة أن الإمارات تُنفق مبالغ هائلة من أجل توفير تعليم مجاني من الدرجة الأولى للكثير من الموهوبين والمحتاجين، الذين تسعى إليهم الدولة في جميع أنحاء العالم، فيما يظهر كمحاولة منه لتبرير ما يجري في الإمارة.
سأل رعد نفسه: ماذا لو أنه وغيره من الفنانين رفضوا عرض أعمالهم؟ هل يمكن أن يكون هناك متحف للفن بلا أعمالٍ فنيَّة؟
يبدو أن إثارة «روس» القضية قد نجحت، ففي فبراير 2010 أعلنت جامعة نيويورك قواعد واحتياطات سلامة مشددة على نحوٍ غير معتاد للعاملين في موقع حرمها في أبوظبي، وبعدها بفترةٍ قصيرة خضعت خطط متحف غوغنهايم أيضًا للتدقيق الداخلي.
متحف للفن بلا أعمال فنية
بحلول ربيع 2010 كان «كرِنز» قد تحدَّث مع عدد من الفنانين العالميين بشأن إنتاج أعمال للمتحف الجديد، بالإضافة إلى فناني الشرق الأوسط، ومنهم وليد رعد ذو الأصل اللبناني، الذي كان بين المرشحين للمركز الأول لجائزة (Hugo Boss) التي يمنحها متحف غوغنهايم، وتُصوِّر أعماله شديدة الدقَّة الطابع الغامض للحرب الأهلية في لبنان.
قد يهمك أيضًا: كيف يُقمع الإبداع في العالم العربي؟
تقول الكاتبة إن رعد طرح فكرة أن تكون مداخل المتحف صورًا طبق الأصل من مداخل المتاحف الأخرى حول العالم، بحيث تُلقي ظلالًا متحركة على الأرض، على غرار منحوتات الأمريكي «ألكزاندر كالدر» (Alexander Calder)، الذي كان أول من ابتكر المنحوتات المتحركة.
راقت الفكرة «كرِنز»، واتفق الاثنان على أن يواصلا المناقشة، لكن بعد مرور شهرٍ واحد كان رعد قد أعاد التفكير في المسألة، وفي معرض (Home Works) للفنانين والمثقفين في بيروت، عقد ندوةً عن المقتضيات الثقافية لمشاريع جزيرة السعديات، إذ أدرك أن عرض «كرِنز» منحه نفوذًا على متحف غوغنهايم، وبدأ يسأل نفسه: ماذا لو أنه وغيره من الفنانين رفضوا عرض أعمالهم؟ هل يمكن أن يكون هناك متحف للفن بلا أعمالٍ فنيَّة؟
مَن هم «عمالة الخليج»؟
في يونيو عام 2010 كان رعد قد تعرف إلى «أندرو روس» وتحدَّث معه، وبناءً عليه أرسل خطابًا موقعًا من 43 فنانًا إلى متحف غوغنهايم، يقولون فيه إنهم لن يبيعوا أعمالهم للمتحف الجديد أو يسمحوا بعرضها هناك، ما لم يوافق المتحف على أن يحذو حذو جامعة نيويورك في تحسين ظروف العمل، بل وأن يضرب المثل بإجراءاته كذلك، وأضافوا: «لا ينبغي أن يُطلب من أحدٍ عرض أعماله أو تقديم حفلٍ في مبنى أقيم على أكتاف العمال المستغَلِّين».
علاوةً على ذلك، لم يوافق رعد على عرض أعماله في متحف غوغنهايم بنيويورك، إلا بعد أن يلبِّي المتحف مطالب النشطاء المنادين بحقوق العمال في موقعه على جزيرة السعديات.
واصلت المجموعة أنشطتها، وأجرت مئاتٍ من اللقاءات مع العاملين المهاجرين في الإمارات، واقتفت أثر كثيرين غيرهم إلى بلادهم.
هكذا أقرَّ المتحف في سبتمبر 2010 مجموعة جديدة من معايير العمل تنطبق على المنطقة الثقافية في جزيرة السعديات، وأكَّدت إدارته أنها ملتزمة تمامًا بصيانة حقوق العاملين وسلامتهم، فردَّ كلٌّ من وليد رعد و«روس» والفنانة الفلسطينية إملي جاسر قائلين: «نعترف بحدوث نوع من التقدُّم، لكن ينبغي أن تفعلوا أكثر من هذا بكثير».
