زبيريٌّ في قطر: الشيخ عبد الحميد الدايل ودوره في التعليم

التصميم: منشور

عبد الرحمن محمد الإبراهيم
نشر في 2023/01/21

التواصل الحضاري والثقافي بين المشيخات والحواضر في الخليج العربي منذ القرن السابع عشر الميلادي كان ولا يزال له دور وأثر في تشكل الهوية الثقافية لهذه الحواضر. فعلى سبيل المثال، درس العديد من أبناء الخليج والجزيرة العربية في الأحساء والزبارة والكويت وأشيقر والدرعية وغيرها من المدن والحواضر الثقافية.  استقرار طبقة من العلماء الشرعيين والمثقفين والأدباء والشعراء في هذه الحواضر أسهم في زيادة أعداد الطلبة الذين يضربون أكباد الإبل لتحصيل العلم ثم نشره. ولم يقتصر الأمر على الحواضر في الخليج والجزيرة العربية، فكُتب تراجم العلماء التي كُتبت عن هذه البقعة الجغرافية زاخرة برحلات هؤلاء العلماء إلى الحجاز والشام ومصر، بل وصل بعضهم إلى إندونيسيا وغيرها.

تعد مشيخة الزبير النجدية في جنوب العراق من الحواضر التي كان طلبة العلم يشدون إليها الرحال، ولا تزال هذه الرحلات بحاجة لمزيد من البحث والتحليل. أسهم ما حدث في نجد خلال قيام الدولة السعودية الأولى ودعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب بشكل رئيسي في نمو مشيخة الزبير وتشكل كيانها السياسي، من خلال الهجرات التي توالت إليها من نجد. شملت هذه الهجرات جميع شرائح المجتمع النجدي، فكان من المهاجرين على سبيل المثال العلماء والأمراء والصناع والحرفيين.1

برزت أهمية الزبير السياسية والثقافية والاجتماعية منذ القرن الثامن عشر الميلادي، وذلك بعد قيام الدولة السعودية الأولى في نجد ونمو حركة أيدولوجية دينية جديدة هناك عُرفت في بعض الكتب التاريخية بالحركة الوهابية، وهذا الكيان السياسي الجديد كان نواة حقيقية لهجرة العديد من أهل نجد لشمال الجزيرة العربية، وكانت الزبير إحدى الوجهات الرئيسة لتلك الهجرات. 

شملت الهجرات جميع فئات المجتمع التي كانت تسكن نجد، من أمراء للمدن النجدية وعلماء دين وتجار وأصحاب حرف وتابعين. ومما يؤكد ذلك ما ذكرَته المصادر الزبيرية في ما بعد من أن بداية قيام المشيخة بشكلها المؤسسي كان في عهد يحيى الزهير عام 1797 ميلادي تقريبًا، مع التنبه إلى وجود نوع من أنواع الحكم المستقل قبل وصول الزهير للحكم في الزبير، إذا ما أخذنا بعين الاعتبار قيام الدولة السعودية الأولى عام 1744 ميلادي وبداية سيطرتها على المدن النجدية القريبة من الدرعية في منتصف القرن الثامن عشر. 

حافظت الزبير على هويتها النجدية، إذ يذكر أنستاس الكرملي في مجلة لغة العرب واصفًا الزبير وأهلها: «... كانت إدارتها على قواعد المشيخة، وهو نظام بسيط وإدارة عربية تجرى بالعادات أكثر مما تجرى بالقوانين ... كذلك هي منحازة في أخلاقها وإدارتها وعاداتها، ولم تلوثها المدنية الجديدة بأدناسها ... فهذه القصبة سلفية وأهلها سلفيون، وكأن السلف العربي ماثل بجميع أطواره فيها». حفاظُ المهاجرين من نجد على جزء كبير من هويتهم وثقافتهم بعد انتقالهم للعراق أسهم في أن تكون الزبير قبلةً لهجرة الكثير من النجديين منذ القرن الثامن عشر وحتى بدايات القرن العشرين، ومن ضمنهم العلماء وطلبة العلم. 

