معدلات الإصابة بسرطان القولون والمستقيم ترتفع بسرعة في العالم، خاصة بين الأشخاص في العشرينات والثلاثينات والأربعينات من العمر.. تلكم هي النتيجة التي توصلت إليها دراسة كبيرة أجرتها جمعية السرطان الأمريكية.
سرطان القولون والمستقيم يصيب الكويتيين بنسبة تصل 14.8 لكل 100 ألف نسمة
إحصائيات الكويت
الكويت ليست استثناءً، فقد أكد استشاري الجراحة العامة في مستشفى مبارك، د. عبدالله الحداد، أن سرطان القولون والمستقيم الأكثر انتشاراً في الكويت لدى الرجال الذين في منتصف العمر، حسب إحصائية صادرة من مركز الكويت للأورام.
د. عبدالله الحداد
استشاري الجراحة العامة في مستشفى مبارك
هذه الإحصائية تشير إلى أن سرطان القولون والمستقيم يصيب الكويتيين بنسبة تصل 14.8 لكل 100 ألف نسمة، ويصيب غير الكويتيين بنسبة 6.7 لكل 100 ألف شخص.
خطر إصابة جيل الألفية بسرطان المستقيم أعلى بنحو أربع مرات من خطر الفئات العمرية الأكبر سناً
الدراسة التي أجرتها جمعية السرطان الأمريكية، تشير إلى أن هناك انخفاضاً في معدل الإصابة بهذا السرطان لدى الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 65 عامًا، حيث صرح الدكتور مايكل سيتشيني، المدير المشارك لبرنامج القولون والمستقيم في مركز سرطانات الجهاز الهضمي وطبيب الأورام في مركز ييل للسرطان قائلا: "إن حالات الإصابة بسرطان القولون والمستقيم في زيادة أكبر كل عام"، وأضاف أن "حالات سرطان القولون والمستقيم المبكرة تزايدت بنحو 2% سنويا منذ منتصف التسعينيات، وقد أدت هذه الزيادة إلى رفع مستوى سرطان القولون والمستقيم ليصبح السبب الرئيسي لوفيات السرطان لدى الرجال الذين تقل أعمارهم عن 50 عامًا والسبب الرئيسي الثاني لوفيات السرطان لدى النساء تحت سن 50 عامًا في الولايات المتحدة".
د.مايكل سيتشيني،
طبيب الأورام في مركز ييل للسرطان
حالات سرطان القولون والمستقيم المبكرة تزايدت بنحو 2% سنويا منذ منتصف التسعينيات
لماذا يتزايد سرطان القولون والمستقيم بين الشباب؟
تقول الدكتورة كايتلين ميرفي، الأستاذة المساعدة وباحثة السرطان في جامعة يو تي هيلث هيوستن: "إن سرطانات القولون والمستقيم لدى الشباب تميل أيضًا إلى أن تكون أكثر عدوانية، وغالبًا ما يتم اكتشافها في مرحلة أكثر تقدمًا"، لكن معظم الأشخاص المصابين بسرطان القولون والمستقيم في المراحل المبكرة هم أصغر من أن يوصى بإجراء فحوصات السرطان الروتينية، مما ساعد على خفض المعدلات لدى البالغين فوق سن الخمسين.
في عام 2021، خفضت فرقة العمل المعنية بالخدمات الوقائية الأمريكية العمر الموصى به لبدء فحص سرطان القولون والمستقيم بمقدار خمس سنوات فقط؛ من 50 إلى 45 سنة .
د.كايتلين ميرفي
الأستاذة المساعدة وباحثة السرطان في جامعة "يو تي هيلث" هيوستن
سرطان القولون والمستقيم أصبح السبب الرئيسي لوفيات السرطان لدى الرجال الذين تقل أعمارهم عن 50 عامًا
خطر أعلى
وفقا لدراسة نشرت في مجلة المعهد الوطني للسرطان، فإن خطر إصابة جيل الألفية بسرطان المستقيم أعلى بنحو أربع مرات من خطر الفئات العمرية الأكبر سنا، وهو ما أكدته الدكتورة ميرفي، موضحة بأن التشخيص من المرجح أن يستمر في الارتفاع مع تقدم هذه الأجيال الأكثر تعرضًا للخطر.
عندما يتم اكتشاف السرطان في سن أصغر من المعتاد، عادة ما يشك الأطباء في أن الطفرات الجينية قد تكون السبب، وتشير بعض الدراسات الجزيئية إلى أن الأورام في سرطانات القولون والمستقيم المبكرة لها طفرات مختلفة تؤدي إلى السرطان مقارنة بالأورام لدى كبار السن، كما أن هناك دليل آخر على وجود عنصر وراثي؛ أي أن وجود قريب من الدرجة الأولى مصاب بسرطان القولون والمستقيم أو حتى ورم سرطاني، يمكن أن يزيد من خطر إصابتك، كما قال الدكتور مايكل سيتشيني، لكنه أضاف "إن التغيرات الجينية لا تفسر الصورة الكاملة".
