لماذا نتقدم بالعمر.. وهل يمكن للعلم إيقاف ذلك؟

تصميم: منشور

فريق منشور
نشر في 2024/03/26

تُصنف الشيخوخة كأحد الألغاز الأساسية في علم الأحياء البشري، ودائما ما يتم طرح تساؤل حول ما الذي يجعل الجسم يتباطأ، وتتوقف خلاياه عن الانقسام، وتقع أعضاؤه فريسة للأمراض والعجز المتزايد؟ لا أحد يملك إجابات قاطعة على هذه الأسئلة، ولكن يمكن تجميع نظريات عن هذا الموضوع من دراسات متعددة.

يتم إنفاق 62 مليار دولار سنوياً على علاجات مكافحة الشيخوخة

Sam Aging GIF by TurchinoRain on DeviantArt

تشير آخر الإحصائيات أنه يتم إنفاق 62 مليار دولار سنوياً على علاجات "مكافحة الشيخوخة" ، وفي حين أن الكريمات وصبغات الشعر والبوتوكس يمكن أن تعطي انطباعاً يوحي بالشباب، إلا أن أياً منها لا يستطيع أن يعيد عقارب الزمن إلى الوراء، لذلك يبحث العلماء في كيفية تغير بيولوجيتنا مع مرور السنين، وما إذا كانت هناك طرق لإيقافها، من خلال فهم الأسباب البيولوجية للشيخوخة على أمل أن يتمكنوا في يوم من الأيام من تقديم أدوات لإبطاء أو إيقاف علاماتها المرئية، والأهم من ذلك، الأمراض المرتبطة بالعمر، وغالبًا ما تسمى هذه الآليات الأساسية بالسمات المميزة للشيخوخة.

الكريمات وصبغات الشعر والبوتوكس يمكن أن تعطي انطباعاً يوحي بالشباب، إلا أن أياً منها لا يستطيع أن يعيد عقارب الزمن إلى الوراء 

كيفية نصاب بالشيخوخة؟
هناك الكثير من الجدل بين الباحثين حول الآليات التي تساهم في عملية الشيخوخة، ومع ذلك فمن المقبول على نطاق واسع أن الضرر الذي يلحق بالمادة الوراثية والخلايا والأنسجة والذي يتراكم مع تقدم العمر ولا يمكن للجسم إصلاحه، هو سبب فقدان الوظيفة المرتبطة بالشيخوخة، والأمر الأقل وضوحًا هو سبب هذا الضرر على المستوى الجزيئي، ولماذا يمكن إصلاحه في الكائنات الحية الصغيرة ولكن ليس في كائنات أخرى. 

Old age by Диана Муслухова on Dribbble

 

لتوصيف عملية الشيخوخة بشكل أفضل، بدأ الباحثون في تحديد وتصنيف السمات الخلوية والجزيئية للشيخوخة، حيث تبدأ العديد من التغييرات المرتبطة بالعمر مع خلايانا، وحتى جيناتنا، التي تكتسب الضرر وتتصرف مع تقدمنا في السن، وتتمثل في:

• مشاكل مع الحمض النووي
تتراكم التغييرات على الحمض النووي بمرور السنين، وفي بعض الأحيان تحدث أخطاء عندما تنقسم الخلية ، ويظهر خطأ مطبعي تلقائي عندما يتم نسخ الحمض النووي ولصقه من خلية إلى أخرى، يمكن أن تحدث الطفرات أيضًا نتيجة للتعرضات البيئية، مثل الأشعة فوق البنفسجية الصادرة عن الشمس.

