في يونيو 2017، أعلن الملياردير «جيف بيزوس»، الرئيس التنفيذي لشركة «أمازون» ومالك صحيفة «الواشنطن بوست»، في تغريدة له على تويتر، عزمه وضع استراتيجية خيرية لمساعدة الآخرين على المدى القصير، طالبًا من متابعيه مشاركته أفكارهم.
كرد على بيزوس، دعته واحدة من كبار مستشاري بعثة العدالة الدولية، «هولي بوركهالتر»، في مقال لها نشرته «الواشنطن بوست»، إلى أن يلتفت لاستمرار العبودية في قرننا الحالي، باعتبارها قضية مهمة وتتطلب استراتيجيات عديدة لحلها.
العبودية تزدهر
أشارت بوركهالتر إلى وجود أكثر من 45 مليون طفل ورجل وامرأة مُستعبدين حاليًّا، ففي غانا قد تجد صبيًّا عمره ستة أعوام عبدًا على قارب صيد في بحيرة، وربما تجد في مكان آخر عاملًا مُستعبدًا في مصنع للطوب لم يغادره قط، وفتاة تبلغ من العمر 14 عامًا في بيت دعارة يرتاده عشرات العملاء يوميًّا، لذا لا بد من استراتيجية عالمية لإنقاذ ملايين العبيد إلى الأبد.
أصدرت الخارجية الأمريكية مؤخرًا تقريرًا عن «الإتجار بالأشخاص» غطى أكثر من 160 بلدًا، وجاءت نتائجه صادمة، إذ عكست حجم المعاناة، وأبرزت الفجوة الهائلة بين القوانين التي تحظر العبودية (في كل البلاد تقريبًا) وطبيعة تنفيذها.
اقرأ أيضًا: العبودية الحديثة: 7 أسئلة تشرح نظام الكفالة في الخليج
تطبيق القانون يخيف تجار الرقيق
حصلت مبادرة القضاء على العبودية الحديثة على 25 مليون دولار من الحكومة الأمريكية لإنقاذ الضحايا ومحاكمة المتاجرين.
تظل العبودية عُرضة لسيادة القانون في رأي بوركهالتر، ففي الوقت الذي تتجه فيه الشرطة المحلية إلى التحقيق في حالات الاسترقاق والإتجار بالبشر، تظهر آثار إيجابية أيضًا، إذ تبين أن نسبة من تجار الرقيق تركوا عملهم بالتزامن مع ارتفاع خطر الاعتقال والسجن.
تُثبت بعثة العدالة الدولية صحة ذلك، ففي جنوب شرق آسيا، حيث كان الاستغلال الجنسي التجاري للفتيات القاصرات أمرًا شائعًا، أسفرت الاستثمارات المتواضعة في وحدات الشرطة الخاصة لمكافحة الإتجار عن اعتقال ومقاضاة مئات القوادين وأصحاب بيوت الدعارة والعملاء، ممَّا أدى إلى قلة انتشار الفتيات القاصرات في صناعة الجنس بأكثر من 80%.
وفي عام 2016، أصدر الكونغرس مبادرة القضاء على العبودية الحديثة «EMSI»، وهي مؤسسة عالمية لتقديم مِنح للحكومات الوطنية في البلدان المثقلة بالعبودية، من أجل إنقاذ الضحايا ومحاكمة المتاجرين، وستموَّل المؤسسة، التي حصلت بالفعل على أول 25 مليون دولار، من الحكومة الأمريكية والتبرعات الخيرية والحكومات المانحة الأخرى.
لكن المجتمع يخيفهم أكثر
ترى بوركهالتر أن المبادرة تعد إنجازًا حقيقيًّا للكونغرس في مجال حقوق الإنسان، ويمكن إرجاع ذلك إلى رفض الأمريكيين من مختلف أنحاء الطيف السياسي للعبودية، فقد رأى السيناتور «بوب كوركر» مثلًا أن هذه المبادرة ودعم أعضاء الكونغرس الليبراليين والمحافظين لها فرصة حقيقية لأداء عمل جيد في العالم.
تشير الكاتبة إلى أن بيزوس يمكن أن يكون من أكبر ممولي «EMSI»، كما فعلت مؤسسة «بيل وميليندا غيتس» مع الصندوق العالمي لمكافحة الإيدز والسل والملاريا، إذ أسهمت حتى الآن بمبلغ 1.4 مليار دولار، ومن شأن موارد بيزوس توفير الدعم الذي تحتاجه مؤسسة «EMSI»، وتشجيع المتبرعين والحكومات المانحة من جميع أنحاء العالم على الانضمام.
نظرًا لإشارة جيف بيزوس إلى رغبته في المشاركة بنشاط خيري يساعد الناس في المدى القصير ويضمن في الوقت نفسه منافع دائمة، لا ترى بوركهالتر نشاطًا أكثر ملاءمةً من تخليص شخص من حياة العبودية التي يعيشها، إذ بهذه المساعدة تتحسن حياة الناس الآن حالًا، وإلى الأبد.