سرطانات القولون والمستقيم لدى الشباب تميل إلى أن تكون أكثر عدوانية وغالبًا ما يتم اكتشافها في مرحلة أكثر تقدماً
النظام الغذائي
ربطت بعض الأبحاث نمط الحياة والتغيرات الغذائية بزيادة معدلات الإصابة بسرطان القولون والمستقيم لدى الشباب وكبار السن، حيث استهلكت الأجيال الأخيرة المزيد من اللحوم الحمراء والأطعمة فائقة المعالجة والمشروبات السكرية، وفي الفترة بين عامي 1992 و1998، زاد تدخين السجائر أيضًا قبل أن يتراجع مرة أخرى، في حين انخفض النشاط البدني بشكل مستمر لعقود من الزمن، وترتبط كل هذه العوامل - إلى جانب ارتفاع معدلات السمنة منذ الثمانينات - بخطر الإصابة بالسرطان، ولكن مرة أخرى، لا يفسر أي منها بشكل كامل الزيادة في حالات الإصابة بسرطان القولون والمستقيم في المراحل المبكرة.
ربطت بعض الأبحاث نمط الحياة والتغيرات الغذائية بزيادة معدلات الإصابة بسرطان القولون والمستقيم لدى الشباب وكبار السن
عوامل بيئية
بدأ الخبراء في التحقيق فيما إذا كانت هناك دوافع بيئية أخرى لظهور السرطان في وقت مبكر، على سبيل المثال، ألمحت بعض الدراسات الصغيرة إلى فكرة أن الأشخاص الذين يصابون بسرطان القولون والمستقيم في سن مبكرة لديهم خلل في البكتيريا "الجيدة" و"الضارة" في أمعائهم، حيث لا يبحث الباحثون فقط في استخدام المضادات الحيوية، التي يمكن أن تغير ميكروبيوم الأمعاء، ولكن أيضًا العقاقير المضادة للالتهابات غير الستيرويدية التي تستخدم كمسكنات للألم، ومثبطات مضخة البروتون التي تستخدم لمواجهة مشاكل حمض المعدة والعديد من الأدوية النفسية التي يمكن امتصاصها من خلال الأمعاء.
ألمحت بعض الدراسات إلى فكرة أن الأشخاص الذين يصابون بسرطان القولون والمستقيم في سن مبكرة لديهم خلل في البكتيريا "الجيدة" و"الضارة" في أمعائهم
المواد الكيميائية
ويعتقد بعض الخبراء أن التعرض للمواد الكيميائية السامة في البيئة قد يكون السبب أيضًا، فعلى سبيل المثال، لسنوات عديدة، كانت معدلات تشخيص سرطان القولون والمستقيم هي الأعلى بين السود غير اللاتينيين، لكن الأبحاث تظهر أن هذه السرطانات زادت بشكل أكبر بين البيض غير اللاتينيين في التسعينيات وأوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، وبالتالي هناك أيضًا فوارق جغرافية في زيادة حالات السرطان، حيث يرى الخبراء ظهور المزيد من الحالات في المدن والبلدات وفي الولايات الجنوبية الشرقية الأميركية، وهو ما يمكن تفسيره بالتعرض لعناصر مثل الزرنيخ والكروم والنيكل، والتي غالبا ما تستخدم في إنتاج الفحم والمصانع الكيماوية وغيرها من الصناعات في تلك المناطق.
يظل تنظير القولون هو المعيار الذهبي للفحص لأنه يسمح للخبراء الطبيين ليس فقط برؤية مكان الأورام،
تحديد المخاطر وتقليلها
قام ائتلاف سرطان القولون الأميركي، بتطوير برنامج يمكنك استخدامه لطرح أسئلة حول سرطان القولون والمستقيم في المحادثات مع الأقارب، مما قد يساعدك في تحديد ما إذا كان يجب أن يتم فحصك قبل 10 إلى 15 سنة من العمر الموصى به حاليًا.
إذا لم تكن على اتصال بعائلتك المباشرة أو لم تكن على علم بتاريخهم الطبي، فمن المهم معرفة أعراض سرطان القولون والمستقيم، مثل آلام البطن غير المبررة، والتغيرات في البراز، ونزيف المستقيم، إذا كان لديك أي من هذه الأعراض، تحدث إلى الطبيب وقم بإجراء اختبار لاستبعاد السرطان.
من المهم معرفة أعراض سرطان القولون والمستقيم، مثل آلام البطن غير المبررة، والتغيرات في البراز، ونزيف المستقيم
يظل تنظير القولون هو المعيار الذهبي للفحص لأنه يسمح للخبراء الطبيين ليس فقط برؤية مكان الأورام، ولكن أيضًا بإزالتها في نفس الإجراء، هناك الآن عدة طرق مختلفة يمكن للمرضى من خلالها تحضير أمعائهم - بما في ذلك الملينات السائلة والحبوب والمساحيق - وهي ليست مزعجة مثل الخيارات التي كانت متاحة للأجيال السابقة.
هناك أيضًا اختبار منزلي يمكنه اكتشاف 92% من سرطانات القولون والمستقيم من خلال الحمض النووي الموجود في البراز، على الرغم من أنه أقل حساسية في التقاط الزوائد اللحمية السابقة للتسرطن ولا يمكن استخدامه لإزالة أي أنسجة.
على الرغم من أن الاتجاه السائد في ظهور سرطانات القولون والمستقيم في وقت مبكر مثير للقلق، إلا أن الوقت قد حان للتدخل المبكر، ومن المؤكد أن ما يحدث الآن سيؤثر على صحة الأجيال لسنوات عديدة.