كُتب الكثير عن كرة القدم في الكويت، إما توثيقًا للبدايات المتواضعة، أو سردًا للإنجازات مثل الفوز بكأس آسيا 1980، أو رحلة الإخفاقات المتتالية والمشاكل التي تعتري الساحة الكروية مثل غياب الاحتراف والمنشآت الحديثة. بيد أنه قليلًا ما كُتب عن العلاقة بين كرة القدم والسياسة في بلادنا، وفي حال الكتابة عن تلك العلاقة، فإنها غالبًا ما تُذكر في سياق حالات حرمان الفيفا واللجنة الأولمبية الدولية للكويت من المشاركات الدولية.
ولنا مثال في الإيقاف الأخير (والأطول) بين أكتوبر 2015 وديسمبر 2017، حين مُنع الرياضيون الكويتيون من تمثيل بلادهم في البطولات الدولية، وشاركوا في أولمبياد ريو دي جانيرو 2016 تحت العلم الأولمبي، ما حرم الكويت من أول ميدالية ذهبية في تاريخها، والتي فاز بها الرامي فهيد الديحاني بصفته «رياضيًا مستقلًا». وفي كرة القدم، نجد أن أبرز ضحايا الإيقاف ناديي القادسية والكويت، اللذين جُمدت مشاركتهما في بطولة كأس الاتحاد الآسيوي عام 2015 وتوقف مشوارهما على أعتاب الدور نصف النهائي، بالإضافة إلى المنتخب الأول الذي حرم من المشاركة في تصفيات كأس العالم 2018 وتصفيات كأس آسيا 2019.
لم تخف أسباب هذا الإيقاف وظروفه ونتائجه عن الجمهور والمراقبين، الذين أرجع بعضهم أسبابه إلى صراعات سياسية بين أفراد الأسرة الحاكمة وأطراف سياسية بارزة، بينما تطرق المراقبون إلى الجذور السياسية للخلاف الرياضي في الكويت في هذه الأزمة وحالات الإيقاف السابقة (1986 و2007 و2008)، فضلًا عن التكتلات بين الأندية الرياضية للاستئثار بمقاعد مجالس إدارات الاتحادات الرياضية، ودخول القبلية في انتخابات مجالس إدارات الأندية الرياضية. كان الإيقاف الأخير أبرز مثال على وجود تداخل وثيق بين السياسة والرياضة في الكويت، وهي حالة ليست حكرًا علينا، بل لها حضور في أمثلة عديدة مثل الأرجنتين أثناء الحكم العسكري وألمانيا الهتلرية وإسبانيا فرانكو.
إلا أن أن الحالة الكويتية لا ترتبط بفترة زمنية معينة كما في الأمثلة السابقة، كما أنها ليست كما يظن كثيرون نتاجًا للقوانين والنظم الرياضية الحالية، بل نجدها حالة متأصلة (صدفة أو عمدًا) منذ أول دحرجة لكرة قدم على أرض الكويت. يحاول منشور في هذا البحث المرور على أهم مراحل العلاقة بين الرياضة والسياسة في الكويت قبل الاستقلال وتأسيس الأندية الرياضية الحالية، وتحديدًا في لعبة كرة القدم لكونها الأكثر شعبية، وربما لأنها اللعبة الأكثر ارتباطًا بالسياسة في الكويت.
بدايات كرة القدم في الكويت
كانت السردية السائدة عن دخول كرة القدم إلى الكويت مقتصرة على ما ذكره عبد الله خالد الحاتم في كتابه «من هنا بدأت الكويت» عام 1962، عن أول مباراة في كرة القدم بين الشباب الكويتي أقيمت في عام 1933. وأشار فوزي جلال في كتابه «الرياضة في الكويت» عام 1968 أن فهد السديراوي كان أول من نظم مباراة لكرة القدم في الكويت بعد عودته من الهند عام 1932، وعليها سار معظم المهتمين باللعبة.
