ما الذي يجري في تونس؟

الصورة: Getty - التصميم: منشور

فريق منشور
نشر في 2021/07/31

تناولت وسائل الإعلام الخليجية ما يحدث في تونس من زوايا في غاية الاختلاف ما بين مع أو ضد، فرأت الجزيرة وقنوات «المحور القطري» أن ما يحدث تكرار لسيناريو الانقلاب في مصر في يوليو 2013، فيما مالت قنوات «محور الإمارات/السعودية» كالعربية وسكاي وغيرها إلى اعتبار ما جرى مجرد «تجميد» للبرلمان، وباركت إجراءات الرئيس التونسي.

لكن ما الذي يحدث بالفعل في تونس؟ وما الذي أدى لهذه الخطوات المفاجئة التي اتخذها الرئيس قيس سعيّد؟

الصورة: Getty

بدأت الأحداث في مطلع 2021، إذ شهدت تونس وضعًا اقتصاديًا مترديًا، وأزمة متفاقمة في القطاع الصحي. سجلت تونس واحدًا من أعلى معدلات الوفيات جراء فيروس كورونا في العالم، مع إحصائها نحو 19 ألف وفاة من أصل 12 مليون نسمة.

منذ أشهر بدأت حرب باردة بين رئيس الجمهورية قيس سعيّد وحزب النهضة المسيطر على البرلمان من جهة، وفي الجهة الأخرى رئيس الحكومة هشام المشيشي، القريب من النهضة والمتفاهم مع رئيس البرلمان. 

ألمح المشيشي إلى أن الرئيس عين مستشارين محسوبين على نظام بن علي السابق، ورفض الرئيس قيس سعيد تعيين وزراء جدد في الحكومة التي يقودها هشام المشيشي بسبب «شبهات فساد»، حسب تصريحه، وسط إصرار حزب النهضة عليهم، فبدأ خلاف بين الرئاسة والبرلمان حول صلاحيات كل طرف.

في مطلع يوليو الماضي، صدر تقرير تفقدية وزارة العدل ليوضح أن القاضي البشير العكرمي الموالي لحزب النهضة، طمس أكثر من 6000 قضية غالبيتها مرتبطة بالإرهاب وُجدت في مكتبه.

سارعت العديد من الدوائر السياسية والقضائية، وعلى رأسها رئيس الحكومة ووزير العدل ووزيرة العدل بالنيابة، إلى محاولات لسحب التقرير، وفي ذات الوقت حجب المجلس الأعلى للقضاء التقرير ومنعه عن أعضاء المجلس القطاعي.

الصورة: Getty

 في يوم عيد الجمهورية في تونس والذي يصادف 25 يوليو، خرجت الجماهير في مظاهرات لمناهضة الحكومة. ورفع الحراك الشعبي شعارات ضد رئيس الحكومة المشيشي، ورئيس حزب النهضة راشد الغنوشي، الأمر الذي دفع رئيس الحكومة إلى توجيه الشرطة للتعامل مع الاحتجاجات، وهو ما تسبب في أحداث عنف.

في اليوم التالي أعلن الرئيس قيس سعيد:

  1. تجميد جميع سلطات مجلس النواب ورفع الحصانة عن كل أعضاء البرلمان.
  2. إعفاء رئيس الحكومة هشام المشيشي من منصبه.
  3. توليه رئاسة السلطة التنفيذية بمساعدة رئيس وزراء جديد. 

ورد حزب النهضة بالتنديد في بيان عبر صفحته على فيسبوك بما دعاه «انقلابًا على الثورة».

هل ما فعله الرئيس التونسي قيس سعيد إجراء دستوري في إطار صلاحياته؟ المادة 80 من دستور تونس تقول إن «لرئيس الجمهورية في حالة خطر داهم مهدد لكيان الوطن وأمن البلاد واستقلالها، يتعذر معه السير العادي لدواليب الدولة، أن يتخذ التدابير التي تحملتها تلك الحالة الاستثنائية، وذلك بعد استشارة رئيس الحكومة ورئيس مجلس نواب الشعب وإعلام رئيس المحكمة الدستورية، ويعلن عن التدابير في بيان إلى الشعب». 

من خلال هذه المادة اعتبر البعض ما فعله قيس سعيد تعسفًا، خصوصًا أن المادة تُستخدم في حالة وجود خطر داهم على البلاد. 

يرى بعض التوانسة أن ما يحدث هو أفضل سيناريو في ظل التردي والفساد العام، وأن السياق يفرض ما حدث، مع خوفهم على ديمقراطيتهم والحكم الأوحد. إلا أنهم لا يرون جواز استخدام النموذج المصري في الاستدلال على ما يجري في تونس.

الصورة: Getty

الكاتب التونسي رمزي بن رحومة: «ما يجري في تونس هو محاولة من رئيس الجمهورية لتصحيح المسار استجابة لمطالب الشعب، ولم يخرج فيها على روح الدستور، وإن لم يلتزم به حرفيًا، وذلك مفهوم لأن مقومات علوية الدستور في تونس لم تكتمل في ظل غياب المحكمة الدستورية مثلًا، والتي يُفترض أن تُركّز منذ 2014، ولكن حركة النهضة وحلفاءها عطلوا ذلك، وها قد انقلب السحر على الساحر. باختصار، ما يقارب نصف النواب متورطون في قضايا فساد ويحتمون بالحصانة البرلمانية، ولا سبيل إلى إنقاذ البلاد إلا عبر رفع تلك الحصانة، ولا يحدث هذا إلا وفق الفصل 80، وذلك ما فعله الرئيس».

يرى آخرون أن هذا انقلاب مكتمل الأركان، انطلق من شيطنة حزب النهضة الممثل للإخوان المسلمين في تونس، وأن أنصاره من بقايا نظام ما قبل الثورة والمتضررون منها، وهم من المصابين بالإسلاموفوبيا.

يرى بعض شباب تونس أنه من الواجب في هذه المرحلة الخروج من ثنائية خطاب «مع» و«ضد»، وإيجاد خطاب بديل يتواءم والسياق العام للأحداث في تونس. 

Manshoor · أيمن عميد، ناشط و باحث مستقل

مواضيع مشابهة