لم يكتفِ المخترع الصربي الأمريكي العبقري «نيكولا تسلا» بمُشاركتنا أفكاره عن مستقبل التكنولوجيا وكيف ستغير العالم من حولنا، بل تنبأ كذلك بدخول النساء مجالات جديدة في الحياة، وانتزاعهم السُّلطة تدريجيًّا من أيدي الرجال، وذلك بفضل التكنولوجيا الحديثة وتطورها. وتحاول الكاتبة الأمريكية «ماريا بوبوفا»، في مقال لها على موقع «Brain Pickings»، أن تستكشف آراء تسلا بخصوص مستقبل النساء في المجتمعات الحالية.
نيكولا تسلا: عبقري غير تقليدي
آمن تسلا أن تطور تكنولوجيا الاتصالات سيلعب دورًا كبيرًا في تمكين المرأة.
نيكولا تسلا مهندس وفيزيائي، عاش حياة مليئة بالعلم والاختراعات في الفترة بين 1856 و1943، ويُعدُّ ضمن أكثر العلماء الثائرين على القواعد والأسس العلمية، كما يلقَّب بأعظم مخترع عرفته البشرية على مر العصور.
مهَّدت اختراعات تسلا وأعماله المبتكرة الطريق إلى تطور مجال الاتصالات اللاسلكية، وتركت أثرًا على كل الأجهزة الكهربائية المستخدمة في حياتنا اليوم. ودون جهود هذا المخترع العظيم، لم يكن ليُكتَب هذا المقال مثلًا، ولا استطعتَ أن تطالع تلك السطور عبر هاتفك الذكي أو الكمبيوتر الخاص بك.
وكأمثاله من العباقرة، لم يكتفِ تسلا بالتنبؤ بالتطبيقات والاستخدامات المستقبلية لاختراعاته، بل أشار كذلك إلى التغيرات الثقافية والمجتمعية التي قد تنتجها أي تكنولوجيا ناجحة.
اقرأ أيضًا: كيف يمكن للإنترنت أن يُحدث ثورة حقيقية في حياتنا؟
واحدة من أغرب تنبؤات تسلا المستقبلية وأكثرها غموضًا تتعلق بالتحول في هيمنة جنس على آخر. آمن تسلا أن تطور تكنولوجيا الاتصالات اللاسلكية سيلعب دورًا كبيرًا في تمكين المرأة وتحريرها لتطور قدراتها العقلية بشكل كامل، بعد أن عانت من القهر تحت سيطرة النظام الاجتماعي الذكوري على مدى عقود من الزمان.
تنبؤات تسلا
في يناير من عام 1926، أجرى أحد الصحفيين مقابلة مع نيكولا تسلا بشأن التنبؤات والأفكار التي طرحها، ونُشرت تفاصيل هذه المقابلة في مجلة «كولييرز» بعنوان «عندما تسود المرأة».
سرد تسلا في تلك المقابلة بعض أفكاره حول التفوق المتوقع للنساء بفضل التكنولوجيا، وأكد أنه صار من الواضح لأي مراقب، متخصص أو غير متخصص، ظهور رؤية جديدة للمرأة والتمييز بين الجنسين في الآونة الأخيرة، وبلغت هذه الرؤية ذروتها في فترتي ما قبل الحرب العالمية الأولى وبعدها، نتيجةً لجهود النساء المستمرة من أجل التحرر.
لكن المعاناة التي تقاسيها النساء في أرجاء العالم لنَيْل حقوقهن في المساواة ستنتهي، بحسب تسلا، إلى حركة تغَيُّر جذرية تصبح المرأة معها جنسًا مُتفوقًا ورائدًا، بالضبط كما هو الحال مع الرجال اليوم، فما تصبو إليه المرأة في عصرنا الحالي من تفوق طفيف لجنسها، حتى على مستوى سطحي، ما هو إلا موجة ضعيفة تمهد لطوفان من التغيرات التي تجيء نتيجة قرون من القمع والاستبداد الذكوري.
قد يعجبك أيضًا: أسئلة شائعة عن النسوية
أثبت العقل الأنثوي قدرته على استيعاب كل صفات العقل الذكوري ومؤهلاته.
يستمر الرجل في سرد نبوءاته، ويخبرنا أن استحواذ المرأة على مجالات جديدة وانتزاعها السُّلطة تدريجيًّا سيكونان نتيجةً حتمية لإخماد طاقاتها في العصور السابقة، بعد أن وجدت الآن فرصتها للانطلاق عن طريق التكنولوجيا الحديثة، التي ساهمت في تمكين المرأة وتعليمها وتواصلها مع غيرها.
يؤكد الرجل أن العقل الأنثوي أثبت قدرته على استيعاب كل صفات العقل الذكوري ومؤهلاته، وأصبح بالتالي قادرًا على تحقيق إنجازاته، وستزداد تلك القدرة الاستيعابية حتى تصل إلى مرحلة تكون فيها امرأة عادية على قدر من المعرفة والتعليم كرجل عادي، سواءً بسواء، ثم سيتطور الأمر لتصير أفضل منه، وهذا مع نشاط قدراتها العقلية الكامنة التي ستكون على أهبة الاستعداد بعد قرون من الكبت والخمول.
قد يهمك أيضًا: هل اختلاف سلوك الرجال والنساء بيولوجي أم ثقافي فحسب؟
لم يمر سوى عقد واحد على توقعات تسلا حتى أثبتت الممثلة والمخترعة النمساوية الأمريكية الشهيرة «هيدي لامار» صحتها، فبرعت في الرياضيات حتى ساوَت شهرتها كمخترعة ما وصلت إليه كممثلة، كما ازداد عدد النساء المهتمات بالمجالات العلمية والتقنية والرياضيات والهندسة، ليأخذن مناصب قيادية في الأجيال التالية لنبوءة نيكولا تسلا.
لن يتفق الجميع بالتأكيد بشأن ما إذا كانت المرأة والرجل قد تساويا في العصر الحالي، ناهيك بكون المرأة قد تفوقت كما آمن تسلا، ولكن المؤكد أن هذه النبوءة ربما تظل طموحًا يسعى إليه كثير من النساء، وأنها احتوت كذلك على قدر كبير من البصيرة.