عشق الجسد فاني: لماذا ينظر الرجال إلى النساء كـ«أشياء»؟

الصورة: Coca Cola

أيمن محمود
نشر في 2018/06/17

يدرك الرجال الذين عاشوا تجربة حب صادقة أن جمال مظهر المرأة مجرد جزء من إعجابه بها، لكن في بعض الأحيان يطغى هذا المعيار على غيره حتى لا يرى الرجل من المرأة سوى جسد. ورغم أنها مثلها مثله، تحيا بروح وجسد، ومن المفترض وقوع الدور الأكبر في انجذاب كل منهما للآخر على اندماج الأرواح، فإن التفات الرجل لجسد المرأة يقول كلمته في النهاية بشكل أو بآخر.

«جيسي غاديس»، مقدم برنامج «The Smart Couple»، والخبير في العلاقات العاطفية، استطلع الدوافع المختلفة التي تقف وراء النظرة المادية التي يتبناها الرجل تجاه المرأة، من خلال طرح السؤال على متابعيه في فيسبوك. على الرغم من أن الإجابة قد تكون بديهية، وهي أن الأمر كله خاضع للغريزة الحيوانية الموجودة بشكل فطري لدى الرجل، فإنه حاول خلال تقرير نشره موقع «The Good Men Project» بحث المسألة بشكل أكثر عمقًا.

متعة لحظية أم خوف من الانقراض؟

يُرجِع بعض الرجال تشييء المرأة إلى عجزه عن التخلص من فكرة أنها نعيم بعيد المنال لن تكتمل كينونته سوى بالتكامل معه.

بدأ غاديس باستعراض التعريفات المختلفة لنظرة «تشييء» المرأة، والتي يُقصَد بها التعامل مع المرأة والنظر إليها على أنها مجرد أشياء تزداد قيمتها كلما أصبحت أكثر مطابقة للمواصفات القياسية، وقدم المتابعون عددًا من التعريفات من وجهة نظرهم للمسألة.

رأى أحد المستخدمين أن المقصود بتشييء المرأة النظر بتمعن إلى جسدها، أو بالأحرى إلى أماكن محددة من جسدها، بدافع من الغريزة الجنسية. فيما رأى آخر أن تعريفنا لتشييء المرأة يتوقف على مدى ما مر به الإنسان من مراحل تطور روحي ونفسي، لذا يمكن الاختلاف، ولو بشكل بسيط حول مصطلح «تشييء المرأة»، لكن في النهاية نجد أن التعريفات دارت في إطار واحد عام لدى أغلب الرجال، وهو أمر غريزي حيواني خُلِقَ به الرجل، ولا يستطيع تغييره ما دام في حالته الطبيعية.

ذهبت قلة من الرجال إلى تعريف أكثر تعقيدًا لتشييء المرأة، إذ يرى أحدهم أن نظرة تشييء المرأة ترجع إلى رعب الرجل من الفناء، فهو ينظر إلى المرأة، حتى ولو دون وعي، على أنها طوق النجاة له ولنوعه، وأكد آخر هذه النظرة بقوله إن نظرة تشييء المرأة تُشعِره بالأمان، سواء من فكرة الفناء، أو من فكرة أن يتعرض للرفض إن حاول الاقتراب منها بشكل واقعي، فيجد أن اشتهاء المرأة بالنظر إليها يوفر له متعة، ولو لحظية، تُجنِّبه أخطارًا محتملة.

يُرجِع بعض الرجال تشييء المرأة إلى عجزه عن التخلص من فكرة أنها نعيم بعيد المنال لن تكتمل كينونته سوى بالتكامل معه. لذا، فإن تشييء المرأة قد يكون ناتجًا عن قلة تناغم الإنسان مع نفسه.

وأكد آخر أنه لا يجد حرجًا في الإفصاح عن شهوته تجاه النساء، فهو أمر طبيعي. لكن من يجب أن يخجل هو من يعتقد أن النساء لا يصلحن سوى للجنس، إضافة إلى أن حبه للنساء والنظر إليهن لا يعني بالضرورة أنهن أشياء.

