فجأة تفطن إلى أنك في الطريق إلى قاعة الامتحان، وأنك متأخر. تحاول الإسراع، لكن الطريق زلق وعليك أن تشق مسارك عبر حشد من الطلاب يسيرون عكسك، ناهيك بأن القاعة في الجانب الآخر من الحرم الجامعي. وأنت في عجلة من أمرك، تنتبه إلى أنك لم تحضر أي حصة من حصص المادة التي ستُمتحن فيها. لم تراجع دروسك، فكيف إذًا ستجيب على الأسئلة؟ وهل ستفهمها؟ تدرك أنك لن تستطيع إجابة أي سؤال. ترتعش أطرافك كلها، وتتسارع ضربات قلبك. كارثة. تحس بالذعر والفزع.
كثير منا وجدوا أنفسهم داخل هذا الحلم في مرحلة ما من حياتهم، بتنويعات مختلفة. هذا الحلم من الأحلام الشائعة التي تتكرر على مدار حياة الفرد، كحلم سقوط الأسنان، وحلم التعري في مكان عام، وحلم المطاردة.
تختلف أحلام الامتحان من شخص إلى آخر، لكن ثمة عناصر مشتركة بينها:
- يظهر هذا الحلم بعد وصول الطالب إلى المدرسة الثانوية أو في الكلية.
- عادة ما تكون المادة التي يمتحن فيها الحالِم مادة وجدها في غاية الصعوبة.
- بعض الحالِمين لا يستطيعون العثور على قاعة الامتحان.
- بعضهم يستيقظ دون أن يدخل القاعة أو يحصل على نتيجة الامتحان، لكن مع إحساس طاغ بأن النتيجة ستكون كارثية.
- معظم الحالمين يرتدون ملابس عادية، لكن بعضهم يرتدي المنامة، وآخرون يكونون عراة.
حلم عابر للأجيال
الثابت أن هذا الحلم عابر للأجيال، ويقع عادة في المدرسة الثانوية أو الجامعة، وأحيانًا في كلتيهما. لكن الغريب في الأمر أنه قد يعاود الظهور عقودًا بعد آخر امتحان اجتازه المرء، حسب ما جاء في مقال الصحفية والكاتبة مارلين سيمونس.
تروي سوزي دراكر هيرشفيلد، البالغة من العمر 71 عامًا، نسختها من هذا الحلم: «لم أحضر أي حصة طوال الفصل الدراسي، ولم أؤد واجباتي. لم أراجع حرفًا واحدًا، والامتحان غدًا. أحس بالجزع. أو أجد أنه عامي الأول في الكلية، وسط الحرم الجامعي الضخم، وأنا ضائعة، ولا يمكنني العثور على قاعة الامتحان. كأنني أبحث عنها إلى الأبد، لكن دون جدوى، أو أجدها مع نهاية الامتحان».
أما بِين غولدبرج، البالغ من العمر 28 عامًا، فيحكي كيف أنه يستيقظ صباح يوم الامتحان ليدرك أنه غير مستعد. يقضي اليوم محاولًا استدراك ما فاته، ومع ذلك يدخل القاعة يائسًا. أو يستيقظ يوم الامتحان وينتبه إلى أنه لم يحضر طوال العام.
لماذا يشيع حلم الامتحان؟
تتنوع التأويلات المقترحة لهذا الحلم وتتعدد الأسباب المحفزة له، بيد أنه في ظل غياب أبحاث رصينة عن الموضوع، تبقى جل التفسيرات عن سبب شيوع هذا الحلم مجرد تكهنات وآراء.
تقول جودي ويليس، طبيبة الأعصاب التي كتبت عن هذا الحلم في مقال على موقع سايكولوجي توداي عام 2009: «أعتقد أن من يتكرر عندهم هذا الحلم غالبًا ما يكونون أشخاص أكفاء في عملهم، وكانوا طلابًا ممتازين في الثانوية والكلية. إنهم أشخاص يطالبون أنفسهم بتأدية أعمالهم على أكمل وجه. وتتزامن عندهم رؤية هذا الحلم مع فترات يرزحون فيها تحت الضغط، عندما يشعرون أنهم أمام تحديات عليهم اجتيازها».