إلا أن أبحاث كل من المؤرخين سلطان الباهلي ومرزوق العجمي أسفرت عن حقائق غائبة، أولها كان ترجمة الباهلي لتقرير منشور في مجلة The Kuwaiti التي كانت تصدرها شركة نفط الكويت باللغة الإنجليزية في مطلع عام 1957، بعنوان «تاريخ كرة القدم في الكويت: اللعبة دخلت الكويت من الهند قبل 40 عامًا». تضمن التقرير لقاء مع الراحل سعود اليوسف المطوع، تحدث فيه قائلًا: «اعتدت السفر مع والدي إلى الهند، وفي تلك الرحلات شاهدت مجموعة من الفتية الهنود وبريطانيين يمارسون هذه اللعبة الممتعة [...] وعندما أعطاني والدي مصروف جيب ذات يوم، اشتريت عددًا من الكرات لأجلبها معي إلى الكويت. وعندما عدت إلى البلاد، طلبت من زملائي اللعب معي، وعلمتهم طريقة اللعب كما تعلمتها في الهند».
تعود حكاية المطوع بحسب المجلة إلى «السنوات الأخيرة من حكم الشيخ سالم المبارك الصباح»، أي بين عامي 1920 و1921، وهي فترة تسبق تنظيم السديراوي لمباراة كروية. أدرج الباهلي ترجمة التقرير في كتابه «بطولات كأس صاحب السمو أمير دولة الكويت لكرة القدم 1950-2001».
أما المؤرخ والصحفي مرزوق العجمي، فقد أصدر في عام 2016 كتابًا موسوعيًا عنوانه «الأزرق: الجذور والسجل 1902-2015»، تضمن وثيقة فيها «تفاصيل أقدم مباراة كرة قدم "موثقة" في الكويت (معلومة اليوم والتاريخ والفريقين والنتيجة) "أمكن التوصل إليها"». كانت الوثيقة يوميات لبحار إنجليزي يدعى أ. باركر A. Barker، عمل في قمرة قيادة البارجة الحربية البريطانية برسيوس H.M.S Perseus بين عامي 1901 و1903.
ترجم منها العجمي ما ورد في يوميات شهر يناير 1902: «في اليوم الأول وصلتنا برقية من الأدميرال بتوجيه البارجة برسيوس والبارجة فوكس H.M.S Fox نحو الخليج الفارسي على وجه السرعة. الأنباء كانت مفاجئة لنا نظرًا إلى أننا قضينا من قبل وقتًا في الخليج الفارسي [...] ثم جهزنا أنفسنا للإبحار وغادرنا بومباي الساعة الرابعة بعد الظهر». ثم كتب باركر: «في اليوم السابع وصلنا الكويت في الساعة السابعة مساء. كان الجو رطبًا وعفنًا. رمينا مرساتنا على ضوء الكشافات [...] وفي اليوم الثالث عشر فاز فريق [البارجة برسيوس] لكرة القدم على البارجة سفينكس H.M.S Sphinx [بنتيجة] 3-1».
استطاع العجمي أن يقدم سردية ذات دليل ملموس عن دخول كرة القدم إلى الكويت تختلف عما قدمها غيره من الصحفيين الرياضيين، مفادها أن كرة القدم لعبت «بالقرب من ميناء الكويت المتاخم للمكان الحالي لقصر السيف» من قبل البحارة البريطانيين العاملين على البوارج الحربية الحاضرة في الخليج عامة والكويت خاصة، إذ كتب باركر عن مباراة أخرى أقيمت في 30 يناير 1902 بين فريقه وفريق البارجة فوكس، وانتهت لصالح فريقه بهدف مقابل لا شيء.
لم يفت العجمي الربط بين لعب أولئك البحارة لكرة القدم على سواحل الكويت والظروف السياسية التي أدت إلى وجودهم أساسًا، إذ وقّعت الكويت ممثلة في الشيخ مبارك اتفاقية الحماية مع بريطانيا عام 1899، ما جعل من زيارة البارجة سفينكس إلى الكويت أمرًا اعتياديًا. إلا أن تداعيات معركة الصريف التي وقعت في 17 مارس 1901 بين الشيخ مبارك وحاكم الرياض عبد العزيز بن رشيد، حتمت على البارجة أن ترابط في المياه الإقليمية الكويتية في مايو 1901. فضلًا عن زيارات لبوارج حربية بريطانية أخرى رست في الكويت، ورصد العجمي تحركاتها ووثائقها أملًا في العثور على دلائل تشير إلى مباراة كرة قدم أقيمت قبل المباراة التي كتب عنها باركر بتاريخ 13 يناير 1902، بيد أنه لم يتوصل إلى شيء بعد.
