إنهاء علاقة عاطفية فجأة عن طريق التوقف عن الرد على أي وسيلة اتصال قد يبدو أسلوبًا قاسيًا، غير أن له شعبية كبيرة.
في عام 2016، أجرت شركة «YouGov» للبحوث التسويقية استبيانًا أظهر تعرض 11% ممن خضعوا للسؤال لهذا الشكل من إنهاء العلاقة. وفي نفس العام، ذكر مسح أجراه موقع للتواعد يدعى «Plenty of Fish» أن 80% من المشاركين الذين تراوحت أعمارهم بين 18 و33 عامًا وقعوا ضحية هذا الأسلوب. وتوصلت دراسة نُشِرَت في 2018 إلى أن 25% من المشاركين وقعوا تعرضوا للهجر بتلك الطريقة، و20% منهم فعلوها مع آخرين.
يمكن فهم السبب الذي يغري شخصًا باتباع ذلك الأسلوب، فهو يوفر عليه مواجهة الطرف الآخر، ولن يكون عليه أن يشهد الألم والارتباك الذي قد يسببه حين ينهي علاقتهما فجأة. قد لا تكون هناك وسيلة لتجنب نهاية كهذه، لكن هناك طرقًا تجعلها أقل إيلامًا، وهذا ما يستعرضه مقال نُشِرَ على موقع «The Cut».
خَصِّص وقتًا للحزن
تقول «إيبوني يوتلي»، أستاذة دراسات التواصل في جامعة ولاية كاليفورنيا، إن محاولة ابتلاع الغضب والإحباط لن تساعد في تجاوز تلك المشاعر السلبية.
العكس، تدعوك إيبوني إن وقعت ضحيةً لهذا الأسلوب من الهجر إلى ترك مشاعرك الغاضبة تتدفق حتى الغليان، بل وتدعوك إلى استدعاء صديق يستطيع أن يشاطرك مشاعر الغضب والثورة. عليك أن تعيش حالة الإحباط والضيق بعض الوقت، وتعطي الغضب والثورة حقهما، أيًّا كانت الصورة التي ستمارس بها ذلك الإحباط، حتى لو التهمت أكياسًا كاملة من الحلوى، أو بكيت بحرقة في أثناء استحمامك.
وهي إذ تدعوك إلى الثورة، تنصحك بتحديد موعد محدد لإنهاء فترة الغضب، بحيث لا تستغرق أكثر من بضعة أيام أو أسبوع، تعمل بعدها على تجاوز الوجع والعودة إلى ممارسة الحياة.
قد يهمك أيضًا: إلى الباحثين عن الحب الأبدي: «طلع كمين»
لا تبحث عن إجابات
يسهل أن تقع الضحية فريسة تساؤلات حائرة لانهائية عن الخطأ الذي ارتكبته وأدى إلى انتهاء العلاقة بهذا الشكل القاسي، لكن «لوريل هاوس»، المدربة المختصة بشؤون المواعدة، تقول لك: «أنت لا تعرف ما يدور في رأس الطرف الآخر، ولا تدري إن كان الخطأ من جانبه أم من جانبك»، فقد تكون هناك ملايين الأمور التي تحدث في حياته، وهي ما دفعته إلى الاختفاء دون أن يكون لك ذنب.
ينبغي أن تقاوم الرغبة في تتبع إنستغرام وسنابشات وتويتر من أجل إيجاد تفسير لما حدث. من المحتمل جدًّا ألا تجد إجابات، ويمكنك أن تشعر بمزيد من الأسى والإحباط إذا وجدت أن طرف العلاقة الآخر يمارس حياته طبيعيًّا كأن شيئًا لم يكن. الأفضل أن تحجب ذلك الشخص، وتتوقف عن متابعته، وربما عليك أن تتوقف مؤقتًا عن متابعة الأصدقاء المشتركين إذا كنت قلقًا من ظهور أخباره على وسائل التواصل الاجتماعي التي تتابعها.
... أو عن اعتذار
إذا كنت تحاول جذب الانتباه من أجل الحصول على اعتذار، فلن يحدث ما ترجوه.
تنصحك «تيماري شميت»، عالمة الجنس، بأن تمنع نفسك من السعي إلى اقتناص عذر، فإذا فقدت أعصابك أو حاولت مضايقة الطرف الآخر، قد تشعر بالرضا وقتها، غير أن هذا المسعى لن يساعدك في جذب انتباه الطرف الآخر بطريقة جيدة، بل سيؤكد له أنه بتنحيتك من حياته قد تَصَرَّف على نحو صائب. ستخرج خاسرًا من هذه المعركة. وحتى لو حصلت على تفسير، فعلى الأرجح لن يكون مُرضيًا كما تتمنى.
تؤكد كاتبة المقال أن كل الإجابات التي ستحصل عليها في الغالب كتفسير لقطع العلاقة ستجعل الأمر أسوأ، فلا أحد يريد أن يسمع أسبابًا مثل: «لم أعد أجدك جذابًا»، أو «أحببت شخصًا آخر أكثر منك».
قد يهمك أيضًا: الزواج أم العزوبية: أيهما طريقنا للسعادة؟
اعثر على جانب إيجابي
تَعَهَّد بألا تُعرِّض أحدًا لتجربة هجر مفاجئ، لا تختفِ بشكل يجعل أحدًا يضيع في دوامة من التساؤلات المرهِقة.
تنصحنا إيبوني بالنظر إلى الدروس المستفادة من العلاقة، فكل علاقة تغير شيئًا فيك وتُكسبك مهارة أو معرفة ما. وكلما استفدت دروسًا، أمكنك المضي قدمًا لتصبح أقوى وأكثر وعيًا مما كنت عليه.
تنصحك لوريل هاوس بإعادة تقييم أسلوبك في المواعدة. فعندما تكون على مسافة زمنية ونفسية كافية من العلاقة، سترى الأمور بصورة أكثر موضوعية، وحينها اسأل نفسك إذا كنت قد تجاهلت إشارات وعلامات على حتمية فشل العلاقة.
واجه نفسك ببعض الأسئلة التي ستريحك على المدى الطويل: «هل كنت تقدم نفسك للطرف الآخر كما أنت حقًّا، أم كما يريد ذلك الآخر أن تكونَ عليه؟»، «هل كنت تقاوم من أجل بقاء العلاقة واستمرارها لأنك كنت تعتقد في نجاحها، أم لأنك أحببت فكرة أن تكون طرفًا في علاقة أيًّا كانت؟». إجاباتك الصريحة، وإن كانت صعبة، ستنير لك الطريق.
تدعوك لوريل إلى استخلاص الدرس والاسترشاد به في العلاقات القادمة.
قد يعجبك أيضًا: لعبة للوحدة: لو لم نجد عشاقًا لاخترعناهم
تَعَهَّد بألا تُعرِّض أحدًا لتجربة هجر كتلك في المستقبل، فلا تختفِ بشكل يجعله يضيع في دوامة من التساؤلات المرهِقة. عليك أن تكون طيبًا وصادقًا مع الناس، فالعلاقات تبدأ مثل مراحل تكوين الصداقات المتينة، فهي ليست رحلة تسوق تبحث فيها عن العرض الأفضل وتلقي بالأسوأ خارج عربة التسوق دون التفات إلى الوراء، بل قرار باختيار شخص ليشاطرك في كل ما تبقى من حياتك.