هناك شيئان يميزان شهر فبراير.. إنه قصير، وهو ليس شهر يناير المتعب، فوفق خبراء نفسانيين يجلب شهر فبراير فترة راحة من الضغوط التي تأتي مع بداية العام.
فمع بداية كل عام جديد يبدأ الناس في التفكير باتخذا قرارات مصيرية، كالزواج أو الطلاق أو تخفيض الوزن أو ترك العمل، كلها تكون قرارات حاسمة ومصيرية ويكون الدافع إليها انطلاق العام الجديد حين يكون المرء مستعداً لمرحلة جديدة في حياته.
إذا لم تحرز تقدمًا كبيرًا في قراراتك كما كنت تريد.. فينبغي أن لا تكون قاسيًا على نفسك
لكن هذه القرارات التي نتخذها أو نفكر في اتخاذها تكون منهكة جداً وأحياناً تؤذينا ولا نتمكن من فهم هذا الأذى إلا بشكل متأخر، وهنا يأتي دور شهر فبراير، بالنسبة لأولئك منا ممن يفكرون بالفعل في التخلي عن قراراتهم التي كانوا يفكرون في اتخاذها مع العام الجديد، فإن حلول شهر فبراير قد يبدو وكأنه فرصة جيدة للتخلي عن تلك القرارات المنهكة.
• لا تقسو على نفسك
تقول الدكتورة ثيا غالاغر، عالمة النفس السريري والأستاذ المساعد في جامعة نيويورك لانغون هيلث:" إذا لم تحرز تقدمًا كبيرًا في قراراتك كما تريد، فينبغي أن تكون قاسيًا على نفسك"، وتضيف: "الحياة تدور حول عادات صحية متسقة وقابلة للتحقيق، أو إضافة أشياء إلى حياتك في أجزاء يمكن التحكم فيها".
د. ثيا غالاغر
عالمة النفس والأستاذ المساعد في جامعة نيويورك لانغون هيلث
يقدم الخبراء النفسانيون مجموعة من النصائح والتوصيات التي من خلال اتباعها يمكن للمرء تحقيق أهدافه أو اتخاذ قرارات ينهي بها معاناته من المحاولة في أمور تكون منهكة جداً
• فكر في قراراتك
ويقول تايلر فاندرويل، أستاذ علم الأوبئة والإحصاء الحيوي، ومدير برنامج ازدهار الإنسان في جامعة هارفارد، "إنه من المهم أن تفكر أولاً فيما إذا كنت قد اتخذت القرار الصحيح.. فكر في ما يسير على ما يرام - وما الذي لا يسير على ما يرام - في أهدافك حتى الآن".
بدلاً من السعي لتحقيق أهداف سامية.. ابدأ من مستوى منخفض وتحرك بروية في تنفيذ قراراتك
ويضيف فاندرويل: "ربما لم أتابع الأمر، لأن هذا ليس هو الأهم بالنسبة لي الآن، أو ربما لا يزال قرارك مهمًا، لكنك تكافح من أجل البقاء ملتزمًا بتنفيذه، في هذه الحالة، قد تستفيد من تحديد المزيد من المعالم القابلة للتحقيق"، حيث يمكنك بسهولة التراجع عن قرار كان متعباً جداً لك ويصعب تحقيقه.
د. تايلر فاندرويل
أستاذ علم الأوبئة والإحصاء الحيوي ومدير برنامج "ازدهار الإنسان" في جامعة هارفارد
الدكتورة ثيا غالاغر تقول أيضاً: "فكر في هدف يكاد يكون من الممكن التحكم فيه بشكل جيد، فمثلا فكرت في تحدي نفسي للقراءة لمدة 10 دقائق يوميًا، وهو ما قد لا يبدو كثيرًا، لكنه يتزايد على مدار الأسبوع، على حد قولها، بدلاً من السعي لتحقيق أهداف سامية، ابدأ من مستوى منخفض وتحرك ببطء.. وكمثال هذه النصيحة يعمل بها عدائو الماراثون، وتساعدهم على الوصول إلى خط النهاية".
• امنح نفسك هامشًا من الخطأ
لا يمكنك، ولا ينبغي لك، أن تتوقع تحقيق أهدافك بنسبة 100%، فهذا الأمر سيؤثر على نفسيتك بشكل كبير إن لم تتمكن من تحقيق تلك النسبة، إذا كنت تحاول أن تأكل بشكل أفضل، على سبيل المثال، فربما تتبع قاعدة 80/20، وتقول الدكتورة غالاغر: "اسمح لنفسك أن تأكل ما تريد بنسبة 20 بالمائة من الوقت، حتى لا تنهك القيود الصارمة".
