انتشر معتقَد عبر الأجيال لا نعرف مصدره بالتحديد، بأن فارق السن بين الرجل والمرأة المقبلَيْن على زواج أو حتى ارتباط عاطفي ينبغي أن يكون لصالح الرجل، وفي نفس الوقت إن كان الرجل يكبر الفتاة بفارق كبير، نجد كثيرًا من الناس يجدون صعوبة في تقبل هذه العلاقة والتعامل معها بشكل طبيعي.
نشرت مجلة «1843» تقريرًا يعرض نتائج دراسات بحث في مسألة فارق السن في العلاقات، خصوصًا أن أفكار الرجال والنساء تتباين في ما بينها حول الفكرة ذاتها، فضلًا عن اختلاف نظرة المجتمعات والثقافات، فمعظم الفتيات يفضلن أن يكون عمر شريكهم مقاربًا لهن أو أكبر بعام أو اثنين، في حين يرغب كثير من الرجال في أن تكون شريكتهم في بداية العشرينيات من عمرها، بغض النظر عن عمرهم.
5 سنوات فرقًا بين الزوجين تكفي؟
أثبتت بعض الأبحاث أن النساء اللاتي يتزوجن بعد سن الثلاثين، ومن يكبرن أزواجهن بعشر سنوات، تكون زيجاتهن أكثر عرضةً للفشل.
من الناحية النظرية، هناك عدة أسباب لتفضيل فارق العمر الضيق بين الشريكين، كأن يكون لكلٍّ منهما ذكريات طفولة متشابهة ما بين ألعاب وطرق ترفيه وأغنيات، وأفكار قد تختلف من جيل إلى آخر. من ناحية أخرى، نجد أن بعض النساء يفضلن الرجال الأصغر نظرًا لأنه لن يكون هناك فارق كبير بين دخلها ودخل زوجها، وهو ما يعني أن احتمالية استمرارها في عملها بعد الزواج أكبر، إلا أن دراسة دنماركية أُجريت على شقيقتين توأمتين أثبتت خطأ ذلك المعتقد، وأن فارق العمر بين الشريكين لا يؤثر بشكل كبير على دخل المرأة.
هنا نحتاج إلى إجابة سؤال جديد: هل فارق العمر الصغير يساعد على دوام العلاقة لفترة أطول؟ أجابت مجلة «ذي أتلانتك» الأمريكية هذا السؤال عام 2014 بحسب المقال، فادعت أن فارق خمس سنوات بين الزوجين يزيد من احتمالية وقوع الطلاق بنسبة 18%، مقارنةً بالأزواج أصحاب نفس العمر أو الذين يكاد لا يكون بينهم فارق.
في السياق ذاته، لم يجد مكتب الإحصاءات الوطني البريطاني أي علاقة واضحة بين فارق العمر ومعدلات الطلاق في إنجلترا وويلز، رغم وجود بعض الأدلة على أن النساء اللاتي يتزوجن بعد سن الثلاثين ومن يكبرن أزواجهن بعشر سنوات تكون زيجاتهن أكثر عرضةً للفشل.
قد يهمك أيضًا: تأخر الزواج قد يؤدي إلى الطلاق
هنا تتعارض مصالح الرجل والمرأة
بعيدًا عن الدراسات، المنطق يقول إن فارق العمر الكبير بين الشريكين له تداعيات في مرحلة متقدمة من العمر، فمن الطبيعي أنه عندما يكون فارق العمر صغيرًا تجد من يعتني بك في مرحلة الشيخوخة، في مقابل أن احتمالات الترمل أكبر في حالة وجود فارق عمر كبير. وفي المقابل، وبنفس المنطق، من مصلحة أحد الزوجين أن يكون له في مرحلة شيخوخته شريك أصغر سنًّا في حالة صحية أفضل، ليعينه على صعوبة تلك المرحلة.
ينبغي على النساء اختيار زوج أقرب إلى سنهن بقدر الإمكان، بينما مصلحة الرجل في اختيار زوجة أكثر شبابًا بقدر المستطاع.
لفتت هذه القضية تحديدًا نظر الباحث «سڤِن دريفال» من جامعة ستوكهولم، فبحث في حالات من تجاوزوا سن الخمسين في الدنمارك، ووجد أن الرجال المتزوجين من نساء في أعمار قريبة من أعمارهم تقل فرصهم في العيش لسنٍّ أطول، لكنهم يعيشون لأعمار أطول عندما تكون زوجاتهم أكثر شبابًا، مع الأخذ في الاعتبار أنه من الممكن أن يكون الرجل صاحب الحالة الصحية الجيدة أقدر على جذب سيدة صغيرة في السن، فحالته الصحية ولياقته الجيدة ربما هي ما تعينه على بلوغ سن أكبر، وليس زواجه بامرأة أكثر شبابًا.
يحدث العكس مع النساء، فعندما تتزوج الفتاة من رجل أصغر منها سنًّا تقل فرصها في بلوغ سن متقدم، وهو ما يعني وجود تعارض للمصالح بين الرجال والنساء حول تلك القضية، فما يرغب فيه الرجل قد يضر بالمرأة، والعكس صحيح.
قد يعجبك أيضًا: الزواج أم العزوبية: أيهما طريقنا للسعادة؟
ظهرت خلاصة تجارب الباحثين في اختيارات مستخدمي موقع مواعدة يُدعى «OKCupid»، الذين يرون أن النساء ينبغي لهن اختيار زوج أقرب إلى سنهن بقدر الإمكان، في حين من مصلحة الرجل اختيار زوجة أكثر شبابًا بقدر المستطاع، إلا أن القاعدة الغالبة هنا هي أن اختيار شريك الحياة ينبغي أن يتحرر من القواعد والقوالب الثابتة، فالإنسان من يضع قواعده الخاصة في تلك الحالة.