الثلاثون من يناير 1649، المملكة الإنجليزية تشهد حدثًا غير مسبوق، وبالكاد يصدق مواطنوها ما يشاهدونه بأعينهم. ها هو الملك يقف أمامهم، يخلع عباءته ويركع واضعًا رقبته على لوح الإعدام.
بعد لحظات توتر قليلة، ضرب مُلثَّمٌ بفأسه قاطعًا رقبة الرجل الأربعيني، وواضعًا نقطة النهاية لحياته، وبداية عصر جديد في البلاد.
من جرى إعدامه للتو لم يكن سوى الملك نفسه: «تشارلز الأول»، لتموت معه الملكية مؤقتًا، مفسحًا المجال لعصر لن يطول، عاشته إنجلترا تحت الحكم الجمهوري، بقيادة القائد العسكري «أوليفر كرومويل». إنه الانقلاب العسكري الوحيد في تاريخ بريطانيا.
الدين يشعل الخلاف بين القصر والبرلمان
تبدأ القصة عام 1625، حين تقلَّد «تشارلز الأول» الحكم خلفًا لوالده «جيمس الأول»، وكان عنيدًا ومتحفظًا وأخرق سياسيًّا كما تروي «هيئة الإذاعة البريطانية». ومنذ اللحظة الأولى التي جلس فيها على العرش، بدأت التساؤلات القلقة عن أسلوبه في الحكم.
على مدار الخمسة عشر عامًا التالية، أثارت السياسات الدينية للملك حفيظة رعاياه. رآه معارضوه ميالًا إلى الكاثوليكية مخالفًا معتقدات الكنيسة الإنجليزية التقليدية، المعتنقة المذهب «الكالفيني». شعر البروتستانت في عهد «تشارلز الأول» بالتهديد، إذ آمنوا بوجود «مؤامرة ملكية شريرة» تهدف إلى إعادة الكاثوليكية إلى إنجلترا وتحطيم حريات الشعب.
امتدت تلك المخاوف إلى أسكتلندا، حين أراد تشارلز الأول فرض كتاب جديد للصلاة عام 1637، ما قوبل بمقاومة شديدة تعامل معها الملك بالقوة العسكرية، ليواجه معارضة قوية داخل البرلمان، ليجد تشارلز نفسه وسط صراع سياسي مشتعل.
كما لو أن المثل القائل: «المصائب لا تأتي فرادى»، ابتُدِع من أجل تشارلز الأول وحده. إذ اندلع تمرد مسلح في أيرلندا عام 1641، قتل فيه الأيرلنديون المئات من الإنجليز والاسكتلنديين البروتستانت المقيمين في بلدهم، لتصاب إنجلترا بحالة تخبط جعلت من الصعب التوصل إلى تسوية سياسية.
الحرب الأهلية الأولى
وقَّع الملك معاهدة مع فصيل من الأسكتلنديين، وافق فيها على تأسيس الكنيسة المشيخية في إنجلترا مقابل مساعدة الجيش في إعادته إلى العرش.
أمام التمرد الأيرلندي، دخل الملك والبرلمان في صراع جديد: من منهما يجب أن يقود الجيش لسحق التمرد؟ لتندلع حرب أهلية داخل إنجلترا في أغسطس 1642، بين القوات الموالية للملك والقوات الموالية للبرلمان.
مع الوقت أصبحت هزيمة الملك واضحة أمام أعدائه البرلمانيين، ومع عدم رغبته في الاستسلام لهم، سلَّم الملك نفسه إلى الأسكتلنديين، لكنهم سلموه بدورهم إلى البرلمانيين.
لم ييأس الملك المحبوس من هزيمة أعدائه، ورفض تسوية سلمية عرضها البرلمانيون. وفي أثناء المفاوضات هرب من قصر «هامبتون كورت» إلى جزيرة وايت، ليُسجَن مجددًا في قلعة «كايزبروك». حاول البرلمان مرة أخرى الوصول إلى تسوية مع الملك، إلا أنه رفض كل المقترحات المقدَّمة إليه.
