رهان أمازون على الكسل: ماذا تعني صفقة «هول فودز» لمستقبل التسوق؟

الصورة: ChadPerez49

ترجمات
نشر في 2017/06/25

أعلنت أمازون، صباح يوم الجمعة 16 يونيو 2017، أنها ستشتري شركة «هول فودز» صاحبة متاجر التسوق المتخصصة في الأغذية الصحية بمبلغ 14 مليار دولار، وهي أكبر صفقة استحواذ دخلتها أمازون، وتحمل آثارًا مهمة على مستقبل أسواق البقالة وصناعة المواد الغذائية، بل وعلى مستقبل التسوُّق بأسره، خصوصًا للمستهلكين في المناطق الحضرية الغنية.

يسعى مقال منشور على موقع «سيتي لاب» إلى استكشاف هذه الآثار، ويشير كاتبه إلى أن عملاق التجارة الإلكترونية أمازون كان قد توسع بالفعل في مجال أسواق البقالة والمتاجر المادية، فأصبح، للمفارقة، يعود إلى الحضور المادي بينما يعمل على تقويض تجارة المحلات في الوقت نفسه.

يقدم «هول فودز» أكبر اسم في أسواق البقالة الموجهة إلى الطبقة المترفة، وأسطولًا من المواقع الحضرية التي يمكن أن تخدم كمستودعات لأمازون.

صفقة لم يتوقعها أحد

ما الفائدة التي ستعود على أمازون من شراء «هول فودز»؟

يمر «هول فودز» بانحدار مؤخرًا، بحسب كاتب المقال، إذ تهبط أسعار أسهمه باستمرار بسبب انخفاض نمو الإيرادات منذ عام 2012.

كان المستثمرون يدفعون منذ عدة أسابيع لبيع الشركة إلى أسواق بقالة أكبر مثل «كروجر»، وكان انتهاؤها بين يدي أمازون ساخرًا، بعد تصريح مدير «هول فودز» التنفيذي «جون ماكي» بأن انتقال أمازون إلى توصيل الأطعمة سيكون «سببًا لهزيمة أمازون، كما هُزم نابليون في معركة واترلو».

يشكك بعض المراقبين في خطوة أمازون، ويشيرون إلى أن أسواق البقالة عمل لا مستقبل له، وذو هامش ربح منخفض. وهذا صحيح في رأي الكاتب، لكنه صحيح فقط بقدر ما تكون التجارة الإلكترونية عملًا لا مستقبل له وذا هامش ربح منخفض.

تزدهر التجارة الإلكترونية ويتوسع مجال توصيل المواد الغذائية، لأن البشر كسالى ولا يرغبون بالنهوض من على أرائكهم.

أثبتت أمازون تفوقها على مستثمري وول ستريت قصيري النظر، عندما أنفقت عشرات الملايين من الدولارات على بناء مخازن عالمية وبنية تحتية لتسليم البضائع، من أجل مستقبل تسوق ينتقل عبر الإنترنت. باختصار، يرى الكاتب أن توسعات أمازون المادية التي تسعى أساسًا إلى تطوير التسوق عبر الإنترنت جعلها الشاري المناسب تمامًا لـ«هول فودز».

لماذا هول فودز؟

لا يرى المقال أن أمازون تتقدم على منافسيها بعدة خطوات فحسب، بل إنها تخطط باستمرار للمستقبل الأبعد، لذا ربما ينبغي التفكير في بعض الآثار طويلة المدى لمثل هذه الصفقة.

يتعلق أول هذه الآثار بتحويل سوق المواد الغذائية بكامله إلى خدمة توصيل. تدرك أمازون أن أهم قيمة في سوق التجزئة اليوم، خصوصًا في العالم المتقدم، هو ما يُعرف بـ«راحة المستهلك». تزدهر التجارة الإلكترونيّة يتوسع مجال توصيل المواد الغذائية لأن البشر كسالى ولا يرغبون في النهوض من على أرائكهم والنزول لشراء أي شيء.

