وادي السيليكون العربي: كيف بدأت ثورة الشركات الناشئة في الشرق الأوسط؟

أوباما مع المصرية مي مدحت مؤسسة شركة «eventtus»، وإلى جوارها «جين بوسكو» من رواندا، و«ماريانا كوستا تشيكا» من بيرو، ومارك زوكربيرغ - الصورة: GES 2016

إدريس أمجيش
نشر في 2017/04/24

بعد ثورة الشركات الناشئة التي انطلقت من وادي السيليكون في أمريكا لتعم أرجاء العالم، والعدد الكبير من رواد الأعمال الذين تبنوا فلسفة العمل نفسها التي تحرك هذه الشركات، وأنشؤوا أعمالًا هدفها خلق تغيير اجتماعي وكسب ربح مادي في الآن ذاته، جاء الدور على المنطقة العربية لتشارك في هذا الحراك العالمي، وتفسح المجال للأفكار الريادية الجديدة التي يحملها الشباب.

ليس صعود هذه الشركات إلى الواجهة في العالم العربي ظاهرةً حديثةً بالكامل، إذ ظهرت من قبل شركات ناشئة في قطاعات التسويق الإلكتروني والمواعدة عبر الإنترنت، ويبدو أن الازدهار الحالي الذي انطلق منذ عام 2012 يرجع إلى دخول المشاريع الريادية مجالات غير معهودة، مثل الخدمات المصرفية والصحة والتجارة الإلكترونية، حسب ما جاء في مقال على موقع «The Conversation»، يحاول رصد طفرة الشركات الناشئة في تونس والمغرب ومصر.

الشركات الناشئة في المنطقة العربية

ما المطلوب لخلق الوظائف في العالم العربي؟

تمتنع البنوك عن تمويل المشروعات الناشئة لأنها تعتبرها غير مستقرة وتقدم عائدًا ماديًّا بطيئًا.

يشير كاتب المقال إلى أن هناك نحو 250 شركة ناشئة حاليًّا في المغرب، في حين تحتل تونس المرتبة السابعة في العالم كأفضل مكان لإطلاق هذا النوع من الشركات، أما مصر فتعرف حركةً غير مسبوقة في هذا المجال، فبين عامي 2012 و2013، أُسِّس ما يزيد عن تسعة آلاف شركة، وتُبرز هذه الأرقام الدور الذي يمكن أن تلعبه الشركات الناشئة في مواجهة تحديات التنمية في البلدان العربية.

يرجع التوجه المتنامي نحو خلق شركات تعتمد على نموذج الاقتصاد التشاركي إلى حداثة عهد الشركات الناشئة في المنطقة ومحدودية سوقها الاقتصادية، ويمثل هذا النموذج الاقتصادي بديلًا عن الشركات التقليدية وفرصةً لشباب المنطقة لاستثمار قدراتهم ومواهبهم في ظل ارتفاع معدلات البطالة،  إذ يتراوح متوسط أعمار المشتغلين بالشركات الناشئة في تونس والمغرب، على سبيل المثال، بين 25 و32 عامًا، وفقًا لتقارير المعهد الوطني للإحصاء في تونس والمعهد الوطني للإحصاء والاقتصاد التطبيقي في المغرب.

اقرأ أيضًا: قصص الاقتصاد التشاركي كما يرويها سائقو «أوبر» و«كريم» وتاكسي القاهرة

جذبت هذه الثروة البشرية المبدعة اهتمام المستثمرين الأجانب، في صورة برامج تدعم الأفكار الريادية وتسهر على متابعتها، مثل «Flat6labs» في تونس و«Numa» في المغرب، وفي شكل دعم مالي يستثمر الطاقات الشابة لتحقيق تغيير اجتماعي إيجابي.

ففي مقابل امتناع البنوك المحلية عن تمويل المشاريع الناشئة، لأنها تُعتبر في نظرها شركات غير مستقرة تقدم عائدًا ماديًّا بطيئًا، يوفر الدعم الأجنبي، الذي يعتبر مصدر الدعم الوحيد لبعض رواد الأعمال الشباب في المنطقة، التمويل اللازم لنجاح هذه المشاريع الريادية.

لم تكن الثورات التي شهدتها مصر وتونس مسؤولةً بشكل مباشر، في رأي كاتب المقال، عن موجة المشاريع الناشئة التي تشهدها هذه البلدان، إلا أنها أسهمت في نشر ثقافة الشركات الناشئة، وفي إدراك شباب المنطقة أن التغيير ليس مستحيلًا وأن المستقبل بين أيديهم.

ريادة الأعمال الاجتماعية

ما أهم الدوافع لتكون رائد أعمال ناجح؟

يكشف المقال كذلك أن القاسم المشترك بين الشركات الناشئة في مصر وتونس والمغرب هو الطابع الاجتماعي،  فنظرًا للتحديات الاقتصادية التي تواجههم، يتجه رواد الأعمال الشباب في هذه البلدان ليس فقط إلى إنشاء مشروعاتهم الخاصة المدرة للربح، بل يركزون على تحسين ظروف حياة المواطنين وخلق فرص عمل جديدة، ضمن ما يعرف باسم ريادة الأعمال الاجتماعية.

قد يهمك أيضًا: الاقتصاد للجميع: قصة ثلاثة طلبة يريدونك أن تفهم ما يقوله الخبراء

إذا استمر إطلاق الشركات الناشئة بنفس الوتيرة، سيكون لها دور محوري في المستقبل الاقتصادي للبلدان العربية.

ينصَبُّ اهتمام كثير من المشاريع الناشئة على مجالات النقل والصحة، في ظل ضعف الاستثمارات الحكومية في هذه المجالات. ففي تونس مثلًا، أطلق ثلاثة طلاب من كلية الهندسة «Esprit» شركة أسموها «BeThree»، طوَّرت سوارًا ذكيًّا يكشف التغيرات المفاجئة في إيقاع دقات القلب والضغط، ويمنع حدوث نوبات قلبية.

أما في المغرب، وفرت شركة «Carmine» حلًّا لمشكلة النقل التي تواجه المهنيين الشباب الذين لا يقدرون على شراء سيارة خاصة، بتسهيل النقل التشاركي. وفي مصر، أوجدت شركة «Bassita» طريقة مبتكرة لجمع الأموال من أجل توصيل مياه الشرب النظيفة إلى أكثر من ألف أسرة، كما تساعد شركة «eventtus» في تنظيم الفاعليات وتعريف الناس بها.

إذا ما استمر إطلاق الشركات الناشئة على هذه الوتيرة، فسيكون لها دور محوري في المستقبل الاقتصادي لهذه البلدان، خصوصًا إذا تحسنت الشروط التنظيمية والضريبية التي تقنن عملها. أي شيء غير هذا سيعني أن الشركات الناشئة في العالم العربي ستبقى معرضة للفشل، وأن الأمل في ثورة اقتصادية مستقبلية محض وهم لا أكثر.

مواضيع مشابهة