تخيل أنك تعيش قصة حب عظيمة، وتعد الأيام حتى موعد زواجك، سعيًا إلى حياة الحب الأبدية التي تتصور أنك ستعيشها مع حبيبتك/حبيبكِ، ثم تقرأ بالصدفة أن في مصر وحدها تحدث حالة طلاق كل أربع دقائق، وأن المحاكم هناك شهدت 14 مليون قضية طلاق عام 2015 فقط.
ينقبض قلبك، تسأل نفسك: كيف يتحول كل هذا الحب إلى رغبة في الفراق؟ ما الذي حدث للحب الأبدي الذي رأيناه في الأفلام؟ كيف يمكن تجنب هذه النهاية الموجعة؟
طرح الكاتب الأمريكي «مارك مانسون» هذه الأسئلة على نفسه قبل زواجه، لأنه خاف تكرار الأخطاء نفسها التي وقع فيها الآخرون، وأدت إلى انتهاء زيجات دامت لسنوات، وفشل قصص حب أسطورية تمنى كثيرون في وقت سابق لو عاشوها.
لم يكتفِ مانسون بسؤال أصدقائه ومعارفه، بل أراد كذلك أن يتوصل إلى إجابات أكثر حسمًا عن طريق الاسترشاد بتجارب حقيقية، بدلًا من كلمات النصح والإرشاد المتداولة في الجلسات العائلية، ثم كتب ما وصل إليه في مقال نشره موقع «كوارتز».
طلب الكاتب من زوار موقعه، الذين امتد زواجهم أكثر من 10 سنوات وما زالوا سعداء في حياتهم، إطلاعه على سر نجاح علاقاتهم، وسأل كذلك من مروا بتجربة طلاق عن أسبابهم.
تجاوب 1500 شخص مع مانسون، حتى أن بعضهم أرسل يحكي له خلاصة تجربته في عدة صفحات، وليس مجرد فقرات قصيرة. حكى كل هؤلاء أخطاءهم، والأفعال التي يعتقدون أنها كانت لِتحُول دون هذه النهاية لو تجنبوها، وقصُّوا الانتصارات التي حققوها، وساعدته كل هذه الحكايات في وضع قواعد للعلاقات الناجحة، فما هذه القواعد؟
1. لا تتزوج لمجرد الزواج
حين يبحث الإنسان عن علاقة تنقذه من مشاكله، وشخص يُصلح له الفوضى التي يغرق فيها، يدخل في علاقة غير صحية.
من بين الحكايات التي وصلت إلى مانسون حكاية رجل تزوج ثلاث مرات: الأولى لأن واجبه الديني يحتِّم زواجه، والثانية بسبب اعتقاده أن وجود امرأة في حياته سيخلصه من تعاسته ووحدته، أما زوجته الثالثة فكان يحبها.
يمكن أن تتزوج لأسباب خاطئة كثيرة، كالخضوع لضغوط العائلة والأصدقاء، أو الشعور بالفشل بسبب عدم الارتباط، أو الحفاظ على مظهرك الاجتماعي، أو حتى الوقوع ضحية للحب الأعمى الذي يجعلك تظن أن الحب سيحل كل شيء، خصوصًا عندما تكون صغيرًا. يُضاف إلى ذلك أشياء أخرى، كالبحث عن علاقة تُنقذك من مشاكلك، أو شخص يصلح لك الفوضى التي تغرق فيها وينقذك من اضطراباتك.
يؤدي هذا إلى الدخول في علاقة غير صحية، يعتمد فيها أحد الطرفين على محبة الآخر واهتمامه حتى يهرب من كرهه لذاته، ويؤدي هذا دون شك إلى نشوء علاقة غير صحية، وفي النهاية إلى فشل الارتباط.
2. لا تبحث عن «السعادة الأبدية»
النتيجة الثانية التي استشفها مانسون هي أن الفارس ذا الحصان الأبيض الذي ينقذ الأميرة الحسناء ليتزوجها، ثم يعيشان معًا في سعادة أبدية، هي حكاية خرافيّة تحكيها لطفلك الصغير قبل نومه. هذه الحالة الحالمة من الحب ليست مستحيلة، لكنها لا تستمر إلى الأبد، حتى لو عشناها في بداية العلاقة.
يعتقد كثيرون أن غياب هذه المشاعر علامة على انتهاء الحب وبداية أُفوله، لكن هذا ليس حقيقيًّا. الحب الحقيقي هو ما يبقى بعد انتهاء كل هذا الوهج، عندما تعرف أنكما معًا تحت أي ظرف، تتعمق المحبة، ولا تشعر أنك مجبر على تقديم شيء مقابل شيء آخر للحفاظ على هذا الحب، فقد أصبحتَ مطمئنًا إليه.
3. الحب شيء، والاحترام شيء آخر
الثقة هي ثاني أهم سمات الزواج الناجح بعد الاحترام.
وجد مانسون كذلك أن المتزوجين لفترات طويلة، من 20 إلى 40 سنة، يُجمعون على أن الاحترام وحده كان صاحب الفضل في بقاء العلاقة، فالخلافات والمشاجرات قادمة لا محالة، إلا أن الاحترام المتبادل يجنبك الشك في نوايا الطرف الآخر وإطلاق الأحكام على اختياراته، ونتيجةً لذلك، يحترم كل طرف تصرفات وأفكار الآخر، حتى إن اختلف معه.