إقرأ أيضاً:

• ماذا يفعل الحزن بعقلك.. وهل من سبيل للعلاج؟

 • كيف تحمي نفسك من الإصابة بسرطان البروستاتا؟

تمتلك خلايانا طرقًا لإصلاح هذه الطفرات الجينية، لكنها تصبح أقل كفاءة مع تقدم العمر، مما يعني أن الأخطاء يمكن أن تتراكم، كما أن العلماء ليسوا متأكدين تمامًا من سبب تراجع آليات إصلاح الحمض النووي لدينا، وهو ما تطرق له الدكتور أندرو ديلين، أستاذ علم الأحياء الجزيئي والخلوي بجامعة كاليفورنيا والذي يقول "إن كل ما نعرفه هو أن الكفاءة تنخفض مع تقدم العمر، والنتيجة الرئيسية لذلك هي أن الخلايا تتوقف عن العمل بشكل صحيح ويتم تصنيفها على أنها قمامة، وفي أسوأ السيناريوهات، يمكن أن تحدث طفرات في الجينات التي تثبط الأورام، مما يؤدي إلى ظهور السرطان".

Andrew Dillin, PhD | Investigator Profile | 2008-Present

د. أندرو ديلين

أستاذ علم الأحياء الجزيئي والخلوي بجامعة كاليفورنيا

• مشاكل في الكروموسومات
في كل مرة تتكاثر فيها الخلية ويتم نسخ الحمض النووي الخاص بها، تصبح نهايات كروموسوماتها أقصر قليلاً، تسمى هذه الأجزاء الخاصة من الجينوم "التيلوميرات".
بمجرد أن تصبح تيلوميرات الخلية قصيرة جدًا، فإنها تتوقف عن الانقسام، وتعتبر هذه العملية صحية عندما نكون صغارًا، لأنها تساعد على منع الخلايا من التكاثر إلى الأبد والتحول إلى خلايا سرطانية، ولكن مع تقدمنا في السن، يصبح تقصير التيلومير مشكلة، خاصة في الخلايا الجذعية، التي يستخدمها الجسم لتجديد الجلد والدم والأنسجة الأخرى.

يمكن أن تساهم التغيرات اللاجينية في خلايا القلب في زيادة سماكة الشرايين أو انخفاض قدرة القلب على الاستجابة بشكل إيجابي لممارسة الرياضة

• مشاكل مع الجينوم
اكتشف العلماء أن العديد من الآليات اللاجينية التي تساعد في التحكم في نشاط خلايانا وحتى هويتها تبدأ في التدهور مع تقدم العمر ، إذا حدث هذا في عدد كبير جدًا من الخلايا، فقد يؤثر ذلك على صحة الأعضاء ووظيفتها، على سبيل المثال، يمكن أن تساهم التغيرات اللاجينية في خلايا القلب في زيادة سماكة الشرايين أو انخفاض قدرة القلب على الاستجابة بشكل إيجابي لممارسة الرياضة.
وقال الدكتور إريك فيردين، رئيس معهد باك لأبحاث الشيخوخة، "إن هناك حاليًا موجة من الأبحاث المضادة للشيخوخة تبحث في التغيرات اللاجينية لأنها يمكن عكسها بسهولة".

Leadership

د. إريك فيردين

رئيس معهد "باك" لأبحاث الشيخوخة

مع تقدمنا في العمر، يحدث أمران، أولا هناك المزيد من الخلايا التي تحتاج إلى التخلص منها، وثانياً يبدأ نظام التخلص من نفايات أجسامنا في الانهيار، ونتيجة لذلك، تتراكم الخلايا الهرمة، مما يسبب المزيد من الالتهابات

• مشاكل مع الميتوكوندريا

أحد العناصر المهمة لصحة الخلية هو إنتاج الطاقة، والذي يأتي من الميتوكوندريا، وهي محطة توليد الطاقة في الخلية، ومع تقدمنا في السن، تتوقف الميتوكوندريا أيضًا عن العمل كما كانت من قبل، وتصبح أقل كفاءة وتنتج طاقة أقل، وإذا لم تكن تولد ما يكفي من الطاقة، فلن تعمل فجأة جميع العمليات الخلوية الأخرى بكفاءة.

