«لمين» فيروز: استيحاء مترهل تورطت فيه السيدة
الحماس الذي ضجَّت به قلوب جماهير السيدة فيروز حين رأوا مقطع فيديو مسرب من تسجيل أغنيتها الجديدة «لمين» قبل أيام، انطفأ عند أول سماع للأغنية، ظهر ذلك في انتقادات بالآلاف لاحقت العمل الجديد، الذي رأى بعض المتابعين أنه لا يمُت بصلة لسيدة الغناء العربي، وعدَّهُ آخرون ورطة لفيروز، وقال غيرهم إن الصوت الجميل يُقتل عندما يُبتلى بكلمات ضعيفة ولحن مهجَّن وتوزيع سيئ.
استيحاء مترهل
الامتحان الأول الذي سقط فيه منتجو الأغنية هو استيحاء اللحن من الأغنية الفرنسية «Pour Qui Veille L'Etoile».
المشكلة هنا ليست في اللحن، وإنما حين يفتقد صانعو الأغنية القدرة على تأمين إبداع جديد يناسب تاريخ سيدة الغناء العربي، فيلجؤون إلى لحن لم يخفَ اقتباسه على أحد، حتى اضطروا إلى الاعتراف بأن اللحن هجين من الأغنية الفرنسية، ممَّا أفقد العمل أحد أهم قواعده الإبداعية التي تعودنا عليها في ألحان أغنيات فيروز القديمة التي أدمنها عشاقها، حتى صارت بالنسبة إليهم سُنَّة يومية لا يمكن التفريط فيها.
عندما تريد العودة بفيروز عليك أن تعود قويًّا، وهذا ما لم يحدث في «لمين».
يمكن لأحد عشاق فيروز أن يدافع عن «لمين» بأن بعض أغنيات السيدة القديمة أخذت من ألحان أجنبية، لكن هذا سيزيد ورطتهم في تكرار أخطاء الماضي، حين أضعف اللحن الهجين كلمات أغنية «لبيروت»، التي كانت أفضل بكثير من كلمات الأغنية الأخيرة.
اقرأ أيضًا: كيف نجا محمد عبد الوهاب من اتهامات سرقة الموسيقى؟
«لمين» يا ريما الرحباني؟
عندما تريد العودة بفيروز فعليك أن تكون قويًّا في كل شيء. القوة تبدأ بالكلمات، وهذا ما افتقدته «لمين»، التي كتبتها ريما الرحباني ابنة فيروز، في استعادة للوراثة المشرعنة لصوت السيدة في عائلة الرحابنة، بدايةً بالزوج عاصي وأخيه منصور، وانتقالًا إلى الابن زياد ثم الابنة ريما. نجح الثنائي الأول واجتهد الابن، إلا أن الوصول إلى ريما كان متأزمًا مع كلمات لم تجد تلك الروح التي تعودناها في أغنيات فيروز.
مقطعان لا غير، تكرار ممل في العبارات، وإيحاء بروح الجاز لم ينجح، وفضلًا عن كل ذلك توزيع للكلمات لم يناسب اللحن، لتظهر السيدة بتقطيع غنائي متعب، تختفي معه معالم صوتها القوي الذي لم تؤثر فيه سنين الغياب كما ظهر في آخر ألبوماتها قبل ست سنوات.
الحكم النهائي في سبتمبر
من الصعوبة بمكان الاحتفاء بالألبوم قبل سماعه كاملًا.
بطبيعة الحال لا يمكننا الحكم من الآن على الألبوم الذي يحمل اسم «ببالي» وسيصدر كما هو متوقع في 22 سبتمبر. الانتظار سيد الموقف، خصوصًا مع التكتم الشديد على تفاصيل العمل والمشاركين فيه، والفضول العام حول مشاركة زياد الرحباني فيه بعد القطيعة مع فيروز.
الحكم القطعي على النجاح أو الفشل سيكون ظالمًا في حق تاريخ فيروز، إلا أننا اليوم أمام مشكلة حقيقة، تكمن في أن تكون كل أغنيات الألبوم القادم من روح الأغنية الجديدة، خصوصًا أن منتجة الألبوم هي ريما الرحباني صاحبة كلمات «لمين».
قد يراود كل من لم تعجبهم الأغنية قلق على أن يكون الألبوم القادم سقطة تاريخية لفيروز، الأمر الذي يجعل من الصعوبة بمكان الاحتفاء بالعمل قبل سماعه كاملًا، ومعرفة ما إذا كانت السيدة ستبقى «السيدة»، أم أن الأيام بدلت ذلك.
عبد السلام الشبلي