في ديسمبر، وقَّع الملك تشارلز الأول معاهدة سرية تُعرَف باسم «المشاركة»، مع فصيل من الأسكتلنديين، وافق فيها ملك إنجلترا على تأسيس الكنيسة المشيخية في إنجلترا مقابل مساعدة الجيش الأسكتلندي في إعادته إلى العرش، وكانت هذه الخطوة إيذانًا باشتعال الحرب مجددًا.
الحرب الأهلية الثانية
اندلعت ثورة الملكيين بشكل منتظم في أنحاء إنجلترا وويلز، إلا أن الحرب لم تسر كما أرادوا.
في مايو 1648، خسر الجيش الملكي معركة «سانت فاجانز». في يوليو، استسلمت قوات التمرد الملكية لقائد القوات الموالية للبرلمان، أوليفر كرومويل، بعد حصار في بيمبروك. وفي محاولة لإنقاذ الموقف، اقتحم الجيش الأسكتلندي الحدود الإنجليزية في يوليو 1648، بقيادة دوق هاملتون، لكنه لاقى هزيمة أمام كرومويل في 17 أغسطس في معركة «بريستون».
كانت هذه أول مرة يتولى فيها كرومويل قيادة الجيش بشكل كامل، ليستطيع إنهاء الحرب الثانية بفوز جديد للبرلمانيين.
مع سقوطه الجديد، لم يفقد الملك الثقة. في مطلع ديسمبر، كان قريبًا من الوصول إلى اتفاق مع البرلمان كان سيسمح له بالاحتفاظ بعرشه، لكن جيش كرومويل لم يكن ليسمح بذلك.
الانقلاب العسكري
في السادس من ديسمبر 1648، وقع الانقلاب العسكري، حين اقتحم ضابط في الجيش برتبة كولونيل يدعى «برايد»، وقرابة خمسمئة من الجنود مجلس العموم، «ما قام به برايد في بداية ديسمبر كان رسالة من الجيش يقول فيها كفى، لقد سئمنا من هذه المفاوضات بين تشارلز والبرلمان، نحن لا نثق في أيٍّ منكما»، يقول المؤرخ البريطاني البروفيسور «جاستين تشامبيون» في وثائقي «The Last Days Of Charles I».
دخل برايد ورجاله البرلمان، ووقفوا بجوار الباب، وأخرجوا قائمة بأسماء أعضاء البرلمان الذين رأوا أنهم فاسدون، قبل أن يسمحوا لمن لا تتضمنه القائمة بالخروج. في الليلة نفسها، حضر كرومويل من الشمال إلى لندن، وقد أصبح البرلمان لعبة في أيدي جيشه، لتتبخر آمال تشارلز في الوصول إلى اتفاق مع البرلمان، ويصبح مصيره في أيدي الجيش.
حتى تلك اللحظة، لم يكن يتخيل معظم الإنجليز أن الملك يمكن أن يحاكَم أو يموت. لكن في نهاية ديسمبر، لعب كرومويل أخطر لعبة في حياته، حين صوَّت مع قادة الجيش الآخرين على محاكمة ملك إنجلترا لأول مرة في التاريخ.
محاكمة الملك و«قتل الرب»
كانت فكرة مجنونة أن يحاكَم الملك: كيف وأين ومن يمكنه فعلُ هذا؟ كلها أسئلة طُرِحت للمرة الأولى. «فكرة محاكمة الملك قانونيًّا، كان شيئًا ربما يساوي انتزاع الشمس من السماء. إنها بهذا الجنون»، تقول المؤرخة الدكتورة «هانا داوسون».
كان من المقرر أن تجري المحاكمة أمام 68 قاضيًا، ومحامٍ واحدًا يمثل الادعاء، فيما لم يكن هناك محام للدفاع عن تشارلز سوى نفسه.