لذا، نجد أن دخول كرة القدم إلى الكويت قد ارتبط بظرف سياسي هو معالجة تداعيات معركة الصريف عملًا باتفاقية الحماية البريطانية للكويت، وهو ظرف مقارب لظروف دخول كرة القدم إلى العديد من الدول التي كانت خاضعة للاستعمار البريطاني أو الحماية البريطانية، مثل مصر والسودان والهند.
أما عن التفاعل الكويتي مع اللعبة، فتعد إقامة الكويتيين وعملهم في الهند (المستعمرة بريطانيًا وقتذاك) عاملًا أساسيًا في التعرف إلى اللعبة وفقًا لشهادة سعود المطوع، وجاء تشكيل فهد السديراوي لفريق كروي بعد عودته من الهند لأن والده محمد سالم السديراوي كان يعمل وكيلًا لأعمال الشيخ مبارك الصباح. وقد التقى العجمي بالسيدة شريفة يوسف الصالح الحميضي زوجة فهد السديراوي، وذكرت أنها خاطت قمصان الفريق الذي شكله زوجها بنفسها.
التقى العجمي أيضًا بالراحل أحمد زيد السرحان رئيس مجلس الأمة الأسبق، بصفته أحد أفراد فريق السديراوي (صورة الفريق موجودة في كتاب الحاتم من هنا بدأت الكويت). ذكر السرحان في اللقاء أن الفريق لعب مباراة ضد فريق بارجة بريطانية (لم يتذكر اسمها) بين عامي 1932 و1933، وانتهت بفوز فريق السديراوي بهدف وحيد. ولعل شهادة السرحان تأكيد أن تفاعل الكويتيين مع اللعبة قد انتقل من مشاهدتها في الهند إلى لعب المباريات ضد بعضهم بعضًا و ضد فرق البوارج البريطانية. ورغم عدم توصل المؤرخين الرياضيين إلى مباريات سبقت المباراة التي تحدث عنها السرحان، فإن المباريات التي تلتها نالت قدرًا بسيطًا من التوثيق، وأقيمت تحت ظروف سياسية جديدة داخلية وخارجية.
التعليم النظامي وكرة القدم
يقول مرزوق العجمي في كتابه «الأزرق: الجذور والسجل»: «دخلت اللعبة منعطفًا مهمًا عندما تحول التعليم التقليدي إلى التعليم النظامي، بإنشاء مجلس المعارف برئاسة الشيخ عبد الله الجابر الصباح في 16 أكتوبر 1936». تَمثل المنعطف المهم في وصول أول دفعة من المعلمين الفلسطينيين إلى الكويت، بلغ عددهم أربعة معلمين، منهم محمد أحمد المغربي الذي كان أستاذًا للغة الإنجليزية والتربية البدنية، وهو من أدخل كرة القدم إلى المنهج الدراسي.
لكن قبل الحديث عن دور المغربي، علينا التطرق إلى ظروف تأسيس مجلس المعارف، وظروف قدوم البعثة الفلسطينية.
نقرأ في موقع وزارة التربية الكويتية أن التعليم في الكويت مر بمرحلتين: «الأولى تمثلت بالفترة ما قبل التعليم النظامي وهي التعليم بواسطة الكتاتيب، والثانية تمثلت بالمدارس النظامية. ويرجع تاريخ أولى المدارس النظامية إلى عام 1911، حين أنشئت أول مدرسة نظامية وهي المدرسة المباركية، فكانت النواة التي بني عليها التعليم في الكويت».
وتذكر دراسة توثيقية عن تاريخ التعليم في الكويت صادرة عن مركز البحوث والدراسات الكويتية أن التعليم في مدرستي المباركية والأحمدية سار بشكل بدائي وبتمويل من التجار والمهتمين بالتعليم، لكن مع حلول عقد الثلاثينيات طرأت جملة من الظروف حتمت الاهتمام به أكثر، منها الكساد الاقتصادي بعد انهيار سوق الأسهم الأمريكية، وظهور اللؤلؤ الصناعي، فضلًا عن بدء التنقيب عن النفط الذي سيشكل نقطة تحول مهمة في المجتمع الكويتي، فكان لا بد من تطوير التعليم في سبيل إعداد جيل متعلم، لذا صدر قرار إنشاء مجلس المعارف في 16 أكتوبر 1936.
