بسبب المادة 153 من قانون الجزاء الكويتي كان بالإمكان لخلاف شخصي أن ينهي حياة امرأة، ويمكن للمجرم الإفلات من العقاب بذريعة أنها جريمة قتل للدفاع عن الشرف، حيث كانت تنص المادة سالفة الذكر على عقوبة بالحبس مدة 3 سنوات فقط أو بغرامة قيمتها حوالي 14 ألف دينار أو بكلتا العقوبتين، لكنه وبعد نضال حقوقي ممتد لأكثر من أربع عشرة سنة لإلغاء المادة 153 من قانون الجزاء الكويتي، جاء المرسوم رقم 9 لسنة 2025 ليبسط روح العدل والإنصاف بشكل صارم على ما يسمى "جرائم الشرف".
صدور المرسوم رقم 9 لسنة 2025 بإلغاء نص المادة 153 من قانون الجزاء، التي جعلت من الرجل القاتل للمرأة في قضايا الشرف يُعامَل معاملة أي متهم في جريمة قتل، حيث ذكرت المذكرة الإيضاحية أن العذر القانوني للرجل عند قتل الزوجة أو الأم أو الإبنة يعتبر تمييزًا على أساس الجنس، وعلى سند استفزاز مشاعر الرجل رغم أن الأنثى تملك نفس المشاعر.
تكييف جرائم الشرف تحت طائلة جرائم القتل التي تُغلظ فيها العقوبة إلى أقصى مدى، يمثل نقلة نوعية في النظام القانوني الكويتي بأن تم إلغاء تمييز قانوني مجحف للمرأة ويُعزز مبادئ العدالة والمساواة التي يكفلها الدستور والمواثيق الدولية، ويساهم في تغيير الثقافة المجتمعية نحو نبذ العنف القائم على أساس اجتماعي ويحد من مساحة انتشار مثل هذا النوع من الجرائم التي كانت تجعل مرتكبها يفلت من العقوبة، في تناقض صارخ مع الدستور والتزامات الكويت الدولية.
المرسوم 9 لسنة 2025 يشكل ردًا جليًا على الحجج الثقافية التي كانت تجعل جرائم الشرف جزءاً من العادات، حيث يؤكد المرسوم بأن الحقوق الإنسانية تسمو على أي مبرر ثقافي و اجتماعي، وغير بعيد عن المزايا القانونية والثقافية والاجتماعية، فإن المرسوم باعتبار الجرائم التي يتم ارتكابها تحت مبررات الشرف هو انتصار للنساء بل هو أكثر من ذلك، إنه خطوة مستنيرة لتعزيز تقدم المجتمع نحو مزيد من قيم العدل والإنصاف.
ورغم ارتياحنا للترحيب والإشادة العامة بصدور المرسوم بإلغاء نص المادة 153 من قانون الجزاء، إلا أن هناك حاجة ملّحة لمراجعة نصوص قانونية أخرى تُعنى بجرائم القتل، كالعذر بدافع "الغضب المفاجئ" لضمان عدالة شاملة، ولأن الكويت عودتنا على السبق والريادة في مجالات الحقوق وبلورة القوانين، فإن القادم يبشر بمزيد من الإصلاحات التي تصب في بوتقة تصحيح المسار لفائدة المواطن والوطن، لأن العدل أساس الحكم وبسط سيادة القانون ضمانة للإنصاف بين جميع فئات المجتمع.