في هذه السلسلة يكتب لنا كُتَّاب «منشور» وأصدقاؤه رهاناتهم الشخصية في كأس العالم، كلٌّ حسب تفضيلاته. ليست رهانات أو تحليلات فنية، بل تفضيلات وأهواء شخصية منطلِقة من موقعهم كمتفرجين ومشجعين لا أكثر.
- كان علينا أن نعرف، يمكنك منذ البداية معرفة الفائزين والخاسرين
- نعم، كنت أراهن عليك بكل شيء
- ... وكنت لتخسر
حوار من فيلم «حدث ذات مرة في أمريكا» - (سيرجيو ليوني - 1984)
منذ اللحظة الأولى له في الملعب كان واضحًا أنه الفرس الفائز الذي يمكن أن تراهن عليه بكل ما تملك.
كان متلاعبًا وفتيًّا وواثقًا، لا يخشى السياقات التي تبدو دائمًا أكبر منه، وهو دائمًا كان يفوز.
الشيء اللافت في رمضان. إنه يأخذ المخاطرة دون مهابة، ويضع عليها «لمسة جمالية» تُشعِرَك بأن الأمر لم يكن بتلك الصعوبة من الأصل.
أفكر في أن كل الصور الذهنية عن رمضان صبحي يظهر فيها أكبر مما/ممن حوله:
- وسط 6 لاعبين منتخب نيجيريا في مباراة الذهاب، وهو يصنع هدف التعادل لصلاح بهدوء وثقة.
- وهو يحرز هدف المباراة الوحيد في العودة، ويذهب بمصر إلى كأس الأمم الإفريقية للمرة الأولى منذ سبع سنوات.
- مراهق ذو ذقنٍ نصف نابتة في مباراته الأولى أمام الزمالك في الدورة الرباعية عام 2013-2014 يقود مجموعة أخرى من المراهقين نحو لقب الدوري، دون قلق أو خوف، وبثقة لا يذكر أحد أنه شاهد لاعبًا مصريًّا يلعب بها في مثل هذا العمر.
- صورته الأكثر أيقونية وهو يقف على الكرة في مباراة الزمالك (2-0)، أو حين كررها ثانية في مباراة السوبر، ولأنه فعل ذلك في الفترة التي شهدت تفوقًا زملكاويًّا وثنائية محلية للمرة الأولى منذ زمن طويل، ليأتي فتى في الثامنة عشر من عمره بلقطتي شوارع وخروج عن النسق الرتيب والممل للكرة المصرية، لا روح رياضية، ولا احترام منافسة، ولا يحزنون. يعطي جماهير فريقه روحًا ونفسًا للمجابهة حتى في موسمهم الخاسر.
أتذكر، بدهشة شديدة، كيف لعب ضربة الجزاء الثانية أمام بوركينا فاسو في قبل نهائي أمم إفريقيا 2017، وبعد ركلة أولى ضائعة من عبد الله السعيد. وبعيدًا عما إذا كان قرار لعبها «بانيكا» صائبًا أم لا، كيف امتلك الجرأة من الأصل؟ وكيف أعطى زملاءه ثقةً أكبر حين فعلها في تلك اللحظة؟
هذا هو الشيء اللافت والمدهش والجذاب في رمضان. إنه لا يخاف شيئًا، يأخذ المخاطرة دون مهابة، بل ويضع عليها «لمسة جمالية» تُشعِرَك بأن الأمر لم يكن بتلك الصعوبة من الأصل.
تحول رمضان إلى بطلٍ شعبي. بدا أن الزمن القادم زمنه. لم يكن خطأ أحد. لم يكن تحميله بأكثر مما يستطيع. ببساطة كانت طبائع الأمور، أي شخص كان سيراهن عليه.
لذلك، فحتى مع سوء العامين الأخيرين في مسيرته منذ احترافه في ستوك سيتي، وحتى مع الإحباط في أن هذا المراهق «الفشيخ» الواثق جدًّا الذي ترك نجومية مصر من أجل الذهاب إلى شيء أكبر يعتقد أنه ينتظره في إنجلترا، لم يتعلم كلمتين إنجليزي على بعض حتى الآن. حتى الفتور نحو تكراره نفس المراوغة التي تبطئ إيقاع هجمات فريقه، إلى ما لا نهاية، والضيق من أنه لا يصوب على المرمى إلا حين يصبح في حلق الجون.
حتى مع كون رمضان احتياطيًّا في وجود تريزيجيه ووردة، ورجوع صلاح بنصف كتف. ومع كل هذا، فـ«الرهان على الحريف يا رزق».
أراهن لأنه دائمًا كان أكبر من السياق الموجود فيه، وصنع اللقطات الأجمل في مسيرته في الظرفِ الأصعب. لأنه الوحيد الذي يمكنه التعامل مع كأس العالم كدورة رمضانية، وإشعارنا بأن «الأمر لم يكن بهذه الصعوبة». لأن روحه متلاعبة، وعقله ممتلئ بالخيال، ويستطيع أن يدهشنا بما لا نتوقعه.
سأخسر على الأغلب، ولكن لم أستطع مقاومة إغواء «الرهان عليك بكل شيء».