كتب هذا المقال المدون الكويتي محمد المنيخ، ونُشر على موقع «Medium»، وترجمه لمنشور أحمد الشربيني.
إذا كنا نريد البحث عن الجنة، فلنبدأ بتعريفها أولًا.. ما هي الجنة؟ وكيف تبدو؟
الجنة كما أراها هي حيث:
- تكون أفعالي وأفكاري ومشاعري في تناغم.
- تكون حياتي دون نهاية.
- أحصل على ما أريد.
- أكون سعيدًا طَوَال الوقت.
- أكون محاطًا بأشخاص أحبهم.
إذا أردت لعب الكمان أو الطبخ أو ممارسة الرياضة، فما يمنعك؟
هذه هي الجنة بالنسبة لي، فما الذي سأريده غير ذلك؟ دعونا الآن نقارن هذا بحياتنا الحالية.
1. افعل ما تريد
إذا أردت لعب الكمان، أو الطبخ، أو ممارسة الرياضة، فما الذي يمنعك؟ لعلك تلقي اللوم على شخص أو شيء يعترض ذلك، أو تبحث عن مبرر وهمي لعدم قدرتك على أداء ما تَوَدَّ فعله.
ويتخفى هذا المبرر عادةً خلف فكرة «إسعاد الناس»، أي أنك تقدم سعادة الآخرين على سعادتك الخاصة، فأنت تريد أن ينظر إليك المجتمع كشخص كريم ومعطاء، أكثر ممَّا تريد فعل الأمور التي تُشبع رغبتك الشخصية، أو ربما أصبحت محاصرًا بأفكار لا تستطيع التحرر منها، لأنك اكتسبتها منذ كان عمرك عامين، فأصبَحَت جزءًا لا ينفصل عن نظرتك إلى العالم.
إذًا، ماذا يمنعك عن فعل ما تود فعله؟ هل تمت برمجتك أو تعوَّد عقلك الباطن على إسعاد الآخرين، أم أن لديك اعتقادًا خاطئًا بأنك ستفشل في الوصول؟
2. عِش كأن حياتك دون نهاية
يعيش بعض الناس أكثر من مئة عام بسبب اختلاف طريقة تفكيرهم في الحياة.
الحياة الأبدية هي الجنة، أليس كذلك؟ لكن لنكن أكثر صراحة، عندما تحاور نفسك فتسألها: «كم من الوقت سأعيش؟»، هل ترد قائلًا «للأبد» وأنت مرتاح البال؟ أم تقول مثلًا: «سأعيش حتى أبلغ سبعين عامًا»؟
يُقال إن الناس كانوا يعيشون أطول في الماضي، فتذكر التوراة مثلًا أن آدم عاش 930 عامًا، وابنه شيث 912 عامًا، لكن لو سألتك إن كنت تود الحياة حتى تبلغ هذا العمر، كيف ترد؟ سيقول معظمنا: «لا، سأكون وحيدًا»، أو «سأبدو عجوزًا جدًّا»، أو «لن تكون لدي الطاقة اللازمة لعمل شيء».
أنا متأكد أنني لم أسألك عن حالتك الصحية في هذا العُمر، ولا سألتك عن علاقاتك بالآخرين، وإنما كنت أسأل فقط عن عمرك، لكن بسبب اعتقادك الراسخ في ارتباط الاثنين، فإنك تتحدث عن سوء حالتك عندئذ كما لو كان حقيقة مطلقة، وتدافع عن هذه القناعة. هذا السلوك هو نوع من أنواع إحباط النفس.
يصل متوسط الأعمار في بعض مناطق الصين واليابان إلى أكثر من مئة عام، ويختلف واقع هؤلاء الناس عنك لأن اعتقاداتهم بشأن الحياة تختلف عن طريقة تفكيرك حولها.
3. احصل على ما تريد
قال ألبرت آينشتاين إن الوقت ليس إلا وهمًا.
كيف تحصل على ما تريده حقًّا؟ سواءً كان ذلك أهدافًا مالية أو سيارة فاخرة أو رحلة إلى المكسيك؟
عليك أن تدرك أنك كائن له «سرعة» بعينها، وأن لحياتك السرعة نفسها، وهذا لأن سرعتك الشخصية تجذب الأشياء المماثلة، وتُشكِّل هذه الأشياء بعد ذلك واقعك، فإذا كنت ترغب في سيارة فيراري، عليك أن تضبط سرعتك بما يناسب هذه الرغبة.
لعلك تقول: «حسنٌ، أنا أريد سيارة فيراري الأسبوع القادم، وها قد ضبطت سرعتي كما تقول، لكني لم أحصل على أي شيء»، إلا أن هذا يقودنا إلى مسألة أخرى، وهي الوقت.
قال ألبرت آينشتاين إن الوقت ليس إلا وهمًا، لهذا يمر سريعًا في لحظات نشوتنا، بينما يكاد لا يتحرك وقت اكتئابنا وإحباطنا.
إن الوقت الذي نستخدمه في حياتنا العادية هو مفهوم مِن صُنع الإنسان، فلا تضبط ساعة حياتك عليه، لأنه يدفعك إلى التفكير في المستقبل أكثر من الحاضر، بينما تحتاج إلى التركيز على الحاضر إذا كنت تَوَدُّ تكريس نفسك للحصول على السيارة الفيراري في المستقبل.
أنت تخسر اللحظة الحالية عندما تفكر بالمستقبل.
4. حرر سعادتك من العوامل الخارجية
أُجريت سابقًا دراسة على شخصين، كان أحدهما قد فاز باليانصيب للتو، بينما أصيب الآخر بالشلل، ويُمكنك تصور الاختلاف الكبير بين مشاعرهما.
لكن بعد ستة أشهر، كان مستوى سعادتهما متساويًا بالضبط، ممَّا يعني أن الاثنين عادا إلى حالة طبيعية بعد أشهر قليلة فقط، وأنهما رجعا إلى مستويات سرعتهما العادية. ويدلنا ذلك على طريق السعادة التي تأتي من الداخل، ولا نستقبلها ممَّا يجري لنا ومن العالم الخارجي.
أين الجنة إذًا؟ إنها هنا والآن.
لكن كيف تكون سعيدًا الآن، في هذه اللحظة؟ فقط كُن ممتنًّا، وقدِّر كل ما حولك وكل ما يحدث لك ومن أجلك.
5. كُن مع مَن تحب
الناس الذين أحبهم هم هؤلاء الذين أشعر بالراحة في وجودي معهم، أي الناس الذين يستطيعون التواصل معي على ذات التردد، ويشاركونني نفس الاعتقادات بخصوص أشياء كثيرة، وهذا شيء يمكن تحقيقه، بعد أن تتمكن من السيطرة على «سرعتك» وقناعاتك.
أين الجنة إذًا؟ إنها هنا والآن. تستطيع تحقيق ما تريده من هذه الحياة، فقط لا تشغل نفسك بالوقت لأنه مفهوم مِن صُنع الإنسان، ولا تُقيِّد حياتك بخمسين أو ستين سنة، خطِّط لحياتك كأنك تعيش أبدًا.
إن الجنة هنا والآن.
ملاحظة: لا أقصد أن الجنة غير موجودة في الآخرة.