تقوم خدمات أمازون أساسًا على مبدأ «تسويق الراحة»، وهو شيء لا يختلف عن الكسل الإنساني البسيط كما نعرفه.

في السنوات الأخيرة، وسَّعت أمازون عملها في مجال المواد الغذائية تحت اسم «أمازون فريش»، لكنها لم تتقنه نفس إتقانها لمجالي الكتب والإعلام. ومع دخول «هول فودز» تحت عباءة أمازون، ربما يمنح الاشتراك في خدمات أمازون تخفيضات على منتجات «هول فودز»، فيصبح بإمكان المشتركين في أمازون اختيار الخضراوات والفواكه الطازجة واستلامها في منازلهم.

يعني هذا وفقًا لكاتب المقال أن شراء «هول فودز» رهان بـ14 مليار دولار على مستقبل سوق المواد الغذائية بكامله.

اقرأ أيضًا: كل ما تريد معرفته عمَّا قد يكون مستقبل النقود

يتعلق الأمر كذلك، وفقًا للكاتب، بـ«هول فودز» كمركز توزيع، وبمحاولات أمازون لتحقيق الوجود المادي كسوق للتجزئة. قال عديد من المحللين إن مواقع «هول فودز» في الأماكن الحضرية والضواحي ذو قيمة كبيرة لعمل أمازون المتعلق بالتوصيل، لدرجة أن هذه الصفقة ستظل ثمينة حتى لو توقفت «هول فودز» تمامًا عن بيع المواد الغذائية.

تحاول أمازون أن تصبح مثل أسواق «وول مارت»، فلا يقتصر وجودها على الإنترنت، بل توجد ماديًّا في سوق التجزئة، وهي تنجح في هذا بسرعة تفوق محاولات «وول مارت» أن تصير مثل أمازون.

أمازون تراهن على الكسل الإنساني

فتاة تستخدم الموبايل وتشرب قهوة
الصورة: FirmBee

يرى الكاتب أن الأمر يتعلق كذلك بمحاولات أمازون التحول إلى حزمة متكاملة من الخدمات، خصوصًا للأمريكيين الأثرياء، وقد توقع منذ عدة سنوات أن تصبح خدمات «أمازون برايم» مجموعة أساسية من الخدمات في المستقبل، فهي تقدم تسهيلات متنوعة مثل مشاهدة الأفلام وتأجير الكتب وتوصيل الطلبات في مقابل اشتراك سنوي، ووهب هذا الشركة تيارًا من الإيرادات يمكن الاعتماد عليه، وقاعدة متنامية ومخلصة من العملاء.

أكثر من نصف الأُسَر الأمريكية التي يبلغ دخلها مئة ألف دولار في العام مشتركة بالفعل في خدمة «برايم» بحسب الكاتب، وينفقون عليها أكثر من ألف دولار سنويًّا. مع دخول «هول فودز»، الذي تنفق الأُسَر الغنية فيه أكثر من 500 دولار شهريًّا، يمكن لأمازون أن تتوقع إنفاق أغنى عملائها آلافًا من الدولارات سنويًّا بعد ذلك.

يرى الكاتب أن خدمات أمازون تقوم أساسًا على مبدأ «تسويق الراحة»، وهو شيء لا يختلف عن الكسل الإنساني البسيط كما نعرفه، إذ أن قيادة السيارة والذهاب إلى السينما أمر مرهق، وكذلك قيادة السيارة والذهاب إلى متجر المواد الغذائية والتجول بين أقسام المنتجات المختلفة، ثم الوقوف في الطابور لفترة طويلة، كل هذا مرهق. ما ليس مرهقًا هو الاستلقاء على الأريكة ومشاهدة مسلسلك المفضل على «برايم فيديو»، وطلب طعامك من الإنترنت عبر «هول فودز».

هكذا، تفوز أمازون وتنمو باستمرار لأن بنيتها التحتية واستثمارها في خدمات التوصيل تراهن على الكسل الأساسي في الطبيعة البشرية، وهو رهان رابح كما يبدو.

مواضيع مشابهة