رغم عدم اعترافه بشرعية المحاكمة، حُكِم عليه بالإعدام بتهمة الخيانة العظمى، بعدما وقع 59 قاضيًا من الـ68 أمر إعدامه. في 30 يناير 1649، حان موعد التنفيذ، ولم يحضر كرومويل الإعدام العلني للملك الذي كان مشهدًا دراميًّا، إذ وقف أمام الجماهير يقول بصوت خافت: «أرحل من عرش وأترك تاجًا قابلًا للفساد إلى تاج غير قابل للفساد. فلا يمكن أن يكون هناك إزعاج، أي إزعاج في العالم». ووصف تشامبيون الموقف قائلًا: «لا يمكننا تخيُّل كم هو قرار جريء أن تقتل ملكك، أنت تقتل الرب»، في إشارة إلى إيمان الإنجليز آنذاك بأن الملك يختاره الرب.
تأسيس الجمهورية وقتل المعارضة
ارتكب كرومويل مذابح وحشية عديدة في أيرلندا، أدت إلى كسر المقاومة.
في أعقاب إعدام الملك، تأسس نظام جمهوري في إنجلترا، وهو النظام الذي كان مدعومًا بالقوة العسكرية الصارخة لجيش كرومويل، ليُنتخَب الأخير رئيسًا للجنة الدولة التي اجتمعت لأول مرة عام 1649، كما يروي وثائقي «رجال خالدون.. أوليفر كرومويل الجمهورية البريطانية».
لكن الاستقرار كان لا يزال بعيدًا، إذ حمل الأيرلنديون والاسكتلنديون السلاح تعاطفًا مع الملك الراحل، الأمر الذي رآه رئيس لجنة الدولة الجديد أخطر على إنجلترا من عودة الملكية، لكنه رأى أيرلندا أكثر خطورة. لذلك بدأ بها.
في سبتمبر 1649، توجَّه جيش كرومويل إلى القضاء على القوات الموالية للملكية في دروجيدا شمال أيرلندا، وبعد محاولتين فاشلتين لدخول البلدة، قاد كرومويل المحاولة الثالثة بنفسه لينجح أخيرًا في كسر المقاومة قبل أن يرتكب مذبحة وحشية بحق أهلها، بررها بكلماته قائلًا: « المذبحة ستحول دون سفك الدماء في المستقبل، وهذا هو المبرر الوحيد لهذه العملية التي لولاها لكُنا اليوم نشعر بالندم».
لم تتوقف مذابح كرومويل في أيرلندا عند هذا الحد، إذ ارتكب مذبحة جديدة بعدها بأيام، في أكسفورد، قُتِل فيها أكثر من 2000 جندي ومدني. أدت تلك المذابح الوحشية إلى كسر المقاومة الأيرلندية، واستطاع القائد العسكري الإنجليزي الانتصار بشكل نهائي بحلول 1652، ليوجه أنظاره إلى اسكتلندا.
هناك، في اسكتلندا، كان الوضع قد أصبح أكثر سوءًا. ففي 1651، توصل النجل الأكبر لتشارلز الأول إلى اتفاق مع الاسكتلنديين، وتُوِّج في يناير 1951، ملكًا للبلاد، وحمل اسم «تشارلز الثاني».
لاحقًا في العام نفسه، انطلق على رأس الجيش الاسكتلندي لغزو إنجلترا، إلا أنه هُزِمَ في معركة «وركستر»، لكن الملك الصغير الذي كان في الحادية والعشرين من عمره فقط، استطاع تجنُّب الأسر، هاربًا إلى فرنسا، بينما سقطت اسكتلندا بدورها في قبضة كرومويل ورجاله.
البرلمان يفقد أهميته
كانت «وركستر» آخر المعارك العسكرية لكرومويل، ليلتفت بعدها إلى ترتيب الأوراق بالداخل. كانت الحكومة منذ 1648، تسير حسب ما يعرف بـ«مصطبة البرلمان»، وهم 60 رجلًا ممن تبقوا من البرلمان المنتخب قبل الحرب الأهلية، نجوا من عدة مؤامرات وانقلابات ومعارك نشبت على مدار السنوات السابقة.
كان من الواضح وجود ضرورة لحل البرلمان وانتخاب آخر جديد، إلا أن أعضاء «المصطبة البرلمانية» لم يكونوا على عجلة لحل أنفسهم. لكنهم كانوا السلطة الوحيدة المتبقية غير كرومويل الذي اتهمهم بالسعي وراء مصالحهم الخاصة.