لا تزال فكرة تحليل وكتابة ودراسة هوية أهل الزبير خلال فترة استقرارهم في المشيخة وحكمها في حاجة إلى المزيد من الفهم والتحليل. فعلى الرغم من أن الكتب التي صدرت عن تاريخ هذه المشيخة تؤكد أن أهل الزبير حافظوا على الكثير من عاداتهم بعد هجرتهم من نجد، فإن الأمر ليس بهذه البساطة، خصوصًا إذا ما وجدنا اليوم من ينتقص من الزبيريين على وسائل التواصل الاجتماعي ويخرجهم من دائرة الانتماء للجزيرة العربية مثلًا. وكذلك عند الحديث عن مسألة الجنسية الكويتية، نرى من يقارن بعض أوضاع البدون اليوم بتجنيس أهل الزبير. لذا وجب على المهتمين بتاريخ هذه المشيخة الكتابة بشكل أعمق في مفهوم هوية أهل الزبير بشكل عام. 

نشير هنا إلى شخصية زبيرية كان لها تواصل مع قطر، ولعل هذا المقال يساعد في إبراز إسهام زبيري ولد ونشأ وتعلم في الزبير، ثم هاجر منها واستقر أخيرًا في قطر، وكانت له إسهامات في مجال التعليم هناك، وحصل على التكريم فيها عبر منحه الجنسية القطرية وكذلك إطلاق اسمه على إحدى المدارس.2 هذا المقال يُعنى بالدرجة الأولى بالترجمة لشخصية الشيخ عبد الحميد الدايل، فهو مقال سردي أكثر منه تحليلي، والسرد في بعض الأحيان إسهام في الحقل العلمي، إذ يعطي الباحث المهتم بالموضوع الأرضية المناسبة للبناء، خصوصًا إذا كان السرد لمواضيع غير مطروحة بشكل كبير بين الباحثين. لا أزعم أنه لم يسبقني للترجمة للشيخ عبد الحميد الدايل أحد، لأن المرحوم عبد العزيز الناصر قد أرخ له في كتابه «الزبير وصفحات مشرقة من تاريخها العلمي والثقافي»، كما ترجمت له مجموعة من الباحثين القطريين عندما كتبوا «رواد التعليم في قطر». 

القصد هنا أن يعمل الباحث المهتم بتاريخ الزبير الثقافي أو بتاريخ قطر الثقافي على سد الخلل الموجود في الكتابات السابقة، ومنها هذا المقال، من خلال إجراء مقابلات أوسع مع أحفاده أو من بقي من ذريته، وكذلك التوسع في دوره وعلاقته مع شيوخ قطر: لماذا كان اختيارهم له؟ ماذا كان يميز عبد الحميد الدايل عن غيره؟ وغيرها من الأسئلة المستحقة التي تحلل وتتفاعل مع هذه الشخصية وغيرها من الشخصيات الزبيرية التي قد نعتبرها في بعض الأحيان مهمشة في التاريخ المكتوب أو مهملة في ما يتعلق بدورها في الحياة الثقافية والعلمية.

الزبير: الشام الصغيرة

أحد شوارع وبعض منازل الزبير القديمة - الصورة: الشرق الأوسط

في وقت نشأتها كمشيخة شبه مستقلة، لم يكن فيها من العلماء أحد سوى آل هلال القائمين على قبر الزبير وحسب. تطور الأمر بعد ذلك وانتعشت الحياة العلمية في الزبير بعد هجرة علماء لها من مناطق مختلفة من الجزيرة العربية، مثل الأحساء ونجد.

هاجر العالم الشيخ محمد بن عبد الله بن فيروز (1142-1216 هجري)، وهو حنبلي، من الأحساء إلى البصرة بعد قيام الدولة السعودية الأولى. ويعتبر ابن فيروز من كبار العلماء في الجزيرة العربية، بل لا يُعرف أحد أكثر شهرة منه حتى سُمي شيخ العصر.3 والمثال الثاني على هجرة العلماء كان الشيخ محمد بن علي بن سلوم (1161-1246 هجري)، وهو أيضا حنبلي هاجر من نجد إلى الزبير. وكان ابن سلوم قد سكن الزبير وتولى التدريس فيها، وهو أحد تلاميذ محمد بن فيروز.4

لم يقتصر دور المهاجرين على الحياة العلمية في الزبير وحسب، فهذا الشيخ إبراهيم بن ناصر بن جديد (1161-1232 هجري)، وهو حنبلي نجدي الأصل زبيري المولد، يشير على العثمانيين ببناء سور حول الزبير بعد هجوم الدولة السعودية الأولى عليها. وقد درس ابن جديد لأكثر من 14 عامًا خارج الزبير في بلاد الشام والأحساء، التي كانت من حواضر العلم في ذلك الزمان. والشيخ ابن جديد هو الذي أسس مدرسة الدويحس في القرن الثاني عشر الهجري، والتي كانت واحدة من سبع مدارس علمية في العالم العربي وقتها.5