يتلخص الاحترام في نظر هؤلاء الأزواج في أربعة تصرفات:
- عدم العيب في شريك الحياة أمام الأصدقاء، وتوجيه الكلام إليه بصورة شخصية بدلًا من مشاركته مع الآخرين.
- احترام ميول الطرف الآخر وهوايته، لأن قضاءك وقتك بطريقة مختلفة لا يعني أنه أقل منك شأنًا ولا أفضل منك.
- لا أحد يسيطر على العلاقة، فلكلٍّ منكما رأي يساوي رأي الآخر في قيمته.
- لا توجد أسرار بين الطرفين، ولا يخجل أيهما من البوح برغباته وميوله.
4. أخبرها كل شيء، أخبريه بكل ما يسبب لكِ الألم
لا يتمكن الجميع من تحمل عبء المصارحة، لغياب الثقة الكافية أحيانًا بين الطرفين، فالثقة ثاني أهم سمات الزواج الناجح بعد الاحترام، حسب مانسون.
هناك عدة طرق لتوطيد الثقة:
- لا تتردد في إخبار حبيبتك/حبيبكِ بكل ما يزعجك، فأنت الوحيد القادر على إصلاح العلاقة.
- شاركه أسرارك التي تخفيها عن الجميع، مهما بلغ مقدار خجلك منها.
- لا تخلف الوعود التي قطعتها على نفسك أمامه.
- حاول أن ترى الأمور بعينه، ولا تحكم على تصرفاته بمنظورك فقط، بل بمنظوره كذلك.
5- لا تُضحِّ أبدًا بكل شيء
العلاقات غير المتوازنة تفشل دائمًا، فتسخير أحد الطرفين كل جهده لإسعاد الآخر وتلبية رغباته لا يضمن استمرار الزواج.
يجد المضحي نفسه مُجبرًا على تحمل التصرفات السيئة للطرف الآخر، لأنه يقدم تضحيات في المقابل. وبهذه الطريقة يصبح كلٌّ من الطرفين أسيرًا للآخر، يحمل عنه همومه ويساعده في الهروب من مشاكله الخاصة.
يفقد كل طرف استقلاله حين يخضع للآخر أو يُخضِعه، ويؤدي هذا إلى محو الهوية الفردية التي بدأ الحب بها في البداية، فتنهار العلاقة.
6. لا تذبح لها القطة
«ادبحلها القطة» عبارة مصرية تُقال للرجل المقبِل على الزواج في الريف، لتحفيزه على ترويض زوجته وإخضاعها لأوامره، وكذلك لقطع صلاتها مع أصدقائها.
هكذا، بعد أن كان لكل شخص حياته المستقلة، تبدأ موجة من الخلافات اعتراضًا على أداء الزوج أو الزوجة بعض الأنشطة دون مشاركة الآخر، كمقابلة الأصدقاء، أو السفر، أو الجلوس على المقهى، وكأن هذه الأنشطة أصبحت جرائم خيانة في حق الطرف الآخر.
يؤثر التضييق على استقلالية أحد الطرفين بصورة سلبية في العلاقة، ويعزز الشك، ويضعف الثقة، ويجعل كل الأفعال مهما صغُرت مصدرًا للتهديد، فيظن كلا الطرفين أن بعض الحرية لشريك حياته قد تؤدي إلى انجذابه لشخص آخر.
تمتُّع الرجل والمرأة بالاستقلال والاختلاف يدعم علاقتهما أكثر فأكثر، ويفتح لهما آفاقًا أخرى لحياتهما المشتركة، والحفاظ على هذا الاستقلال قاعدة ذهبية إذا رغبتَ في زواج طويل الأمد.
7. لن تظل متزوجًا من الشخص نفسه
قال أحد زوار الموقع، مقدمًا نصيحة لزواج دائم: «ستصحو يومًا ما، بعد سنوات عديدة، لتجد أن شريك حياتك الراقد بجوارك قد صار شخصًا مختلفًا تمامًا. احرص على الوقوع في غرام هذا الشخص أيضًا».
تتبدل الأفكار كما تتبدل الملامح مع تقدم السن، وتتغير الانتماءات الدينية والسياسية كما يتغير لون الشعر، وستجد نفسك مع شخص آخر غير الذي تزوجته، فينبغي عليك تقبُّل هذا الشخص الجديد، الذي ربما لم تكن لتقع في غرامه لو قابلته في البداية.
توقع هذه التغيرات، لأن هذا سيساعدك على تخطيها عند وقوعها، ولن يحدث هذا إلا بوجود الاحترام في المقام الأول، فاحترام توجهات شريك حياتك واختياراته ولا تحاول التأثير عليه أو توجيهه.
الزواج نشاط اجتماعي تحكمه تصرفات الطرفين، ولا يمكن الاستمرار فيه دون اتفاق وحوار يجنِّب الوقوع في علاقة مؤذية أو غير صحية، والقواعد السبع السابقة ربما تكون مفاتيحًا لفك الاشتباك السلمي الذي نسميه في العادة «زواجًا».