90 % من السعرات الحرارية التي نجدها في نظام الكيتو دايت، تأتي من الدهون، هذا ما يحتويه النظام الغذائي الكيتوني الكلاسيكي، في حين تقوم إصدارات أخرى من هذا النظام على تقليل الدهون وتتيح مساحة أكبر للبروتين والمزيد من الكربوهيدرات قليلاً، في هذا المقال بحثنا عن أحدث الدراسات التي تطرقت لنظام الكيتو دايت من عدة جوانب.
الصحة العقلية
أثار النظام الكيتوني الكثير من الجدل حول مزاياه، كما أثارت بعض المجموعات الطبية المخاوف من اعتماده، ومع ذلك، هناك أيضًا اهتمام متزايد بشأن إمكاناته، ليس فقط بالنسبة للسمنة ولكن أيضًا لمجموعة متنوعة من الحالات المرضية الأخرى، حيث تقول الدكتورة شيباني سيثي، التي تقود دراسات جديدة حول إمكانات النظام الغذائي للصحة العقلية في جامعة ستانفورد: "النظام الكيتوني ليس نظامًا غذائيًا بدائيًا، إنه تدخل طبي".
د. شيباني سيثي
الأستاذة في قسم الطب النفسي - جامعة ستانفورد
نظام الكيتو دايت ليس نظامًا غذائيًا بدائيًا.. إنه تدخل طبي
يقوم النظام الغذائي الكيتوني على تجنب معظم الكربوهيدرات والتركيز بدلاً من ذلك على الأطعمة الغنية بالدهون والبروتينات والخضروات، لقد حظي هذا النظام برعاية خاصة من قبل الأطباء، فبدأوا في البحث عنه، بعد أن رأو الإمكانات في ممارستهم، ومن بينهم كريس بالمر، طبيب نفسي في كلية الطب بجامعة هارفارد ومستشفى ماكلين، الذي كشف في دراسة جديدة "أن بعض المرضى الذين يعانون من الاضطراب العاطفي الفصامي أصبح لديهم تحسن كبير في أعراضهم الذهانية بعد اتباعهم لحمية الكيتو".
د. كريس بالمر
طبيب نفسي في كلية الطب بجامعة هارفارد
تأثير عاطفي
عمد الباحثون إلى إجراء العديد من التجارب السريرية والدراسات الحديثة لاختبار تأثير النظام الغذائي على الأمراض العقلية، ومن بينها؛ الاضطراب ثنائي القطب، الفصام، الاكتئاب، حالات فقدان الشهية، الإدمان ، واضطراب ما بعد الصدمة.
اتباع نظام الكيتو دايت يلغي الكربوهيدرات ويؤدي ذلك إلى انخفاض مستوى السكر في الدم فتتحسن حساسية الأنسولين
وأكدت الدكتورة جورجيا إيدي، وهي طبيبة نفسية في ماساتشوستس، في مقال نشرته بمجلة npr الطبية، على أن "البحث والتجارب السريرية لتأثير النظام الغذائي على الصحة العقلية في تقدم مستمر"، مشيرة "إلى القدرة على الوصول لنتائج مبهرة في القريب العاجل".
د. جورجيا إيدي
طبيبة نفسية في ماساتشوستس
علاج الصرع
أحدث الدراسات الجديدة تطرقت إلى قدرة نظام الكيتو دايت على علاج الصرع، حيث يصفه الدكتور إريك كوسوف، طبيب أعصاب الأطفال في جامعة جونز هوبكنز، بأنه معيار جديد لرعاية مرضى الصرع، ويعتقد أن هذا الأمر يمهد الطريق لاعتماد نظام الكيتو دايت في الطب النفسي، ولكن وفق بعض الشروط، حيث يتم وصف الأدوية التي تم تطويرها لعلاج النوبات بانتظام لمجموعة من الحالات النفسية مثل الاضطراب ثنائي القطب.
د. إريك كوسوف
طبيب أعصاب الأطفال في جامعة جونز هوبكنز
وجد الباحثون في دراسة جديدة علاقة موثقة بين مجموعة متنوعة من الحالات النفسية ومشاكل التمثيل الغذائي مثل ارتفاع نسبة السكر في الدم، مقاومة الأنسولين، السكري من النوع الثاني، السمنة وارتفاع ضغط الدم.