كان الشيخ ابن جديد من تلاميذ العالم الشيخ محمد بن عبد الله بن فيروز، حتى قال ابن حميد في «السحب الوابلة» عنه: «ونفع الله به أهل بلده، بل جميع تلك البلدان، ورغّبهم وحثهم على العلم، فتسارعوا للأخذ عنه، ونجب منهم خلق كثير، خصوصًا في الفقه، وتنافسوا في تحصيل كتب المذهب، وتغالوا في أثمانها واستنساخها، وصار للعلم سوق قائمة، وزهت البلد، وصار يُرحل إليها لأخذ مذهب الإمام أحمد، وبنى بعض الموفقين مدرسة للطلبة الوافدين، وأنفق عليها جميع ما يملكه فصار مأوى المستفيدين».6

لم يكن المهاجرون إلى الزبير وجنوب العراق من الحنابلة وحسب، فهذا العالم الشيخ عثمان بن سند (1180-1242 هجري)، وهو نجدي الأصل كويتي المولد ممن سكنوا الزبير والبصرة، وكان على المذهب المالكي. برع عثمان بن سند في الكثير من العلوم، وله أكثر من 28 مؤلفًا، وكان من المعادين للدعوة الوهابية في نجد كحال معظم المهاجرين من العلماء في زمانه.7 

أما العالم عبد الجليل الطبطبائي (1190-1270 هجري) فقد كان شافعي المذهب، ولد في البصرة ثم هاجر إلى الزبارة في قطر، وعاد للبصرة مرة أخرى عندما عقد آل خليفة حلفًا مع الإنجليز وكان لهم نفوذ على الزبارة. وهاجر بعد ذلك من البصرة إلى الكويت، وكان أحد تلاميذ محمد بن فيروز كذلك.8

جمع هؤلاء العلماء الالتزام بمذهب فقهي معين في الإفتاء والسلوك. وهذا التمذهب كان مضادًا لرأي الشيخ محمد بن عبد الوهاب الذي ينبذ التعصب للمذاهب الفقهية، أو هكذا يُفهم من كلامه وطريقة أتباعه بعده. وكان مما جمع هؤلاء العلماء المهاجرين والمستقرين في العراق تأييدُ الدولة العثمانية، وقد خالفوا الشيخ محمد بن عبد الوهاب في بعض المسائل مثل التوسل بالنبي، وكذلك بعض القضايا الأخرى.9

كانت قطر ومنطقة الزبارة تحديدًا محطة لاستقرار الكثير من هؤلاء العلماء، كالشيخ عثمان بن سند الذي قصد الزبارة ونزل عند أحد وجهائها وهو أحمد بن رزق، وكتب فيه كتابًا ودرس على بعض مشايخها، ومنهم الشيخ عثمان بن مزيد. 

آل دايل في كتب تراجم العلماء

هذه الوثيقة من محفوظات أسرة الدايل الكريمة، وتثبت قدومهم للزبير من بلدة التويم في نجد عام 1322 للهجرة

لفهم تاريخ ونشأة الشيخ عبد الحميد بن عبد الغفار الدايل، علينا أن نفهم أن أسرته كانت أسرة علم، وأبرز علماء الأسرة كان الشيخ محمد بن دايل، الذي هاجر من إحدى بلدان سدير واتجه لدراسة العلم الشرعي في مدرسة الدويحس بالزبير.

هذه المدرسة كانت مدرسة نظامية، ودرست فيها نخبة من العلماء، وكان يقال: لا يبلغ طالب العلم كماله حتى يتخرج أو يحضر دروسًا في سبعة بلدان، منها مدرسة الدويحس، وفق ما ذكره كتاب «إمارة الزبير بين هجرتين».10 كان الطالب في مدرسة الدويحس يأخذ راتبًا نظير حضوره والتزامه بالدراسة، وكان المتفوق يأخذ مكافأة تشجيعية على تفوقه. وكان في الزبير أوقاف أخرى كثيرة على طلبة العلم، وقد استفاد الكثير من طلبة العلم من نجد والكويت من ذلك. ولعل أشهر من درس في الزبير من أهل الكويت الشيخ محمد بن فارس والشيخ عبد الله الخلف الدحيان والشيخ عبد العزيز الرشيد والشيخ أحمد الخميس.