قد يهمك أيضًا: المرأة كبضاعة: زوجات تُباع وتشترى

استمتعت؟ استعد للثمن إذًا

أدركت شركات الدعاية حقيقة أن كل رجل لديه نسبة من النظرة المادية للمرأة، فاستخدمت هذه الشركات النساء لجذب انتباه الرجل.

تناول غاديس الآراء حول مسألة تشييء المرأة بالبحث والدراسة، مضيفًا إليها تجارب أصدقائه الرجال وخبراتهم، لينتهي إلى أسباب محددة لتشييء المرأة. يأتي على رأس تلك الأسباب الطبيعة الجنسية للإنسان، فالرجال بفطرتهم يميلون على الدوام إلى البحث عن الشريك الجنسي الذي يستقبل نُطَفَهم الناقلة لجيناتهم عبر الأجيال، وهم يجدون في هذه العملية المتعة والراحة، وربما المجد أيضًا.

تأتي في المقام الثاني التنشئة. فالغريزة الجنسية وحدها لا تعني بالضرورة أن ينظر الرجل إلى المرأة كشيء، بل تلعب الثقافة ومدى التطور الحضاري الذي مر به الرجل دورًا أساسيًّا في تعزيز تلك النظرة أو تخفيفها. فكلما قلَّ مستوى التطور الحضاري والثقافي للرجل ظهرت نظرته الحيوانية إلى المرأة. وبصفة عامة، فإن أصحاب الفكر الضحل فقط من ينظرون إلى جميع من حولهم بنظرة مادية بحتة ويسقطون أي اعتبارات أخرى، حتى في العلاقات بين البشر.

أدركت شركات الدعاية والإعلان حقيقة أن كل رجل لديه نسبة من النظرة المادية للمرأة، ما جعل تلك الشركات تستخدم المرأة كأحد أبرز المحفزات على جذب انتباه الرجل، فحتى المنتجات التي تعني الرجال في الأساس نجد أن الإعلان عنها لا يخلو من عنصر أنثوي بشكل أو بآخر.

سرد غاديس تجربته الشخصية في ما يتعلق بتشييء المرأة، وأكد على أنه يُقدِّر المرأة الجميلة، وأن جمال المرأة يجعله يشعر بالحيوية، لكنه أيضًا يُقَدِّر الجمال البشري حيثما وُجِد، سواء أكان في طفل أم في رجل ثمانيني، واتفق مع وجهة النظر القائلة بأن الجنس بوجه عام يعد مهدئًا وعلاجًا للتوتر والضغط النفسي، ما يخرج في بعض الأحيان لدى بعض الرجال في صورة النظر إلى النساء، لكن التأثير الإيجابي لهذه النظرة لحظي فقط، أما على المدى البعيد، فهو لا يجدي نفعًا.

يخلص غاديس إلى أنه يجب ألا نُخضِع تشييء المرأة لمعايير الصواب والخطأ، بل ينبغي إدراك أن لتلك النظرة تكلفة، ويجب لمن يتبناها أن يتساءل بأمانة: ما هي التكلفة التي سيدفعها مقابل اعتياده التعامل مع المرأة كمجرد شيء. فإن كان تشييء المرأة يعود على الرجل بعدد من المكاسب، المادية بطبيعة الحال، فينبغي عليه استكشاف تأثير ذلك في علاقته بشريكته. يجادل غاديس هنا بأن التعامل المادي مع المرأة يؤذي الرجل، أكثر من غيره، على المدى البعيد.

إن كان تشييء المرأة يعني للرجل إرضاء الأنا، والترويح عن النفس، وتنفيس الكبت، وتجنب الخوف من انقراض النوع، فينبغي أيضًا وضع موقف المرأة نفسها من هذه المسألة في الاعتبار. فمن الضروري للرجال إدراك مدى ما تشعر به المرأة من ألم وإهانة وهي تلاحظ نظرات الرجال تخترق جسدها، حتى وإن أبدت بعض النساء رغبتهن في أن يبدي الرجال إعجابهم بهن، إلا أنهن في النهاية لا يردن أن يعاملن كأشياء. إن أجسادنا، وهي جزء من هويتنا، لا يجب أن تحتل المساحة الأكبر في تعريفنا، وتعريف غيرنا لنا.

مواضيع مشابهة