في الفترة الأخيرة، وقَّعت الصين اتفاقية لإنشاء مصنع طائرات حربية بدون طيار في السعودية، وهي جزء من مجموعة اتفاقات قيمتها 60 مليار دولار، عُقدت خلال زيارة الملك سلمان إلى الصين، تضمنت التعاون في مجال النفط وفي رحلة الصين «تشانغ إي-4» لاستكشاف القمر، وفقًا لمقال نشره موقع «يور ميدل إيست آي».
بداية العلاقات السعودية الصينية
أتى هذا الاتفاق بعد سعي السعودية ودول الخليج المجاورة إلى امتلاك أسلحة متطورة، نظرًا للتهديدات الإرهابية المنتشرة في المنطقة، في الوقت الذي لم تُبدِ فيه الولايات المتحدة الأمريكية أي رد فعل تجاه المِنَح العسكرية التي تقدمها لهذه الدول، بينما أبدى الرئيس الصيني احترامه للدول الإسلامية، وعَدَّ التعاون الناجح معها نموذجًا لتلاقي الحضارات.
السعودية ثاني أكبر مستورد للأسلحة عالميًّا، لكن أمريكا حليفتها ترفض بيعها طائرات «بريديتور» و«ريبر».
سيكون المصنع الصيني الأول من نوعه في المنطقة العربية، وسيكون باستطاعته إنتاج طائرات استطلاع وطائرات دون طيار هجومية طراز «CH-4»، بالتعاون مع شركة علوم الفضاء والتكنولوجيا الصينية، إضافةً إلى تقديم خدمة ما بعد البيع التي تتضمن الصيانة وقطع الغيار.
توتر العلاقات السعودية الأمريكية
شروط الصين بشأن بيع الطائرات الحربية أقل من شروط أمريكا.
أدَّت الصراعات في سوريا واليمن، بالإضافة إلى ظهور تنظيم داعش، إلى زيادة الواردات العسكرية لدول المنطقة بنسبة 86% مقارنةً بالسنين الخمسة الأخيرة، أي ما يمثل 29% من إجمالي الواردات العالمية طبقًا لبيانات «معهد ستوكهولم» للأبحاث.
صارت السعودية ثاني أكبر مستورد للأسلحة عالميًّا، لكن حليفتها أمريكا لا تزال ترفض بيعها طائرات «بريديتور» و«ريبر»، وتفعل مع دول قليلة في أوروبا.
وفي ديسمبر 2016، أبدت السعودية غضبها بعد إيقاف إدارة باراك أوباما شحنة أسلحة كانت متجهة إليها، عقب تساؤلات أثارها الكونغرس بشأن ضحايا الحرب التي تشنها السعودية على اليمن، رغم أن الولايات المتحدة نفسها أطلقت طائرات بدون طيار هناك، بحجَّة الاشتباه في وجود عناصر من القاعدة.
عقب ذلك، وطَّدت السعودية علاقاتها مع الصين، التي لم توقِّع معاهدة تجارة الأسلحة عكس الولايات المتحدة، وبالتالي فإن شروطها بشأن مبيعات الطائرات الحربية أقل من أمريكا.
قد يعجبك أيضًا: بيزنس مناطق الصراع: أن يحاصرك الاختيار بين التعاون مع داعش أو الخسارة
هل الطائرات الحربية الصينية أفضل؟
في تصريح لصحيفة «ساوث تشاينا بوست»، أشار «زو تشينمينغ» (Zhou Chenming)، الذي عمل في مجال تطوير الطائرات بدون طيار في شركة علوم الفضاء والتكنولوجيا الصينية، إلى الأداء الجيد الذي أظهرته طائرات «CH-4» خلال الهجمات المضادة للإرهاب على اليمن والعراق وجنوب السودان وإثيوبيا وباكستان، وربما يكون ذلك سبب اهتمام السعودية بعقد الاتفاق.
يُعتقد أن السعودية والإمارات استخدمتا بالفعل طائرات «CH-4» في الغارات الجوية على اليمن، كما نشرت وزارة الدفاع العراقية مقطع فيديو لطائرة «CH-4» تُغِير على سيارة يمتلكها عناصر تنظيم داعش في العراق.
لطائرات «CH-4» مدى إطلاق نار يصل إلى 3500 كيلومتر، وتستطيع حمل صاروخ «AR-1»، الذي يصيب أهدافه بمعدل خطأ أقل من 1.5 متر فقط.
هل تستمر العلاقات بين السعودية والصين؟
عرضت الصين مساندة حكومة اليمن التي تدعمها السعودية، ضد الحوثيين ومن ورائهم إيران، رغم علاقاتها مع الأخيرة.
يعتبر مدير المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، «جون تشيبمان»، أن الصين صارت متكافئة تقريبًا مع القوى الغربية، خصوصًا بعد زيادة مبيعاتها العسكرية، ممَّا قد يساعد في نشر أسلحة متطورة بالمنطقة، وبالتالي يشكِّل تهديدًا على الغرب، عقب تقرير نشره المعهد في فبراير 2017 عن القدرات الدفاعية والعسكرية لدول العالم.
رغم أن صادرات الصين العسكرية للسعودية تمثّل أقل من 1% من واردات الأخيرة، فإن هذا الاتفاق يمثّل بداية علاقات بين البلدين، رغم أن الصين باعت عام 1988 صواريخ باليستية حديثة للملكة، التي بادرت بعدها بعامين إلى قطع علاقاتها الدبلوماسية مع تايوان، التي تربطها ببكين عداوات تاريخية.
ورغم اعتمادها على دول المنطقة في النفط، لم تلعب الصين دورًا مهمًّا في الصراعات الحاصلة، إلا أن ذلك تغير أخيرًا مع جهود الصين لإنهاء الحرب في سوريا، في الوقت الذي تدعم فيه السعودية المسلحين ضد نظام بشار الأسد.
وفي الفترة الأخيرة، عرضت الصين مساندتها لحكومة اليمن التي يدعمها التحالف السعودي الخليجي، ضد الحوثيين ومن ورائهم إيران، إلا أن الصين تتعامل بحذر في هذا الشأن بسبب قربها من إيران، فتحاول لعب دور «الوسيط» في المنطقة، خصوصًا مع افتقادها الخلفية التاريخية التي تمتلكها القوى الأوروبية والأمريكية، بحسب المقال.
قد يعجبك أيضًا: رغم التناقض الظاهر: 9 تشابهات بين السعودية وإيران
تبقى العلاقات السعودية-الصينية محل نظر، لأن استمرارها قد يقترن بعودة العلاقات مع الولايات المتحدة، أو تضارب الأهداف في مرحلة من مراحل الصراع الذي تشهده المنطقة أخيرًا.