بحلول يونيو عام 2011 كانت الإمارات قد أعلنت أنها كلَّفت شركة «برايس ووترهاوس كوبرز» (PriceWaterhouseCoopers) بالإشراف المستقل على عددٍ كبير من مشاريع جزيرة السعديات، بما فيها المشاريع الثقافية، فقالت مجموعة النشطاء والفنانين، التي أطلقت على نفسها اسم (Gulf Labor)، أي «عمالة الخليج»، إن هذه خطوة على الطريق الصحيح ما دامت الشركة المشرفة ستظلُّ تُثبت صرامتها في تطبيق القواعد الجديدة.
واصلت المجموعة أنشطتها مع مرور الوقت، وانضم إليها عدد كبير من ذوي الأصل الشرق أوسطي والجنوب آسيوي كأعضاء، وأجروا مئاتٍ من اللقاءات مع العاملين المهاجرين في الإمارات، واقتفوا أثر كثيرين غيرهم إلى بلادهم في الهند ونيبال وباكستان.
الآن يضمُّ أرشيف موقع المجموعة الرسمي تعليقًات شتَّى على تقارير (PriceWaterhouseCoopers) السنوية، بالإضافة إلى عشرات من رسائل النقد والتأنيب التي سبق إرسالها إلى متحف غوغنهايم وحكومة الإمارات بخصوص المسألة.
يؤكد أعضاء «عمالة الخليج» رغبتهم في أن يروا المتحف وقد انتهى بناؤه بالفعل، وقد أضاف أكثر من 2,400 شخص توقيعاتهم إلى خطاب المجموعة العام الأول، حتى إن أحد محرِّري مجلة (Artforum) قال إنه لم يرَ حراكًا سياسيًّا دوليًّا للفنانين بهذا الشكل منذ الانتقادات التي وُجِّهت للمتاحف إبان حرب فيتنام حين تجاهلتها تمامًا.
ينام العاملون في القرية في غرفٍ واسعة نظيفة، وهناك خدمات ومكتبة متواضعة وملعب للتنس.
وتستشهد كاتبة المقال هنا بما أكَّدته لها «سارا ليا ويتسون» (Sarah Leah Whitson)، المدير التنفيذي بمنظمة هيومن رايتس ووتش، عن قيمة ضغط الرأي العام القوي على حكومات الخليج، إذ قالت إن البلاد تُنفق عشرات وربما مئات الملايين من الدولارات على شركات العلاقات العامة من أجل تحسين صورتها، بينما يكفي تقرير واحد يشير إلى انتهاكات حقوق الإنسان ليُحبط عملًا تكلَّف 50 مليون دولار.
العمال ولعب التنس
عندما يواجه المسؤولون الإماراتيون احتجاجاتٍ على سياساتهم الخاصة بالعاملين، فإنهم غالبًا يشيرون إلى قرية السعديات للإسكان، التي أقيمت عام 2009 ويعيش فيها أغلب العمال، إذ تصفها شركة التطوير والاستثمار السياحي الحكومية الإماراتية بأنها قرية من أحدث طراز، ومثال على تطوير أوضاع العمل التقليدية في المنطقة. اليوم تضمُّ القرية نحو ثمانية آلاف عامل.
تحكي الكاتبة أنها زارت القرية في فبراير الماضي، وتصفها بأنها مطوَّقة بأشجار السَّرو، وفيها نقاط تفتيش يعمل عليها أفراد من شركات حراسة خاصة، وتحوي مطعمًا ضخمًا، بينما ينام العاملون في غرفٍ واسعة نظيفة، وهناك خدمة لتنظيف الملابس، ومحل حلاق ومحل للهواتف المحمولة، بالإضافة إلى مكتبةٍ متواضعة وملعب للتنس، وقد قال مدير القرية للكاتبة إنها لن ترى منشأةً مماثلة في أي مكانٍ آخر.