لا يمكنك، ولا ينبغي لك، أن تتوقع تحقيق أهدافك بنسبة 100% فهذا الأمر سيؤثر على نفسيتك بشكل كبير
وذكرت الدكتورة ثيا، أن أحد الأشخاص كافح لإيجاد الوقت لممارسة التمارين الرياضية خلال الأسبوع، وهذا الأمر أثر عليه نفسياً، فنصحته بجدولة التمارين في صباح عطلة نهاية الأسبوع، بدلاً من الشعور بالضغط لممارسة التمارين الرياضية كل يوم.
• امنح نفسك بعض المساحة للمناورة
إذا كنت تحاول التقليل من استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، فربما يمكنك تقسيم المدة التي كنت تشاهدها على 15 دقيقة يوميًا، بدلاً من التوقف عن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بشكل مفاجئ وكامل وهو ما قد يدفعك للشعور بالملل أو يجعلك لا تشعر بالارتياح.
• ابحث عن المشاركة.. ولا تكن وحيداً
تقترح أنجيلا نيل بارنيت، أستاذة العلوم النفسية في جامعة ولاية كينت، أن الشخص يجب عند اتخاذه قرارات صعبة يفضل أن يجد المساندة من أشخاص آخرين، إما العائلة أو الأصدقاء، حتى تسهل عليه العملية، فالمشاركة دائماً ما تجعل القرارات الصعبة أسهل في التنفيذ.
أنجيلا نيل بارنيت
أستاذة العلوم النفسية في جامعة ولاية كينت
وتقول إنجيلا، مثلاً إذا كنت ترغب في قضاء المزيد من الوقت خارج المنزل هذا العام، يمكنك القيام بنزهة أسبوعية مع أحد أفراد العائلة، أو الاتصال بصديق أثناء المشي.
أما الدكتور فاندرويل فيؤكد أنه من المهم جداً التواصل مع أحد أفراد الأسرة أو الأصدقاء وتحديد موعد ثم اللقاء والحديث عن التقدم الذي أحرزه كل شخص في القرارات التي اتخذها سابقاً، هذه العملية تساعد بشكل كبير في التشجيع على الاستمرار.
ويقول الدكتور فاندرويل: "إن تخصيص وقت منتظم للتواصل سواء كان ذلك عبر مكالمة ليلية أو تناول قهوة صباح، يمكن أن يشجعك على مواصلة التحرك نحو أهدافك، ويساعد أيضًا في تقوية علاقاتك"، ويضيف: "نحن نعلم من الكثير والكثير من الدراسات والبيانات أن المشاركة في المجتمع وإقامة تلك العلاقات الوثيقة تؤثر على العديد من مجالات الحياة الأخرى.. بما في ذلك جعل المرء أكثر سعادة وصحة".
• أظهر لنفسك بعض التعاطف
يقول الدكتور نيل بارنيت: "نحن في علم النفس، نستخدم هاتين الكلمتين كثيرًا: وماذا في ذلك؟"، مثلاً، عندما تسأل نفيك وتقول" لقد فاتني يوم دون أن أضيف شيئاً في سعي لتعلم اللغة الإسبانية.. عليك أن تجيب نفسك وتقول ماذا في ذلك؟.. أيضاً: "لقد غطت في السرير الليلة الماضية دون أن أخذ الوقت الكافي لتدوين يومياتي.. عليك الرد والقول.. وماذا في ذلك؟"
بدلًا من لوم نفسك.. استمتع بالانتصارات الصغيرة التي حققتها وكافئ نفسك على تلك الانتصارات
ويضيف الدكتور نيل: "هاتين الكلمتين من خلالهما يمكن أن تظهر لنفسك النعمة والرحمة، وبدلًا من لوم نفسك، استمتع بالانتصارات الصغيرة، إذا كنت تحاول المشي لمسافة 3 كيلومتيرات كل يوم وقطعت مسافة كيلومتر واحد فقط اليوم، فلا تلم نفسك.. بالعكس أشكرها على هذا المجهود وحاول التعويشض يوماً آخر".
خلاصة القول
الخلاصة التي خرج بها مجموعة علماء النفس، أن شهر فبراير يمكن أن يكون فرصة جيدة للتراجع عن قرارات كانت تتعبنا في تنفيذها، ويصعب علينا إكمال مسيرة إنجازها، لذا فكر وأعد التفكير مجدداً لتصل إلى قرارات جديدة قد تكون رحيمة بك أكثر.