خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني، ينخفض لدى الأشخاص الذين لديهم متغير جيني يطلق عليه اسم LCT.. تلكم هي النتيجة التي توصل إليها فريق كبير من الباحثين الطبيين التابعين لكيانات متعددة في الولايات المتحدة والصين، فيما وصف أنه أضخم مشروع طبي، نُشرت نتائجه في مجلة Nature Metabolism.
أجريت الدراسة على مستوى الجينوم (GWAS)، من خلال البحث عن الروابط بين استهلاك الحليب وانخفاض خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني.
داء مزمن
السكري من النوع الثاني، هي حالة شائعة تؤدي إلى ارتفاع شديد في مستوى السكر "الجلوكوز" في الدم، كما أنها حالة تستمر مدى الحياة، ويمكن أن تؤثر على الحياة اليومية، إذ قد يحتاج المصاب به إلى تغيير النظام الغذائي، وتناول الأدوية، وإجراء فحوصات منتظمة.
هذا ويُشخَّص داء السكري من النوع الثاني عادة باستخدام اختبار الهيموغلوبين السكري "A1C"، والذي يشير إلى متوسط مستوى السكر في الدم خلال الشهرين الماضيين أو الأشهر الثلاثة الماضية، ويحدث السكري من النوع الثاني نتيجة لعدم استجابة الخلايا بشكل طبيعي للأنسولين، وهذا ما يسمى بمقاومة الإنسولين، حيث يُنتِج البنكرياس المزيد من الإنسولين لمحاولة الاستجابة للخلايا، وفي النهاية لا يستطيع البنكرياس مواكبة النمو، ويرتفع سكر الدم؛ مما يمهد الطريق لمرض السكري من النوع الثاني، ويؤدي ارتفاعُ نسبة السكر في الدم إلى الإضرار بالجسم، ويمكن أن يتسبب في مشاكل صحية خطيرة أخرى مثل: أمراض القلب، فقدان البصر، وأمراض الكلى.
علاقة متشعبة
أسفرت الأبحاث السابقة حول العلاقة بين شرب حليب البقر وانخفاض خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني عن نتائج مختلطة، حيث أظهرت بعض الجهود وجود ارتباط، بينما لم تجد بعض الدراسات الأخرى سوى القليل من الارتباط، أو لم يكن هناك أي ارتباط على الإطلاق، أما بالنسبة للدراسة الجديدة فقد قامت على فرضية ألقاها فريق البحث، والمتمثلة في وجود علاقة جينية هي من تحدد ذلك.
الدكتور وسترون جرانت
أستاذ طب الأطفال وعلم الوراثة البشرية
ولتحديد ما إذا كانت الفرضية صحيحة، قام الفريق بفحص الجينوم GWAS والذي تم الحصول عليه من عينات الأنسجة لـ 12000 من البالغين، وفق ما كشف عنه الدكتور وسترون جرانت وطالبة الدكتوراه شيريدان ليتلتون، من مستشفى الأطفال في فيلادلفيا
شيريدان ليتلتون
طالبة الدكتوراه متخصصة في تنظيم الجينات، الجينوم الوظيفي والسمنة لدى الأطفال
يؤدي ارتفاعُ نسبة السكر في الدم إلى الإضرار بالجسم، ويمكن أن يتسبب في مشاكل صحية خطيرة أخرى مثل: أمراض القلب، فقدان البصر، وأمراض الكلى.
نتائج الدراسة
وجد الباحثون ارتباطاً بين الأفراد الذين لديهم متغير وراثي يشفر لإنزيم اللاكتاز، والذي يستخدمه الجسم لتكسير السكريات في الحليب، حيث يقوم معظم الأشخاص بإنتاج اللاكتيز في مرحلة الطفولة، ولكن يتوقف الكثير منهم مع تقدمهم في مرحلة البلوغ، مما يؤدي إلى إصابة البعض بعدم تحمل اللاكتوز، والذي يُعرف أيضًا باسم"LNP" وتم إرجاع الاختلاف إلى متغير جين LCT.
في هذه الدراسة الجديدة، وجد الباحثون أن الأفراد الذين يستهلكون الحليب بانتظام أيضًا لديهم خطر أقل بنسبة 30% للإصابة بمرض السكري من النوع الثاني، ولم يلاحظ أي انخفاض في المخاطر لدى الأشخاص الذين يستهلكون الحليب بانتظام ولكن ليس لديهم هذا المتغير الجيني.
ولتعزيز النتائج التي توصلوا إليها، كرر الفريق تجاربهم باستخدام بيانات من البنك الحيوي في المملكة المتحدة، ووجدوا نتائج مماثلة، وأشار الباحثون إلى أن النتائج التي توصلوا إليها تفسر النتائج المتنوعة التي تم العثور عليها في الاختبارات السابقة للارتباط بين شرب الحليب وخطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني.
فوائد الحليب
من جهة أخرى، أظهرت دراسة كندية حديثة أن شرب الحليب في وجبة الفطور يمكن أن يساعد في ضبط نسبة السكر في الدم، لدى مرضى السكري من النوع الثاني، ويساعد على الشعور بالشبع على مدار اليوم، ما يجعله مفيداً بالنسبة للمصابين بالسمنة.
الدراسة أجراها باحثون بجامعتي جويلف وتورنتو في كندا، ونشروا نتائجها في دورية Journal of Dairy Science العلمية.
وللوصول إلى نتائج الدراسة، فحص الباحثون آثار تناول الحليب عالي البروتين مع حبوب الإفطار عالية الكربوهيدرات على غلوكوز الدم ومشاعر الشبع واستهلاك الطعام في وقت لاحق في اليوم، في دراسة أجريت على مجموعة من الأشخاص بينهم مصابون بالسكري من النوع الثاني.
وجد الباحثون أن الحليب الذي تمت إضافته لحبوب الإفطار يقلل من تركيز الغلوكوز في الدم بعد الأكل، كما يؤدي إلى انخفاض الشهية على مدار اليوم، مقارنة بالمجموعة التي لم تتناول الحليب.
هناك أهمية كبيرة لشرب الحليب في وقت الإفطار للمساعدة في الهضم البطيء للكربوهيدرات وللمساعدة في الحفاظ على انخفاض مستويات السكر في الدم
نتائج مشجعة
وأشارت الدراسة إلى أن عملية هضم اللبن وبروتينات الكازين الموجودة بشكل طبيعي في الحليب، تطلق هرمونات المعدة التي تبطئ عملية الهضم، ما يزيد من الشعور بالامتلاء، ويعمل هضم بروتينات اللبن على تحقيق هذا التأثير بسرعة أكبر، في حين توفر بروتينات الكازين تأثيراً طويل الأمد للشبع.
ويؤكد الدكتور دوغلاس جوف، قائد فريق البحث على أن الأمراض الاستقلابية آخذة في الارتفاع على مستوى العالم، وأشهرها الإصابة بالسكري من النوع الثاني والبدانة، لذلك هناك حاجة كبيرة لتطوير استراتيجيات غذائية للحد من مخاطرها لتمكين المرضى من تحسين صحتهم الشخصية، وأشار إلى أن هذه الدراسة تؤكد أهمية شرب الحليب في وقت الإفطار للمساعدة في الهضم البطيء للكربوهيدرات وللمساعدة في الحفاظ على انخفاض مستويات السكر في الدم، لذلك يجب أن تشجع نتائجها على ضرورة تضمين الحليب في وجبة الإفطار.