«الكثير من الطلاب يبدأون في البكاء، وطلاب آخرون استفرغوا ما في أمعائهم ومثاناتهم». هذه اقتباسة صغيرة من رسالة كتبها مدراء مدارس نيويورك إلى أولياء أمور الطلاب، يصفون فيها بعض ما يتعرض له أبناؤهم خلال أيام الاختبارات. أضاف أحد المعلمين على الرسالة أن هناك طالبًا ظل يضرب رأسه في الطاولة.
والآن نبدأ الاختبار..
السؤال الأول: كم عدد حالات الانتحار في مواسم الاختبار؟
في بريطانيا، تتكشف الصلة الواضحة بين ارتفاع أعداد حالات الانتحار، وتوافقها الزمني مع أسابيع الاختبار. فخلال عام واحد فقط، وصلت معدلات انتحار الطلاب إلى حالة كل أربعة أيام، ذلك أن المعايير المستحيلة التي يتطلبها السباق الدراسي باتت تُشعر الطلاب بالإحباط، مما يَحملهم على الاستسلام، ويضع فيهم ميلًا إلى الشعور بإيذاء النفس، أو التخلص منها كما يحذر المعلمون.
وفي جنوب إفريقيا، تتوافد تقارير يومية إلى الإدارات المدرسية، تخص طلابًا يحاولون الانتحار جراء ضغط الدراسة والاختبار.
وفي الصين، حللت دراسة سبب ازدياد حالات الانتحار بين شهري فبراير ويونيو، بأنه عائد إلى التزامن مع أيام امتحانات القبول للمدارس والجامعات. وبتحليل أرقام الانتحار في عام واحد، تبين أن 92% من حالات انتحار الطلاب كانت تحت ظرف الضغط الدراسي الشديد.
أما الهند، وفي عام 2019 فقط، فقد سجلت 10,335 حالة انتحار في صفوف الطلاب.
وفي روسيا، وبعد أن شهدت البلاد سلسلة مثيرة للقلق من حوادث انتحار طلاب المدارس، أبانت تحقيقات المدعي العام أن أعداد المنتحرين من الشباب دائمًا ما تكون في ارتفاع خلال امتحانات الفصل الدراسي، وأعلن المشرعون وجود حتمية ماسة لإجراء تغييرات جوهرية تحد من إجهاد امتحانات نهاية الفصل.
ومع محاولات التكتيم والتعتيم على ظاهرة انتحار الطلاب في الدول العربية، لم يتوفر لدينا من الإحصائيات الحاضرة سوى الدراسة الاستباقية التي أجرتها وزارة الصحة والإسكان المصرية، والتي تقول إن 21.5% من طلاب الثانوية العامة يفكرون في الإقدام على الانتحار بسبب الضغوط الدراسية، والخوف من الحصول على درجات منخفضة تخيب آمال ذويهم.
السؤال الثاني: عدِّد أبرز ما يشعر به الطلاب أيام الامتحان
- كوابيس الاختبار
أن تحلم بأنك غير مستعد لاختبار نهائي، أو أن تظل تبحث وتبحث عن قاعة امتحان دون أن تعثر على مكانها، أو أن تصل إلى الفصل متأخرًا فيوصد الباب في وجهك، وغيرها من الأحلام والكوابيس، أمست شائعة بين الأجيال الأخيرة، وعلى الأخص الجيل الذي ترعرع في دول ذات أنظمة تعليمية صارمة، فتعمل على فرزك بناء على أدائك في اختبارات عالية المخاطر، كما ترى طبيبة الأعصاب جودي ويليس.
تشير ويليس، وهي معلمة سابقة وباحثة تتخصص حاليًا في استراتيجيات التعليم المستمد من أبحاث الدماغ، إلى عدم اقتصار معاناة الأحلام المزعجة على الطلاب الكبار، بل أنها تمتد لتشمل حتى الأطفال الذين لم يتجاوزوا الصفوف الابتدائية الأولى، بعد تعرضهم لكوابيس مزعجة تتعلق بسوء انطباع أهلهم عن مستواهم الدراسي.
- إجهاد وقلق الاختبارات
تشغل الاختبارات المركز الأول كسبب رئيسي لإجهاد الطلاب، متخطية جميع عوامل الإجهاد الأخرى مثل المشكلات الأسرية والاقتصادية والصحية وخلافها. وهذا ما يحدث عندما يتكثف الكم المعلوماتي المفروض على التلميذ حفظه وإتقانه في فترة محدودة، وتتقلص مدة امتحانه إلى دقائق معدودة ترسم له مساره ومصيره.
نخال أن الطالب نجح في الانتقال إلى الصف التالي وحسب، لكن الحقيقة أن النظام هو من نجح في نقل الطالب إلى مرحلة القلق والإجهاد الذهني والنفسي، وصولًا إلى حافة الانهيار، فغدت الاختبارات (كما يصفها علماء الأعصاب) سببًا مقلقًا يسلب منا القدرة على الاعتناء بما تحتاجه أدمغتنا بحق، وصارت أجسادنا تستعد للامتحان كخطر حقيقي يشابه استعدادنا للقتال.
يعرب خبراء الدراسات الوبائية عن قلقهم من ارتفاع مقاييس الاكتئاب إلى نسب غير مسبوقة، وهو ما يمكن إدراجه تحت مسمى الوباء الممتد على مستوى البلاد، وباء مقترن بالمدرسة واختباراتها.
