10 سنوات من الانقسام الفلسطيني: كيف يبدو مستقبل غزة مع الحصار؟

الصورة: Getty/Abid Katib

أحمد حمدي مسلَّم
نشر في 2017/08/27

في عام 2007، أعلنت حركة حماس برئاسة إسماعيل هنية سيطرتها على قطاع غزة، وتضييق الخناق على كتائب تابعة لحركة فتح، عقب العديد من المناوشات بين الطرفين.

يرى الصحفي «دانيال إسترين»، في مقاله المنشور على موقع «NPR»، أن حماس شعرت بعد هذا النجاح أنها حصلت على ما تستحقه، إذ فازت بأغلبية المقاعد في الانتخابات التشريعية الفلسطينية عام 2006. لكنها مع ذلك لم تنجح حتى اليوم في تقاسم السُّلطة مع فتح، ممَّا أدى إلى اقتتال مستمر بين الحركتين ربما تنتج عنه تبعات خطيرة بالنسبة للقطاع.

تضييق السُّلطة على حماس

قطاع غزة.. 10 سنوات من الحصار

تحدثت كاتبة المقال مع شاب يبلغ من العمر 29 عامًا، رفض إعلان هويته حتى بعد مرور 10 سنوات على الأحداث، وروى لها أنه شاهد ابن عمه، المنتمي لحركة فتح، والذي كان تحت التدريب في حرس الحدود، يُقتل في اشتباك مع مسلحين من حماس خلال واحدة من المعارك التي أدت إلى سيطرة حماس على القطاع، ويصف سنوات حكم حماس لقطاع غزة بأنها أسوأ سنوات حياته.

احتجزت السُّلطة الفلسطينية في وقت سابق شحنة من الأدوية متجهة لغزة.

يشير إسترين إلى أنه كان عقدًا مظلمًا على معظم سكان غزة البالغ عددهم مليوني نسمة، إذ أبقت مصر وإسرائيل حدود القطاع مغلقة طَوَال الوقت تقريبًا، معللةً ذلك بالمخاوف الأمنية إزاء هجمات حماس على الإسرائيليين، ورفض الحركة التخلي عن العنف، ممَّا يمنع معظم السكان من الدخول أو الخروج من القطاع، بالإضافة إلى قلة الواردات.

اقرأ أيضًا: كيف تؤثر وثيقة حماس الجديدة على موقف إيران من إسرائيل؟

مع مرور الوقت، تزداد قيادة حماس تعقيدًا، إذ خفَّض رئيس السُّلطة الفلسطينية محمود عباس، الذي فقد السيطرة على غزة قبل 10 سنوات، الأموال والمساعدات التي يقدمها إلى قطاع غزة على مدى السنوات العشرة الماضية، مستهدفًا الضغط على حماس واستعادة السيطرة على القطاع.

تبريرًا لهذا الضغط، أكد أحمد مجدلاني المقرب من عباس، لوكالة «فرانس برس»، أنه «لا يُتوقع من أحد تمويل انقلاب ضد نفسه».

حتى الأدوية غدت شحيحة

كيف تُسهم فتح في تضييق الخناق على غزة؟

احتجزت السُّلطة الفلسطينية في وقت سابق شحنة من الأدوية متجهة إلى غزة، ويشير منسق الأمم المتحدة للمساعدات الإنسانية والأنشطة الإنمائية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، «روبرت بايبر»، إلى أن هذا الإجراء ما هو إلا وسيلة للضغط على حماس، لكن نتيجته كانت أن أصبحت مخازن الدواء في مستشفى غزة الرئيسي فارغة.

يحذر مدير صيدلية مستشفى الشفاء في غزة، نائل سكيك، من خطورة الوضع، فعشرات الأدوية المهمة لم تعد موجودة في الأسواق المحلية، مثل مراهم المضاد الحيوي للجلد، وأدوية علاج الرضع الذين يولدون مع نقص السكر في الدم، وغيرها من الأدوية الأساسية.

بقطع المال والكهرباء عن غزة، يعزل محمود عباس نفسه عن سكان القطاع.

وفقًا لكاتب المقال، خفضت السُّلطة الفلسطينية الأجور التي تدفعها لبعض العاملين في غزة للضغط على حماس، التي تعاني من ضائقة مالية لتوفير سبل العيش لهم. توقفت السُّلطة الفلسطينية كذلك عن الدفع لإسرائيل لتوفير كهرباء لغزة، مكتفيةً بتوفير الكهرباء للضفة الغربية، فلم تعد الكهرباء متاحة في القطاع سوى لساعات معدودة من اليوم، ممَّا يؤثر على كل جوانب الحياة تقريبًا.

يقول رائد، وهو مزارع طلب من إسترين عدم نشر اسمه الكامل، إنه ينام في كثير من الأحيان في حقله حتى يبدأ ري المحاصيل عندما تأتي الكهرباء في منتصف الليل، ويشكو في الوقت نفسه من صعوبة دفع الضرائب لحماس، التي يقدِّر كاتب المقال أنها تحصِّل 20 مليون دولار شهريًّا من سكان القطاع.

يشير رائد إلى أن حماس تجمع المال دون تقديم أي خدمات، غير أنه لا يرى بديلًا، فمن وجهة نظره، فتح أسوأ من حماس.

قد يهمك أيضًا: بُثينة العيسى تتساءل بشأن التطبيع والمقاطعة

هل تنفصل غزة أم ترحل حماس؟

كيف تكون نتيجة الخنق المستمر لقطاع غزة؟

يرى أستاذ العلوم السياسية في غزة، مخيمر أبو سعدة، أن قطع الكهرباء عن القطاع لا يساعد في تحسين علاقات السُّلطة الفلسطينية مع غزة، وأنه إذا كانت فتح تهدف إلى الضغط على كبار قادة حماس، فإن استراتيجيتهم غير مؤثرة، إذ تمتلك عديد من مؤسسات حماس وكبار قادتها مولدات عملاقة تمكنهم من مواجهة مشكلة الكهرباء، مشيرًا إلى أنه بقطع المال والكهرباء عن غزة، فإن عباس يعزل نفسه عن سكان القطاع.

يعتقد أبو سعدة أنه بعد 10 سنوات من الانقسام السياسي الحالي، قد يصبح هذا الانقسام أبديًّا، ويدخل في المرحلة الأخيرة التي تعني انفصال غزة عن الضفة الغربية.

ورغم سعي الرئيس الأمريكي إلى العمل مع عباس على اتفاق سلام فلسطيني-إسرائيلي، فإنه سيكون صعبًا على عباس ادعاء تمثيله لجميع الفلسطينيين في ظل تفلُّت غزة من يديه.

في الوقت نفسه، أشار حازم قاسم، المتحدث باسم حماس، إلى أنه لا بد من وضع الحركة في الاعتبار عند الحديث عن أي اتفاقيات، لأنها حركة مقاومة لا يمكن تجاهلها، إلا أن حماس، وفقًا للكاتب، مشجوبة من قِبل المجتمع الدولي، وفقدت دعمًا ماليًّا وسياسيًّا كبيرًا من عديد من مؤيديها، حتى العرب والمسلمين.

لذا يبقى السؤال مُلحًّا: ماذا سيحدث الآن لقطاع غزة في ظل محاولات جميع الأطراف تضييق الخناق على حماس؟

مواضيع مشابهة