وصل الشيخ محمد بن دايل إلى الزبير واستقر فيها ودرس على أشهر العلماء في ذلك الزمان مثل محمد بن علي بن سلوم، الذي هاجر من نجد بعد قيام دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وكذلك الشيخ إبراهيم الغملاس والشيخ حبيب الكردي، كما يذكر البسام في كتابه «علماء نجد خلال ثمانية قرون»، والذي ترجم فيه لمحمد بن دايل وابنه عبد الرزاق.

الشيخ عبد الرزاق الدايل كوّن مكتبة عامرة بكتب المذهب الحنبلي، وكان له دور في تطوير التعليم في مشيخة الزبير، فقد شجع الطلبة على الالتحاق بمدرسة النجاة التي أسسها الشيخ محمد الشنقيطي، وعمل مدرسًا فيها، وكذلك عمل ابنه عمر كذلك. لم يقتصر دور المؤثرين في العلم والتعليم من أسرة الدايل على هؤلاء، بل يذكر عبد العزيز الناصر في كتابه «الزبير» عبد الرزاق بن عبد العزيز الدايل وكذلك عبد الكريم بن عبد الله الدايل اللذين عملا مدرسين وكانت كتاتيبهما تخرج الطلبة، وفي الغالب كانت هذه الكتاتيب تعلم مبادئ الحساب والقراءة والكتابة وكذلك القرآن الكريم حفظًا وتلاوة.

عاش عبد الحميد بن عبد الغفار الدايل في أسرة علمية أثرت على تشكيله، إذ حوت علماء أجلاء لهم باع في العلم والورع، ومدرسين آثروا أن يكون تعليم الصبيان مهنتهم ووظيفتهم.

من الزبير إلى قطر

سيرة حياة الشيخ عبد الحميد الدايل كما يرويها بنفسه بناء على طلب دائرة المعارف القطرية

ولد الشيخ عبد الحميد بن عبد الغفار الدايل في الزبير عام 1328 للهجرة في زمن الحرب العالمية الأولى، وكانت مشيخة الزبير وقتها لا تزال قائمة، قبل سقوطها وضمها للمملكة العراقية الهاشمية. وتلبيةً لطلب دائرة المعارف في قطر، كتب الشيخ سيرته الذاتية بخط يده يقول فيها: «ولادتي في بلد الزبير عام 1328 للهجرة تقديرًا، وفي عام 1340 للهجرة تعلمت مبادئ الكتابة والحساب والقرآن الكريم في مدرسة أهلية في الزبير»، حسبما تشير الوثيقة المرفقة أعلاه، والتي حصلتُ عليها من جامع التراث علي بن عبد الله الفياض.

بعد القلاقل التي حصلت في مشيخة الزبير قبل سقوطها، سافر عبد الحميد مع والده إلى البحرين ثم الجبيل، وانتقل في عام 1346 للهجرة إلى قطر، حيث عمل في التجارة لمدة أربع سنوات، وبعدها افتتح مدرسة خاصة لتعليم القرآن والحساب والكتابة في منزله. 

صادف وصول الشيخ عبد الحميد إلى قطر وجود بيئة علمية بدأت في التشكل برعاية من حكام الإمارة آنذاك، فقد طلبه الشيخ عبد الله بن جاسم حاكم قطر في ذلك الوقت وكذلك أبناؤه الشيخ علي والشيخ حمد ليكون معلمًا لأولادهم في منطقة الريان. 

هنا يجب التوقف قليلًا، خصوصًا مع سيرة الشيخ علي بن عبد الله آل ثاني، الذي تولى حكم قطر في عام 1949 للميلاد بعد تنازل والده. الشيخ علي له جهود واضحة في دعم العلم والثقافة في قطر، فهو أول من أنشأ مكتبة عامة، وأنشأ كذلك دار الكتب القطرية، ونشر ما يزيد عن مئة كتاب، وله مراسلات وعلاقات مع المثقفين والعلماء في البلدان العربية والإسلامية في زمانه.11 يكفي المهتم بجهود الشيخ علي الواضحة في دعم العلم والثقافة تصفح فهرس مطبوعات الشيخ علي بن عبد الله آل ثاني للاطلاع على مقدار جهوده في دعم العلم والعلماء والتراث العربي والإسلامي.

