كلمة منشور.. فرسان الإنسانية الكويتية

نشر في 2025/10/06

تبحر الكويت في فلك التضامن مع الشعب الفلسطيني منذ أكثر من سبعين عامًا، وتفتح شراع نُصرة الحقوق المشروعة لشعب لم تسقط قضيته بالتقادم، ولم يخمد لهيب نضاله من أجل إقامة دولته المستقلة على أراضي عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
جواً، يمتد جسر الإغاثة الكويتي الرسمي نحو قطاع غزة في ظل حصار وعدوان صهيوني متواصل منذ عامين.
وبحراً، تحضر الكويت بثلة من المتطوعين في كل أسطول تضامني يعبر أمواج البحر الأبيض المتوسط لكسر الحصار عن غزة إغاثيًا، وإعلاميًا، ودبلوماسيًا وقبل كل شيء لكسر جدار الصمت والعجز الدولي أمام الإبادة الجماعية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني قصفًا وتشريدًا وتجويعاً.
في صدارة هذا المشهد الإنساني برز عبدالله المطوع، خالد العبدالجادر، والطبيب محمد جمال، ثلاثة فرسان للإنسانية الكويتية العابرة للحدود..
نشأوا على الإيمان بالقضايا العادلة وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، ونهلوا قيم الوفاء لتضحيات شهداء الكويت الذين خاضوا حروب العزة دفاعاً عن الأرض والكرامة ضد الاحتلال الصهيوني.
تكبّد الثلاثي المتطوع في أسطول الصمود العالمي عناء التأجيلات والتهديدات والاعتداءات المتكررة بالطائرات المسيّرة الإسرائيلية في المرافئ وفي عرض البحر.
لم يكن الدافع شهرة بل نصرةٌ، ولم يكن الهدف استعراضًا، بل عرض القضية على الرأي العام الدولي وإحاطتها بزخمٍ إعلاميّ يضغط على عواصم القرار لوضع حد للحصار الوحشي المفروض على سكان غزة.
كانت المخاطر معروفة، وسوابق الأساطيل السابقة ماثلة في الذاكرة، وكان المصير المحتوم واضحًا، إما الانتصار وكسر الحصار، أو الاختطاف والاستشهاد، لكن لم يكن في حساباتهم احتمال واحد لإحراج الدولة فالمهمة تطوعية خالصة تمت بقراراتٍ فردية حرة ومسؤوليةٍ تامة وبوعيٍ كاملٍ بالمآلات المحتملة.
وحين اختطف كومندوس الاحتلال الإسرائيلي النشطاء بعد قرصنة السفن، بادرت وزارة الخارجية الكويتية بجهدٍ حثيث لضمان سلامة مواطنيها الثلاثة وإعادتهم إلى أرض الوطن سالمين، انطلاقًا من واجب الدولة ورسالتها إزاء مواطنيها.
فلماذا تجادل البعض حول مهمة هؤلاء؟ ولماذا نُصبت محاكم التفتيش عن النوايا؟ أليس التضامن مع الشعب المحاصر والمنكّل به منذ عامين هو أدنى درجات الإيمان؟ ولماذا ينكر بعضنا على من قرر أن يحمل هذا الواجب الإنساني طوعًا وهو في نهاية الأمر فرض كفاية لا فرض عين؟
الكويتيون عبر التاريخ و تعاقب الأجيال لم يرفعوا راية التضامن يومًا من باب التفاخر، بل من منطلق مسؤولية أخلاقية وتاريخية في الدفاع عن العدالة الإنسانية، وما فعله هؤلاء النشطاء هو استمرار لتلك المسيرة التي لا تعرف التراجع مهما اشتدت الأمواج العاتية، لذلك اعترف العالم للكويت ريادتها الإنسانية فمنحها عن جدارة واستحقاق لقب مركز العمل الإنساني العالمي.

 

 

مواضيع مشابهة