في إبريل 1953، تأكد كرومويل من أن مؤامرة يجري إعدادها لعزله عن قيادة الجيش، ليأمر وحدات موثوقًا بها من الجيش بالانتشار في ممرات مبنى البرلمان. وما إن طُلِب التصويت خلال إحدى الجلسات على مشروع القرار بعزله من قيادة الجيش، حتى وقف كرومويل ليعلن أنه يقيل أعضاء المجلس من أجل مصلحة الناس، قائلًا: «لم يعد من المناسب بقاؤكم في البرلمان أكثر. لقد بقيتم بما يكفي، ولم يعد من بقائكم أي فائدة. سأضع لكم حدًّا. أدخلهم الآن، أدخلهم، أدخلهم. فليدخلوا». تلا الكلمات الأخيرة اقتحام جنود كرومويل القاعة، ليعلَن رسميًّا حل البرلمان.
كرومويل ينفرد بالسلطة
رغم مساندة جميع قادة الجيش له، فإنه رفض أن يُتوِّج نفسه ملكًا للبلاد، ورفض أيضًا حمل أي لقب آخر سوى «حامي الكومنولث» المكوَّن من إنجلترا واسكتلندا وأيرلندا. عند توليه المنصب وقف قائد الجيش ليقسم قائلًا: «أعدكم بألا أنتهك حرمة القضايا التي أدافع عنها، وبأني في جميع الأمور الأخرى، بحسب ما أفهمه، سأحكم هذه الأمة بناءً على القانون والدستور والتقاليد السائدة، ليسود السلام والعدالة والقانون بين الناس بالتساوي».
هل سعى الرجل العسكري للحكم؟ سؤال قد لا نعرف إجابته بشكل قاطع، إلا أن الحقيقة عكست واقعًا مختلفًا. كان كرومويل بلقبه الجديد يملك صلاحيات دون حدود، كان ملكًا دون تاج، أو ربما في دولته الجمهورية الجديدة، أقرب إلى منصب رئيس الجمهورية. وانتُخِبَ أول برلمان لـ«المحمية» عام 1654، وشمل نوابًا من اسكتلندا وأيرلندا للمرة الأولى.
لكن كل هذا كان لا قيمة له أمام كلمة «الحامي» الذي صار الديكتاتور، ويحكم بالأمر المباشر، ويبرر قراراته بمقولته الشهيرة: «الضرورة لا تحتاج إلى قانون». خلال فترة حكمه شكَّل برلمانيين اثنين، وحلهما معًا.
تحت حكم قائد الجيش، ساد السلام إلى حد كبير داخل الدولة، وساعدت الضرائب، وبخاصة تلك التي فُرِضَت على الملكيين السابقين، على استقرار الأوضاع المالية ودفع تكاليف الجيش والإصلاحات، وزاد عدد القوات البحرية وإمكانياتها.
أما من الناحية الدينية، فقد أعاد الحاكم الأول للجمهورية اليهود إلى البلاد بشكل رسمي للمرة الأولى منذ 1290، وسعى لإنشاء كنيسة وطنية عريضة القاعدة، وكان كذلك على استعداد للتسامح مع الجماعات البروتستانتية الراديكالية التي هربت خارج البلاد، إلا أن الاستقرار كان مؤقتًا، إذ سرعان ما دخلت إنجلترا في حروب ضد هولندا وإسبانيا، استنزفت موارد الدولة.
في 1655 وقع عصيان ملكي، على إثره عيَّن «اللورد الحامي» جنرالات كبارًا للإشراف على الأمن في جميع أنحاء البلاد، وفرض «إصلاح أخلاقي» في الدولة بمنع كل شيء، بدأ من السُّكر إلى اللاأخلاقية الجنسية. منع أيضًا المسارح وسباقات الخيل وبعض احتفالات عيد الميلاد. غير أن هذه القرارات لم تلق تأييدًا في الشارع البريطاني.
خطة التوريث
على الجانب الآخر، كان البرلمان يشعر بالقلق من توحش كرومويل في السلطة، ليقرر أن يقدم له عرضًا بتنصيبه ملكًا عام 1657، في محاولة لتحجيم سلطاته. فرغم كل شيء كان دور الملك معروفًا وسلطاته محدودة، على عكس دور «اللورد الحامي».