Skin Burnout? How to Address Mitochondria Burnout & Aging — Beauty Ecology
إن التغيرات في الطاقة الخلوية يمكن أن تؤثر على جوانب أخرى من صحة الخلية، بما في ذلك علم الوراثة اللاجينية، ويمكن أيضًا أن تتسرب الميتوكوندريا التالفة إلى خارج الخلية، مما يسبب الالتهاب، وهو جانب آخر من جوانب الشيخوخة حيث يرتبط بالعديد من الحالات الصحية المزمنة.

Venki Ramakrishnan - Wikipedia

د. فينكي راماكريشنان

عالم الكيمياء الحيوية والحائز على جائزة نوبل

• مشاكل في التخلص من الخلايا المعيبة
إحدى أهم الطرق التي يتم بها التعامل مع الخلايا المعطوبة هي نقلها إلى حالة تعرف بالشيخوخة، حيث تتوقف هذه الخلايا عن الانقسام، وتبدأ بإفراز مواد كيميائية التهابية تشير إلى الجهاز المناعي للتخلص منها.

إقرأ أيضاً:

• 5 نصائح تقتلعك من الوحدة.. وترميك في أحضان المجتمع

• الإمساك بيد من تحب.. قوة عظيمة حيرت العلماء

في العادة، هذه ليست مشكلة بل هي جزء ضروري من دوران الخلايا الطبيعي، ولكن مع تقدمنا في العمر، يحدث أمران، أولا؛ هناك المزيد من الخلايا التي تحتاج إلى التخلص منها.. ثانياً، يبدأ نظام التخلص من النفايات في الانهيار، ونتيجة لذلك، تتراكم الخلايا الهرمة، مما يسبب المزيد من الالتهابات.

أفضل ما يمكن أن يفعله الناس في الوقت الحالي للتقدم في السن بشكل جيد، هو تبني عادات نمط حياة صحية، مثل ممارسة الرياضة والتغذية الجيدة

يستكشف العلماء طرقًا لتعزيز التخلص من الخلايا الهرمة باستخدام فئة من الأدوية تُعرف باسم مضادات الشيخوخة، على الرغم من أن البحث لا يزال في مراحله الأولية.

Theories of Aging – Cellular Theory of Aging – Kyla

• تعطل البروتينات 
تقوم معظم الخلايا بوظائفها عن طريق البروتينات التي تصنعها، لذلك من الطبيعي أن تتعطل البروتينات، إلا أن هناك الكثير من الطرق لإصلاحها، ولكن، مرة أخرى، تبدأ هذه العمليات في الانخفاض مع تقدمنا في العمر، وتتراكم البروتينات الخاطئة وتسبب مشاكل، ويعتبر ألزهايمر أحد الأمراض البارزة المرتبطة بالبروتينات السيئة.
إحدى الطرق التي يتخلص بها الجسم من البروتينات السيئة، بالإضافة إلى الأجزاء الأخرى المعطوبة من الخلايا، هي من خلال عملية تعرف باسم الالتهام الذاتي، ويصفها الدكتور فينكي راماكريشنان، عالم الكيمياء الحيوية والحائز على جائزة نوبل قائلا: «الالتهام الذاتي هو العملية التي يتم من خلالها تدمير كل هذه الأشياء المعيبة في الخلية، وإذا تداخلت مع هذه الآلية، فستحصل على هذا التراكم من القمامة في الخلية، والذي يسبب في حد ذاته التوتر ويسبب الشيخوخة".

Scientists Think the Nucleolus Could Determine Your Lifespan
اتفق الخبراء على أن العلاجات التجريبية لمكافحة الشيخوخة ليست جاهزة بعد للاستخدام على نطاق واسع، على الرغم من أنهم متفائلون بشأن مستقبل هذا المجال، لذلك فإن أفضل ما يمكن أن يفعله الناس في الوقت الحالي للتقدم في السن بشكل جيد، هو تبني عادات نمط حياة صحية، مثل ممارسة الرياضة والتغذية الجيدة.

 

مواضيع مشابهة