بعض مرضى الاضطراب العاطفي الفصامي أصبح لديهم تحسن كبير في أعراضهم الذهانية بعد اتباعهم لحمية الكيتو
كما أن الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات نفسية معرضون لخطر متزايد، ولا يقتصر الأمر على أن الأدوية النفسية يمكن أن تسبب زيادة الوزن ومشاكل أخرى، إذ تظهر الأبحاث أن هذه المشاكل يمكن أن تنشأ حتى قبل أن يتناول الشخص المصاب بمرض عقلي خطير الدواء أو يتم تشخيصه.
علاقة واضحة
وتشير الدراسة الجديدة إلى أنه أثناء اعتمار نظام الكيتو دايت، يقوم الجسم بتغيير التروس الأيضية بشكل أساسي، فهو يعتمد بشكل متزايد على الكيتونات، -وهي جزيئات ناتجة عن تحلل الدهون في الكبد- بدلاً من الجلوكوز.
ويقول الدكتور إريك كوسوف: "نحن نعلم أن هذا يحدث في النظام الغذائي الكيتوني، إذ يمكن استخدام الكيتونات للحصول على الطاقة، ولكن كيف يساعد ذلك في النوبات؟ هذا هو السؤال الصعب التالي".
النتائج الجيدة لأحدث الدراسات تقود إلى اعتماد نظام الكيتو دايت كأحد العلاجات في الطب النفسي
ولأن نظام الكيتو دايت يلغي الكربوهيدرات، فإن ذلك يؤدي إلى انخفاض مستوى السكر في الدم فتتحسن حساسية الأنسولين.
وهو ما أكدته الدكتورة جورجيا إيدي والتي تقول: "إن اعتماد النظام الكيتوني يخفف الضغط عن نظام إشارات الأنسولين، بينما يقدم للخلايا وقودًا آخر يمكن أن يعيد أجزاء من الدماغ إلى العمل مرة أخرى والتي ربما كانت تتضارب".
الميتوكوندريا والعقل
يعتقد الباحثون أن مشاكل الميتوكوندريا "مراكز توليد الطاقة"، تعتبر أساسية للأمراض العقلية، حيث تقول آنا أندريزا، أستاذة علم الصيدلة والطب النفسي بجامعة تورنتو: "يرجع هذا على الأرجح إلى الدور الأساسي الذي تلعبه الميتوكوندريا في الحفاظ على وظائف المخ الرئيسية" وأكدت "وجود مسارات بيولوجية تجعل الأشخاص المصابين بأمراض نفسية أكثر عرضة لخلل الميتوكوندريا".
من الممكن أن تساعد الكيتونات الميتوكوندريا عن طريق تخفيف الإجهاد التأكسدي، وهو تراكم ضار للجذور الحرة، من خلال توفير مصدر طاقة يتحايل على الآلات المختلة في الميتوكوندريا.
نظام الكيتو دايت يقدم لخلايا الجسم وقودًا آخر يمكن أن يعيد أجزاء من الدماغ.. إلى العمل مرة أخرى
وبمجرد أن تستعيد الميتوكوندريا وظيفتها الطبيعية، سوف تستعيد أنظمة الناقلات العصبية، بل سيعود تدفق الدم إلى الدماغ.
يبحث العلماء عن المزيد من الأدلة حول تأثير الحالة الكيتونية على الميتوكوندريا، وهو إحدى الفرضيات التي تفسر نجاح نظام الكيتو الغذائي، لكنه قد لا يكون القصة بأكملها، فالكثير من البيانات حول كيفية تأثير النظام الغذائي على الدماغ تأتي من الأبحاث التي أجريت على الصرع والأمراض العصبية الأخرى مثل مرض الزهايمر ومرض باركنسون، هذا ويجد العلماء أن الأمراض العقلية الخطيرة مثل الفصام والاكتئاب الشديد والاضطراب ثنائي القطب تشترك في أوجه تشابه ملحوظة مع العديد من الحالات، مثل التهاب الدماغ، الإجهاد التأكسدي، خلل الميتوكوندريا، ومشاكل في الجلوكوز والأنسولين.