ربما كان القائد العسكري ذكيًّا بما يكفي ليدرك نية البرلمان ويرفض العرض. في العام نفسه، أعطى الدستور الجديد لـ«الحامي» أن يختار خليفته، ليبدأ كرومويل في تحضير ابنه ريتشارد للعب هذا الدور، وكان الأخير قد خدم في الجيش لمدة عام بين 1647 و1648، وأصبح عضوًا في البرلمانيين اللذين شكلهما والده خلال فترة حكمه. في ديسمبر 1657، أصبح ريتشارد عضوًا في مجلس الدولة، وعضوًا في مجلس النبلاء أيضًا في الوقت نفسه.
بعد عام واحد، وعقب حله البرلمان للمرة الثانية في فترة حكمه، مرض كرومويل بالملاريا، وتوفي عن عمر يناهز 59 عامًا، ليترك الجمهورية في مهب الريح.
سقوط الحكم العسكري وعودة الملكية
عقب وفاة القائد العسكري القوي، ورث ابنه منصبه. لكنه كان أبعد ما يكون عن قوة والده، وواجه عددًا من الصعوبات، وأثار غضب الجنرالات الكبار في الجيش بعدما قرر الاحتفاظ بقيادة الجيش لنفسه، على عكس رغبتهم في تعيين ضابط ذي خبرة في منصب القائد العام.
لم يغفل الملك العائد عن عقاب من قاد إلى قتل والده، فأدين أوليفر كرومويل بالخيانة، قبل أن يُستخرج جسده من قبره، ليعلقوه في مشانق تايبرن.
كذلك نشأ صراع بين البرلمان والجيش، ما نتج عنه تكوين كبار ضباط الجيش مجلسًا عسكريًّا، كان على رأسهم «تشارلز فليتوود» و«جون ديسبورو»، لوضع استراتيجية المرحلة في مواجهة البرلمان، وبخاصة مع القلق من اتخاذه قرارًا بتخفيض عدد الجيش، إلا أن النواب أمروا بمنع اجتماع المجلس العسكري دون موافقة ريتشارد، ليتحرك الضباط بالقوة للضغط على ريتشارد لحل البرلمان في 21 أبريل 1659، إذ قيل إنه وُضِعَ تحت الإقامة الجبرية في قصر «وايت هول»، قبل أن يعيد الضباط تشكيل البرلمان الذي حله أوليفار كرومويل في 1653، ليقرر هؤلاء الإطاحة بريتشارد من منصبه. وفي 25 مايو، تخلى ريتشارد رسميًّا عن منصبه.
مع تنازل ابن كرومويل، كانت الجمهورية تنهار سريعًا، إذ كان الشارع الإنجليزي قد ضاق ذرعًا بالحكم العسكري، ليقدم قادة الكومنولث دعوة إلى الملك المنفي «تشارلز الثاني» للعودة إلى البلاد واستعادة عرش والده.
في 1660، يلتقى الجنرال «جورج مونك» بـ«تشارلز الثاني» ليرتبا معًا عودة الملك إلى بلاده، بشرط الوعد بالعفو والتسامح الديني مع أعدائه السابقين. وبالفعل، في 25 مايو 1660، وطئت أقدام تشارلز الثاني أرض إنجلترا مرة جديدة، وتحديدًا في دوفر، قبل أن يدخل لندن بعدها بأربعة أيام منتصرًا يوم عيد ميلاده.
خلال السنة الأولى من حكم الملك العائد، لم يغفل عن عقاب من قاد إلى قتل والده، فأدين أوليفر كرومويل بالخيانة، قبل أن يُستخرج جسده من قبره في وستمنستر، ليعلقوه في مشانق تايبرن.
وقد عُرِفَت عودة تشارلز الثاني إلى عرشه تاريخيًّا بـ«الاسترداد»، ليكتب بعودته كلمة النهاية على تجربة امتدت 11 عامًا عاشتها إنجلترا جمهورية تحت الحكم العسكري، واختفى خلالها العرش والتاج، تجربة لم تتكرر مجددًا في تاريخ الدولة العريقة.