تتفق المحللة النفسية جيما مارانجوني إينسلي مع هذا التفسير، وتقول إن الاختبار النهائي «يرجَّح أن يكون إشارة إلى مقام يشعر فيه الحالم أن كفاءته ستخضع للاختبار، ويكون القلق المرافق للحلم نابعًا من الإحساس بحتمية الفشل. لذلك فمهمة الحالم عندما يستيقظ أن يربط بين الامتحان والموقف الذي يثير عنده هذه المخاوف».
لماذا المدرسة؟
لكن لماذا المدرسة؟ ولماذا لا تتبدى الضغوط التي نواجهها في حياتنا اليومية بصورة أكثر مباشرة في الحلم؟
تعلق ويليس على هذا قائلة إن «الذكريات والانطباعات العاطفية التي نكوِّنها خلال تجارب مررنا فيها بضغط كبير تكون قوية بشكل خاص، وتتعزز كلما تذكرناها، وتصبح الملاذ الذي يتجه إليه الدماغ عند استثارة الشعور نفسه. وبما أن الضغوط التي نواجهها في عصرنا "متجددة" على الدوام، فإن الذكريات العاطفية المرتبطة بهذه الضغوط لا تكون قوية بما يكفي لتظهر مباشرة في الحلم. لكن ثمة شبكة عصبية قوية مرتبطة بضغوط الامتحانات، لذلك يستعيد الدماغ ذكراها عندما نواجه مواقف راهنة تحفز فينا القدر نفسه من القلق، وتضعنا تحت ضغط مماثل للضغط الذي شعرنا به في فترة الامتحانات».
ترى إينسلي أن هذا الحلم يحجب الحقيقة، وتعلق قائلة: «يريد الجانب القلق فيك أن يخفي هذا القلق، لذلك فأسهل طريقة لفعل هذا هي العودة إلى ذكرى سابقة». هذا الحلم مشترك بين كثيرين، وليس الحلم الوحيد المعبر عن الإحساس بالقلق. هناك حلم شائع آخر هو الركوب في سيارة وفقدان القدرة على الضغط على دواسة المكابح. وفقًا لإينسلي، فهذا الحلم لا علاقة له بالخوف من الفشل، بل بفقدان الشخص القدرة على تسيير دفة حياته.
تصف ألما بوند المحللة النفسية حلم المدرسة بأنه رد على «ذكرى لاواعية لتجربة لم نكن جاهزين لها تمامًا»، مضيفة أنه من المرجح أننا «حقًا نتذكر دون وعي يوم رسبنا في بعض الامتحانات، ونخشى أن نفشل ثانية».
عزاء فرويدي
قبل أكثر من مئة عام، استمع سيغموند فرويد لمرضى كانوا يعانون من أحلام الامتحانات، لكن رده عليهم كان: لا تقلقوا. أدرك فرويد أن هذه الأحلام لا تتعلق بالامتحانات التي رسب فيها الحالمون، بل بالامتحانات التي نجحوا فيها، وذلك بالرغم من أنهم كانوا يخشون الرسوب فيها. واستنتج أن وظيفة حلم الامتحان أن يطمْئن الحالِم بالقول: «لا تخش شيئًا، لن يصيبك أي ضرر هذه المرة أيضًا».
بالعودة إلى تجاربه السابقة، وجد فرويد أنه رسب في امتحان مادة الطب الشرعي ولم يحلم به ولو مرة واحدة، لكنه غالبًا ما كان يحلم بأنه رسب في امتحان مادة التاريخ؛ المادة التي كان ينجح فيها بسهولة. فسر فرويد الحلم لنفسه بقوله: «تذكر حجم قلقك قبل إجراء الامتحانات، ومع ذلك فقد أبليت بلاء حسنًا يومها، وستبلي بلاء حسنًا اليوم».