والله ما قصرت: هل تستغني مصر عن السعودية بإيران؟

رئيس إيران السابق أحمدي نجاد مع حسن الشافعي رئيس مجمع اللغة العربية بالقاهرة داخل الجامع الأزهر (2013) - الصورة: Ed Giles

أحمد حمدي مسلَّم
نشر في 2017/03/27

في الوقت الذي تبدو فيه العلاقات المصرية السعودية متوترة، تظهر تحركات طفيفة نحو تحسُّن محتمل في العلاقات بين إيران ومصر، ويشرح المحلل السياسي مصطفى سلامة، في مقال له على موقع «Middle East Eye»، بعض المعلومات التي قد تُفيد في فهم هذا التطور.

إيران تبادر.. مصر تتمنَّع

دعوة السيَّاح الإيرانيين إلى زيارة مصر

في 13 مارس 2017، دعا علي لاريجاني، رئيس مجلس الشورى الإيراني، مصر إلى توطيد العلاقات مع إيران، مرحِّبًا بجميع الخيارات التي من شأنها تسوية العلاقات مع القاهرة في نهاية المطاف، وأضاف أنه على الرغم من الخطوات التي اتُّخذت سابقًا في هذا الشأن، فإن ذلك لم يُسفر عن أي تَقدُّم حقيقي.

لكن بينما تحاول طهران توطيد العلاقات مع القاهرة، أعلنت مصر مؤخَّرًا إجراء تدريبات عسكرية أرضية وجوية وبحرية مع البحرين والإمارات كلٍّ على حدة.

أحرج الإعلان عن هذه التدريبات إيران، حسبما يذكر المقال، لأنه جاء بعد يوم واحد من تأكيد المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، بهرام قاسمي، سيادة بلاده على جزر أبو موسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى التي تدَّعي الإمارات ملكيَّتها، وقوله إن سيادة إيران على الجزر الثلاثة ذات الأهمية الاستراتيجية حقيقة مطلقة لا ينكرها أحد.

تقع الجزر على مضيق هرمز، الذي هددت إيران بإغلاقه أمام سفن الولايات المتحدة عقب مشروع قرار للكونغرس الأمريكي يستهدف فرض عقوبات على إيران. ويذكر سلامة أن هذه التصريحات جاءت عقب قرار جامعة الدول العربية الذي أشارت فيه إلى الجزر باعتبارها مملوكة للإمارات و«مُحتلَّة» من قِبَل إيران، لهذا تُعَدُّ التدريبات العسكرية في ضوء قرار جامعة الدول العربية رسالةً مباشرة من مصر إلى إيران بانحيازها إلى الإمارات.

اقرأ أيضًا: 6 أسئلة عن دور جامعة الدول العربية منذ التأسيس حتى الآن

زاد النزاع على جزيرتي تيران وصنافير تعقيد الأمور بين القاهرة والرياض.

ليست تصريحات لاريجاني العلامة الوحيدة في رأي الكاتب على استعداد إيران لإقامة علاقات إيجابية مع مصر، ففي أوائل مارس 2017 التقى رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية بمجلس الشورى الإيراني، علاء الدين بروجردي، مع مدير مكتب المصالح المصرية بإيران ياسر عثمان، وتباحثا حول تعزيز العلاقات بين البلدين.

وفي عام 2016، دعا وزير السياحة المصري إلى تشجيع السياحة الإيرانية على زيارة مصر، إلا أن عديدًا من المصريين يعتقدون أن زيارة السياح الإيرانيين تهدف إلى نشر التشيُّع، في حين يقضي معظم الإيرانيين إجازاتهم خارج البلاد تجنُّبًا للقيود في بلادهم، حسب سلامة.

قد يهمك أيضًا: التمرد على التقاليد في إيران: رجال محجبون ونساء سافرات

في مارس 2017، استوردت إيران 25 ألف طن من البرتقال المصري بمناسبة عيد «النوروز» (رأس السنة الفارسية)، ولم يكن ذلك بسبب نقص البرتقال في إيران، التي كان بإمكانها الاعتماد على جارتها تركيا بحسب كاتب المقال، إلا أن هذه قد تكون بادرة لبدء علاقات مع مصر، التي تنظر إليها إيران باعتبارها قوة مؤثِّرة في المنطقة، تشارك النظام الإيراني توجهاته في عدد من المسائل، خصوصًا بشأن سوريا واليمن.

