هل التعاطف مع الآخرين شيء يمكننا تعلمه؟

الصورة: Getty/NurPhoto

دينا ظافر
نشر في 2017/12/29

يستطيع من يمارسون التأمل أن يُحسِّنوا قدرتهم على التركيز، أو يخفضوا ضغط الدم في أجسامهم. وتُظهر دراسة جديدة أن التأمل قد يساعدنا على تدريب أنفسنا على التعاطف مع الآخرين. تقترح الدراسة بشكل خاص أن التركيز على مشاعرنا الجيدة تجاه أفراد أسرتنا، وتوسيع تلك الدائرة لتشمل الإحسان إلى الأغراب، يؤثر في مناطق معينة في المخ تلعب دورًا مهمًّا في شعورنا بالتعاطف مع الآخرين.

ويستعرض مقال منشور على موقع «Scientific American» تجربة مثيرة في هذا الإطار، وما تشير إليه من نتائج تفتح آفاقًا أوسع للبحث في المستقبل.

كيف يؤثر فينا صوت امرأة تستغيث؟

الصورة: Kat Smith

يقول «أنطوان لوتز»، عالم الأعصاب في جامعة ويسكونسون-ماديسون الأمريكية التي قادت الدراسة، إننا نستطيع أن نصل إلى درجة من «الخبرة» في المهارات العاطفية، فيمكننا صقل شعور كالإحسان إلى الآخرين مثلًا.

يمكن أن تفهم مشاعر شخص آخر عن طريق محاكاتها أو تجربتها.

حلل الباحثون صورًا للرنين المغناطيسي الوظيفي (FMRI)، وهو نوع من التصوير يستخدم في قياس تغيرات تدفق الدم المتصلة بالنشاط العصبي في الدماغ أو النخاع الشوكي، لفريق مكون من 16 شخصًا يمارسون التأمل منذ فترة طويلة، وفريق آخر مكون أيضًا من 16 شخصًا آخرين تدربوا على التأمل حديثًا قبل إجراء الاختبار.

خلال الاختبار، قاس الباحثون تدفق الدم في المخ لكلا الفريقين، ليعرفوا ما إن كان أعضاؤهما قد راودتهم مشاعر التعاطف لدى عرض أصوات ذات دلالات إيجابية وسلبية عليهم، وفق كاتب المقال.

عندما أحسّ المشاركون في التجربة بمشاعر تعاطف، ازداد نشاط منطقة في المخ تسمى «الفص الجزيري» (insula)، وحدث ذلك عندما سمع المشاركون صوت امرأة واقعة في محنة. ويوضح المقال أن الفص الجزيري يلعب دورًا أساسيًّا في التعاطف مع الآخرين.

وعندما سمع المشاركون الأكثر خبرةً في التأمل صوت صرخات نسائية أو طفل يضحك، أظهرت أدمغتهم نشاطًا في منطقة معينة تلعب دورًا في فهم مشاعر الآخرين، وكان معدل نشاطها أعلى من الفريق الأحدث خبرةً في ممارسة التأمل.

قد يهمك أيضًا: العالَم لا يشعر بالتعاطف.. على الأقل جزء منه

بإمكاننا تعلُّم التعاطف

الصورة: Mstyslav Chernov

يقول أنطوان لوتز إنه «يمكن فهم مشاعر شخص آخر عن طريق محاكاتها أو تجربتها. لذا كان مفهومًا أن نلاحظ نشاطًا في ذلك الجزء من المخ الذي يلعب دورًا مهمًّا في الإحساس بشعور ما (...) أحيانًا نفهم المشاعر التي يحسها الآخرون دون أن نشعر بها بالضرورة، وفي هذه الحالة ينشط جزء من المخ أكثر تأملًا أو تفكرًا».

رغم أن هذا البحث لا يثبت أن التعاطف شيء يمكن تعلمه، وفق لوتز، فإنه يُظهر أن هذا قد يكون ممكنًا، وقد يساعد ذلك الاستنتاج في علاج الاكتئاب أو في التعليم.

بحسب المقال، يعكف الباحثون حاليًا على دراسة طويلة المدى لمعرفة ما إذا كان يمكن تدريب المخ على التعاطف، وعلى المقارنة بين صور التأمل المختلفة، مثل التركيز، أو التركيز على التعاطف، وتأثيرها في المخ.

اقرأ أيضًا: تعاطفك لا يكفي: هل الإحساس بالآخرين غير أخلاقي؟

يمكننا في الوقت الحالي التدرب على التأمل التعاطفي عن طريق تخيل صورة شخص نهتم به، والاحتفاظ بذلك الشعور بالحب في المخ، ثم بثه إلى الجميع، بما في ذلك الأشخاص الذين لا نشعر بالحب نحوهم.

هذه الممارسة ستجهز عقلك للتعاطف مع الآخرين، ويمكنك أن تستثمر تلك المشاعر الطبيعية والطيبة التي تحسها تجاه أقاربك المقربين، وتهبها إلى شخص غريب.

مواضيع مشابهة