لكن في مايو 2013 نشبت صدامات في القرية إثر ترحيل نحو خمسمئة عامل بنغلاديشي لإضرابهم عن العمل واستبدال عمال من باكستان بهم، وخلال زيارتها تكلَّمت الكاتبة مع عامل باكستاني وصل إلى الإمارات عام 2014 ليعمل في مشروع اللوفر أبوظبي، فقال إنه دفع أكثر من 2,200 دولار لسمسار سفريات في لاهور، وعليه أن يعمل أربعة أعوام كاملة أو أكثر كي يعوِّض هذا المبلغ، وأضاف أنه لا يملك الوقت ليفعل أي شيء في القرية غير الأكل والنوم.
منذ ذلك الحين والمسألة لا تتعدَّى الشد والجذب بين «عمالة الخليج» ومتحف غوغنهايم بنيويورك.
كانت إدارة متحف غوغنهايم قد طافت بقرية السعديات وأشادت بمستواها العالي، على أن بولا تشاكرافارتي (Paula Chakravartty)، البروفيسور بجامعة نيويورك وعضو «عمالة الخليج»، قالت للكاتبة إن وسائل الراحة والاسترخاء في القرية مجرَّد صورة، فـ«العمال هنا لأنهم يريدون جني المال لعائلاتهم في بلادهم، لا للعب التنس».
هل ينجح الفنانون في إنصاف العمال؟
في مايو 2014، نشرت جريدة نيويورك تايمز على صفحتها الأولى تحقيقًا عن مشاريع جزيرة السعديات، وكانت قد أجرت عشرات المقابلات مع العاملين هناك، الذين قالوا إنهم يتلقون أجورًا زهيدة أقلَّ مما وُعدوا به في البداية، كما رُحِّل المئات منهم لإضرابهم عن العمل لهذا السبب بالتحديد، وبعدها صدر تقرير مستقل عن جامعة نيويورك يقول إن إجراءات سلامة العاملين تظلُّ غير كافية، فأصدرت الجامعة بدورها اعتذارًا رسميًّا وبدأت تسعى إلى رفع أجور العاملين.
اقرأ أيضًا: 7 أسئلة تشرح لك نظام الكفالة المعتمد في دول الخليج
منذ ذلك الحين والمسألة لا تتعدَّى الشد والجذب بين «عمالة الخليج» ومتحف غوغنهايم بنيويورك، وإلى الآن يظلُّ مستقبل متحف غوغنهايم أبوظبي مجهولًا، فبين عدم الاستقرار في المنطقة وانخفاض أسعار النفط، لم يعد هناك موعد رسمي لبدء العمل في الموقع، ناهيك بالانتهاء منه، وقد أعرب أعضاء «عمالة الخليج» عن تخوُّفهم من إلغاء المشروع بالكامل، إذ قال الفنان البنغلاديشي نعيم مهيمن لكاتبة المقال إن المجموعة ترغب في نجاح المشروع حقًّا، ولهذا السبب أنفقت ستة أعوام كاملة على هذه الحملة، لأن أعضاءها رأوا فرصة عظيمة لأن يكون المتحف مؤسسة نموذجية بكل معنى للكلمة.
لكن أيًّا كان مصير المتحف، فقد صعَّبت «عمالة الخليج» على المؤسسات الثقافية والفنية أن تتجاهل البُعد الخاص بحقوق الإنسان في عملها، ما أكَّده مدير متحف الفن الحديث بنيويورك للكاتبة، حين قال لها إن عمل المجموعة كان له تأثير كبير للغاية في جذب الانتباه إلى القضية وضمان أن تظلَّ حيَّة.
وفيما تسعى المؤسسات العالمية للتأقلم مع نمط الحياة وحقوق الإنسان في الخليج، تدفعها بعض المؤسسات ووسائل الإعلام للالتزام بذلك، منعت السلطات في دولة الإمارات العربية المتحدة الفنان وليد رعد والبروفيسور في جامعة نيويورك أندرو روس والفنان البنغلاديشي أشوك سوكوماران من دخول الإمارات مارس الماضي، والرابط الوحيد بين الثلاثة، عضويتهم في مجموعة «عمالة الخليج».
هشام فهمي