- أمراض الاختبار
التهابات، صداع، نزلات برد، إنفلونزا، قولون عصبي، خفقان قلب، زيادة ضغط الدم، وغيرها من الأمراض، ليست مصادفة أن تتضاعف حالات توعُّك الطلاب في وقت واحد، ما دمنا دخلنا أسبوع الامتحانات.
ينخرط جميع التلاميذ في فترات الاختبارات الجماعية، وتصاحب هذه الفترة الحرجة ممارسات سلوكية غير صحية تُضعف من كفاءة أجهزة المناعة، كقلة النوم وسوء التغذية وندرة الحركة، فضلًا عن التوتر المقترن بهذه الظروف النفسية العصيبة، بحسب إفادة سافيريو سترينجس أستاذ علم الأوبئة في جامعة ويسترن، الذي يشير إلى مسؤولية أي نظام تعليمي يسلب من الطالب صحته بغرض الحصول على درجات أعلى في اختبارات عالية المخاطر.
السؤال الثالث: أكمل الفراغات التالية بين القوسين بما يناسبها من إجابة صحيحة
س1: تغطَّى النوافذ بالأسلاك الشبكية في بعض مدارس الصين كي لا يتمكن الطلاب من (الانتحار) بإلقاء أنفسهم من الأدوار العليا.
س2: يبلغ عدد الاختبارات التي يدخلها الطالب في مشواره الدراسي (112) تقريبًا.
س3: ترتفع حوادث انتحار اليابانيين في تاريخ (1 سبتمبر) تحديدًا، لأنه أول يوم دوام مدرسي.
س4: تمتلك كوريا أعلى معدلات انتحار في الدول الصناعية، بواقع أن طلابها يدرسون من (14 إلى 16) ساعة في اليوم الواحد، استعدادًا لأيام الامتحانات.
س5: دراسة تشير إلى أن (80%) من الطلاب يعانون من أعراض القلق المدرسي.
السؤال الرابع: اكتب معبرًا عن رأيك في موضوع الاختبار والانتحار
ما عليك سوى كتابة كلمتي انتحار + طالب في أي محرك بحث، لتظهر لك آلاف المحكيات عن طلاب ابتلعوا سمًا، وقطعوا شريانًا، أو تساقطوا تلو بعضهم من المباني الشواهق.
في مشهد جنائزي مهيب، يتحلق طلاب ومعلمون وأولياء أمور حول قبر، يشهدون مراسم دفن طالب، وجده زملاؤه منتحرًا شنقًا، بحبل علق أحد طرفيه في رقبته، والطرف الآخر في سقف إحدى غرف المدرسة.
ومع نحيب الحاضرين، ودموعهم التي اختلطت بزخات المطر الغزير، سار تلميذ بين القبور، يشق طريقه باتجاه مدير المدرسة الواقف أمام الجنازة، وبدأ الطالب يهمس في أذن المدير:
«اطمئن أيها المدير، لقد ذكر تقرير الشرطة أن سبب الوفاة هو الضغط الحاصل هنا (وأشار إلى رقبته)، ولكن، ماذا عن الضغط الحاصل هنا؟ (وأشار إلى رأسه)».
حسنٌ، المشهد السابق مقتطع من فيلم هندي اسمه «الأغبياء الثلاثة»، ولا يعني ذلك أن السيناريو كان خياليًا بالضرورة، إذ يحاكي قصص آلاف الأسر الهندية التي ينتحر أبناؤها سنويًا قبيل مواسم الاختبارات، بعد أن احتلت الهند المركز الأول في المؤشرات العالمية لظاهرة انتحار الطلاب بمعدل انتحار طالب كل ساعة. وإذا تساءلت عن السبب الرئيسي، فالجواب هو: الفشل في الامتحانات.
أما من يرغب في الاطلاع على القصص الحقيقية للطلاب المنتحرين، فما عليه سوى كتابة كلمتي انتحار + طالب في أي محرك بحث، لتظهر له آلاف المحكيات اليومية التي تدونها أخبار العالم، عن طلاب ابتلعوا سمًا، وقطعوا شريانًا، وعلقوا حبلًا، أو تساقطوا تلو بعضهم من المباني الشواهق، رحلوا وتركوا لنا التساؤل:
كم عدد حالات الانتحار المطلوبة لتحقيق أعلى الدرجات في مؤشرات التعليم؟
لقد قتلت كندا الامتحانات كي لا تقتل طلابها، ووصفت فنلندا الاختبارات بجرثومة وجب التطهر منها، وتوقفت سنغافورة عن تصنيف الأطفال تبعًا لنتائج الاختبار، وقضت أمريكا أخيرًا على هوسها المبالغ فيه بالدرجات، وكل تلك الدول تتربع على صدارة الأنظمة العالمية في جودة التعليم.
علينا الاعتراف أن الأمراض النفسية أشد فتكًا بالإنسان من الأمراض الجسدية، كما تشير منظمة الصحة العالمية. وأسفًا نقول إنه خلال الوقت الذي قضيته في قراءة هذا المقال، سيكون هناك ستة أشخاص في دول مختلفة أقدموا على الانتحار.
انتهى الوقت، يُرجى تسليم الورقة.