تزامن إنشاء مجلس المعارف مع تطور الأحداث الفلسطينية في الثلاثينيات، حين انتفض الفلسطينيون بين عامي 1936 و1939 احتجاجًا على وعد بلفور والانتداب البريطاني. ويرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت فلاح عبد الله المديرس في كتابه «تطور العلاقات الكويتية الفلسطينية وأثر الاحتلال العراقي فيها» أن تلك الأحداث كانت أساس العلاقة بين الكويت وفلسطين.
يذكر المديرس أمثلة على نشوء العلاقات الفلسطينية الكويتية، منها زيارة مفتي القدس الحاج أمين الحسيني إلى الكويت في عام 1935 (ثاني زيارة له بعد عام 1921) لـ «شرح المطامع اليهودية في الأراضي الفلسطينية، واستُقبل هذا الوفد بشكل حماسي من قبل الكويتيين». ولاحقًا تفاعل الكويتيون مع الإضراب العام في فلسطين منتصف عام 1936، فجمعوا التبرعات. وفي أكتوبر من العام نفسه (شهر إنشاء مجلس المعارف)، شكل عدد من الشباب لجنة مناصرة للشعب الفلسطيني ضمت سبع أعضاء منهم الشيخ يوسف بن عيسى القناعي، والسيد علي سيد سليمان، ومشعان الخضير، ومحمد أحمد الغانم. الجدير بالذكر أن الأسماء المذكورة كانت أعضاء في أول مجلس للمعارف المكون من 13 عضوًا برئاسة الشيخ عبد الله الجابر الصباح.
في ما يتعلق بالبعثة الفلسطينية، يكتب المديرس: «أول خطوة اتخذها [مجلس المعارف] هي مخاطبة رئيس "الهيئة العربية العليا" الحاج أمين الحسيني بمسألة المساعدة في إرسال مدرسين متخصصين ليسهموا في تطوير التعليم في الكويت [...] وقد استجاب مفتي فلسطين لهذا الطلب، ولكن أبدت الحكومة البريطانية تخوفها من وجود مدرسين فلسطينيين في الكويت، بحجة أن الأجواء السياسية في فلسطين لا تساعد على ذلك». ورغم التحفظ البريطاني، أثمرت ضغوط مجلس المعارف عن موافقة الحكومة البريطانية على دخول ثلاثة معلمين إلى الكويت، منهم محمد أحمد المغربي، بينما لم تسمح بدخول ذو الكفل عبد اللطيف بسبب نشاطه السياسي، فاستُبدل بجابر حديد.
تأثير محمد المغربي
وصل محمد أحمد المغربي رفقة زملائه إلى الكويت لأول مرة في 9 نوفمبر 1936، حيث لاقوا استقبالًا حافلًا من الكويتيين المتأثرين بما يحدث في فلسطين. ويذكر صالح شهاب في كتابه «تاريخ التعليم في الكويت والخليج أيام زمان» أن الطلاب استقبلوا هؤلاء المدرسين الجدد «بكل حفاوة وترحيب، وكانت فرصة جيدة لنا أن نلتف حول الأساتذة ليحدثونا عما يجري في فلسطين، عن حكم الانتداب البريطاني وعن الإضراب الشامل الذي عم أرجاء فلسطين في عام 1936».
قبل الإتيان على ما ذكره مرزوق العجمي عن دور محمد المغربي في إدخال التربية البدنية وكرة القدم إلى مدارس الكويت، لا بد من التطرق إلى وضع كرة القدم في فلسطين الثلاثينيات عبر كتاب «تاريخ شعبي لكرة القدم» للفرنسي ميكائيل كوريا، الذي خصص فصلًا عن كرة القدم بوصفها سلاحًا سياسيًا في يد الشعب الفلسطيني. يزعم كوريا أن قمع الرياضيين الفلسطينيين يعود إلى «الظهور الأول لكرة القدم في المنطقة خلال فترة الانتداب البريطاني»، ذاكرًا اسم يوسف ييكوتيلي، المهاجر اليهودي من بيلاروسيا، الذي أسس اتحاد كرة القدم الفلسطيني عام 1928 كي «يجمع بين أندية القوات الاستعمارية اليهودية والغربية والعربية»، وأصبح الاتحاد في العام التالي عضوًا في الفيفا.
