كلمة منشور.. لا تحجّروا واسعًا

فريق منشور
نشر في 2024/10/08

أمام عاصفة تواتر الأخبار والبيانات والتغريدات المتعلقة بالبصمة البيومترية ودواعيها وغاياتها، تقتضي الموضوعية حين تشتد حالة الاستقطاب بشأن قضية كهذه أن نترك مسافة كافية لقراءة المشهد من منظور عقلاني خالٍ من شحنة العواطف الملازمة للمواقف، وهو ما يستلزم جملة تساؤلات تكون مدخلاً لإدراك ماهية الأمر في خضم معركة شرسة تقودها مؤسسات الدولة ضد التزوير والتدليس الذي تعرضت له الهوية الوطنية، من تدنيس للنسيج الاجتماعي وتشويه للخصوصيات الثقافية ومحاولات لتقويض الأمن القومي عبر ثغرات قانونية تسلل من خلالها منتسبون لنا عنوة ومنتحلو صفة المواطن زورًا وبهتانًا واستغلالاً، فمن هذا الذي يضره إصلاح الأمر؟ و من ذا الذي يستفزه أن تكون الكويت للكويتيين؟ أليس من واجب مؤسسات الدولة حماية مصالح الوطن من خلال آليات للاستدلال على الأفراد وفق ما هو معمول به في كل المنظومات الديموقراطية؟ هل يمكن أن نقف كجماعات وأفراد ضد التطور؟ هل يمكن لشخص أن يبقى عالقًا في أوهام المؤامرة فيرهن مصير مشروع وطني يشكل عنوانًا للمرحلة الراهنة وما سيليها من استحقاقات؟

غيضٌ من فيضِ، تساؤلات بعيدة بعض الشيء عن الجوانب الدستورية والقانونية والإجرائية وحتى الفلسفية، لكنها تحمل في طياتها أجوبة كفيلة بالعبور بنا إلى مساحة أرحب للتفكير في دلالات تشبث بعضنا بنزعة تضييق موضوع البصمة البيومترية لنبقى عالقين في ماضوية مرهقة لحاضرنا ومهددة لمستقبلنا كدولة قطعت أشواطًا كبيرة على درب التحول الرقمي كباقي دول العالم لا استثناءً !

إن مواكبة الحداثة سنة كونية وسيرورة تاريخية تعلمنا أن من حاول صدّها أو منعها أو عرقلتها جرفه التيار بقوة الدفع الذاتية للتطور، لذلك فإنه لا يمكن لقطار التحول الرقمي الذي تشهده الكويت أن تقوضه وساويس وأوهام التآمر الخفية في دعوة علنية للانعزال في محطة التوجس والخشية من بصمة بيومترية باتت روتينا يوميا عبر التسهيلات التي توفرها التطبيقات الإلكترونية في هواتفنا، فضلا عن بياناتنا البيومترية المسجلة في كل مطارات العالم دون أن نستشعر خطرها على خصوصيتنا و حرياتنا، ومن يزهد عنها أو يرفض تعاطيها يفرض على نفسه العيش في مغارات عزلته عن الدنيا، لذلك تقتضي الحكمة ألا نضيق واسعاً امتثالا لقول رسولنا الكريم لأعرابي «لَقَدْ حَجَّرْتَ وَاسِعاً»

مواضيع مشابهة