لازم الشيخ عبد الحميد الشيخ علي بن عبد الله آل ثاني، إذ تشير إحدى الوثائق التي حصلتُ عليها من جامع التراث علي بن عبد الله الفياض إلى خصم جزء من راتب الشيخ عبد الحميد، ورده يعترض على هذا الخصم معللًا سبب تغيبه بملازمته للشيخ علي آل ثاني وإمامته للصلوات الخمس خلال فترة خروجه من الدوحة. كذلك عندما غادر الشيخ علي الريان واستقر في الدوحة، طلب من الدايل أن يقيم لديه في القلعة إمامًا لثلاثة فروض: المغرب والعشاء والفجر. وربما كان سبب محبة الشيخ علي بن عبد الله آل ثاني للدايل فقهه ووعظه وأمانته، وهو ما يتضح في حرص بعض شيوخ آل ثاني على وجوده معهم في الحج أو لإمامة الصلاة. وكذلك كانت له علاقة بالشيخ حمد بن عبد الله آل ثاني، الذي أرسل الشيخ عبد الحميد ليكون معاونًا لكاتبهم في الدوحة أحمد بن عبيدان.12 ورافق الدايل كذلك عائلة الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني إلى الحج في عام 1379 للهجرة.

عمل الشيخ عبد الحميد الدايل في التعليم، وكانت له إسهامات ثقافية وعلمية، كما عمل في مهن أخرى كالكتابة. وهنا أجزاء من السيرة الذاتية للشيخ والمهن التي عمل بها، مصدرها وثيقة حصلتُ عليها من خزانة الفياض.

كان ممن درس الشيخ عبد الحميد الدايل الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني حاكم قطر الأسبق، وكذلك الشيوخ جاسم بن حمد آل ثاني وخالد بن حمد آل ثاني وعبد العزيز بن حمد آل ثاني ومحمد بن علي بن عبد الله آل ثاني ومحمد بن عبد الله العطية، وغيرهم.13 انتقل الدايل إلى رحمة الله في عام 1969 عن عمر ناهز الستين عامًا، وكرمته وزارة التعليم القطرية بإطلاق اسمه على مدرسة نموذجية في منطقة روضة الحمام. 

لم يكن عبد الحميد الدايل الزبيري الوحيد الذي عمل واستقر في قطر، بل يذكر عبد العزيز الناصر في كتابه «الزبير وصفحات مشرقة من تاريخها العلمي والثقافي» أنه زار الشيخ عبد الوهاب بن إبراهيم بن عبد العزيز المكينزي، وهو من أسرة لها اهتمام بالعلم والشريعة الإسلامية، فجده عبد العزيز واثنان من أعمامه كانوا أئمة في مسجد الإبراهيم الراشد في الزبير. 

استقر الشيخ عبد الوهاب في قطر عام 1346 للهجرة، ولما كان متعلمًا يجيد الكثير من العلوم عينه الشيخ علي بن عبد الله آل ثاني مدرسًا لأولاده، واندمج مع المجتمع هناك، وألف وهو في قطر كتابًا سماه «أكل الأقط من قصائد النّبط»، جمع فيه كثيرًا من شعر النبط وذكر بعض الحوادث التاريخية التي وقعت في الزبير. واهتمامه بالشعر النبطي لم يكن مصادفة، فأخوه عبد الرحمن كان من شعراء النبط في الزبير وله بعض القصائد المحفوظة، منها رثاؤه لأخيه سليمان المكينزي الذي توفي غريقًا في إحدى السفن الشراعية عام 1352 للهجرة. 

هذا بعض السرد عن دور زبيري عاش ومات في قطر، لعل المقال يشجع غيري من الباحثين على تتبع آثار الدايل والمكينزي وغيرهم من المثقفين. كما أتمنى أن يتوسع البحث التاريخي في الصلات الحضارية بين حواضر ومدن ومشيخات الخليج والجزيرة العربية سردًا وتحليلًا.

ملحق الصور

هذه الوثيقة حصلت عليها من أرشيف الفياض، ويلاحظ ذكر جنسيته عند الولادة: نجدي
هذه الوثيقة حصلت عليها من أرشيف الفياض، وفيها ذكر لجنسيته القطرية وأن عنوانه الدائم قصر حاكم قطر

مواضيع مشابهة