تحول الاتحاد الكروي وفقًا لكوريا إلى «أداة للتمييز ضد الفرق العربية الفلسطينية»، إذ شكل القادة اليهود أغلبية في مجلس الإدارة، وفُرضت اللغة العبرية، ولم يكن للأندية العربية رأي في عمل الاتحاد. و«تعكس مصادرة النخب اليهودية لاتحاد كرة القدم الفلسطيني لصالح إنشاء وطن قومي للشعب اليهودي، الرغبة في تسريع إنشاء اللبنات الأساسية لدولة عبرية مستقبلية». رد الشباب الفلسطيني على هذا الإقصاء عبر تأسيس «اتحاد عربي فلسطيني»، وتأسيس ناد رياضي جديد (الشباب العرب). بيد أن أحداث 1936-1939 أدت إلى اعتقال العديد من القادة الفلسطينيين وتفكيك المؤسسات الفلسطينية، ومنها الاتحاد العربي الفلسطيني للرياضة في عام 1937.
لا يمكن الجزم بتأثر المغربي بتلك الأحداث من عدمه بسبب عدم توثيق سيرة المغربي قبل قدومه الكويت. لكننا نجد أنه كانت لدى المغربي رغبة مبكرة في تأسيس فريق كرة قدم نظامي أسماه «شباب الوطن» يمثل المدرسة المباركية، وارتدى لاعبوه قمصانًا بيضاء بخطوط حمراء وسراويل سوداء. يشير العجمي إلى وثيقة كتبها المعتمد السياسي البريطاني جيرالد دي غوري جاء فيها: «في السابع من ديسمبر [1936] لعبت أول مباراة في كرة القدم بين طلبة كويتيين، بتوجيه من مدرسين فلسطينيين. قد تكون المباراة التي لعبها بحارة البارجة شورهام H.M.S Shoreham في الثالث من الشهر سببًا في ظهور هذه الرغبة الرياضية».
ثم يشير العجمي إلى وثيقة أخرى ذكر فيها دي غوري أن فريق شباب الوطن لعب مباراة ضد فريق سلاح نقليات القوة الجوية الملكية القادم من الشعيبة (جنوب العراق) في 31 ديسمبر 1936. ويبدو من تقرير دي غوري عن المباراة أن الإعداد لها قد جرى على نحو دقيق، إذ اصطف «خمسون صبيًا بدويًا ارتدوا بزات الكشافة أول مرة، وأنشدوا أول مرة النشيد الوطني الكويتي مكررين عبارة "أحمد الأسد" [أي الحاكم أحمد الجابر الصباح]، وقد شُيد مدرج ضخم غير ثابت ومكتظ تمامًا بوجهاء الكويت وتجارها». واستمر فريق شباب الوطن في لعب المباريات إما «ضد فريق آخر يمثل المدرسة نفسها، وأحيانًا المدرسة الشرقية والمدرسة القبلية والبوارج البريطانية الزائرة حتى عام 1940».
يمكننا التخمين، وفقًا لهذه المعطيات، أن المغربي قد أضفى «روحًا وطنية/قومية» على ممارسة كرة القدم، ناهيك بتخريجه لدفعة من الطلبة الذين أصبحوا معلمين للتربية البدنية وأسهموا في نهضة الكويت التربوية، مثل صالح شهاب وعقاب الخطيب، وتنظيم مجلس المعارف لمهرجان رياضي سنوي منذ عام 1937. يؤكد سلطان الباهلي في حديثه مع منشور أهمية ما أنجزه محمد المغربي، إذ جعل من المدارس نقطة الانطلاق المناسبة لتطوير اللعبة في الكويت.
كانت هذه سيرة كرة القدم أو «الطمباخية» كما سميت باللهجة المحلية الدارجة في داخل سور الكويت حتى عام 1940، أما في خارج السور فهناك حكاية أخرى.