قد يعجبك أيضًا: ضريح «الإمام الرضا» موضع اشتباك آخر للدين والبيزنس

هل من توتر حقيقي تستغله إيران؟

لقاء الملك سلمان والسيسي في 2016

يرى الكاتب أن العلاقات المصرية الإيرانية تشهد تحسنًا ملحوظًا نتيجةً لتدهور العلاقات بين مصر والسعودية في الآونة الأخيرة، ففي عام 2016 دعا وزير خارجية إيران، محمد جواد ظريف، مصر إلى محادثات السلام السورية في سويسرا، وكان ذلك بعد أن أثارت القاهرة حفيظة الرياض بتصويتها لصالح مشروع قرار اقترحته روسيا في مجلس الأمن لأجل هدنة في سوريا.

اقرأ أيضًا: 9 تشابهات بين السعودية وإيران

زاد النزاع على جزيرتي تيران وصنافير تعقيد الأمر بين القاهرة والرياض، فبعد أن أقرَّ القضاء المصري وقوعهما تحت السيادة المصرية، علَّقت السعودية شحنة بترول إلى مصر تقدر بنحو 23 مليار دولار، ممَّا دفع وزير البترول المصري إلى زيارة إيران لبحث اتفاق بديل. ورغم عدم إتمام ذلك التعاقد، فقد اتفقت مصر على شراء البترول من العراق، الحليف المقرَّب إلى إيران.

وفي نهاية 2016، حاولت الإمارات ترتيب لقاء بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والعاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، إلا أنه لم يتم. ورغم أن هذا التوتر في العلاقات بين القاهرة والرياض بدأ في الهدوء بعد فترة قصيرة، وفقًا للكاتب، فقد شجع إيران على محاولة التقرب إلى مصر.

تعتبر إيران التعاون المتزايد بين مصر وروسيا تغيُّرًا مبشرًّا في سياسة القاهرة الخارجية.

استمر التوتر المصري السعودي فترة قصيرة جدًّا، أعلنت بعدها شركة «أرامكو» السعودية، في 15 مارس 2017، استئناف إرسال شحنات البترول إلى مصر، ولم تتأثر مع ذلك صفقة العراق.

يعتقد سلامة أن ذلك الاستئناف قد يكون نتيجةً لتحسُّن العلاقات الأمريكية السعودية، بخاصة بعد زيارة نائب ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، إلى البيت الأبيض، إذ تسعى الإدارة الجديدة للولايات المتحدة إلى إعادة التعاون بين مصر والسعودية، في محاولة لتحجيم تأثير إيران المتصاعد في المنطقة.

قد يهمك أيضًا: كيف صنع جيولوجي أمريكي اقتصاد السعودية القوي؟

هل تنقذ إيران الاقتصاد المصري؟

القوات البحرينية والمصرية تشارك في التدريب «حمد-2»

عادةً تكون مصر على وفاق مع دول مجلس التعاون الخليجي في ما يتعلق بالأمن والرؤية العامة للمنطقة، وتُعَدُّ التدريبات العسكرية التي تُجرِيها القاهرة مع الإمارات والبحرين امتدادًا لذلك، حسبما يرى الكاتب.

لا تفضِّل السياسة المصرية في العادة القُرب من النظام الإيراني بسبب تباعد الآيديولوجيات، ومع ذلك تأمل إيران في تحسُّن العلاقة، وتعتبر التعاون المتزايد حاليًّا بين مصر وروسيا تغيُّرًا مبشرًّا في سياسة مصر الخارجية، وقد رحَّبت ترحيبًا واسعًا بـالتعزية التي قدمتها القاهرة إثر وفاة الرئيس الإيراني السابق أكبر هاشمي، لكن سلامة يرى أن طهران ربما تبالغ في التفاؤل بالموقف المصري منها.

يبدو التعاون الواسع بين القاهرة وطهران مفيدًا للبلدين، خصوصًا أن تحسُّين العلاقات المصرية الإيرانية في مجالَي السياحة والتجارة قد يفيد الاقتصاد المصري بدرجة كبيرة، أما إيران فتتعاون تجاريًّا مع دول ليست بالضرورة على وفاق معها سياسيًّا.

رغم ذلك، فإن التعاون المشترك الحقيقي والمستمر بين البلدين استجابةً لتصريحات لاريجاني يظلُّ في رأي كاتب المقال أمرًا بعيد المنال، ربما لاختلاف الآيديولوجيات بين البلدين، ولطبيعة موقف الشعب المصري نفسه من الدولة الإيرانية.

مواضيع مشابهة